Saturday 11th September, 1999 G No. 9844جريدة الجزيرة السبت 1 ,جمادى الثانية 1420 العدد 9844


أولبرايت طالبت بخاطفي الرهائن الأمريكيين
هل يقدر لبنان على خصومة أمريكا؟

* بيروت- محمد سلام-(د,ب,أ)
خرج لبنان مؤخرا على تقليده السياسي الصارم بالبقاء خارج صراع المحاور وانزلق الى مايبدو أنه بداية مسار خصومة مع الولايات المتحدة ينذر بانعكاسات سلبية على مستقبله إذا تصاعدت حدته.
وترى أوساط سياسية ودبلوماسية في بيروت أن التوجه اللبناني الجديد تجلى بوضوح في المواقف المتباينة لرئيس الحكومة سليم الحص ووزيرة الخارجية الامريكية مادلين أولبرايت خلال زيارتها الاخيرة حيال مسائل خلافية شائكة مثل ما وصفته بالارهاب وخطف الرهائن ودور حزب الله ومستقبل اللاجئين الفلسطينين.
ويتساءل سياسي لبناني مخضرم عما إذا كانت بيروت تستطيع أن تتحمل دورا إضافيا هو مخاصمة الولايات المتحدة؟ مشيرا الى أن لبنان احتلت في مرحلة ما بعد الحرب الاهلية مرتبة العدو الابرز لاسرائيل ميدانيا عبر توافق السلطة مع حزب الله برعاية سوريا على هذا الدور.
ويتمحور الخلاف اللبناني مع إدارة الرئيس الامريكي بيل كلينتون حول رفض حكومة بيروت التجاوب مع المطالب الامريكية بتعقب واعتقال ومحاكمة المتهمين بتخطيط وتمويل وتنفيذ اعتداءات على مصالح ومواطنين أمريكيين في لبنان خلال الحرب الاهلية التي استمرت 71 عاما وانتهت في تشرين الاول /اكتوبر/ من عام 1991م.
وتأتي تلك المطالب ضمن ملفات اتهامية لم يعلن عددها رسميا أعدتها السلطات القضائية الأمريكية ولاعلاقة لها بعملية السلام في الشرق الأوسط.
وبالرغم من عدم وجود علاقة مباشرة لهذه الاعتداءات بعملية السلام إلا أنها ومن وجهة النظر الامريكية تتداخل معها عبر اتهام أعضاء في حزب الله بالمشاركة فيها، وعلى خلفية هذا الاتهام توجه الولايات المتحدة الى حزب الله تهمة الضلوع في الارهاب .
ويشير السياسي اللبناني الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن الارهاب الذي تحدثت عنه أولبرايت في مؤتمرها المشترك مع الحص يوم السبت الماضي حددته بأعمال موجهة ضد أمريكا حصرا, اي أعمال عدائية ضد دولة صديقة تربطها بلبنان علاقات دبلوماسية .
ويضيف هذا مطلب امريكي مباشر ولاعلاقة له بأي هجوم على أي هدف إسرائيلي, هنا حاصرت أولبرايت بيروت ولن تنفع معها الردود التقليدية التي كررها الحص بأن السلطة اللبنانية لم تكن موجودة خلال الحرب وبالتالي فهي غير مسؤولة .
وأشار إلى أن قانون العفو عن جرائم الحرب الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنات لايعني واشنطن في شيء، حيث أن لبنان حر في أن يغفر عن جرائم مواطنيه ضد مواطنيه ولكنه ليس حرا في أن لايلاحق اعتداءات وقعت على أراضيه من قبل مواطنيه ضد مصالح ومواطني دولة أخرى غير عدوة.
ويؤكد السياسي أن الخلاف مع الولايات المتحدة بهذه الحدة، سابقة خطيرة في السياسة اللبنانية التي نجحت تاريخيا في تجنب الانزلاق في خصومات دولية.
حتى في زمن الحرب الباردة عندما كان العالم محكوما من قطبين يتولى كل منهما دعم وحماية انصاره, ما الفائدة من مخاصمة أمريكا في عالم القطب الأوحد؟ .
ومن جانبه يقول دبلوماسي غربي أن ثمة مفارقة حادة في الموقف اللبناني: حليفا في العداء الاسرائيلي سوريا وحزب الله -هما أيضا القوة الرئيسية التي يستند إليها في عدم توافقه مع السياسة الامريكية، رغم أن مارشح من سوريا بعد زيارة أولبرايت لايتجاوز سقف خيبة الأمل من عدم تحديد موعد لاستئناف مفاوضات السلام، فيما ما صدر عن لبنان لايقل عن عدم الانسجام مع التوجهات الامريكية .
وأعرب الدبلوماسي عن الدهشة من استمرار نهج الخصومة حتى بعد وقائع مؤتمر الحص- أولبرايت الصحافي , مشيرا الى أن الوكالة الوطنية للاعلام الحكومية هي التي تولت توزيع بيان حزب الله الذي رد فيه على اعتبار أولبرايت أن نشاطات في جنوب لبنان تهدد فرص السلام.
وقال الخصومة مع الولايات المتحدة من قبل التيارات الحزبية، لاسيما اليسارية والاسلامية، أمر تقليدي في لبنان ولكن أن تتولى المؤسسات الحكومية تعميم المواقف الحزبية المناهضة لأي دولة غير إسرائيل هذا جديد، فكيف إذا كانت هذه الدولة هي أمريكا؟ .
واشار المصدر الدبلوماسي إلى أن السلطة اللبنانية كانت قد استفزت الامريكيين مباشرة منذ نحو شهرين عندما سمحت لحزب الله باستخدام قاعة دولية رسمية هي قصر اليونسكو في بيروت لأحياء ذكرى خطف إسرائيل للشيخ عبدالكريم عبيد من منزله في قرية جبشيت الجنوبية عام 1989.
ويذكر أن الولايات المتحدة تتهم الشيخ عبيد المسئول السابق عن قوات حزب الله في الجنوب، بأنه أشرف قبل ذلك التاريخ بثلاث سنوات على عملية خطف رئيس لجنة مراقبة خط الهدنة بين لبنان وإسرائيل العقيد في مشاة البحرية الامريكية وليم هيجنز من جنوب لبنان.
ومن المعروف أن هيجنز الذي كان آخر ضابط أمريكي خدم في جنوب لبنان, توفي في الاحتجاز وعثر على جثته بعد عدة سنوات في ضاحية بيروت الجنوبية احد معاقل حزب الله.
وقال المصدر ان سوريا التي يصفها لبنان بالشقيقة الكبرى متعقلة متوازنة إلى درجة إجادة السير على الحبال فهي لاتهادن (امريكا) بالمطلق ولاتخاصم بالمطلق, لماذا يقفز لبنان إلى هذا الطريق المعلوم الاتجاه؟ .
وتساءل ماذا إذا قررت امريكا ردا على تجاهل مطالبها، أن تدير وجهها عن لبنان؟ من سيمسك مقود رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهودباراك؟ .
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
حوار
منوعــات
تقارير
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved