** في كل عام يقول الناس,,, لم يأت حر شديد كهذه السنة.
** الناس ,, لم تعد تطيق الحر,, يبحثون عن البراد في كل مكان,.
* يسافرون في كل اتجاه,, ويتسابقون ويتنافسون في شراء اعنف أجهزة التكييف,, ولم يعد يقنعهم مكيف (الشباك) لأنه اليوم,, صار ضعيفا,, حتى مكيفات الوحدات المنفصلة,, لم يعد يكفي واحد في غرفة واحدة,,, بل لا بد من اثنين أو ثلاثة,,, حتى إذا جلست في إحدى الغرف, خُيل لك انك داخل ثلاجة,, إذ تشعر بعد قليل,, ان اطرافك قد فقد التحكم فيها او الاحساس بأي حركة حولها,, ثم تلمس انفك فتشعر أنه يابس,, ثم يصاحبك شيء من الرعاش,,, حتى إذا خرجت في الشمس الحارقة,, وقفت قليلا تبحث عن الدفء,, بل تستمر ساعتين وثلاثا في مكان ساخن وانت تحاول اخراج البرد الذي دخل جسمك بفعل المكيف.
** لقد دخلت قبل أيام على زميل لي من فئة الوزن الثقيل,, أي أن وزنه يزيد عن (130) كيلوجرام,, ولا نحسده على ذلك إن شاء الله,, فوجدته يجلس في غرفة صغيرة قد تكون (3 3) وهناك تكييف مركزي عبارة عن فتحة ضخمة في الجدار,, لكن زميلي هذا,, قد أعطى التكييف أعلى درجاته,, ووجه المكيف الى نفسه,, فتلاحظ,, ان شماغه وكل ملابسه والاوراق حوله تتطاير من شدة الهواء البارد,, وعلمت ان صاحبي هذا,, يجلس على تلك الحال من الساعة الثامنة والنصف حتى ينصرف من الدوام بعد الثانية والنصف,, ولا يرتاح من هذا الوادي البارد سوى ربع ساعة لصلاة الظهر فقط,, ثم يعود لممارسة هوايته,, فمثل هذا,, ألا يضره هذا الحجم الهائل من الهواء البارد كل يوم؟,, ألا يسبب له ذلك,, امراضا اقلها,, الروماتيزم؟
** الناس بالفعل ,, لم تعد تطيق الحر,,,, ولم تعد تطيق أي شيء,.
** صارت تبحث عن الرفاهية والترفيه حتى في أتفه الأمور البيوت,, لم يكف فيها مكيف شباك,, وكلها سنوات بسيطة ولن ترى مشتريا لمكيف الشباك,, لأن الكل يبحث عن الوحدات المنفصلة او التكييف المركزي,, من أجل برودة أشد,, ومن أجل صقيع أعنف,.
** حتى المساجد,, هي الأخرى صارت جدرانها مليئة بالوحدات المنفصلة وبدواليب التكييف الضخمة,,, وتحول المسجد الى فريزر نتيجة سعي هؤلاء لتثليجه,, لأنهم لا يطيقون الجلوس في المسجد لمدة عشر دقائق دون تثليج.
** والسؤال الذي يدور في ذهني دوما,,, ماذا لو انطفأ الكهرباء عن هؤلاء في عز الظهر لمدة ثلاث ساعات فقط,, ماذا سيعملون,, هل سيموتون؟!
** ربما ,, لأنهم لم يعودوا أنفسهم على شيء من الحرارة ولو بسيطة,, فالمنزل مكيف,, والسيارة مكيفة,, والمكتب مكيف,, ولو حصل له ان يكيف ملابسه فإنه لن يتأخر أبدا.
** اتمنى ,, لو أن هؤلاء يوطنون أنفسهم على قبول بعض الأجواء,,, ويعودون أنفسهم على التعامل مع كل الأجواء,, من أجل صحتهم أولا,, فالبرودة الصناعية الشديدة ,, لا بد ان تترك أثرا على الجسم,, ان عاجلا وإن آجلا,, وما أولئك الذين يصيحون ليل نهار من الروماتيزم ببعيد من مشاكل التكييف,.
عبدالرحمن بن سعد السماري