يارا الأدب الداريداوي عبدالله بن بخيت |
من ضمن مخطط يارا الزاوية وليست ابنتي الصغيرة ان اقدم كل شهر او شهر ونصف عرضا لكتاب من الكتب الجميلة التي اراها كذلك لكي اوسع من امكانية المتعة في هذه الزاوية والفائدة اذا شئتم , وكان الهدف هو فتح افق ثقافي لم يعرف في هذه البلاد مع الاسف.
هذا النشاط عرض الكتب لا يوجد في المملكة, ولا يوجد كتاب سعوديون احترفوا عرض الكتب, وكل من مر على تحرير الصفحات الادبية يعرف ان مراجعة الكتب متروكة للمتعاونين عند بداية التحاقهم بالعمل الصحفي, ومع الاسف فإن محرري الصفحات الادبية هم في الواقع من فئة معقب وانا كنت من بينهم طبعا حيث تقوم اعمالهم على الاتصالات والمتابعة والتوصيل, بينما تعنى كلمة محرر ادبي في الصحف الغربية مراجع كتب , والصفحات الادبية تعني مراجعة وعرض كتب, وليست ترصيع مقالات داريدا وما ادراك ما داريدا , اللموند الفرنسية على سبيل المثال اضطرت ان تفتح كشكا لبيع الكتب التي ترد اليها من الناشرين بعد عرضها, وكل محرر في اللموند الثقافي يقرأ اكثر من خمسة كتب في الاسبوع, وقد تمنيت دائما ان تنتقل هذه الظاهرة الينا, وقد سعيت عمليا لارسائها عندما اسست مجلة ادبية في النادي الادبي بالرياض.
الشىء الذي لا افهمه، فطالما نحن نأخذ من الغرب كل شىء، فلماذا لا نأخذ عنهم العادات الحسنة ايضا, اتابع منذ سنوات ملحق التايمز الادبي واتابع بعض الدوريات الشهيرة مثل الغرانتا وباريس رفيو ولترشر ابرود وغيرها ولم اشاهد فيها مقالا واحدا من تلك المقالات التي نقرأها يوميا في الملاحق الادبية المحلية الانزياح والخطاب والتناص والتعالق النصي الخ , ففي الصحف هناك عرض كتب وفي القليل يناقش احدهم قضية او مشكلة تتعلق بالادب او الثقافة وبدون تعفيط كلام , فالجريدة اليومية لا تحتمل مثل هذا النوع من الكتابة, فالملحق الادبي في الجريدة هو لكافة قراء الجريدة، وليس لطائفة صغيرة منهم, اما في المجلات الادبية مثل الغرانتا او باريس رفيو فكل ما ينشر فيها هو اعمال ابداعية يتصف بعضها بالمغامرة, وهذا بديهي, فالادب اولا واخيرا هو اعمال ابداعية قصة، شعر، مقطع من رواية، نص فني اوحوار تقني مع كاتب مبدع معروف او شاب جديد , ونحن نسمع دائما عمن يتكلم عن تطوير الادب, لن يكون هناك تطوير للادب الا بالتركيز على نشر الاعمال الابداعية بغثها وسمينها فمهما ساءت تلك الاعمال الفنية الفصيحة، فلن تكون اسوأ من الادب الشعبي الذي تفتح له الجرائد اربع صفحات يوميا.
الجرائد والمجلات وحتى الدوريات التي تقاتل النوادي الادبية لاصدارها مشغولة بداريدا وفي الوقت نفسه من الصعب ان تجد من ينشر لك كتابا, وحتى اذا نشرت كتابك على حسابك الشخصي فلن يسمع به احد, لان الجرائد اليومية والتي هي اداة التوصيل للقارىء العادي مشغولة بداريدا او حول داريدا.
دعونا نتحدث بالامثلة الحية, في عام 1998 صدرت مجموعة من الكتب منها كتاب لجار الله الحميد، وكتاب لليلى الاحيدب، وكتاب لعبدالله باخشوين، وكتاب لبدرية البشر، وكتب اخرى, تعالوا الان نقرأ الملاحق الادبية في كل صحف المملكة على مدى العام الماضي كله لنرى كم مرة عرضت هذه الكتب او على الاقل اشير اليها ولو من بعيد, لا اتذكر اي اشارة لاي كتاب من هذه الكتب الا مرة واحدة عندما تمشكل الاستاذ جار الله الحميد مع النادي الادبي بجدة, لماذا؟ لاننا مشغولون بداريدا وبياجيه, وكل كتاب اشير اليه في الملاحق الادبية جاء بسبب علاقات او بعد ان حفت رجل الكاتب او الكاتبة وهو يدور به على المحررين.
كلنا نعرف ان القصة والشعر والرواية هي الادب وليس المقالات عن داريدا وما ادراك ما داريدا الا مجرد هوامش في الحركة الادبية وفضلة.
من منا يعرف ناقدا امريكيا ولكن من منا يجهل هامنجوي وشتانبك وبنشن وادجار الن بو وبول استر وداليدو وقائمة طويلة من الكتاب ليس بينها ناقد واحد.
نلاحظ ان اسم ناقد داريداوي يتردد في الصحف يوميا بينما لا يشار لا من بعيد ولا من قريب الى الاديب, وهذا التهميش ينعكس على الابداع والمبدعين لان الشاب الصغير عندما يبدأ الكتابة سيجد من السهولة والشهرة السريعة ان يؤلف مقالات داريداوية ويعبىء بها الملاحق الادبية بدلا من ان يشق على نفسه بالمضي في طريق طويل محفوف بالفشل لانجاز اعمال ابداعية, فالكتابة الداريداوية تفتح الطريق امامه للشهرة وبالمجان, والشاب ايضا حتى وان كلف نفسه مشقة الابداع لن يجد من ينشر له كتابه, فلو القينا نظرة على سلسلة ناجحة تصدرها احدى الصحف فلن نجد بينها كتابا ابداعيا واحدا، بينما نجد عشرات من الكتب الداريداوية, اذا عندما اتحول الى الكتابة الدارداوية تفتح امامي الملاحق الادبية ابوابها واجد من ينشر كتبي, فلماذا الكلافة؟ احبس نفسي شهرين او ثلاثة اشهر لاكتب قصة او قصيدة او سنة او سنتين اقضيها في كتابة رواية بينما استطيع ان اكتب يوميا مقالا داريداويا مضمون النشر والدفع.
يبدو انني خرجت عن الموضوع فالموضوع هو عرض كتب في يارا لماذا لم اسر وفقا لخطتي كما اشرت في مقدم الكلام وان اقدم كتابا كل شهر؟ لعلي اناقش هذا يوم السبت القادم.
لمزيد من المعلومات والتوسع في النقاش مع الكاتب استخدم العنوان الالكتروني التالي
E.MAIL: albakeet @ suhuf.net .sa
|
|
|