Sunday 7th March, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 19 ذو القعدة


القلم الأبيض
ستون مليون نسمة على أرض المملكة
عبدالعزيز المهنا

تشير آخر الاحصاءات الى أن عدد سكان مدينة الرياض حالياً يصل إلى ثلاثة ملايين ومائة ألف نسمة وسوف يصل التعداد إلى خمسة ملايين نسمة في عام 2003م , وعلى افتراض نسبة زيادة سنوية تصل إلى 7% في المدن الأخرى مع زيادة طبيعية في نسبة المواليد تصل إلى 4% في مناطق المملكة الأخرى، فإن عدد سكان المملكة في عام 2003م سوف يتراوح ما بين 25 و27 مليون نسمة، وفي عام 2013م قد يصل رقم التعداد إلى 47 مليون نسمة وذلك على افتراض انخفاض في نسبة النمو السكاني في المدن وفي حالة عدم افتراض تلك النسبة فإن عدد سكان المملكة سيزيد عن 57 مليون نسمة في عام 2013م.
وبالنظر إلى الإمكانات المتاحة وطبيعة البلاد والكنوز الكامنة وأدوات وآليات التصنيع فإن لدى المملكة مقدرة فائقة كفيلة ببناء مجتمع متطور قادر على مواجهة الظروف السياسية المحيطة به، قادر على بناء اقتصاد منافس يتحدى الاقتصاديات الأخرى من حيث النمو والصلابة.
لقد أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية مؤخراً عن زيادة في احتياطيات المملكة من الغاز تصل إلى 7% وذلك بعد اكتشافات جديدة لهذه المادة الحيوية في مناطق أخرى في البلاد,, أما من حيث احتياطيات المملكة من النفط فلديها ما يؤهلها للصدارة في هذه السلعة الاستراتيجية عالميا,, وفي الوقت الذي ستهبط فيه أسعار النفط فإن المملكة لن تكون أمام امتحان صعب فقد كان سعر برميل النفط لا يتجاوز 3 دولارات للبرميل الواحد خلال فترة منتصف الخمسينات والستينيات وكان هذا الدخل الذي تجنيه المملكة من النفط في تلك الفترة هو الدخل القومي الوحيد في وقت كانت البلاد خالية من أية موارد اضافية وغير قاردة على إقامة المؤسسات الصناعية, واستطاعت المملكة بهذا الدخل بناء المواطن السعودي علميا وعمليا, وتحول من إنسان الصحراء إلى إنسان الحضارة وكان عدد سكان المملكة آنذاك 8 ملايين نسمة يعيشون تحت رحمة الله ثم رحمة الدولة حيث لا يوجد قطاع خاص أو مؤسسات مالية مساندة, كل هؤلاء يتناولون وجبات اليوم كاملة من ريع النفط الذي لا يزيد سعر البرميل منه في ذلك الوقت على 3 دولارات.
في عام 2013م وعندما يصبح تعدادنا ستين مليون نسمة سوف يكون لنا إرادة تنفق على هذا الرقم وسوف يكون لنا نفوذ تسانده مضاعفات هذا الرقم وسوف يكون لدينا ثروة بشرية تتكفل بالعطاء والابتكار والعمل.
إن الثروة الهائلة التي نملكها في الحاضر لم نكن في الماضي نشعر بأن مستقبلنا سيكون مفاجأة وبالتأكيد فإن حاضرنا الآن يفتقر إلى مؤشرات مفاجآت ما بعد عام 2000م.
لقد أظهرت الدراسات السكانية أن خير مجالات العمل القادرة على استيعاب الأيدي العاملة هي ساحات الصناعة لذلك ركزت خطط التنمية على خيار الصناعة الوحيد الذي يكفل للمواطنين أعمالا جماعية توفر الأمن الغذائي, وبالرغم من أن هناك موروثات اجتماعية تقف أمام مد المفاهيم الحديثة لمفهوم الحياة إلا أن تلك الموروثات لا تستطيع البقاء طويلا ذلك أن المتعاطي لتلك الموروثات تحتم عليه الظروف أن يظل ضيفا دائما لدى معسكر الفقر أو أن يقدم نفسه ساعيا لمصلحة الآخرين مقابل أجر مادي وهذه المهنة قد لا يقبل بها الإنسان كعمل دائم ومستمر.
لقد جاء مبدأ الإلزامية بالسعودة في منشآت القطاع الخاص بناء على حالات التكدس لعشرات العاطلين الذين اضناهم البحث عن وظيفة ينالون منها لقمة العيش, فكان لابد من التأكيد على التزام وجود مصدر الرزق المضمون لكل مواطن سعودي, ولعل من أبرز ما قدمته الدولة للتأكيد على برامج السعودة مشروعات التخصيص حيث تسعى الدولة الآن إلى تمليك القطاع الخاص مشروعات صناعية كبيرة كانت في الماضي تدار بواسطة مؤسسات حكومية, وكان آخر تلك المشروعات شركة الاتصالات السعودية التي ستكون من أكبر الشركات الصناعية في منطقة الشرق الأوسط بعد اكتمال شخصيتها الحضورية في الميدان التجاري.
إن الاستعدادات للعام 2013م عام الستين مليون نسمة جاهزة، فقد تم بناء المجمعات السكنية لاستيعاب تلك الملايين فقد سجل قطاع الإنشاءات حضورا في الساحة الإنمائية أكثر من القطاعات الأخرى فبالرغم من أن قطاع الإنشاءات يوفر فرص عمل مضمونة إلا أنه في الوقت نفسه سياسة تنمية للموارد وهيئة حضارية تعد بجدية الاستعداد للمتغيرات والتحضير للأعوام القادمة,, وقد جاء هذا التحضير متفقا مع الإمكانات المتاحة، حيث تشهد مدن المملكة وقراها زيادة سنوية في الوحدات السكنية تصل إلى 700 ألف وحدة إضافة إلى الاتجاه الرأسي في الإعمار في الآونة الأخيرة، حيث قررت بلديات المدن الكبيرة خاصة في كل من الرياض وجدة ومكة المكرمة والمنطقة الشرقية السماح بتشييد البنايات التي يزيد ارتفاعها عن 200 متر.
إن مثل هذه الاستعدادات توجد حوافز كبيرة للاستثمار الأمثل وتسخير الموارد والهجرة المعاكسة لرؤوس الأموال التي كانت ترى أن دورة رأس المال في المملكة قصيرة قد تسبب الشلل لحركة المال, بل إن القرن الواحد والعشرين يحمل في طياته الكثير من البشرى لأولئك الذين خيم الحزن عليهم والذين ينظرون بمرآة سوداء إلى ما حولهم بعد أن أوجدت لديهم الهزات الاقتصادية خوفا من المستقبل القريب.
إن الاطروحات التي تنادي بضرورة السيطرة على الكثير من مسببات معدلات النمو السكاني ترى أن الموارد الحالية لا تكفي لاستيعاب الأفواج القادمة من المواليد كما أن الخطط المرتبة لاستيعابهم كانت مبنية على أوضاع لا تأخذ في اعتبارها الانتكاسة الاقتصادية العالمية, لذا فإن هناك من يدعو إلى ضرورة الترشيد ليس في الانفاق فحسب، بل في الإنجاب أيضا, ويرى هؤلاء الباحثون أن عملية الترشيد في الإنجاب لو أنها بدأت منذ عام 1995م وبالزامية مؤيدة من جهات عليا لأصبح عدد سكان المملكة عام 2013م لا يتجاوز ال32 مليون نسمة.
إن الحل الأمثل للعام 2013م هو التدابير التي نتخذها منذ عام 1999م والتي اتخذناها من قبل والتي لابد أن نتخذها بعد هذا العام المنتظر,, هذه التدابير هي وضع ثروات البلاد في مسارها الصحيح والاستثمار الأمثل للموارد البشرية وتشجيع حركة التصنيع لتعود رؤوس الأموال المهاجرة ويجد رأس المال الأجنبي حظه من المساهمة في مشروعات التنمية ومشروعات الاستثمار.
إن وجود المشاركة الأجنبية في المشروعات ظاهرة صحية - كما أن وجود الأجانب في أي بلد دلالة على توفر الامكانات وتنوع الخدمات وتجديد موقع ابن الوطن في نوعية العطاء.
إن الأعمال الدنيا في الوظائف والتي تعتمد فقط على الحضور البدني ليس من الضرورة أن يساهم المواطن السعودي فيها عدا أولئك المواطنين الذي تخلفوا عن ركب التعليم, ولعل أول واجبات التنمية وخططها بناء المواطن السعودي ليكون أكبر وأكثر تأثيراً، وعندئذ فإن الزيادة في معدلات النمو السكاني تعني زيادة عطاء الذهن وتدوير الفكرة.
إن فكرة تنظيم النسل وترشيد الإنجاب تحتاج إلى ندوات ولقاءات تشارك فيها جميع الفعاليات المؤثرة في المجتمع وهذه في حد ذاتها مشروعات كان لابد لها من إعداد وتهيئة مسبقة وسط أرضية تسمح بتناول الفكرة كمشروع لازم التنفيذ.
إن عدم الاستجابة لترشيد الإنجاب أو تحديد النسل لا يشكل لنا مخاوف من المستقبل ولعل أمامنا في البداية أعمالا أهم من أبرزها الاستعداد للأجيال القادمة وتهيئة مناخ غير متناقض يمكن لهذه الأجيال أن تتقبل الجديد وأن تعيش فيه وتؤثر في كل ما احتوته من أفكار ومشروعات.
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved