عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند كتابتي لمقالة سابقة عن انتشار التدخين لدينا في مختلف الأماكن في المطاعم والدوائر
الحكومية والمطارات وحتى المستشفيات الخاصة - بكل أسف - لم أكن أتوقع أنني سوف أتطرق للموضوع
مرة اخرى بهذه السرعة حتى لا اثقل على احبائنا المدخنين والذين نتمنى لهم كل صحة وسعادة،
ولكن زميلا عزيزا علي عندما قرأ مقالتي السابقة حول التدخين قال لي: هل قرأت القرار الحكيم
لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب الذي تضمن
منع التدخين داخل الملعب وعلى دكة الاحتياطيين من إداريين وفنيين وذلك للآثار السلبية
الناجمة عن التدخين لدى المتابعين وبخاصة الناشئة وكذلك لاعتباره ظاهرة غير صحية,فقلت
لصاحبي: لا لم أقرأ هذا الخبر فأحضر لي مشكوراً هذا الخبر المنشور في جريدتنا العزيزة جريدة
الجزيرة بتاريخ 1419/10/24ه وفيما أنا أقرأ هذا القرار الرائع تبادر إلى ذهني مقارنة بسيطة
ومنطقية بين هذا القرار الحكيم من أمير الشباب فيصل بن فهد وذلك بمنعه التدخين في الملاعب
المكشوفة ومانجده في المقابل في الواجهات مثل المطارات المغلقة - وليس المكشوفة - والتي
يتواجد فيها مختلف المسافرين من مختلف الأعمار ومن بينهم كبار السن والاطفال بل والرضع كذلك
ولا يمنع فيها التدخين,, ولا يمكنني أن أتصور كيف يتم السكوت على مثل هذا الأمر غير الحضاري
في مطاراتنا الدولية؟
وهنا أتساءل,, ما ذنب الأشخاص غير المدخنين في الزامهم استشاق هذاالهواء الملوث مكرهين
لامخيرين؟,, بل ماهو اشد قسوة علينا جميعا ان نجد ان من ضمن من يدخن بعض الاخوة ممن يمثلون
جهات رسمية في المطار كموظفي الجوازات أو الجمارك أو الخطوط أو غيرهم حيث تجدهم يتجولون وهم
ينفثون الدخان بين المسافرين دون مراعاة لمشاعر الآخرين!! فهل يعقل ان نجد من يدخن وهو يتجول
بين الأسر وأبنائهم في صالات الانتظار ونكتفي بالتفرج على الدخان وهو ينتشرمن امامهم ونجبرهم
على ان يعيشوا داخل هذه الاجواء الملبدة بالغيوم من صنع بني البشر مع أننا قد قرأنا بعض
الدراسات الطبية التي تشير الى ان المدخن السلبي يتضرر اكثرمن المدخن نفسه,, ولك ان تتصور
عزيزي القارىء مشهداً يصيبك بالتعجب والألم حيث حدث ذلك امامي عند مغادرتي بلدي العزيز في
هذا الشهر حيث شاهدت في مطارالملك خالد بالرياض سيدة تحمل رضيعها الذي لا اعتقد بأي حال من
الاحوال انه قد تعدى الشهرين من العمر وفي نفس الوقت أحد موظفينا في المطار يقف بجوار هذه
السيدة وينفخ سيجارته بكل ثقة وبدون خجل وبشكل محزن امام هذا الرضيع!!,وهنا نقول بأن الوعي
الحقيقي يتطلب منا جميعاً مراعاة بعضنا بعضا في كل شأن ومن بين ذلك ان يراعي المدخنون مشاعر
الآخرين فإن كان المدخن قد قبل على نفسه الضرر فهذا خياره ولكنه يجب ان يدرك في نفس الوقت ان
الآخرين من غيرالمدخنين قد رفضوا التدخين لضرره بالصحة,, فلماذا يحكم من يدخن بالضررعلى غيره
من غير المدخنين بما بنفثه من دخان؟!! وفي الجانب الآخر وهو الأهم: لماذا لا يطبق النظام
ويلزم الجميع باحترامه؟ فيجب على من يدخل هذه المطارات ان يتوقف عن التدخين ومن يرغب في
التدخين فله الحق في ذلك فهذا خياره ولكن عليه ان يخرج الى اي موقع آخر ويدخن كما يريد دون
ان يكره الآخرين وأطفالهم على استنشاق هذا الدخان بدلاًمن الأكسوجين,, وإن كانت خطوطنا
العزيزة حريصة على راحة الجميع وترى في هذه الفوضى في مطاراتنا انها تعطي المدخنين الحق في
التدخين واخذ راحتهم داخل المطارات فيجب على خطوطنا العزيزة في نفس الوقت إعطاء الآخرين من
غير المدخنين الحق نفسه والبحث عن راحتهم واسرهم وعدم دفن أنوفهم في هذه المداخن البشرية,,
والمنطق يقول أن بإمكان خطوطنا ان تحقق رضاالطرفين بشكل سليم وعملي وذلك بأن تطبق ما يطبق في
بعض المطارات الدولية في الدول الأخرى وهو تخصيص صالات صغيرة جانبية مستقلة ومعزولة عن
الآخرين خاصة بالمدخنين ومن يرغب في التدخين فله الحق في الذهاب الى هذه الصالات الخاصة
وبهذا لا نكره الآخرين من غير المدخنين على ان يعيشوا في مثل هذه الأجواء الملوثة بالدخان
ولا نضر بمن لم يقبل الضرر لنفسه وذلك بأن نعرضه لهذا الدخان دون خيار,فهل نسمع عن قرار حكيم
يمنع التدخين داخل مطاراتنا ويحفظ حقوق الجميع وصحتهم,, والأهم من صدور مثل هذا القرار ان
يتم تطبيقه بشكل فعال وان نضع العقاب الرادع لمن يخالفه وذلك لصحة افضل,, ولنحافظ على
الواجهات الحقيقية لمجتمعنا من ان تخدش بمثل هذا المظهر غيرالحضاري في مطاراتنا مع تمنياتي
للجميع - من مدخنين وغير مدخنين - الصحة والسعادة الدائمة ان شاء الله,, والله من وراء القصد
والهادي الى سواء السبيل,.
عبدالله بن إبراهيم المطرودي
واشنطن