نوافذ حقوق الحاضر |
كتاب التاريخ نفض الغبار عن اوراقه، وعاد الى بؤرة المشهد الحالي الكثير من الاحداث والسير
والشخصيات التي مرت على الجزيرة العربية واسهمت في بلورة تاريخها الحديث، فكانت مناسبة
،(مئوية فتح الرياض) ميدانا واسعا ركض فيه من ركض وتخلف من تخلف، وكل ادلى بدلوه في هذا
المجال من خلال رؤيته وتصوره ونظرته الى التاريخ وعلاقته بالحاضر.
ولكن الملاحظ على معظم الطروحات التاريخية التي دارت حول هذا المجال، انها كانت تصبغ التاريخ
بصبغة مثالية وكأنه الكمال الذي لا يناله الخطأ مما يجعل الواقع الموضوعي يختفي وراء ذلك
الحنين (والنوستالجيا) التي تقلل من وضوح الواقعة التاريخية.
ولاسيما ان كان يحدث في هذا الطرح المثالي مقارنة بين الحاضر والماضي فتبرز الصورة دائما
تفوق انسان الماضي، بينماالحاضر يشقى بافراده الذين يميلون الى الكسل والخمول والليونة (هذا
ما تحدثه المقارنة),،
فهذا الاحترام العميق للماضي وانجازاته التي انتزعت من بين فكي القحط والجفاف والفقر، لا
يقلل من قيمة المواطن المعاصر ولا يبخسه حقه من البذل والعطاء من مواقعه التي ينتمي اليها.
ولا ينفي هذا ولا يغفل ان رجال هذا العصر ايضا، اسهموااسهاما بالغا في منح الصحراء وجها
وطابعا مختلفا كل من ميدانه.
فابن الحاضر في هذا الوطن هو الذي انجز اكثر العمليات الجراحية خطورة واكثرها تعقيداً بداية
من نقل الاعضاء وانتهاء بفصل التوائم السيامية، وهو الذي دار حول الارض بمركبة فضائية، وهو
الذي استوعب الثورة المعلوماتية العالمية بصورة عجيبة حتى اصبح سوق (الكمبيوتر) في السعودية
من اكبر الاسواق العربية واكثرها رواجا وتحركا ان لم يكن اكبرها على الاطلاق.
ولست هنا بصدد تتبع مواضع التفوق والانجاز، ولكن الحنين الى الماضي والتذكر المثالي قد يصلح
في قصيدة مفعمة بالعواطف ولكن يجب ان نحذر تسلله الى كتاب التاريخ، فنجعل من الماضي الكمال
وبالتالي يكون الحاضر هو النقص الذي لن يوازي ما سبق فبرغم كل شيء، وعلى الرغم من جميع
الكبوات والثغرات، فان انسان هذا الارض قبل الرهان,, وتفوق,, في مساحة ضيقة جداً من الزمن.
فالالتفات الدائم الى الماضي لابد ان يكون في اطار موضوعي وقياس منهجي يعيد الى الماضي
واقعيته والى الحاضر حقوقه.
أميمة الخميس
|
|
|