مستشار الرئيس الإريتري يحلل في حوار لالجزيرة أسباب الحرب مع إثيوبيا حربنا مع إثيوبيا سببها الفرضيات الخاطئة لسنا مصدر خطورة لجيراننا,, نحب السلام والتطور ونرفض الإخضاع والابتزاز لا نرتبط باتفاقيات عسكرية أو أمنية مع إسرائيل حتىتجمد أو تعلق: |
،* حوار : محمد العيدروس
ألقى المستشار السياسي للرئيس الاريتري باللائمة في الحرب الدائرة بين بلاده واثيوبيا على
الفرضيات الخاطئة التي وضعتها اثيوبيا.
ونفى السيد عبدالله جابر في حديث لالجزيرة ان يكون نزاع البلدين سببه ايديولوجي او عرقي,
وقال ان اثيوبيا حولت نزاعا وخلافا حدوديا مع اريتريا إلى حرب وجود.
واستغرب المستشار السياسي للرئيس الاريتري ما يثار من مخاوف حول اريتريا وتشكيلها مصدر خطورة
لجيرانها وقال ان بلاده عانت الكثير من الحرب والدمار وتسعى للسلام والتنمية وعدم الدخول في
صراعات.
وحول العلاقة الاسرائيلية مع بلاده,, قال السيد/ جابر انها لم تكن على حساب العلاقات العربية
او على حساب حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني مشيرا إلى ان بلاده لا ترتبط باتفاقيات عسكرية
او أمنية مع اسرائيل وليس لها تمثيل دبلوماسي هناك,,, وفيما يلي نص الحديث:
،* نتساءل اولا,, هل الازمة الحدودية مع اثيوبيا لها جذور سابقة كقضية حسابات على الزعامة؟
وهل تستحق هذه الازمة ان يخوض البلدان حربين متتاليتين خلال اربعة اشهر؟
،- تقييمنا في اريتريا لما حدث، يكمن في ان هناك عقلية توسعية اثيوبية تجاه اريتريا وهي
ليست
جديدة,, وقد عانينا كثيرا من هذه العقلية خلال قرن كامل من الزمان,, هم يبحثون عن موانىء او
اطلالة على البحر منذ عهد سيلاسي الى منجستو وحتى الحكومة الحالية التي اوصلناها الى السلطة.
الاثيوبيون بدءوا حساباتهم بشكل توسعي وبنوا حساباتهم وتقديراتهم على فرضيات خاطئة تمثلت في
اعتقادهم ان اقتصاد اريتريا ضعيف ولا يتحمل اي مواجهة، وان اريتريا لها علاقات سيئة مع اليمن
قبل حل قضية جزر حنيش ,, واعتقادهم ان جيش اريتريا ضعيف ولا يشكل خمس الجيش الاثيوبي
وتفوقهم في سلاح الطيران.
والاثيوبيون اعتمدوا على هذه العوامل وسارعوا الى اقتطاع أجزاء من اريتريا ووضعوا خرائط
جديدة خارقين المواثيق الدولية ومصالح الجيرة التي تربطنا بهم منذ الاستقلال,, لقد حاول
الاثيوبيون تطبيق فكرهم التوسعي من خلال تفجير الوضع والاستيلاء على مناطق في جنوب اريتريا
منذ عام 97م.
ما أود التركيز عليه هنا ان هذه المشكلة تعود إلى عام 97 وليس إلى 98 حسب ما تتناوله
الاطراف, إلا انه وللاسف الشديد تفجر الوضع عام 98 رغم مساعينا العديدة ومراعاتنا لمصالح
الجيرة والعلاقات التي تربطنا,, إلا انهم تمادوا في الاستيلاء على اراض اريترية ورفضوا
مساعينا في حل القضية وديا وفي مايو 98 تفجرت الاوضاع ووصلت إلى مرحلة المواجهة العسكرية.
،* النظامان السياسيان في البلدان غير متعارضين وليس بينهما خلاف ايديولوجي او عقائدي,, إذاً
ما هي مبررات الأزمة القائمة خصوصا ان القيادتين تنتميان لأصول عرقية واحدة؟
،- النزاع الاريتري الاثيوبي ليس فكريا أو ايديولوجيا وانما هو قائم على تفكير توسعي اثيوبي
فقط واعتقاد بأن الحل العسكري سيحسم القضية,, وهناك ايضا تصور خاطئ لدى الكثيرين بأن هناك
جذورا اريترية/ اثيوبية من اصل واحد,, وهذه امور تحتاج إلى مراجعة وبحث تاريخي.
الشعب الاريتري مثل اي شعب آخر في العالم الثالث، لديه مناطق حدودية مع جيبوتي واثيوبيا
والسودان وله امتدادات عرقية,, والحدود - كما تعرفون - وضعها الاستعمار ولم يأخذ في الاعتبار
التركيب العرقي في رسمه للخرائط,, وهذا لا يعني ان اريتريا برمتها والشعب الاثيوبي من اصل
واحد,, وهذا أيضا ليس لب الخلاف, نحن نرى من جانبنا ان الخلافات الحدودية لا يجب ان تصل إلى
مرحلة المواجهة وانما تحل من خلال تنمية المناطق المشتركة، ولاسيما ان العالم يتجه نحو نظام
عالمي جديد (العولمة),،
ثم يجب ان نعي,, ان المتضرر من هذه الاوضاع الدائرة الآن هي الشعوب والسكان الموجودون على
الحدود.
حدودنا مع اثيوبيا واضحة تماما لانها رسمت وفق خرائط واتفاقيات بين اثيوبيا والبريطانيين،
ولا يمكن ان تصل الامور وفق هذا الاطار وانما بوضع علامات على الحدود، لحل هذه المشكلة بشكل
سلس وبسيط.
للأسف الشديد ان ممارسات الاثيوبيين حولت اشتباكات حدودية بسيطة الى حرب وجود بين البلدين،
من خلال اعلان النظام الاثيوبي رغبته في تغيير نظامنا واقامة نظام سياسي موال له وإرغام
شعبنا.
ولكم ان تعرفوا ان هذه ليست اول محاولة وانما سبق ان فكروا بذلك سابقا وجميعها باءت بالفشل.
باختصار هم يعانون من مساحة واسعة بين رغبتهم التوسعية لتحقيق احلامهم وواقعنا الدفاعي وهو
ما ثبت خلال المواجهات بين الطرفين.
اثيوبيا تعتبر مخزنا لما يسمى بالشعوب غير المتجانسة والقوميات العديدة، فقد حاول هيلاسيلاسي
ان يفرض عليها سلطة قومية واحدة واتى منجستو بعده ليفرض ايديولوجية معينة,, إلا ان المجموعة
الحاكمة حاليا والتي وصلت الى السلطة بدعمنا وضعوا نظاما جوهره انعكاس لتفكير اقلية وبالتالي
وضع نظام دستور يمنح اي شعب حق تقرير المصير، بما في ذلك الانفصال عن اثيوبيا.
وفي حالة فشل سيطرتهم يقومون بوضع مرجعية من الانفصال وتكوين حكومة منفصلة,, وهذا النظام
الموضوع بدأ يتآكل في اثيوبيا وفشل لسبع سنوات وسط معارضات عديدة ضده وبالذات في اقليم
الصومال الاثيوبي ومناطق الاورموا الذين يشكلون 60% من الاثيوبيين واقليم العفر وشمال شرق
اثيوبيا.
هذه المعارضة اصبحت تسعى جاهدة لابعاد النظام وهذا الوضع كان احد اسباب التفجير مع اريتريا
وافتعالها معركة مع اريتريا لصرف الانظار عن الاوضاع الداخلية وكسب دعم الاقليات الاخرى
وتهدئة الاضطرابات, وهذه الشعوب يسعى كل منها مدعوما بالدستور الاثيوبي للانفصال عن اثيوبيا
مدعومة بالدستور وهو ما يهدد اثيوبيا بالتفكك.
،* إذاً لا يوجد في تصوركم اي حل للازمة سوى الحل العسكري؟
،- نحن منذ بداية الازمة وانفجارها، قد حاولنا ومازلنا نحاول تطويقها في الحجم الطبيعي، لان
النزاعات الحدودية لا ولن يمكن ان تحل الا بالاسلوب السلمي والقانوني، وقدمنا مقترحات عملية
جدا، حرصا على تجنب شعوب منطقة القرن الافريقي ويلات حروب جديدة وابدينا حسن النية.
إلا ان حسن النية لم يكن سوى من جانبنا ولم ولن يحل اي قضية حتى ولو كانت صغيرة.
وباءت جميع مجهوداتنا بالفشل، وهناك ايضا جهود دولية فشلت، لتمسك الاثيوبيين بمنطق حل القضية
عسكريا والامس القريب زارنا وزارهم وفد الترويكا وطالب بايقاف الحرب وابدينا استعداداً فوريا
لذلك دون اي شرط، الا انهم اشترطوا لذلك انسحاب اريتريا من المناطق المتنازع عليها.
وكما تعلمون فإن شرط وقف اطلاق النار بالانسحاب هو عرقلة لعمل اجرائي بسيط يلعب الدور
التمهيدي في كل القضية اساسا.
ونرى من جانبنا كإريتريين ان وقف اطلاق النار والاعمال العدوانية وسحب الجيوش في وقت واحد
ويتزامن مع ذلك ارضية صحيحة ومناخ صحي لحل الازمة سواء من حيث التفاوض او وضع علامات حدود
استنادا للخرائط والمستندات.
،* اريتريا دخلت في مشكلة مع اليمن عبر جزر حنيش والآن هاهي تخوض حربا مع اثيوبيا,, هذه
الوضعيات ألا تجعل دول المنطقة متخوفة من النظام الاريتري؟!،
،- يا سيدي هذا طرح غريب,, نحن كشعب عانينا الكثير من الحروب والدمار ونعرف ذلك جيدا ونتخوف
من بعض الدول المجاورة التي تريد ان تصوغ اريتريا بطريقتها ومعظمهم يحاول قطع اجزاء,, إذاً
نحن الذين نتخوف وليس الآخرون,, وأؤكد لك ان اريتريا ليس لها اطماع او اغراض في اي دولة اخرى.
لقد طرحنا منذ بداية الاستقلال مبدأ التكامل مع الآخرين حتى نعوض ما خسرناه طيلة 30 عاما نحو
الاستقلال,, نحن شعب تعدادنا قليل وامكاناتنا بسيطة ومشوار التنمية طويل للغاية,, ولا نريد
صرف (مليم) إلا في مشاريع التنمية,, نحن ضد الحرب ونعمل من اجل السلام.
،* حسنا ,, وما الذي حدث؟
واجهنا خلال سبع السنوات الماضية مؤامرات دولية عديدة ونعتقد ان هذه التهديدات ناجمة عن سوء
تقدير كل الاطراف وحساباتهم الخاطئة لفرض شروط علينا قبل ان يقوى عودنا,, اننا ندافع عن
انفسنا ونحن أكثر احتياجا للسلام ولا داعي للتخوف منا,,, وعلى دول المنطقة ان تتجاوب معنا
كجسم جديد في المنطقة وليس كدولة يفرض عليها او تروض بطريقة غير مقبولة.
،* أشيع الكثير حول علاقاتكم مع إسرائيل هل انقطعت هذه العلاقة الآن,, أم تجمدت؟
،- فيما يتعلق بسياستنا الخارجية في اريتريا اود التركيز بأننا قد عانينا طيلة ال30 عاما مضت
من النضال، من مؤامرات دولية كبرى,, ولم تكن هناك جهات دولية وقفت معنا، باستثناء تعاطف لم
يرتق للدعم الاستراتيجي,, وهذه الاوضاع تدفعنا لاتباع سياسة تحترم مصالحنا دون ان نعادي
الاطراف الاخرى,, ولهذا تعاونا وتصالحنا مع اعدائنا الاستراتيجيين وهم اثيوبيا واقمنا علاقة
معهم لفائدة بلادنا واللحاق بركب التطور العالمي,, ثم بدأنا علاقات عربية/ افريقية,أما بخصوص
اسرائيل، فقد أتت ضمن هذا المنهج ولكن هذه العلاقة لم تكن على حساب حق الشعب الفلسطيني في
تقرير مصيره، ولم تكن ايضا على حساب علاقاتنا العربية، وليس لدينا تمثيل لديهم بل العكس,,
كما لا توجد اي اتفاقيات امنية او عسكرية مع الدولة العبرية حتى نقول جمدت أو اجلت,,.
اعتقد ان الاعلام بالغ كثيرا في هذه الناحية وإذا كان الامر يتعلق بالصراع الاريتري -
الاثيوبي في أثيوبيا وطدت علاقتها باسرائيل لارسال ما تبقى من يهود الفلاشا من قوندر
لاسرائيل,, وذلك خلال عام 98م.
،* وهل تقبلون بأي مبادرة لحل هذا النزاع؟
نحن مازلنا ملتزمين لحل النزاع بشكل سلمي قانوني وهذا نهجنا في حل اي نزاع حدودي,, وهناك
مساع عديدة حاليا من منظمة الوحدة الافريقية والاتحاد الاوروبي واليمن وكينيا وغيرها,, اعتقد
ان الأهم ليس في المساعي بل في قدرتها على ايقاف الحرب ووضع حد,, نحن مع السلام العادل
والدائم.
،* كيف ترون مسار العلاقات السعودية الاريترية؟
،- ان دعم المملكة ومساعداتها المتواصلة لاريتريا ليس وليد اليوم وانما هي جذور تاريخية
قديمة,, نرتبط بالشقيقة المملكة بعلاقات ثقافية ودينية ومصالح مشتركة كدولة مجاورة في موقع
استراتيجي على البحر الاحمر,, ونطمح ان تتطور هذه العلاقات بشكل استراتيجي كامل ونأمل من
القطاع الخاص السعودي الاستثمار في اريتريا بما يفيد الطرفين.
موقف المملكة واضح جدا نحو قضيتنا في مرحلة التحرر الوطني,, وأول دعم للثورة في بدايتها كان
مصدره الجالية الاريترية المقيمة في المملكة والتي وجدت كل ترحاب من المملكة,, وعقب
الاستقلال تطورت علاقتنا بشكل كبير جدا وللمملكة مساهمة كبرى ومهمة في انشاء البنية التحتية
الاريترية ونقدر ذلك بكل الاعتزاز.
|
|
|