Sunday 28th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 12 ذو القعدة



عبقريات العقاد
بين المتن والإسناد 64
صالح بن سعد اللحيدان

أورد المؤلف في ص 76 كلاما جيدا عن حالة النصرانية في بلاد العرب وذلك بعد كلام طويل عنها في
ص /73 /74 75،
يقول: (وكان أكثر ما تنشأ هذه المناقشات عن القياصرة أنفسهم ولا سيما القيصر قسطنطينوس فإنه
إذا لم يقدر ان يميز بين صحيح الدين المسيحي, (النصراني), وخرافات العجائز ربك الدين بكثير
من المسائل الخلافية),،
ثم قال: (هذا ما كان عليه حال النصرانية في بلاد هذه الامة التي هي موضوع بحثنا فلم تكن
خيرا من ذلك، فكان في نصارى العرب قوم يعتقدون ان النفس تموت مع الجسد وتنشر معه في اليوم
الآخر، وقيل ان اوريجانوس هو الذي دس فيهم هذا المذهب وكم من بدعة انتشرت في جزيرة العرب حتى
لا نقول نشأت فيها,,
فمن ذلك : بدعة كان اصحابها يقولون: بألوهية العذراء، ويعبدونها كأنما هي الله (تعالى الله
عن ذلك علواً كبيراً) ويقربون لها اقراصا مضفورة من الرقاق يقال لها كليرس وبها سمي اصحاب
هذه البدعة كليرين، وفضلا عن ذلك فقد اجتمع ايضا في جزيرة العرب عدد وافر من الفرق المختلفة
الاسماء لجأوا اليها هربا من اضطهاد القياصرة),،
ثم يقرر فيقول: (فالحالة التي تمثلت بها النصرانية في جزيرة العرب لم تكن حالة هداية يحيط
بها مذهب واحد صالح لتعليم من يتعلمه، بل كانت شيعا سياسية ومذاهب متنازعة يتوقف العلم
بالصالح منها على هدى الناظرين فيها وعلى ما عندهم من البصر الثاقب والبداهة المنزهة التي
يعود اليها الفضل فيما تقبله وتأباه),،
وهذا من المؤلف عين المراد فلعله نظر طويلا في الدين النصراني إلا أنه كان يحسن به وقد تعرض
لها وأبان بطلانها بسبب التحريف ان يشير الى امور خمسة مهمة:
الأول/ أن الرهبان بعد رفع المسيح عليه السلام علموا من خلال الانجيل مبعث رسول آخر مبشر
به المسيح فبدؤوا يحرفون آي الانجيل ويزيدون عليه بما يتفق مع اهوائهم الدنيوية الرئاسية
وظهر خلال مائة عام رهبان جدد غيروا كذلك,
الثاني: وضع أناجيل اخرى مضافة بجانب الانجيل فيها تغيير بين للانجيل قبله خاصة العهود وما
يلزم منها,
الثالث: وضع كلام في الانجيل تزلفا لناظر امرهم في حينه,
الرابع: تدخل القياصرة واستغلال الاساقفة لخدمة الانجيل لما يرمون ويذهبون اليه,
الخامس: نشوء دعوة (سرية للغاية) ما بين 501 حتى 350 قبل الهجرة النبوية المباركة نشأت
الماسونية وقد دخل فيها يهود ومجوس، وآخرون مرتزقة لكنهم التزموا بخطط وبطريقة الماسونية
بالحركة السرية الخاصة باليد وبالرقم الخاص وسرية الاجتماعات الا انه منذ 95 سنة من الآن
وبعد انكشاف حقيقة واهداف المأسونية ورؤسائها,, واتباعها وكتاباتهم ووثائقهم السرية جدا تخلى
كثير من الاتباع حتى القياديين تخلوا عنها واهملوا ما وصلهم من تهديدات وملاحقة وتشويه سمعة,
ولم ينلهم أذى، وخلال سبعين سنة من الآن: قل المحفل الماسوني فلا يكاد يحضر/ المحفل
المأسوني/ الأم الا نفر من الرؤساء لهم والمستفيدين من عملية الجاه والمال,
وقد وصف الله سبحانه وتعالى حال النصارى فقال: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم
قاسية، يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا
قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين،
ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة
والبغضاء الى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون), المائدة/ 13 -14
وهناك آيات أخرى تبين حالهم مع الرسل وعليهم ومع انفسهم من اكل الربا والسحت والحيل والمكر
والخديعة والحسد، وتبين نقضهم للعهد والتغيير تبعا للهوى، وما ذكره المؤلف هنا إنما هو بعض
من كل عن: حال النصارى,
وجاء في ص 83 من فصل: (النبوة المحمدية) قال المؤلف: (ومن قديم الزمان ايضا وجد الكاهن
المختص ووجد الرائي الملهم الذي يختاره ,, الإله,,, للنطق بلسانه والجهر بوعده ووعيده),،
وهذا كلام قد حصل في الجاهلية ويحصل اليوم عند الوثنيين فإن كثيرا من الكهنة والسحرة
تستعبدهم الشياطين فيقربون الكاهن والساحر القربات لمردة الجن ويعبدونهم من دون الله تعالى
فكما وجد من يعبد الحجر والشمس والقمر وجد من يعبد الجن ويتقربون إليهم بقربات شركية معلومة,
وعبادة الوثنيين جاءت من قبل وثنيي الهند وفارس واليونان،
ولهذا مثل المؤلف فقال: (وكان اليونان يسمون الرائي مانتي ويسمون المعبر عنه او المفسر
لكلامه: بروفيت),،
وورد في ص 85 كلام دال على ان المؤلف لم يتوسع بالاطلاع على كتب الشريعة الحقة خاصة فيما
يتعلق بالنبوات فهو يقول: (عرف الأقدمون من العرب والعبريين النبوة قبل بعثة موسى عليه
السلام ولكنها لم ترتفع بينهم الى مكانتها التي نعهدها اليوم دفعة واحدة),،
وهذا يخالف ما جاء في قصة يوسف عليه السلام وهو قبل زمن موسى عليه السلام فإن أهل مصر كانوا
يعرفون ذلك قال تعالى: (ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى
اذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب) آية 34 0 غافر ,
فهم قبل موسى يعرفون ذلك والنبوة عندهم مرتفعة قبل ذلك ويحسبون لها الحساب، ومن خلال الاسفار
عن الرسل والنبوات كان اهل فلسطين ومصر والشام والعراق يعرفون ذلك لكن قول المؤلف: (فخلطوا
بينها = أي النبوة = وبين الجنون كما خلطوا بينها وبين السحر والكهانة والتنجيم والشعر),،
فهذا ليس بمستقيم فإن العرب ومن كان في جوارهم يعرفون النبوة على حقيقتها قال تعالى: (فإنهم
لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) (الانعام/ 33) اي يجحدون نبوتك ورسالتك ظلما
وحسدا وبغيا وعصبية,
وقال سبحانه عن فرعون وقومه: (وجحدوا بها واستقينتها أنفسهم ظلما وعلوا) النمل/27
فالأمم بعامة يعرفون النبوات لكنهم إلا القليل ممن يؤمن بحق ووعي وإخلاص يجحدونها
ويتجاهلونها وانظر سورة نوح ،
واقرأ بتمعن واسع كريم قوله تعالى ثم أرسلنا رسلنا تترا : (المؤمنون/44) ثم نقل بعض ما يشاع
عند اليونانيين وسواهم من الوثنيين عن: مدعي النبوة والخلط بينها وبين من تتلبسهم الجان من
الكهان والسحرة يقول: (وغلبت عليهم في مبدأ الأمر عقيدة شائعة بذهول النبي وغيابه عن الوعي
في جميع أيامه وفي الايام التي يملكه فيها الوجد الإلهي على الخصوص),،
فتلبس الجن للكهنة وحي ووجد وهذا جاءهم من سيطرة الصوفية الوثنية الهندية، وكأن المؤلف انتقد
هذا، ثم ينقل المؤلف كلاما فيه من السخافة والتزييف ما فيه وذلك في ص 87/86 قال: وفي سفر
صمويل قبل ذلك: انه يكون عند مجيئك,, الى المدينة انك تصادف زمرة من الانبياء نازلين من
الأكمة وامامهم/ رباب/ ودف/ وناي/ وعود/ وهم يتنبأون فيحل عليك روح الرب فتتنبأ معهم وتتحول
الى رجل آخر),،
كرر هذه السخافة وقد جهل او تجاهل المزيف جلال النبوة وقدر الوحي وعظيم ثقل النبوة,
والذين يطالعون: التوراة والاناجيل الأولى، ثم يطالعون الاخيرة خصوصا في مكتبات: ليون،
وايطاليا,, ولندن وباريس يجدون لعباً ظاهراً وتحريفات وزيادات يصل بعضها الى حد: الخلاعة،
ومع ان اليهود والنصارى حرفوا كثيرا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم إلا ان التحريف
الاخير او التحريفات بينة ظاهرة لمن يملك حس النقد النقي، وروح النزاهة الأمينة الواعية
وبخاصة عند: المقارنة,
ولعل التوراة والأناجيل لو بقيت هي هي لآمن رهبان وقساوسة كثيرون حتى مع وجود تلك التحريفات،
ولكن ومع هذا - بحمد الله تعالى - لم يزل يسلم الكثير بين حين وحين مما يهدم حقيقة الزعم
بعدم بطلان تحريف التوراة والأنجيل,
وقد بيّن كثير من الذين اسلموا: حقيقة الزيف الذي تتضمنه كتب اليهود والنصارى ومخالفتها أصلا
لفطرة الحياة ابتداءً, وذهب المؤلف في ص /87 88 يورد كلاماً عبارة عن (وحي) يوحى إلى
الانبياء لعله اورده ليستدل به على حقيقة تلك الحالات التي بسببها ظل كثير من الناس حيث بدأ
الرهبان والعباد والقساوسة يغيرون ويحرفون حسب مطالبهم، وشهواتهم وعصبيتهم,
ولا شك ان حال: الفراغ النفسي والعقلي والروحي لا يسده: جاه او مال وان بدأ الانسان يغالط
نفسه ويلعب عليها وتلعب عليه,, لا يسده شيء ما ما لم يكن هذا الشيء ملبياً لنداء الفطرة
الحقة ونداء العقل الصافي ونداء الروح النقية,,
وهذا لا جرم يتكشف وينكشف بخلو المرء بنفسه على وجه لا يقبل مصانعة بحال ما،
وقد كان بمقدور المؤلف معالجة هذا بمثله على مثال ناهض حميد محمود،
ولا سيما ان كلام صمويل وما شابهه تدر منه درر أشبه بالدرر ولا تكون وكيف تكون وهي مخالفة
لروح الوحي ذلك المزعوم أو ذلك الكلام المنسوب لنبي مثله لمثله ما يكون,
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved