ذرف كلام شخصي فيصل أكرم
|
أعرف ان الكلام اصعب من الغناء، ولكني سأحاول,, ألم اقل من قبل: اني تعبت من الغناء/ تعبت من
خيل تسير الى الوراء,
اذن لن اخسر شيئا حين اعود الى (الكلام) هذا الذي استغرب كيف يملك البعض المقدرة على
،(امتطائه) كل يوم:
كنت في مجلس صغير في قلب الرياض يضم ثلاثة من المشتغلين بالثقافة (او الصحافة لم يعد ثمة
فرق!) ورابعهم انا، سئلت بغتة عن رأيي في الكتب النثرية التي صدرت للشاعر غازي القصيبي في
السنوات الاخيرة؟ وقبل ان اقلِّب السؤال في رأسي او حتى افكر في الاجابة - خصوصا لأني لم اكن
اعلم او اتوقع انني من الاهمية لدرجة ان يسألني احد عن رأيي في انجازات كبيرة لشخصية عالية
كالدكتور القصيبي - قلت مسترسلا: ان حياة غازي القصيبي من بدايتها الى ما شاء الله تمثل
نموذجا لفن من نوع خاص جدا وكتابته عن تجربته في اي مجال بأي شكل من الاشكال هي في حد ذاتها
فن لا يقل اهمية عن فن الشعر وآخر كتاب قرأته له (حياة في الادارة) لو سئلت عن اهم عشرة كتب
قرأتها في حياتي لكان هذا الكتاب من ضمنها,
قلت هذا الكلام ففوجئت بأحدهم يقول لي: (لقد سألتك السؤال نفسه في العام الماضي فكان جوابك
عن (العصفورية) انها من اهم عشرة كتب قرأتها في حياتك ولو كررت عليك السؤال نفسه في كل سنة
لقلت ان,,)،
قاطعته قائلا: لماذا لا تريح نفسك وتريحني وتسألني عن اهم خمسة - لا عشرة - كتَّاب قرأت لهم
في حياتي؟ لأقول لك ان القصيبي واحد منهم!،
عاد صديقي الاديب يسألني: وماذا عن الكاتبات العربيات من تراها الافضل - على المستوى العربي
،- في الوقت الراهن؟
قلت له: كنت سأقول لك (احلام مستغانمي) لولا اني شاهدتها مؤخرا في لقاء تلفزيوني تقول انها
تكتب لنفسها ولنفسها فقط وهذا يعني - حسب رؤيتي الخاصة - هشاشة التجربة، او لِنقُل ضعف
الشعور بالمساءلة والمسؤولية وبخاصة عند التصدي والتحدي لقضية مأساوية كالقضية العربية في
الجزائر,
فثمة فرق كبير بين جدوى ان تكتب (لنفسك) وان تكتب عن نفسك وقد يبدو الاختلاف ملتبساً بعض
الشيء من الناحية الفنية مع اني اراه - في جوهره - على درجة عالية من الوضوح,, ذلك لأن
الكتابة اذا اردنا ان نعدها (دولة) فكيف لزعيم دولة، او لِنقُل كيف لعضو في دولة ان يكون
فعالا ما لم يضع شعب دولته ومسؤوليها نصب عينيه؟! فان كان موقفه بطوليا ومخلصا فلا اجمل -
ولا انفع - من الكتابة عن هذه النفس التي دفعته ليكون كذلك,,
اما من يكتب لنفسه فهو تماما كمن يصنع حلوى ليأكلها وحده فليشبع بها,, ولا يحلم بأن اصحاب
الاذواق العالية سوف يتطفلون على (حلواه) مهما كان طعمها مغريا!،
واخيرا، اقول بكل صدق: هكذا انا، كلما اردت (الكلام) اجدني اقول ما لا يستساغ فهل اعود الى
الغناء,,؟ احسن!،
|
|
|