وفي جزر المطر,, دهشة!!، مدٌّ يعاتب بحره: عاشق البحيرة سناء الحمد بدوي,, وحوارية طازجة!(4-4)، ميرفت عبدالرحمن السحلي
|
رائحة الظلال على أسوار الحدائق تُسرق فوق هامتي,, وغيمة من عواء القهوة يخدش يقظتي,, أيها
الخوف,, كم يحلو لك أن تدخّن صوتي وتتعاطاه حبوبا لمنع الكلام!,, أكلّ سلام وداع,, في سفن
اعتقال السلام,, ومسرحيات الوهن في الضلوع؟!,, أكل سلام وداع,, وقدر يأكل الأجوبة؟!,, سألّم
الجزر المتطايرة,, سألّم شظايا البرق المتناثر الصاعد من ارتطام حلقي بوخزات صخرة عنقاء
الصمت,, سألّم اسماء الريح وأعيدها الى صبري,, سألّم اسماء البشر,, سألّم قطرات المطر,,
سألّم حكايات القرنفل عن مواعيد اللقاء الأخير,, في منتصف الرعد نهطل من قزحية أوجاعنا,,
نسقط مع المطر لحظة هبوطه ونكون أكثر نقاء,, نشتري الضوء من أقاسي الكلام لنلمع ذهب
القوافي,, وقفت على رصيف الآخر في صوتك,, وفي صوتك تُشرع نوافذ الابداع,, وفي الابداع تحتفل
كل طقوس الحياة,, رعشة الميلاد,, رجفة الحب,, انتفاضة الموت,, وكل التفاصيل الصغيرة ما بين
كل تلك العناصر,, الجزر تنحني أمام المد تباركه: فيلثم جسدها المحموم بلملح المهذب,, ومن
جبهة الليل تنزف المدن حكاياتها,, وزورق الطيور يهتدي الى ذوق هذا العام,, اللون الأحمر,,
يجلس سناء الحمد بدوي على عواصم الرماد,, يعتقل برتقالة كانت شمسا في يوم ما, وصارت دماء,,
وكأنما يقول: قلبي على قمر، فكفّوا أيديكم عن اغتيال المساء! ,, فصار يحاكي أزمات العالم
بنبضه,, وقوس قزح يستحيل الى قوس قزح ، ويكون اللون الاحمر ذوق هذا العام في قصيدته وا,,
تتهاوي الأقمار بودياني التي سطّر بها مأساة البوسنة,
حوارية طازجة مع,, شاعر البحيرة
،- جزر المطر: رماد يصطلي تحت الحناجر الباردة,, وسفن الكلام منتحرة في جفاف الألسنة,,
والأحبة يتصارعون في مباريات الفراق,, فهل التأزم محكّ أو لإفراز الابداع؟,
،- شاعر البحيرة سناء الحمد : أرى ما رآه أنيس منصور وقاله لي ذات يوم في حوار معه على شاطىء
بحيرة التمساح التي تسترخي في حضنها الغامض مدينتي الصغيرة الاسماعيلية : ان المبدع شبيه
بحيوان اللؤلؤ البحري الذي اذا تأزم بسبب تعرضه لغزو أو هجوم من كائن أو شيء ما أبدع هذا
اللؤلؤ - الابداع - الوجع الجميل,, ما من ابداع إلا وله ارهاص مخاض/ ميلاد/ تأزم سحيق,
،- جزر المطر: التوحد في الطبيعة,, انصراف الشاعر عن تأمل ذاته وعن الانكفاء عليها,, الهم
العام هل التهم لديك الهم الخاص فانصرفت عن التأمل الذاتي وذاب الخاص في العام؟,
،- شاعر البحيرة: الخاص والعام بعدان لعالم واحد هو الانسان,, كلاهما عنصران نشطان فاعلان
متفاعلان في داخل الذات المبدعة, ولا ابداع داخل حيز مخلخل مفرغ من حدث زمكاني ثالوث الحركة
في الحياة: حدث في زمان يعانقهما مكان ويجدلانه معهما في مجدولة لا وجود لأحدها بدون الآخرين
,, هموم الذات والآخر يتحايثان ويتوالدان داخل بوتقة حياة واحدة، على حافة شمس متوهجة,,
واحدة,
،-جزر المطر: وتعاطي الصحافة في حياة الشاعر؟,
،- شاعر البحيرة: هي رحلة نضال طويلة داخل قضية مغبونة نسميها في مصر الصحافة الاقليمية ، وهي
صحافة المحافظات والأقاليم، عشقت وأخلصت وما زلت صحيفة موسومة بالقناة ، اسبوعية منذ ولدت في
،19 فبراير 1961م، عمرها من عمر معهد الادارة العامة-ابريل 1961م- الذي أنتسب إليه الآن ومنذ
عشر سنوات من يناير 1988م ,, تعلمت في مدرسة هذه الصحيفة التي نحتت لنفسها اعترافا علنيا
يمنحها شعاراً ووسما يعلن أنها رائدة الصحافة الاقليمية في مصر ,, وتخرجت من هذه الصحيفة
الفتية ومنحتها خمسة عشر عاما من العمر منها تسع سنوات رئيسا لتحريرها,, وها نحن- نخبة من
محبي الصحافة وأنا- نؤسس منبرا صحفيا شاملا موسوما بسنابل ,, لعلنا ندشن قريبا أول اعدادها
من قبرص,
،-جزر المطر: القاموس الشعري,, ماذا تراه؟,
،- شاعر البحيرة: مقولة انهارت وتولّت,, كل مفردات اللغة اكتسبت أحقية الولوج الى عالم
القصيدة, كأحقية كل مفردات الحياة في ان يتشرنق حولها الابداع,,
،-جزر المطر: الأسطورة تحتل مكانا راسخا في شعر سناء الحمد, إيزيس وأوزريس، سيزيف، بنيلوب,
وغيرها ,, فهل هي نوع من العودة الى عبق الماضي؟,
،- شاعر البحيرة: الأسطورة كغيرها من معطيات التاريخ الانساني ماضيه وحاضره ليست سوى أجنحة
يحلق بها الشعر أو عناصرتمنح للتجربة الانسانية الابداعية توهجا وعمقا وامكانات النحت البارز
والغائر في وجدان المتلقي,
،- جزر المطر: من من الشعراء كان لهم تأثير عميق في مسيرتك الشعرية؟,
،- شاعر البحيرة: أرى وجوب كون المبدع مشرعاً: إنسانياً وابداعيا, على كل الآفاق والتجارب
الرحبة,, بلا حدود ولا قيود, كل تجربة تحمل في بنياتها الباقي والفاني, كل مبدع لديه ولو قدر
يسير من الجدير بالاعجاب والتأمل, في مرحلة ما قبل كينونتي الشعرية سهرت ليالي ممتدة حتى عصر
الأيام التالية منفردا في غرفتي مع المنتخب من أشعار العرب وفرسانه: امرىء القيس والنابغة
وزهير وكعب بن زهير والأعشى وجرير والفرزدق وبشار والمتنبي وأبي تمام والبحتري وغيرهم، ومع
بدء قطرات الدفق الشعري الأول حلقت مع ابراهيم ناجي وعلي محمود طه وصالح جودت ومحمود حسن
اسماعيل، ومع النضج الرؤيوي للتجربة الشعرية توقفت عند صلاح عبدالصبور والسياب وأمل دنقل
وعفيفي مطر ومحمود درويش,, ثم ارتحلت متأملا في تجارب أدونيس والماغوط,, وما زلت أتوقف
متأملا عند كل تجربة ابداعية مغامرة,, فالفن مغامرة متجددة لا تتوقف عند حد,
،- جزر المطر:؟؟؟
،- شاعر البحيرة: لست أرى تقسيم القصيدة الى: غزلية ووطنية وفلسفية,, الخ، فالشاعر الذي نضجت
تجربته الفنية تصب في قصيدته كل روافد الحياة فنكون فيها كألوان الطيف,, لا يستأثر منها
بصبغة القصيدة باسمه,
،- جزر المطر: سنابل مجلة أدبية فنية صدرت عن نادي أدباء الاسماعيلية بمصر، الذي كنت أحد
أوائل مؤسسيه اغسطس عام 1967م وترأست تحريرها، صدر منها عددان نوفمبر 1983م، وابريل 1386ه
ثم توقفت عن الصدور، فهل عاق التجربة صواريخ الزمن اللاهث أم ماذا؟,
،- شاعر البحيرة: لسنابل لديّ اشعاع رمزي خاص,, فهي اسم أول مجلة ثقافية عربية أرى فيها
تقدير الكلمة أياً كان كاتبها، دون تدخل من رقيب أو رئيس تحرير، اذ صدرت في محافظة كفر الشيخ
بمصر في أوائل السبعينيات الميلادية وكان رئيس تحريرها الشاعر المتميز محمد عفيفي مطر، وكنت
أحد كتابها، وأغلقت مع الأسف عندما نشرت قصيدة الكعكة الحجرية الشهيرة للشاعر أمل دنقل,, ثم
كانت لي تجربة اصدار مجلة باسم سنابل التل الكبير ترأس تحريرها محمد فوزي جاد رحمه الله،
عام1973 و1974م وكنت مديرا لتحريرها وتوقفت ايضا بسبب تفرغي للعمل في الصحافة الاقليمية
بالقناة, ثم اصدرت من خلال نادي أدباء الاسماعيلية سنابل جديدة كانت تتطلع الى ان تكون
منبرا للابداع العربي فنشرنا اعمالا أدبية لكتاب سعوديين محمد منصور الشقحاء، الطائف
ودراسات عن فنانين سعوديين احمد المغلوث، الهفوف ,, وتوقفت كذلك,, وأخيرا نسعى الى اصدار
سنابل : مجلة سياسية اجتماعية ثقافية، تصدر شهريا من قبرص، كما ألمحت من قبل,, وآمل لها
الاستمرار,
،- جزر المطر: تكرر البيات الشتوي ما بين ديوانك أغاني سندباد الذي كتبت قصائده في الستينيات
وديوان عيناك لي وطن الذي كتبت قصائده في التسعينيات,, وأعقبه بيات شتوي جديد,, فأين تكون
خلال تلك البياتات الشتوية؟,
،- شاعر البحيرة: لن أذهب الى القول المكرور ان القصيدة هي التي تكتبني وقتما تشاء ,,
فالابداع عملية فيها قدر غير قليل من الارادة والقصد والارهاص المتعمّد للحظة التفجر
الابداعي,, فالانسان طاقة واحدة تتكثف وتندغم كامنة حتى تنطلق متشيئة في صورة نشاط ابداعي:
شعراً أو أدبا أو عملا آخر في غير نشاط الأدب,, وأعترف ان عملي في معهد الادارة قد وجهت اليه
جل طاقتي لكي أفي بجودة الأداء لمهامي رئيسا لقسم المراجعة اللغوية، وللنهوض بمهام أخرى في
صياغة وتحرير أعمال بعينها، أعترف ان هذا قد استنفد طاقتي ,, والأمل أن أكون قد ادخرت بعض
الطاقة للخروج من هذا البيات الشتوي,, الذي طال,
،-جزر المطر: كنت تطل على قرائك من خلال نافذة اسبوعية في الجزيرة بعنوان هواجس هجست فيها
العديد من الكتابات النقدية والآراء والقراءات في ابداع الآخرين وأحيانا من ابداعك أنت,,
وبعد استمرارها سنوات داهمها البيات الشتوي لتقبع في ركن من الذاكرة, وعدت الى قرائك بنافذة
جديدة وسمتها سوانح في بوارح ما لبثت هي الأخرى ان لحقت بسابقتها,, أهو صقيع متمرد يحتفل
بأفقك من حين لآخر؟ أم هو نورسك الرحّال لم يهتد الى مرفأ بعد؟,
،-شاعر البحيرة: أحيل الى اجابة السؤال السابق!,
،- جزر المطر: في إحدى نوافذك هواجس أثرت قضية غموض الصورة الشعرية في نصك عندما تنفلت
الصورة الشعرية من سيطرة الشاعر,, فتنزلق الى بئر الغموض والإلغاز ,, وفي الوقت ذاته تناشد
دائما بالابتعاد عن المباشرة والوضوح,, فكيف نحل هذه المعادلة الصعبة؟!,
،- شاعر البحيرة: ليست هناك فيما أرى معادلة صعبة ولا تناقضا بين هاتين المقولتين,, فلابد
للفن عموما من قدر من الغموض الذي يمنح المتلقي لذة الكشف والمشاركة المتفاعلة مع العمل
الابداعي,, والقصيدة التي تكشف عن نفسها من أول وهلة تحرم المتلقي من هذه اللذة,, وهذا لا
يتحقق بايقاع العبارة الشعرية تحت سنابك الالتواء والتعقيد، وانما من خلال الصورة الشعرية
التي أرى فيها العنصر الأول الطاغي في الشعرية, قبل الوزن الشعري الذي تحول على يد الكثير من
الشعراء الى مجرد نوع من الأواني الجاهزة أو السابقة التجهيز وما على الشاعر سوى ان يصب
فيها قصيدته,, في الصورة سر الشعر وبيانه,,, الصورة تمنح القصيدة تضاريسها: ذراها وسهولها
ووديانها الحية,
،- جزر المطر: في لقاء قديم- في أواخر الثمانينات الميلادية- لك مع الشاعر فاروق شوشة خلال
برنامجه الشهير أمسية ثقافية اشتمل حديثك فيما اشتمل على قضية الصحافة الاقليمية في مصر
فكنت هادئا غير حاد,, وبعد ذلك بحوالي اثني عشر عاما- في نهاية العام 1998م- تحدثت ايضا عن
الصحافة الاقليمية وأدباء الأقاليم في عدة لقاءات أجرتها معك وسائل الاعلام المقروءة
والمسموعة والمرئية,, ولكن اللهجة اختلفت فقد ازدادت حدة وصل الى حد الهجوم الشديد على
مسؤولي هذه الصحافة ونقابة الصحفيين,, فما هي المستجدات الداعية لهذه الحدة وذاك الهجوم؟,
،- شاعر البحيرة: بعيدا عن الدخول في تفاصيل ليس هنا مجال التعرض لها، السبب هو طول امد الظلم
الواقع على الصحافة والصحف الاقلميية وللعاملين فيها واغلاق نقابة الصحفيين بابها في
وجوههم,, فمن المستحيل ان يكون الحديث عن قضايا ساخنة حديثا مثلجاً بانتقاء الكلمات الهادئة,
|
|
|