Sunday 28th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 12 ذو القعدة



مشري وآخرون,, مرة أخرى
محمد عبدالرزاق القشعمي

في مراكش وأثناء اقامة الاسبوع الثقافي السعودي بالمغرب عام 1396ه وعند تقديم الفنان محمد
عبده للجمهور المغربي الذي يلاحقنا من مختلف المدن المغربية، بدأ الحفل بتقديم الفقرات
الفنية من قبل المذيعين بالتناوب مثل الاساتذة عبدالعزيز شكري وعائض الردادي ومنصور الخضيري
ومطلق مخلد الذيابي -يرحمه الله- شاركهم علي الرابغي ومحمد الوعيل وتجلى ابوعادل -محمد
العلي- وطلب المشاركة، فتقدم الى مكبرات الصوت منشدا,
،(فلنتينا (1) ,, فلنتينا,, وانت تعبرين الفضاء,, هل شاهدت كثبان رمل يدعونها الدهناء,, وهل
شاهدت غابة نخيل وقرية ناعسة الجفنين بين الرمال يقال لها شقراء,, تلك بلادي يافلنتينا),،
واضاف ابوعادل هذا الشعر من بلادي وهي قصيدة لشاعر من بلادي هو سعد البواردي,
استقبلها الجمهور بالتصفيق الحاد,, وهكذا اعطى ابوعادل لمحة صغيرة للون من الألوان الأدبية
الحديثة في المملكة,, أعقبها بعد يومين من هذه المناسبة, ان كنا برفقة الشاعر الدكتور زاهر
عواض الألمعي في أمسية شعرية له في المركز البلدي بالدار البيضاء فقد رافقه الأستاذ منصور
الخضيري بوصفه مذيعا ومقدما والشاعر محمد العلي بوصفه صحفيا,, والقى امام الجمهور قصائد سبق
ان قالها في مناسبات مختلفة اذكر منها: قصيدة يمدح بها وكلاء الوزارات في زيارتهم لبلده-
رجال ألمع بالجنوب، وعند ختام الأمسية وجه له بعضهم اسئلة لها علاقة بالمدارس الشعرية
الحديثة, وقد اعتذر عن الاجابة لعدم المامه بشيء منها, فأدرك المقدم منصور الخضيري بحسه
الأدبي ان هذا الدور يصلح لمثل ابي عادل فطلب مشاركته بالاجابة على هذا السؤال, وقد اعطى لهم
الاجابة الشافية فذكر لهم ايضا المقدم بأنه يقول الشعر فطلبوا منه نماذج من شعر اصحاب هذه
المدرسة من المملكة فألقى لهم نماذج منه واعتقد انه ختم اللقاء بقصيدته المشهورة, العيد في
الخليج , كنا وقتها نسكن بفندق الدار البيضاء حياة ريجنسي , انتقلنا الى الفندق فتبعنا
مجموعة منهم وطال الحديث الى وقت متأخر, وبقي منهم اصدقاء ظلوا يراسلون اباعادل، وكان الشاعر
الدكتور ناصر بن سعد الرشيد قد القى امام وزير التربية وجمع غفير من علية القوم في امسية
شعرية أخرى بالرباط قصيدة مطولة يناشد فيها الخنساء بالخروج من قبرها لتبصق في وجوه أدعياء
الشعر الحديث الحر مما حمل أباعادل لكتابة سلسلة من المقالات لعموده المشهور بجريدة اليوم
،-البعد الرابع- أعتقد أنه لا يقل عن اثنتي عشرة حلقة حول هذه المناسبة وبالذات حول تلك
القصيدة,
،** توالت زياراتي للدمام ولجريدة اليوم حيث الأصدقاء وفي تلك الأثناء عاد الصديق محمد
العجيان للرياض ورشح الأستاذ محمد العلي رئيسا لتحرير جريدة اليوم وكلما زرتهم وجدت محمد
العلي يجلس في الادارة كضيف وليس كرئيس للتحرير, في احدى هذه الزيارات كان معي نص لمحاضرة
ألقاها الدكتور خالد عبدالرحمن السيف وكيل جامعة الملك فيصل بالاحساء عن الكمبيوتر -لغة
العصر- وكان قد ألقاها ضمن الموسم الثقافي لمكتب رعاية الشباب بالاحساء على مسرح مشروع الري
والصرف هناك, ولقيت صدى طيبا لما يتمتع به السيف من سمعة، وكانت الجامعة آنذاك في بداية
انشائها فرغبت في طباعتها وتوزيعها لمن لم يحضر تلك المحاضرة,, وطلبت من الأستاذ محمد العلي
ان تقوم مطابع الجريدة بطباعتها وعند اطلاعه عليها أيدني على طباعتها وطلبت منه متابعة ذلك
لدى المطابع فرشح لي أحد الموظفين لمتابعتها معهم وقدم لي عبدالعزيز مشري وكان وقتها شابا
غضا قدم لتوه من قرية -محضرة- بالباحة وكان يقول الشعر ويرسم بعض الأعمال التشكيلية فاتفقت
معه على ان احضر في الاسبوع القادم واجدها مطبوعة لتوزيعها بمناسبة محاضرة اخرى تقام
بالاحساء,
،** عدت في الموعد فوجدت المحاضرة كما تركتها لم تطبع فقابلت مشري بشيء من الصلف والقسوة
وقابل ثورتي بشيء من الفتور والبرود، وادعى بأن الجريدة ومطابعها تمر بظروف صعبة واستمرت
الطباعة أكثر من شهر وطبعت المحاضرة بكراس صغير جميل لقي صدى طيبا لدى ابناء الاحساء, وهكذا
تشجعت لطباعة بعض الأعمال الأدبية الأخرى التي تستحق الطباعة والتوزيع مثل تاريخ الأدب في
الاحساء لحسن الحليبي وغيره,
،** دارت الأيام, وبعد خمس سنوات أو أكثر عرفت ان مشري في المستشفى العسكري بالرياض يعالج من
مشاكله الصحية التي لا تنتهي وأقلها الفشل الكلوي,, وقال لي الصديق صالح الصالح إننا سنزوره،
وخرج من المستشفى دون ان أزوره وما زال ضميري يؤنبني لعدم اتمام هذه الزيارة, بعد سنوات ليست
كثيرة كنت في زيارة للدمام ومع الصديق حمد الناصر الحمدان قادتني قدماي بشيء من الخجل الى
مشري في منزله ورأيت معه شقيقه الاصغر احمد وزوجته, وكان بالكاد يخطو بين دورة المياه وبين
الصالون حيث يتناول كمية من الأدوية مع قليل من الخضرة المسلوقة ولم يطل اللقاء,بعد سنتين
قرأت خبرا في جريدة الرياض بأنه قد تمت زراعة كلية لمشري وقد نجحت وذكر رقم هاتفه بالمستشفى
،-الملك فهد بجدة- فرفعت سماعة الهاتف الى هناك وهاتفته مهنئا بالسلامة وسمعت صوته عبر الهاتف
مرحبا وشاكرا فتمنيت له الصحة والعافية,
،** وبعد أيام زرته بالمستشفى وهو يعيش في غابة من باقات الورود التي كانت تملأ الممرات وداخل
الغرفة وكان لا يزال مكمما خوفا عليه من العدوى، وهكذا بدأت معرفتي الحقيقية بمشري وبدأت
اقرأ له ما كتب, بعد ثلاثة أو أربعة اشهر عرفت ان صديق الجميع علي الدميني سيقيم حفلا بمنزله
بالخبر بمناسبة شفاء صديقنا مشري وانه سيأتي من جدة ودعاني مع الصديق صالح الصالح وكانت سهرة
جميلة حضرها كل من الأساتذة محمد العلي، حمد الناصر الحمدان- عبدالرؤوف الغزال ونجيب الخنيزي
ومحمد وعبدالله الدميني وجبير المليحان والتقيت لأول مرة بحسن السبع وغسان الخنيزي وكانت
حفلة جميلة استمتعنا بها مع مشري لعزفه على العود وغنائه الجميل بدءاً بفيروز وغيرها وختاما
بسميرة توفيق بين الدوالي وذلك لمناكفة حسن السبع,
،** من خلال اللقاء عرفت ان عبدالعزيز مشري يحمل روحا وقلبا كبيرين يتسعان للكون كله، وقال
انه سيزوره الدكتور الذي زرع له الكلية د, فيصل شاهين وسيحضر من الرياض الى الدمام بعد
يومين, وطلبت ان اتعرف عليه, وعرفت انه بصدد انشاء مركز زراعة الاعضاء بالمملكة وانه يعمل
ثلاثة أيام بالرياض ومثلها بجدة اسبوعيا, فطلب مني بعض النصوص الأدبية التي لم يطلع عليها
ووعدته بارسالها مع الدكتور فيصل بعد غد من الرياض واعتقد ان اهم تلك النصوص صورة لرسالة
ماجستير لمريم خلفان من الامارات العربية عن مدن الملح لعبدالرحمن منيف,
،** وذهبت لمقابلة الدكتور فيصل شاهين بمكتب زراعة الاعضاء بالرياض في اليوم التالي وقبل سفره
الى الدمام لزيارة مريضه وللتأكد من عدم وجود أي مضاعفات,, وكان لقاء مؤثرا هو الآخر إذ وجدت
طاقة متدفقة وحرصا لا مثيل له لانقاذ من لديه فشل كلوي كمشري, لقد وجدت أمثلة جميلة تمنيت لو
كان لدينا الكثير منهم بالاخلاص والتفاني وانكار الذات مثل,, د, فيصل شاهين,, ود, يحيى
ساعاتي بن جنيد ود, خالد السيف وكيل جامعة الملك فيصل سابقا ود, محمد المفرح مدير مستشفى
الرياض المركزي سابقا وتمنيت الكثير من هذه النماذج الجميلة في بلادي لما يتسمون به من صفات
جميلة ويقدمونه من تضحيات كثيرة على حساب صحتهم وراحتهم، والذي ذكرني بهم الدكتور فيصل، لما
يتسم به من صفات طيبة ويقدمه من تضحيات كبيرة لا تنسى,
،(1) رائدة الفضاء السوفيتية,
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved