Sunday 28th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 12 ذو القعدة



الاكتشافات الجغرافية من الأرض إلى الفضاء
د, عبدالله فهد اللحيدان

عادت الاكتشافات الجغرافية التي تمت في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي وبداية القرن
السادس عشر الميلادي وبعدها بأعظم الفوائد الاقتصادية والسياسية لاوروبا, لقد كان اقدام
البرتغاليين على المغامرة في ذلك الوقت ومحاولة اكتشاف طرق جديدة للوصول الى شرق آسيا والهند
بدون المرور بالعالم الاسلامي هو بداية اكتشاف ثروات ضخمة عادت على اوروبا بالازدهار وعادت
على العالم الاسلامي بفقدان احد اهم الموارد الاقتصادية, ونتيجة لموقعهم الاستراتيجي في قلب
العالم القديم (آسيا واوروبا وافريقيا) كان العرب والمسلمون يقومون بالتجارة بين شرق آسيا
والهند واوروبا, لقد كان التجار المسلمون ينقلون البضائع والاقمشة والبهارات من اسيا والهند
بحرا الى الخليج العربي او الى البحر الاحمر ثم تنقل من هناك على ظهور الابل الى موانىء
البحر المتوسط الشرقية في الشام او الجنوبية في مصر لتنقل بعد ذلك الى موانىء اوروبا والتي
كان من اشهرها ميناء فينيسيا الايطالية والتي كان العرب يطلقون عليها اسم البندقية, بدأت
القوى الاوروبية وفي مقدمتها البرتغال واسبانيا في ذلك الوقت محاولة الوصول الى آسيا دون
المرور بالعالم الاسلامي, وكانت بداية رحلات البرتغال بالابحار جنوبا الى موانىء غرب افريقيا
ومحاولة التوجه من هناك الى اقصى الجنوب, كان البرتغاليون يقومون في تلك الرحلات في بحر من
اصعب بحار العالم في ذلك الوقت لكثرة الاعاصير وشدة الرياح والامواج فيه حتى ان العرب اطلقوا
على ذلك البحر اسم بحر الظلمات وهو ما يعرف باسم المحيط الاطلسي اليوم, لقد استعان
البرتغاليون بالفنيين العرب لبناء سفن تستطيع الصمود امام موجات واعاصير ذلك البحر, وتكاثرت
المعلومات والتوقعات بامكانية الوصول الى آسيا من خلال الاستدارة باتجاه الشمال الشرقي بعد
الوصول الى اقصى نقطة في جنوب افريقيا، ولكن وفي هذا الوقت (حوالي سنة 1492) كانت اسبانيا قد
توحدت بعد زواج الملك فرديناند والملكة ايزابيلا ملكي شطري اسبانيا، واللذين تمكنا من انهاء
اخر وجود عربي واسلامي في غرب اوروبا بعد القضاء على امارة بني الاحمر في غرناطة, هنا بدأت
اسبانيا تطمح في منافسة البرتغال على التجارة في اعالي البحار, وحرصا من البابا في روما على
وحدة القوى المسيحية والا يؤدي تنافسها الى اضعافها اشرف على ابرام معاهدة بين اسبانيا
والبرتغال سنة 1493 والتي تعطي اسبانيا حق اكتشاف المناطق غرب المحيط الاطلسي وتعطي البرتغال
حق اكتشاف واستغلال ما يقع الى الشرق منه, لقد كان هدف كلتا القوتين الاوروبيتين هو الوصول
الى شرق آسيا والهند والسيطرة على تجارة البهارات بدون المرور على العالم الاسلامي لذلك ما
لبثت اسبانيا ان سيرت اهم الرحلات الاستكشافية في التاريخ البشري غربا املا في الوصول الى
آسيا، بناء على فرضية تتداولها بعض الاوساط العلمية في ذلك الوقت وتقول باحتمال كروية الارض
فكانت رحلة كولمبس التي اكتشف بموجبها قارة جديدة لم تكن معروفة لسكان قارات العالم القديم,
وعاد هذا الاكتشاف الجغرافي الهام بالكثير من الثروة من ذهب وفضة ومعادن وغيرها من الخيرات
التي وجدها الاسبان في امريكا اللاتينية, الا ان البرتغال استعمرت البرازيل لادعائها بوقوعها
شرق الخط الوهمي الذي حدده البابا, ثم تمكنت البرتغال بعد ذلك من الاستدارة حول رأس الرجاء
الصالح في جنوب افريقيا بقيادة البحار فاسكو دي غاما وتمكنت بالفعل من الوصول الى الهند
واندونيسيا وتدمير الممالك الاسلامية هناك والسيطرة على تجارة البهارات مما عاد باوخم
النتائج على العرب والمسلمين وشريكتهم التجارية دوقية فينيسيا الايطالية,
لقد اكتشف ملك اسبانيا انه كان هو الخاسر بموجب اتفاقية 1493 فعلى الرغم من الارباح التي
حققها باكتشاف القارة الجديدة الا انه لم يجد ما كان يطمح اليه من بضائع وتجارة وتقدم بها،
وكان مصمما على الوصول الى آسيا، لكنه لم يكن يستطيع خرق الاتفاقية, لذا وافق على تجهيز
حملة استكشافية اخرى بقيادة ماجلان الذي زعم للملك انه يستطيع الوصول الى آسيا من خلال
الابحار غربا, ونجح ماجلان بالاستدارة حول امريكا الجنوبية سنة 1526 والتوجه غربا حتى وصل
الى جزر الفلبين, وخضعوا الاسبان حروبا ضد الممالك الاسلامية هناك واخضعوا الفلبين للاستعمار
الاسباني وهنا احتجت البرتغال بخرق اسبانيا لمعاهدة 1493 وتم ابرام معاهدة جديدة سنة 1530
تعهد فيها ملك اسبانيا بعدم التوسع للمناطق التي تقع غرب وجنوب الفلبين,
بعدها بدأت بريطانيا تنمية اسطولها البحري للحاق بركب الثروات التي حققتها اسبانيا
والبرتغال, ولتوفير الموارد لذلك بدأ البريطانيون بالسطو على السفن الاسبانية والبرتغالية
الذاهبة والآتية عبر المحيط الاطلسي، حتى تمكنوا من تطوير اساطيل قوية استطاعوا من خلالها
الوصول الى امريكا الشمالية وكندا وكذلك الهند ثم اكتشافهم الكبير لقارة استراليا ونيوزيلندا
على يد البحار الشهير كوك,
لقد كان احد اعمدة الحضارة الغربية الحديثة والتي بدأت منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي
هو المغامرة والاستكشاف ، لقد ظل هذا المفهوم مسيطرا على اذهنة الساسة والمخططين في الغرب،
ان دفع اموال قليلة على الاستكشاف يعود بثروات طائلة على البلاد لذلك وبعد ان فرغوا من
استكشاف كل الارض تقريبا، سعوا لاستكشاف الفضاء, ان المواطن في العالم الثالث قد يستغرب هذه
الاموال التي تصرف على استكشاف الفضاء، وتخصيص اقسام في الجامعات وتأسيس عدد من مراكز
الابحاث والشركات التي تعنى باستكشاف الفضاء، وقد يعتقد متابعي نشرات الاخبار التي تبثها
وكالات الانباء العالمية الغربية ان هدف استكشاف الفضاء هو علمي بحت وللاجابة على اسئلة
تحير العلماء عن طبيعة الكون,, مثلما تدرس رحلة ماجلان على انها كانت رحلة علمية لاثبات
كروية الارض على الرغم من انها كانت رحلة هدفها الاول اقتصادي واستعماري وهدفها الثاني ديني
هو نشر المسيحية وقد يكون من ضمن النتائج اثبات كروية الارض,
ان اهداف هذه الرحلات المكوكية والاقمار الصناعية والمسابير الفضائية التي ترسل الى المريخ
والى اقاصي الكون اقتصادية بالدرجة الاولى، تهدف من ورائها الدول المتقدمة الى اكتشاف ثروات
وكنوز الفضاء لخدمة اهدافها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، في حين تقف دول العالم
الثالث موقف المتفرج المندهش,
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved