Sunday 28th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الأحد 12 ذو القعدة



طباق وجناس
نشاطات تجارية سائبة!،
محمد أحمد الحساني

لعل أكثر ما يدعو إلى التعجب والاستغراب ان نسمع ونرى ونقرأ عن نشاطات تجارية او بالاصح ذات
طابع تجاري، تمس حياة وحقوق الناس، ويعلن عنها في الصحف وبالبنط العريض حسب المصطلح النفسي
الصحفي وبالالوان ايضا وفي أماكن بارزة من الصحف، ويستمر الاعلان والترويج لهذه النشاطات
ردحا من الزمن ويتهافت الذين اغرتهم الاعلانات بوعودها لهم ويدفعون آلاف الريالات بل مئات
الآلاف أحيانا، ثم قد تكشف المواقف والتجارب ان وراء تلك الانشطة والمراكز، الكذب والخداع
والتزييف وغير ذلك من الخبائث الخلقية,
وآخر ما قرأناه في هذا المضمار ماساة سيدة سعودية اغرتها اعلانات مركز مزيف ادعى القدرة على
زراعة الشعر البديل للشعر المتساقط بطريقة علمية حديثة تعيد الحياة إلى البصيلات الميتة
وتجعل الشعر اكثر قوة وغزارة وجمالا، فذهبت هذه السيدة حسبما نشر مؤخراً وسلمت نفسها ورأسها
وحافظة نقودها لهذا المركز حتى بلغ مجموع ما دفعته للطبيب المزيف والمركز الاكثر زيفا في
رحلتها العلاجية المزعومة مائة وعشرين ألف ريال، وكانت النتيجة فشل الزراعة واصابة تلك
السيدة بآلام شديدة وصداع وضعف في البصر وعلل اخرى، وكانت ضمن المئات الذين وقعوا ضحية
اعلانات المركز ولكنها كانت من اكبر وأسمن الضحايا الذين تم التهامهم ولعل المركز قد غُص بها
ووقفت في حلقه توصل امرها إلى الشئون الصحية بالمحافظة التي اعلنت رسميا ان المركز لا يحمل
اي تصريح طبي لمزاولة هذه المهنة او غيرها، وهذا الاعلان جاء بعد خراب مالطا وهو ما جعلنا
نبدأ سطورنا هذه بالتعجب والاستغراب من قيام افراد أو جماعات بمثل هذه الانشطة في وضح النهار
بل والاعلان عنها في الصحف او عن طريق اللوحات الاعلانية ثم لا يكتشف زيفها وخداعها إلا بعد
سنوات من ممارستها لاعمالها المزيفة وبلوغ شكاوى إلى جهات الاختصاص في الشئون الصحية وغيرها،
مع انه كان المفروض الا تبدأ هذه المراكز اي نشاط صغر أم كبر إلا بتصريح رسمي يحدد على وجه
الدقة مجالات النشاط حسبما يتمتع به المركز من خبرة في المجالات الصحية او غيرها، اما ان تظل
تلك الجهات تتفرج او في غفلة من امرها ولا تعلم شيئا، فيما يعلم حتى المارة عن نشاطات تلك
المراكز ويرتادونها وتملأ اعلاناتها ودعاياتها الصحف والطرقات فان هذه المواقف لا يمكن ان
تسجل لصالح الشئون الصحية، وغير مقبول منها ان تبدأ في تحديد موقفها من تلك المخالفات بعد
اكتشاف ضحايا وحالات معينة، والاكتفاء باصدار بيان او تصريح صحفي تتبرأ فيه من علمها بما حصل
بل كان عليها عدم الانتظار حتى وقوع المأساة وتواتر المواقف والقصص والشكاوى، وأخذ المبادرة
واليقظة التامة واكتشاف الزائفين والمخادعين حتى لو عملوا في الظلام الدامس فكيف وهم يعلنون
عن نشاطاتهم وادعاءاتهم في وضح النهار وبالخط العريض الذي يراه الجميع غير المسئولين في
الشئون الصحية هذا ان احسنا الظن وقلنا انهم لم يروا ولم يسمعوا فلم يتكلموا!،
إن الذي نعرفه ان جهات الاختصاص في امانات المدن وبلديات المحافظات لا تسمح بمحل لبيع
الفلافل إلا بعد الحصول على تصريح رسمي بمزاولة مثل هذا النشاط، بل ان احد الزملاء الصحفيين
كتب ذات مرة محتجا على المعاملة القاسية التي رأى ان شيخا قرويا كان يبيع البطيخ على عربة
خشبية، في الحي الذي كان يقطن فيه ذلك الزميل،فشاهد عربة الامانة وهي تقوم بمصادرة بضاعة
العم مبروك وهذا هو اسم القروي، بحجة ان العم مبروك يزاول ذلك النشاط التجاري!! دون الحصول
على تصريح من البلدية الفرعية المسئولة عن ذلك الحي وماذا في حبحب عم مبروك مما يخشى منه
مقارنة بما نسمعه من نشاطات اخرى تمس حياة الناس ومنها ما تقدم ذكره في بداية هذا المقال؟!،
إن ما أشرنا إليه انما هو على سبيل المثال لا الحصر وهي ليست المرة الاولى التي يكتشف فيها
مواطنون او مقيمون انهم كانوا ضحايا الدعاية المضللة لادعياء يزعمون قدرتهم على العلاج
وتقديم الدواء، وربما يحملون ألقابا طبية وشهادات مزيفة، ثم لا يكشف امرهم إلا بعد ان تكون
الفأس قد وقعت في الرأس؟
فان تركنا النشاطات الطبية إلى النشاطات المالية فإن الامر هنا لا يقل خطورة عما سبق ذكره
لان تلك النشاطات تسبقها مزاعم ودعايات كثيفة تمنى الناس بالغنى والربح والثراء وتجذب اليها
مافي ايديهم من سيولة وتظل تعمل في وضح النهار سنوات عديدة، ثم بعد ان يبلغ ضحاياها العشرات
بل المئات تتحرك جهات الاختصاص لتعلن ان ذلك النشاط غير مصرح به وان الناس كانوا ضحايا
لمؤسسة او شركة مخادعة حتى ان بعض هذه المؤسسات سلبت من الناس مبالغ تصل في مجموعها نحو
ثمانمائة مليون ريال قبل ان تُفضَح ويكشف امرها ولا يملك المساهمون في ايديهم الا الهواء
وربما المليء بالغبار والرماد!،
إن ما يردده بعض الفصحاء لمواجهة مثل هذه الحالات وهو قولهم ان القانون لا يحمي المغفلين
شيء غير مقبول إطلاقا لان المفروض الا يسمح لاي نشاط طبي او تجاري او اقتصادي او ادنى من ذلك
او اكبر إلا بتصريح رسمي واضح المعالم، فإن اقدم انسان او مؤسسة على طرح نشاط معلن او غير
معلن دون الحصول على تصريح رسمي بذلك النشاط فإن المطلوب والمتوقع ان يوقف نشاطه حتى قبل ان
يبدأ بل ويجازى جزاء مناسبا على تجاوزه للانظمة والتعليمات، لا ان نغفل او نتغاضى عن
الزائفين والمخادعين شهورا أو سنوات حتى يبلغ ضحاياهم المئات ثم نقول لهؤلاء الضحايا بوقاحة
تامة ان القانون لا يحمي المغفلين، لان مثل هذه العبارة قد تكون كلمة حق يراد بها باطل، وقد
تكون للتهرب من المسئولية، مسئولية الغفلة والتقاعس عن القيام بالواجب وتحمل امانة الاشراف
والرقاية، او مسئولية التغافل وذلك اشد وأنكى!،
ان الذي جعل جهات رسمية في الدولة قادرة على التأكد من حصول حتى اصحاب محلات الفلافل على
تصاريح لمزاولة اعمالهم، اضافة إلى آلاف المحلات التجارية، سيجعل الجهات الطبية والتجارية
تملك القدرة نفسها على ضبط المزاولات الطبية والتجارية فلا يتم البدء في اي نشاط يمس حياة او
حقوق المواطن والمقيم إلا بعد التأكد من ان كل الشروط مطابقة للمواصفات المطلوبة وان الجهة
الطالبة للتصريح تملك القدرات الفنية والطبية والادارية والتجارية التي تؤهلها للقيام
بنشاطها المعلن دون زيادة او نقصان فإن ادعت تلك الجهات عجزها عن القيام بواجبها في هذا
المجال فإن عليها تبحث عن عمل آخر!!،
محمد سعيد طيب
أول ما عرفت الاستاذ محمد سعيد طيب، في عرفات الله خلال موسم الحج قبل ما يزيد عن عشرين
عاما، وقد جاء يومها إلى المخيم الخاص بجريدة عكاظ في المشاعر بصحبة الاستاذ علي شبكشي مدير
عام مؤسسة عكاظ آنذاك، وكنت في ذلك الحين كاتبا متعاونا مع عكاظ الجريدة فاستضافتني بعثتها
للحج معهم، وكان من اعضاء البعثة الزملاء الصحفيون الاساتذة عبدالله حسنين ومقبول الجهني
ومنصور العبدلي وعبدالله باخشوين ومحمد عبدالواحد وآخرون وعندما عرفني عليه أحد الزملاء فعل
ذلك هامسا في اذنى فبادرت إلى مصافحته بحرارة، ثم غادرنا الاستاذ الطيب مع الشبكشي بعد ان
اطمأن الاخير على احوال البعثة، فسرد علي ذلك الزميل قصة طويلة عن محمد سعيد طيب لم أكن على
علم بها من قبل,
بعد ذلك بفترة وجيزة ظهرت مؤسسة تهامة للدعاية والاعلان ووضع على رأسها مديراً عاماً لها
الاستاذ الطيب وضم مجلس ادارتها عدداً من الشخصيات البارزة ورأس المجلس الامير الشاب سعود بن
فهد بن عبدالعزيز، وكان انشاء هذه المؤسسة الاعلانية المتخصصة بداية عهد جديد لتطور اساليب
الاعلان الصحفي والاعلامي في المملكة العربية السعودية، وقد نجحت تهامة في فرض وجودها
وتعاملها مع معظم الصحف وكان يقف وراء هذا النجاح رجل اسمه محمد سعيد طيب الذي لم يكن قد
تزوج بعد مما جعله يقضي معظم ساعات الليل والنهار في تهامة يعمل ويفكر ويطور ويتصل ويبادر
ويعطي ويبني حتى نمت البذرة وأصبحت شجرة باسقة,
وأراد أبو الشيماء وهذه هي كنيته فيما بعد، ان يكون لتهامة دور ثقافي ووجه حضاري فعمل على
اصدار سلسلة الكتاب السعودي وهي سلسلة انيقة رفيعة المستوى بصفة عامة، خدمت الحركة الثقافية
المحلية والعربية حينا من الزمن، ثم توقفت لاسباب مادية من اهمها غلاء سعر تكلفة طباعة
وتوزيع الكتاب وضآلة عدد القراء للكتاب في بلادنا لانه لا يوجد تكريس لهذأ النوع من الثقافات
والحضارة فقد انصرف التكريس لامور اخرى,
وقبل ايام وصلتني دعوة كريمة من تهامة لحضور حفل تكريم رجل تهامة وفارسها وكنت عائدا للتو من
رحلة سفر مرهقة فلم تسعفني الظروف للمشاركة في ذلك الحفل، ولكنني سررت بما تابعته في الصحف
عن الحفل وحضوره وان على رأس الحضور الرجل الخلوق معالي وزير الاعلام الاستاذ الدكتور فؤاد
الفارسي وعددا آخر من الوزراء ووجوه المجتمع ورجال الاعلام والاعمال، فتأكد لي المكانة
الرفيعة للاستاذ الطيب في القلوب والعقول على حد سواء!،
لقد تميز الطيب بعدد من الصفات الجيدة في التعامل مع الناس، اهمها انه صاحب وجه واحد في زمن
تكاثرت فيه الوجوه وتعددت الاقنعة وسادت الحربائية والتلون، وانه مثقف متابع قلما يفوته كتاب
جاد صدر حديثا في أي مكان في الارض ولعل اهم سؤال يوجهه اليك الطيب عندما يقابلك هو ان يسألك
هل قرأت كتاب كذا؟ ويسمي الكتاب ومؤلفه ويلخص فكرته ويحثك على قراءته ان لم تكن قرأته بعد،
ويناقشك فيه ان كنت قد اطلعت عليه من قبل,
وأخيراً فإن الطيب قد صنع لنفسه مكانة جيدة في صفوف المثقفين وأصبح في المقدمة من جيله ربما
غبطه بعضهم على ما ناله من شهرة ومكانة ولكن,, ما أغلى الثمن عندما يكون زهرة العمر!،
محمد أحمد الحساني
backtop
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved