،- من يقرأ عنوان الكتاب العريض الطويل حجاب العادة: اركيولوجيا الكرم، من التجربة الى الخطاب يخيل
اليه ان هناك مجلدا سيسبر تجربة العرب من خلال نصوص مستفيضة وتحليل ضاف، لكنه لن يقف فيه إلا على
جذاذات مقتطعة بحرفية انتقائية، لتساير وجهة نظر المؤلف- المبيّتة (ربما),،
والأدهش ان الكتاب، فيما يستند على درس تجربة الكرم وخطابها في الجاهلية- كما يتكشّف القسم الأخير منه
،(ص128مثلا)، دونما تحديد منهجي من المؤلف- يعوّل كثيرا على شعر الاسلاميين اكثر من الجاهليين، ولاسيما
شعر صاحبه أبي تمام,
وهكذا يخرج القارىء من معمعة الشواهد المتناثرة من هنا وهناك، وهو لا يعرف عن أي حقبة تحدث الباحث,
أيعني ان التجربة قد كانت في الجاهلية والتحول الى الخطاب قد حدث في الإسلام؟,, هذا ما يبدو، لكن
المؤلف لا يولي هذا البعد التاريخي لقضية كتابه اهمية تذكر، بالرغم من ان اطروحته قائمة على هذا النظر
في التحولات (من,, الى)، التي تعبر عن تجليات تاريخ الأمة , حسب كلامه,
،(هكذا استهل (صاحب الجرجاني) مبادآته إيانا عقب توقفه في شهر رمضان، الذي اعتذر عنه الينا بانشغاله
بأحد كتبه) قال قائلنا:
،-رأيناك شككت في رواية البيت:
لها بدن عاس ونار كريمة
بمكتفل الآريّ بين الحراثم (الحجاب:ص44-45),،
الذي استشهد ابن مصلح به على ان النار، وقد استحالت الى كائن حي، واصبحت امتدادا للكريم، جاز ان تكون
هي نارا كريمة، وكأنها بذلك تتجاوز ان تكون علامة على الكرم لتصبح مصدرا له ,, فزعمت ان الأشبه بسياق
الشاعر البلاغي ان يكون الشاعر قد قال ونار كريمة بالاضافة,,
أفلا أفهمتنا: ما معنى العبارة نار كريمة ,, بالاضافة,,؟!,,
،- البيت (للراعي النميري، عبيد بن حصن بن معاوية بن جندل),,
،- ما سألناك عن نسبه يا صاح!,,
،- (ت, 90),,
،- ما سألناك عن رقم تلفونه !,,
،- عفوا أنتم تستخدمون ت, رمزا للتلفون الذي شغلتم مرة بتسميته هاتفا ومرة مسرة ، فرقت بينكم
التسميات والمسمى واحد، ولكني أعني بالرمز هنا كلمة توفي ,
،-وبعدين,,
،- ولا قبلين,, (ت, 90ه= 709م)، على حساب الزركلي رحمه الله,, ثم اليك ما قال أحد اصحاب المعاجم، وسعيد
يأخذ شواهده عن المعاجم, (ابن منظور: كرم ): قال شمر: وكل شيء يكرم عليك فهو كريمك وكريمتك,
الكريمة: الرجل الحسيب، يقال هو كريمة قومه؛ وأنشد:
وأرى كريمك لا كريمة دونه
وأرى بلادك منقع الأجواد
،(,,,) وفي حديث,, إذا أتاكم كريمة قوم فأكرموه، أي كريم قوم، وشريفهم، والهاء كذا: أهي هاء أم تاء؟
للمبالغة؛ قال صخر: أبى الفخر أني قد اصابوا كريمتي,, يعني:,, أخاه معاوية بن عمرو,, وكريمة المال
أنفسه، ومنه حديث: اتق كرائم اموالهم,, والحديث: وغزو تنفق فيه الكريمة، أي العزيزة على صاحبها : لسان
العرب: كرم ,, ومهما يكن من معنى بيت الراعي: نار رجل حسيب ,, نار عطاء نفيس ,, فليس هذا بمحل الخلاف،
وإنما محله في اتخاذ حركة اعرابية واحدة، في رواية -قد تكون محض قراءة أو تصحيف- مستندا نبني عليه
الاستنتاجات، من قبيل قول صاحب الحجاب: وإذا ما استحالت النار الى كائن حي واصبحت امتدادا للكريم جاز
ان تكون نارا كريمة,, ,
وعلى هذا المنوال يمرّ قناع الكلب , وهو جزء الكتاب الثالث، مليئا بالتحذلق في اصطناع المناهج الحديثة
في تحليل اللغة، واستدعاء الأسماء، ولا أدل من إقحام اسم نيتشة على سبيل المثال (ص82) لتفسير كلام
الاعراب المدح, وليس الوصف هنا انتقاصا منهم، ولكنه واقعهم التاريخي الذي يشكل سياقا لا ينبغي اغفاله
أو القفز عليه عند تلقي ادبهم، أيا ما جاءت مسوغات التأويل,
ويصحب هذا من سعيد تمطيط في شرح الواقع والابانة عما لا يحتاج الى بيان, ناعيا على الدراسات البلاغية
والنقدية انها حاولت جاهدة ان تقوم بتأويل الشعر بما يتماشى مع الخطاب السائد,, (المتهم سلفا),،
،- وكأنه من جهته قد حاول جاهدا ان يكرس خيالاته فيما لا يسمن ولا يغني من جوع!,
،- لا تقل هذا!,, فلقد آن أن نرتفع عن العقلية النقائفية حيال ما نختلف معه أو من نختلف معه,, سعيد في
تقديرنا ذو آلة بحثية لا يعوزها التفوق والابداع والإثارة، وهو بهذا أحد أساتذة جيله وعرّابيه ولاشك،
ومن ثم فإنه اكبر من درجة علمية حرم منها أو لقب أكاديمي ضُنَّ به عليه، كاد لكثرة منتحليه يفقد
معناه، لكنه حري ان يحافظ على مشروعه الرصين ذاك ابداعا وبحثا، ولولا هذا ما كان الحوار مع كتابه، هذا
الحوار الذي يأتي غيرة على مشروع من التردي في اتون الإثارة- المسكونة بالحس الصحفي- تارة، واتخاذ
المخالفة غاية في ذاتها، قد يسخر من أجلها المنهج أو تستباح اصول الدرس والتوثيق,,
على أن الجزء المعنون بذئبية الضيف هو أكثر اجزاء الكتاب رصانة,,
،- لماذا؟
،- لأنه (قال بثقة) يتعامل مع المادة من النصوص والروايات لا مع الظنون والتخمينات, ولو لم يكن من
الكتاب سواه لكفاه!,, (وله حديث لاحق),,
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
قف بالديار وحيّ الأربع الدرسا
ونادها فعساها ان تجيب عسى
وإن أجنك ليل من توحشها
فاشعل من الشوق في ظلمائها قبسا
يا هل درى النفر الغادون عن كلف
ببيت جنح الليالي يرقب الغلسا
فإن بكى في قفار خلتها لُججا
وان تنفس عادت كلها يبسا,,
،(ابن الفارض)،
،*آداب جامعة الملك سعود - قسم اللغة العربية
د, عبدالله الفيفي*
|