صفاء الجوهرة بنت حميد* وتنامى في صدى الصَّمتِ الكلام (1) ،
|
مثلما شكت صاحبة الهاجس (2) من توقف كتاباتها، لأنه لم يحدث لها شيء، فقد شكت، إليها، ذاتُ الصفاءِ
توقفها إلا عن مطارحة الحدث تلو الحدث,
أهذا نقض للمقولة القديمة التي بنت الكتابة على زاد الأحداث الكاسرة لركود المألوف؟
ليست الاجابة - مباشرة - بذات اهمية او مقصد، فالفكر، الذي اثار طاقته اللغوية ليحتج بأن لم يحدث له
شيء، ليس خامداً هنا، لانه احدث سؤالا صيغته: لماذا لم يحدث لي شيء؟ أو: لماذا لا يحدث لي شيء؟ أو
لماذا لم أكتب؟ لماذا لا أكتب؟ لماذا لا يحدث لي شيء، فأكتب؟,, الخ من الصيغ الاستفهامية المختزنة خلف
الصيغة الأولى,
هذا الفكر، لم يلاحظ تحول طاقته الكتابية - أثناء التساؤل - إلى طاقة شفاهية، نطقية ولم يلاحظ اثر
تصوره السابق للاجابة، فهو عندما تساءل او احتج,, كان قد شحن كلماته القادمة، بل رموز سؤاله - قبلا -
بتوقعات اللاحدث، اللاتغير، التي هي جوهر بنية السؤال وحافزة، لينطلق - عائدا - إلى نطاق العدمية
والركود التقريري القار,
هذا الفكر، يتسلل من رقابة داخلة متهما الخارج بايقاع الجمود الكتابي عليه، والانسان كالنص الادبي،
حين تكون علاقاته الداخلية قوية، متشابكة، قادرة على بعث كثير من الشبكات الدلالية، الايحائية، الحية،
المتنوعة,, سنحكم على النص بقدرته التوليدية، التعبيرية، وحين يقصر عن تجاوز دلالاته الصريحة الاولى،
او لا يؤديها اطلاقا، سنحكم عليه بضعف تآلف وحداته وتحركها - معا - اوتفاهمها، وتوافقها على التجاوز
والتداخل، ولن تخرج - في احدى الحالتين - إلى عنصر خارجي هو المؤلف,
ومادمنا لن نخرج عن بنية النص في تعليل الحكم عليه، فلن نخرج اعتقاد الجمود الكتابي عن الكاتب، لن
نخرجه الى هدوء القدر، لن نساهم في التصفيق للوعي القاصر لاحساساتنا، التي نحبل بها من استشراف تخلق
جديد، حي، ونلدها في حضون اللاشيء مستسلمين لسلطان مقولة عفت دلالاتها الآنية، وأصبح - لزاما - إن
أردنا الكتابة، والحياة في الكتابة - ان نخلق دلالات مغايرة من تلك المقولات، او ان نصنع مقولاتنا
بأنفسنا, وهذا هو مشكل الثقافة ، التي تمتص كل شيء في إطاره، رغم انها في إطار غيره، ولا تشك، أو تغير،
او تطور، فالثقافة وعي بالموجود او المعطيات من اجل خلق الغائبات او ما لم يطرح، اي من أجل الجديد،
المتطور,
إذن/ صمت الكتابة ليس دليلا على فقر التجربة اليومية، لانه - في اول حركاته/ أحداثه - يطلق سؤالا (لم
يحدث لي شيء؟,,) فيه بضع ثغرات يتحرى الاجابة من خلالها، مثلا: أحقا لم يحدث لي شيء؟، كم مرة لم يحدث
لي شيء؟، لماذا قلت: لم يحدث لي شيء؟,, الخ,
كل الصِّيغ والاحتمالات ممكنة، لكن الاجابة الفعلية - بالتوقف عن الكتابة وعدم رؤية الاحداث الصغيرة،
مؤشرات الكبيرة - تقتل الامكانات الاستشرافيةو التي تمنحها اللغة، التي منحها الاحساس، السؤال الأول!،
،*جامعة الملك سعود - قسم العربية
،(1) من قصيدة صوت القادم من سواد الاسئلة للشاعر الدكتور عبدالله الفيفي، الجزيرة، ع9558,
،(2) انظر : هاجس، أمل الفاران، الجزيرة ع9625 و9632,
|
|
|