هاجس
وشومٌ أسفل الذاكرة
الكويت عام 1396ه
|
،* ليلة الخامس عشر من رمضان افتح الباب ملبية طرقات حادة وكثيرة, عدة فتيات يرتدين البخنق (1) ،
ويحملن صرراً ملونة لما رأينني نظرن لبعضهن برهة، ثم مرقت نظراتهن فوق كتفي متفادية مس جبيرتي الضخمة،
بعدها انشدن:
قرقيعان (2) ، وقرقيعان
بعد قصيّر ورمضان
عادت عليكم صيّام
كل سنة وكل عام
أطلت أمي من ورائي وأعطتهن بعض القرقيعان ثم عادت لاتمام حياكة فستاني الوردي ذي الكم الواحد, نمت وعلى
ثغري نصف أنشودة للقرقيعان مثلومة، وفوق لسان أمي دعوة حرى على من كسرن يدي,
،* في مساء بارد وتحت زخات مطر خفيفة رغم نداءات أمي المتكررة كنت في الساحة الخالية امام منزلنا أردد
مع اخوتي وأبناء الجيران: طق يا مطر طق
مع هزيم الرعد في الليلة التالية كان باب حوشنا الاسود يغني معهم: بابنا حديد ,,, مرزامنا (3) جديد
في الغرفة ومنذ الصباح على سرير أمي طفلة الرابعة تحاول بحروف ملتهبة كجسدها وراعشة بفعل كمادات الثلج
على جبينها ان تتسمع أصواتهم المنسربة من تحت الباب المقفل وتنشد: طق يا مطر طق (تلك كانت أنا)،
،* قابضة على المائة فلس وراء الاولاد أجري في الشارع الخلفي لمنزلنا من بعيد نلمح كرات وأكياسا معلقة
حول باب اخضر عريض بجواره رجل اشيب، بنظارته وسيجارته التي لا تنطفئ يدخل المحل حين نقبل, نهتف به:
القوة يا عم نورالله!،
يهز رأسه باسما وهو يمد يديه الطويلتين ليجلب لنا ما نطلب,
قابضة على اللبان والبفك اجري خلف الاولاد ومع انفاسي المتسارعة تحلق امنية صغيرة ان تكون شقيقتاي
نائمتين حتى افرغ مما معي,
،* ابن الجيران يلعب بدراجته امام منزلهم, انا احبه وأحب دراجته أقف بجوار بابنا, أنظر للمقعد الشاغر في
الدراجة, أدنو منها أتحسس حوافها الباردة وأبسم للولد, أعرض عليه ان ادفع دراجته, يوافق, أنحني على
الدراجة, اتشبث بها وأنطلق, وقع أقدامي الحافية على البلاط يناغم ضحكاته, فجأة أتوقف وأطالبه بأن
نتبادل الادوار, يلتفت صوبي بقوة فأرفع كفي: طيب,, طيب اركب معك يبتعد متجها لبيتهم,
أنا ما أحبه لكني احب دراجته, أحول بينه وبين الباب: خلاص, أنا أرجع لأدور بك, قبل ان يوافق اجمح بأقصى
سرعتي، ترتفع قدماه عن الدواستين وتلتهب قدماي انا, دقات قلبي تناغم المتبقي من أنفاسه المبتورة,
،(1) البخنق: رداء شعبي كويتي للفتيات,
،(2) قرقيعان : مكسرات,
،(3) مرزام: مزراب,
أمل الفاران
|
|
|
