Thursday 18th February, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الخميس 2 ذو القعدة


مقامة كلامية
صندوق أسود للسيارة!،

صنع الإنسان السيارة، وجعل من اجزائها الهامة (الفرامل) لاتقاء شر سرعتها، وإيقافها عند الحاجة، ووضع
امام السائق لوحة يُؤشر فيها المؤشر على سرعة السيارة حال قيادتها لكي يستشعر السائق سرعة السيارة،
ويأخذ اهتمامه لذلك! واخترع الاشارة الخشبية ثم الضوئية لينظم مرور السيارات عند التقاطع، وليهدئ من
سرعتها، ويضع السائق امام مسؤوليته في الطريق!,
واهتدى الى فكرة ربط (جرس) بمؤشر السرعة، يقرع معلناً بوجوب التأني والحذر حال تجاوز السرعة المائة
وعشرين كيلاً في الساعة!،
واخترع الانسان (الرادار المروري) ليراقب سرعة السيارات على الطرق الطويلة ليحد من سرعة السائقين!
وليست (المطبات الصناعية) هي اول ولا آخر الافكار لمقاومة الرغبة الخفية بالسرعة في نفس قائد السيارة!
وتحضرني في هذا المقام فكرة اخرى أتوقع لو تم تطبيقها لحدت من سرعة السائقين ولجعلتهم يفكرون عدة مرات
قبل ان يقدموا على مضاعفة سرعتهم وتعريض انفسهم والآخرين لمخاطر الاصابة وربما الموت! ولئن كانت فكرة
تقليل سرعة السيارة تقنياً بحيث لا تزيد سرعتها عن السرعة النظامية، فكرة صعبة التنفيذ! وفكرة مراقبة
الطرق السريعة بالرادار مسألة غير ممكنة في كل وقت وكل زمن! فان هذه الفكرة التي أطرحها تبدو عملية
واقتصادية وسهلة التطبيق!،
وهي في اساسها تعتمد على تقليد فكرة (الصندوق الأسود) في الطائرة ، الذي يحلل البيانات، ويقرأ الحالة
اثناء الحادث، ويُسجل احداث الطائرة واتصالاتها، ويُعتمد عليه في معرفة اسباب حوادث الطائرات!،
أقول لو تم تطبيق ما يشبه هذا الصندوق في السيارة ليس بالصورة المتوفرة للطائرة، ولكن بتمثيل بعض
وظائفه، معتمداً على ذاكرة حاسب آلي وبتقنية حديثة، ويرتبط بمؤشر السرعة بالسيارة، ليسجل سرعتها، بحيث
عند استعادة معلوماته نستطيع ان نعرف:
هل السائق ملتزم بالسرعة النظامية ام انه كثير التجاوز لها,, كما اننا نستطيع ان نعتبر (الصندوق
الاسود) شاهدا ودليلا قويا عند التقاضي لمعرفة حقوق الطرفين اللذين تسببا في الحادث، خصوصاً في تقرير
ايهما ارتكب مخالفة السرعة النظامية!،
ان الصندوق الاسود يجب ان يكون صغيرا وعمليا ودقيقا يعتمد على الحاسب الآلي، وعلى تقنية تخزين
المعلومات والبيانات، ويرتبط بمؤشر السرعة ويستمد طاقته من الطاقة الكهربائية للسيارة!،
ويجب عند تطبيقه ان نلزم صانعي السيارات ومستورديها وأصحاب الوكالات بتأمينه في السيارة ونجعله أحد
شروط المواصفات المعتبرة لترخيص الاستيراد!،
ومن المتوقع ان تكون ذاكرة الصندوق الاسود سجلاً للمعلومات والبيانات المطلوبة لادارة المرور لايقاع
الجزاء على مخالفي السرعة، وعلى المتسببين في الحوادث، وان يتم فحص الجهاز عندما تستدعي الحاجة الى
قراءته، وان يكون هذا الجهاز الذي نسميه (الصندوق الاسود) جزءاً هاماً -رسمياً وامنياً- في السيارة مثل
لوحاتها تماما، وان يُسن له تنظيم يكفل حقوقه ويحظر العبث فيه او التلاعب في نظامه او محاولة تعطيل
وظيفته الرقابية! وان تكون هناك اساليب خاصة في نظامه التقني تجعل من غير الممكن تغيير نظامه او تعطيله
كأن تسجل ذاكرته آلياً كل محاولات من هذا القبيل، كما يجب ان يكون له مؤشر في (طبلون) السيارة يعطي
بيانات عن عمله وتعطله، تماما مثل تلك المؤشرات التي تنبىء عن فعاليات الزيت والبطارية ومحرك السيارة!،
اتخيل لو تم تصميم هذا الصندوق بالمواصفات العلمية والعملية المطلوبة لحققنا - باذن الله - فوائد كثيرة
تحفظ الاموال والارواح وتقضي على نزعة السرعة القاتلة لدى سائقي السيارات ,,؟
لان هذه السرعة غير النظامية التي أكد الخبراء انها السبب الاول لمعظم حوادث المرور سيتم الحد منها،
ذلك لان قائد السيارة يعرف ان (الصندوق الاسود) يُسجل ويحصي عليه سرعته وان ثمة شاهداً عدلاً وحكماً
حيادياً يرافقه في السيارة، وانه سيقول تقرير الحق في حال حدوث التصادم - لا سمح الله - وانه سيشهد
على انواع اخرى من مخالفات السائق في توجيه المركبة، خصوصاً اذا تقدمت تقنية تصنيع هذا الجهاز وتعددت
مهام اشرافه!،
وعند تطبيق هذه الفكرة، سيكون بامكاننا ان نستغني عن مراقبة السيارات بالرادار عبر الطرق الطويلة؛ لان
المراقبة في بطن السيارة وفي عقل السائق، وسيأتينا السائق المخالف ذات يوم فنقول له:
حاسب نفسك بنفسك، ان المحاسب كان معك في سيارتك، وهذه قراءته لك!،
ولاشك ان شهادة هذا الصندوق ستكون قرينة قوية لوضوح حقوق الطرفين المتصادمين عند التقاضي، خصوصاً وان
كثيرا من الحوادث المرورية تذهب فيها ارواح يترتب عليها حقوق وديات!،
ان التطور المعاصر في تقنيات سيارات اليوم، وما ستشهده سيارات المستقبل، اضافة الى تطور ابداعات اجيال
الحاسب الآلي يجعل من اليسير الاقتناع بامكانية تطبيق هذه الفكرة بعد الاقتناع باهميتها على صعيد
السلامة!،
واذا بدا لنا ان الفكرة خيالية وحالمة، أفليس لنا اذن ان نتخيل وان نحلم مادمنا لانرى حلا عمليا واقعيا
لمشكلة السرعة القاتلة!؟
عبدالكريم بن صالح الطويان
backtop
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
شعر
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved