|
الأصل.. والصورة !!
|
هناك صورة وهناك أصل..
أو أصلي وتقليد..
خذه بضمان أو بغيره..
كما لو أنهما وجهان لعملة واحدة.
***
هكذا تتصادم المواقف أمامنا..
وتتقاطع الخيارات..
من محطة لأخرى..
في رحلتنا المتسارعة في هذه الحياة.
***
فبعضنا يختار القمة مكاناً له ولا يقبل بغيرها..
وآخرون ربما تساوى ذلك عندهم..
الخياران - الصور والأصل - يبقيان همَّاً للبعض..
لكن لا مشكلة بين ما كان أصيلاً أو صُنِّف على أنه تقليد عند البعض الآخر.
***
أريد أن أقول: إن المسألة ليست عمى ألوان..
أو أن الصورة من أساسها لم تكن لها ملامح واضحة..
وأريد أن أقول: إننا مجتمع فينا من يعيش بلا طموح..
وبعضنا يحتاج إلى من يذكِّره ويحفِّزه ليختار الموقع المتقدم أو الأفضل.
***
لكن المسألة ليست محصورة بحق المرء في الاختيار..
ولا أنها في سوء الاختيار لمن يعتقد أن له حق الاختيار..
فاختيار المواقع المتقدمة لا يتم إلا بشروط، وعند حلول فرصتك في حق الاختيار فهناك الكثير من المتطلبات.
***
من يريد أن يتمتع بالأصل لا التقليد..
ويتبوَّأ كرسياً في الأمام وليس بالخلف..
من يريد أن يكون قائداً لا مقوداً..
ورئيساً لا مرؤوساً..
عليه أن يُحضِّر لذلك بالتعليم والتدريب والخبرة ومواصفات الوظيفة القيادية، وإلا فشل في تحقيق ذلك حتى ولو لامست رغبته كل هذه التمنيات.
***
هناك أصوات تتحدث عن أنها مُحبَطة، وتختلق أسباباً لذلك..
وأخرى تتحدث بما يوحي للمستمع بأنها مظلومة..
وثالثة تقول إنها أجدر ممن يرأسها، وعندها لتأكيد ذلك حججها ومبرراتها..
ومثل ذلك من يرى في نفسه الكفاءة ليكون في موقع متقدم، أو أكثر تقدماً..
لكن.. ما كل ما يتمنى المرء يدركه دائماً، على قول الشاعر، بل وقول الواقع.
***
ولأننا نتمنى للجميع أن توافق الوظيفة هواهم، وتكون قياساتها لهم لا لغيرهم..
وأن يكون الإنسان في الموقع الذي يتمناه ويلبِّي طموحاته..
بأمل أن ينتج ويفيد ويستفيد، ويعطي للوظيفة حقها من الجهد والبذل والعطاء والإخلاص..
قلنا: إن التمني لا يكفي، والرغبة وحدها لا تعطي للإنسان كلَّ ما يريد، قياساً على أن( طالب الولاية لا يُولَّى) مع الفارق طبعاً.
***
ليتنا نسعد في حياتنا، وهذا لا يتحقق ما لم نتمثل دائماً بالقدوة ونحاكيه حيثما يكون..
باعتباره أصلاً لا صورة، أي أنه ليس مقلداً، ولم يأخذ مكانه (بالفهلوة) أو الكلام المنمَّق المعسول..
مع أن هناك حالات قد لا تكون كذلك، فتأخذ مواقع يكون أصحابها لا يستحقونها، وهذا قد يغري من هو بدون مكونات تحقق له ما يتطلع إليه، ليستمرئ هذه السياسة، فتضيع حياته بالتمني الذي لن يتحقق.
***
هل فهمتم ما أعنيه؟..
ومن ثم أدركتم مراميه..
وبالتالي.. هل تريدون أن تكونوا كالأصل أم الصورة؟!..
إنها عملة واحدة ولكن بوجهين!!..
فاختاروا ما يناسب قياسكم من وجهيها، ولا تتعبوا أنفسكم فيما لا قدرة لكم على الوصول إليه.
خالد المالك
|
|
|
نزيف العقول يكلّف روسيا 30 مليار دولار سنوياً!
|
* إعداد - أشرف البربري
شهدت روسيا خلال السنوات الخمس عشرة الماضية ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي هجرة جماعية للعلماء الروس من مختلف التخصصات حيث بلغ عدد العلماء الذين غادروها خلال تلك الفترة أكثر من 25 ألف عالم، بالإضافة إلى وجود أكثر من 30 ألف عالم يعملون خارج روسيا بعقود سنوية.
وقد اعترف ديمتري ليفانوف نائب وزير التعليم والعلوم الروسي في تقرير نشرته صحيفة (برافدا) الروسية أن روسيا تتعرض لعملية استنزاف عقول رغم أن هذه الأرقام لا تمثل أكثر من خمس أو سدس القدرات العقلية والعلمية لروسيا ككل.
وربما يبدو الأمر وكأن فقدان روسيا لهذه الأعداد الكبيرة من العلماء ليس حقيقة أمراً مهماً في الواقع من ناحية ومن ناحية ثانية فإن هجرة العقول والقوى البشرية عملية منطقية وطبيعية على مستوى العالم، وقد هاجر من روسيا العديد من العلماء والخبراء إلى جانب شباب الباحثين ومساعدي الباحثين.
غير أن العالم الفرنسي في القرن السادس عشر بلاس باسكال اعتاد القول بأن فرنسا ستصبح أرض المعتوهين إذا تركها 300 فقط من علمائها للحياة في دولة أخرى.
ولكن روسيا فقدت حتى اليوم أكثر من 200 ألف عالم وخبير متخصص في مختلف المجالات. وكان العديد من العلماء والمتخصصين الروس قد اضطروا إلى وقف نشاطهم العلمي وتغيير مجال عملهم في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات. فالكثيرون منهم اكتشفوا أنه لا مكان لهم تحت شمس إعادة البناء أو (البيروسترويكا) التي أطلقها آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي السابق ميخائيل جورباتشوف في أواخر الثمانينيات وهي العملية التي أدت إلى تفكك الاتحاد السوفيتي واختفائه من الوجود تماما.
وفي تلك الأثناء اضطر الكثيرون من العلماء إلى العمل في مجالات البناء والتجارة لتوفير قوت يومهم بعد أن بارت سلعتهم العلمية.
وتقول صحيفة (برافدا) الروسية ان روسيا فقدت حوالي ثلث قدراتها العلمية خلال السنوات العديدة للإصلاحات المختلفة.
وكان العلماء العاملون في مجالات الكمبيوتر والرياضيات والهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية هم أول من تركوا البلاد في جماعات كبيرة العدد نسبيا.
ووفقا لتقديرات الخبراء فإن إجمالي عدد العلماء أو الباحثين أو العاملين في حقول العلم والأبحاث العلمية الذين غادروا روسيا خلال الفترة انخفض بمقدار النصف من 1990 إلى 2002م.
ورغم ذلك فإن هجرة العلماء الروس استمرت خلال القرن الحادي والعشرين، فمن الصعب العثور على باحثين شبان في مراكز الأبحاث الروسية، ويتراوح متوسط أعمار العلماء الروس الحاصلين على درجة الدكتوراه في مؤسسات البحث العلمي الروسية حاليا بين 53 و60 عاما، وتظهر خطورة هذا الرقم إذا علمنا أن متوسط أعمار هذه الفئة خلال الستينيات كان يبلغ 38 عاما.
ويحتاج الباحثون الروس إلى جرعات تطعيم للتغلب على العقبات الإدارية العديدة التي تعترض طريقهم في مجال الأبحاث العلمية المستقلة حاليا حتى لا يجدوا أنفسهم متجهين إلى السفارات الأجنبية في روسيا طالبين الحصول على تأشيرات خروج بلا عودة من روسيا.
وعندما بدأت الهجرة الجماعية للعلماء والباحثين الروس في مطلع التسعينيات فتحت الدول الغربية في أوروبا وأمريكا أبوابها لهؤلاء الباحثين المؤهلين القادمين من روسيا التي كانت معروفة بارتفاع مستوى التأهيل العلمي لباحثيها خاصة وأن توظيف الباحث الروسي المؤهل في مراكز الأبحاث الأمريكية أو الأوروبية كان يوفر للدولة المستقبلة لهم أكثر من 200 ألف دولار كنفقات تأهيل للباحث أو العالم.
ولا يجد علماء الفيزياء أو الرياضيات أو علم الأحياء الروس أي صعوبة في العثور على وظائف مرموقة في الجامعات الأمريكية.
وهناك نكتة يرددها الطلبة الأمريكيون عن الغزو الأجنبي للجامعات الأمريكية سواء من جانب الأساتذة الأجانب أو من جانب الطلبة أيضا، تقول الطرفة إن الجامعات الأمريكية هي المكان الذي يقدم فيه الأساتذة الروس محاضراتهم للطلبة الصينيين والهنود.
وتشير الإحصاءات إلى أن أكثر من عشرين في المائة من المتخصصين خريجي أكاديمية العلوم الروسية يعملون في الخارج، وتبلغ خسائر روسيا من هجرة العقول إلى الخارج حوالي خمسين مليار دولار سنويا.
وهناك انقسام بين علماء الاجتماع بشأن العواقب الاجتماعية والثقافية لعملية استنزاف العقول التي تتعرض لها روسيا، فبعض هؤلاء العلماء يقولون إن الغالبية العظمى من العلماء الروس المهرة لا يفكرون أبدا في ترك بلاد الآباء والأجداد، والبعض الآخر يرى أن هجرة العقول الروسية إلى الخارج سيكون لها عواقب سلبية على المجتمع الروسي ككل خاصة وأن وجود مثل هؤلاء يتيح لهم المشاركة في تراكم الحضارة الإنسانية في المجتمع، ويتحدث آخرون عن الخطر الذي تشكله هذه الظاهرة على الأمن القومي الروسي أيضا.
وتقول تقديرات البنك الدولي إن هناك اكثر من مليون روسي من ذوي المؤهلات العليا يعملون في الخارج رغم أن بعضهم يعملون في مجالات غير مهنية.
والحقيقة أن وتيرة الهجرة العلمية من روسيا تختلف من عام إلى آخر رغم أن الأسباب واحدة وتتمثل في انخفاض الأجور في روسيا وتخلف المعدات العلمية في مراكز الأبحاث وغموض المستقبل المهني للعلماء وتهميش أصحاب المؤهلات العلمية في روسيا خلال السنوات الأخيرة.
وبالتالي فإن العلماء الروس لا يجدون أمامهم خيارات واسعة عندما ينظرون إلى المستقبل، فهم إما يقبلون العمل في روسيا والحصول على مقابل مالي ضعيف للغاية والاكتفاء بالشهرة العلمية أو السفر إلى الخارج حيث يحصلون على أجور عالمية ويعملون في ظروف علمية مواتية للغاية ويحظون بالاحترام والتقدير من الناس.
ويبدو أن الحكومة ووزارة التعليم والعلوم في روسيا أدركت أخيرا خطورة الموقف والحاجة إلى التحرك من أجل إيجاد نظام جديد يقدم للباحثين الشبان في روسيا حوافز للبقاء في البلاد.
وقد بدأت السلطات الروسية التحرك بالفعل في الاتجاه الصحيح حيث قررت السلطات تقديم دعم فردي لكل باحث شاب أو طالب جامعي قدره أربعة آلاف دولار.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|