|
مشاهد مؤلمة من العراق.. |
تبكيني مثلكم مجموعة من المشاهد الدامية التي تسود الحياة اليومية في بلاد الرافدين..
تتكرر هذه المشاهد كل يوم بشكل استفزازي لكل مَنْ تدمع عيناه أمام ما يراه..
ويتواصل العرض أمامنا ليلاً وفي النهار بتحدٍّ سافر لمشاعر الناس ولعواطف المتابعين لما يجري في العراق..
يحدث هذا وكأنَّ الأمر لا يعني أحداً..
وكأنَّ مثل هذه الفواجع المؤلمة لا تهم كائناً من كان..
***
العراق الجريح إذاً أصبح أرضاً محروقةً..
كل موقع فيه هو اليوم مستباح ومعرض للأضرار من دون استثناء..
طالما كان هناك حجرٌ يتحرك..
أو ظلٌ لشبح يثير الانتباه أو الفزع..
وطالما أن هناك مقاومةً من العراقيين..
أو رفضاً لسياسات القوى المحتلة..
***
يبكيني سلوك مشين يمارسه السجّان بحق السُجناء العراقيين..
ومثله جريح يئن من الألم في بيت من بيوت الله، بينما يجهز عليه جندي يفتقر إلى أدنى درجات الشفقة والرحمة والتأدب بآداب قوانين أسرى الحرب..
يبكيني منظر شاب سوف يقضي بقية حياته معاقاً بفعل رصاصة غادرة من قناص قاتل..
ويبكيني منزلٌ هدمه المحتل بحجة تنظيفه من الأسلحة وعناصر المقاومة حتى ولو كانت حجتُه واهيةً ومجالَ شك..
***
أبكي لأمٍّ فقدت أبناءها..
وأب غاب ولن يعود إلى أهله..
أبكي متأثراً للأمن الذي فُقِد..
والحياة التي أصبحت جحيماً ..
وما مرَّ يومٌ دون أن أشعر بالألم والحاجة إلى البكاء على ما آل إليه الوضع في العراق..
***
لقد بشَّروا شعب العراق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان..
وأن عهداً جديداً سوف يطل على عراقنا وقد اكتسى بالنبل والأخلاق والفروسية..
وذكّروا هذا الشعب بأن العهد البائد قد انتهى وبنهايته انتهى الظلم والقتل والعذاب الذي كان..
وأن العراق سيكون النموذج والتجربة لعهد جديد يقوم على المساواة والعدل وحكم المؤسسات بديلاً لحكم الفرد..
***
وهاهو العراق اليوم..
تسوده الفوضى..
ويحكمه الحديد والنار..
ويتصرف بمقدراته أجنبيٌ محتلٌ..
وهاهو العراق اليوم يتحول إلى مستنقع كبير ملوث بالظلم والجبروت والتعدي على حقوق الإنسان..
***
ماذا بقي في العراق من مشاهد لا تبكي أحداً منا؟..
وهل ما نراه يمكن أن يوقف البكاء أو يُذكِّر بغير ذلك؟..
تمر بعض حوادثه اليومية أمام أنظارنا وتُخفَى بعضُها عنَّا، ويبقى ما نراه شاهداً على حجم المأساة التي يعاني منها هذا الشعب المنكوب وهذه الدولة التي ليس لها من خيار إلا أن تقاوم.
خالد المالك
|
|
|
(عامل المصنع) (THE MACHINIST) |
* بطولة: كريستيان بال جينيفر جيسون لي مايكل آيرون سايد
* إخراج: براد آندرسون
* النوع: دراما
***
تدور أحداث فيلمنا لهذا الأسبوع حول عامل في أحد المصانع يعاني من أرق مرضي منذ فترة كبيرة امتدت إلى نحو عام. الأمر الذي يحول حياته إلى جحيم، حيث يعيش حالة سيئة من جراء عدم تمكنه من النوم من جهة، كما يعيش في وسط الأوهام محاولاً معرفة الأسباب التي وصلت به إلى حافة الجنون والتوصل إلى الشخص الذي يحاول دفعه للجنون، بالرغم من أنه لم يتأكد فعلاً من وجود شخص يعبث في حياته فعلاً.
يظهر تأثر كوسار الواضح بنظريات الاستبطان التي كانت واضحة في (النزيل) لرومان بولانسكي و(الصديق الأمريكي) لويم ويدنر. ونشاهد البطل تريفور ريزنيك، يقوم بدوره الممثل كريستيان بييل، وهو يعاني داخل عالمه المنهار. منذ الوهله الأولى التي نرى فيها تريفور الهزيل، نعرف ان شيئا ما يدمره نفسياً وهو نفس الشيء الذي يسبب له الأرق المزمن. تتصاعد الاحداث وتسوء حالة تريفور ويتسبب في قطع ذراع أحد زملائه بالمصنع، مما يترتب عليه فصله من العمل بعدما أصبح مكروهاً ومنبوذاً من الجميع.
ولم يجد تريفور الراحة النفسية سوى مع اثنتين، الأولى هي الفتاة التي احبته، والتي قامت بدورها الممثلة جنيفر جيسون ليه، والثانية هي النادلة بالمطعم الذي اعتاد ارتياده، والتي قامت بدورها آيتانا سانشيز جيجون.
وبمرور الوقت، يختلط الأمر على البطل ولم يعد يستطيع التفرقة بين الحقيقة والذكرى والخيال، إلا أنه يحاول أن يتشبث بآخر خيوط العقل.
الأداء
يعتبر كريستيان بال أحد أفضل الممثلين من بين أبناء جيله لما يتميز به من التزام ودرجة تقمص شديدة للشخصية. ويكفي أن نذكر هنا أن بييل قام بإنقاص وزنه إلى 26 رطلاً ليبدو شاحب الوجه هزيل الجسم وقليل الوزن وبارز الضلوع. وقد علق المخرج براد اندرسون على الأمر قائلاً: (من الممكن أن أصنع فيلماً كاملاً بعد رؤيتي لهذا الرجل وقد أنقص من وزنه الكثير). أما ايل فقد أكد أنه لم يفعل شيئاً سوى الامتناع عن الأكل.
كما أضاف أن شخصية تريفور جذبته بشدة، حيث انه رجلٌ بائسٌ محرومٌ من كل شيء. ومع كل ذلك نجد القلق يقضي عليه تدريجياً ويرافقه في كل مكان خوفٌ مرضيٌ طوال الوقت من أن شيئأ سيئأ سيحدث له.
أما بالنسبة للأدوار المساعدة فقد أجادت كل من جينيفر جيسون لي والممثلة الأسبانية آيتانا سانشيز جيجون.
الإخراج
عند مشاهدتنا لهذا الفيلم وبعد مشاهدتنا فيلم (الجلسة التاسعة) للمخرج الرائع براد اندرسون، يمكننا أن ندرك أننا نقف أمام مخرج ذي موهبة عالية في خلق جو من الوحشة والرعب.
كذلك كان الوضع بالنسبة لكريستيان بال أو (العامل) حيث ظهر ذلك واضحاً بدأً من مشاهد دقات الساعة إلى المشاهد التي احتوت على لعبة (الرجل المشنوق).
كما بدا جلياً أيضاً تأثر المخرج اندرسون بزوايا كاميرا هيتشكوك وسيريالية الأفلام الألمانية. والحقيقة أننا عندما نسمع أن اندرسون يؤكد أنه أراد فيلم (العامل) أن يكون فيلماً عالمياً وغير مقيد بزمان أو مكان، فإنه يمكننا أن نتأكد من نجاحه في التوصل إلى هدفه.
في النهاية يمكن للمشاهد أن يشبه فيلم (العامل) بصندوق للأحجية والذي يكشف عن اجزائه بطريقه تدريجية. وبالرغم من أنه ربما تكون رؤية شخص على حافة انهيار نفسي، ليست فكره مشوقه للجميع، إلا أن هناك بعض المشاهدين لا يزالون ينجذبون لهذه النوعية من الأفلام التي تعالج وتثير أنواعاً من الموضوعات النفسية المعقده.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|