|
الافتتاحية هذا السؤال..؟!
|
لا أفهم لم كل هذا الاهتمام بالمفاعل النووي في كل من جمهورية إيران الإسلامية وكوريا الشمالية ضمن سياق الحديث وما يقال عن تطوير هاتين الدولتين لقدراتهما العسكرية وبخاصة في مجال التسليح النووي في سباقهما المحموم مع دول أخرى.
ولا أدري هل التحضير الدولي الذي بدأ مبكراً لكبح جماح هاتين الدولتين تحديداً من المضي في برنامجهما النووي يندرج ضمن توجه دولي عام لإنهاء السباق على امتلاك الدول لهذا النوع من السلاح الفتاك بما في ذلك اسرائيل أم أن اسرائيل خارج دائرة الاهتمام الدولي بمعرفة ما لديها ولدى الدول الأخرى في هذا المجال؟
***
لو كان هذا الموقف المتشدد وما تلاه من تهديد مبطن لكل من كوريا الشمالية وايران بالتعامل معهما عسكرياً إذا لم تستجيبا للإرادة الدولية قد تم دون استثناءات لأي من الدول الأخرى لأمكن فهم مبررات الموقف الانتقائي الذي تبنته وتتبناه الولايات المتحدة الأمريكية.
أما وان الكيل بمكيالين في التعامل مع الدول ومع جميع القضايا المهمة هو ما تتسم به سياسات الولايات المتحدة الأمريكية لتفكيك ما تعتقد أنه يشكل إضراراً بالعالم مع امتلاك بعض دوله لصناعات عسكرية متطورة وخطيرة فهذا هو مايثير حيرتنا ويحول دون قدرتنا على الفهم والاستيعاب.
***
لو أدرجت الولايات المتحدة الأمريكية صديقتها اسرائيل ضمن قائمة الدول التي يجب أن تفتح مواقعها للتفتيش الدقيق للتأكد من خلوها من انتاج وصناعة وامتلاك أسلحة الدمار الشامل مثلما فعلت ذلك مع الدول الأخرى لأمكن لمثلي أن يحترم الموقف الأمريكي وينحاز إليه.
ولو أن أمريكا تخلت عن هذه المسؤولية طالما هي عاجزة عن أخذ الموقف العادل والمسؤول من اسرائيل لاعتبارات نتفهمها جميعاً وهي كثيرة بترك أمر هذا الموضوع إلى المنظمة الدولية ومؤسساتها المختصة لتتعامل معه بما يحقق العدالة ويحترم القانون ويرسي قواعد السلم العالمي لأمكن لنا أيضاً أن نقف احتراماً للولايات المتحدة الأمريكية.
***
أما وان اسرائيل هي الاستثناء وغيرها من الدول بينها وبين أمريكا مايحكم به القانون والقرارات الدولية وذلك في أحسن الأحوال فإن أحداً منا لا يمكن أن يعطي احترامه لموقف كهذا للدولة الأكبر والأقوى في العالم.
وأن تكون اسرائيل هي من يخرق كل القوانين ويرفض كل القرارات الدولية دون ان تمس بسوء فيما أن غيرها من الدول يعلنون عن استعدادهم للالتزام بما يصدر عن الشرعية الدولية من قرارات بشرط أن تطبق المعايير على الجميع في حين أن أمريكا لا تعير مثل هذا الطلب شيئاً من الاهتمام فهذا هو ما يحيرنا.
***
ودون أن أطيل..
وقد يكون من تكرار القول أن أسأل:
لماذا تقف أمريكا مثل هذا الموقف..؟
ولماذا تتبنى مثل هذه السياسات..؟
خالد المالك
|
|
|
انتبه... الخادمة في غرفة النوم !! (1-2)
|
* تحقيق: منار الحمدان
كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول وجود الخادمة لدى كل أسرة سعودية، فهناك من يرى عدم ضرورة وجودها، وهناك من يعتقد بأنها جزء أساسي مكمل للأسرة.. وينظر البعض إلى إفرازات وجود أجنبيات بشكل ملازم مع الأطفال نظرة سلبية.. ربما انبنت هذه النظرة من واقع أحداث تكررت في عالم الخادمات.. وارتفعت مؤخراً أصوات عديدة ترى ان الخادمة اليوم وبعد التجارب المريرة لم تعد أمراً ضرورياً لدى كل الأسر إلا في نطاق خاص جداً وفقاً لظروف معينة.
التحقيق التالي يبحث أبعاد القضية، ويتناول آراء متعددة حول ضرورة وجودة الخادمات، ومدى الأضرار المترتبة على وجودهن، ومتى تكون الخادمة أمراً حتمياً.
شاركت في التحقيق فئات وشرائح متعددة في المجتمع ذات صلة مباشرة بتفاصيل القضية وأسهمت في وضع النقاط على الحروف كلٌّ حسب الزاوية التي ينظر من خلالها.
كل شيء سلوى ربّة منزل وأم لخمسة أبناء وما زالت طالبة تستكمل تعليمها الجامعي.. ترى ان الخادمة أصبحت ضرورية لكل بيت.. وان تطور إيقاع الحياة.. واتساع المفهوم الداخلي للمنزل من حيث المكان، وخصوصيات أفراد الأسرة.. كل ذلك يتطلب وجود خادمة للتخفيف من أعباء ربّة المنزل خصوصا اذا كانت ترعى عددا من الأطفال صغار السن.. ولكوني أماً وطالبة فان ما أجده من حرج خلال فترة الامتحانات تجعلني أقول دون تردد ان الخادمة مهمة للغاية.. وتوافقها الرأي أم سعيد وهي ربّة منزل تعاني من المهام المنزلية الكثيرة وعدم وجود من يعينها على ذلك.
لهذا أرى الخادمة ضرورية
عندما تكون ربّة المنزل منشغلة بأطفالها المتقاربين في أعمارهم ولا تستطيع القيام بواجبات الأسرة الأخرى، تصبح الخادمة ضرورة ملحة في حياتها.. الأخت «ن.ص» عايشت هذه التجربة من الواقع.. وقالت كوني أماً لطفلة عمرها عام، وأخوها ما زال في الأشهر الأولى من عمره.. فاني أحس بمشقة شديدة، خاصة عندما يكونان معاً في حالة بكاء وبحاجة لحملهما وتهدئتهما.. فالأمر شاق جداً.. وليس له حل سوى استقدام خادمة لمساعدتي في شؤون المنزل.
أما المعلمة نهى فتقول: أنا لا أؤيد وجود الخادمة في المنزل.. فهي لا تحرص على الأطفال في حال تعرضهم لخطر مثلما تحرص عليهم أمهم.. وكثير من الخادمات لا يحسن التصرف حينما يشاهدن الطفل في خطر.. ولكن برغم هذه القناعة.. وانطباعي السلبي عن الخادمات فقد اضطرّتني ظروفي لاستقدام خادمة ولكني لست مطمئنة لها وأثناء دوامي أكون في حالة اضطراب وعدم ارتياح ولا يهدأ لي بال إلا بعد عودتي إلى المنزل.
احذري أيتها الزوجة
المظاهر السلبية للخادمة كثيرة رغم ان وجودها في المنزل قد يكون ضرورياً في بعض الأحيان.. فبالإضافة إلى عدم حرصها على تربية الأبناء وصحتهم البدنية والنفسية.. فان وجودها على انفراد مع الزوج يسبب الكثير من المشاكل ويقود إلى عواقب غير حميدة.. وفي هذا الصدد قالت الأخت «ر.ص» ربّة منزل.. منذ أن قدمتْ إلى دارنا الخادمة كنت حريصة على ألا أدع لها فرصة للانفراد مع ابني المراهق الذي لم يتزوج بعد.. وكانت فارعة القوام جميلة اللون طويلة الشعر.. وذات ليلة وجدتها حول باب غرفته والجميع نيام، فلما سألتها عن سبب وقوفها هناك أجابت بأنها تريد ان تخدمه إذا أراد شيئاً أو أي خدمة أخرى، فنبهتها على هذا السلوك وحذرت ابني من مغبّة الوقوع في الخطأ.
الأمر نفسه ينطبق على اختلاء السائق بالأطفال.. إذ تقول المعلمة حصة عثمان: لا أدع فرصة لانفراد أطفالي بالسائق، أو حتى محاولة الجلوس معه، والاحتكاك به أو التجرؤ عليه.. بل عودتهم على احترامه.. واحترام الخادمة وعدم التعرض لهما بأذى مع تجنب الانفراد بالسائق في مشاويرهم.. ولا بد ان يكونوا برفقتي في مثل هذه الحالات.. وأوصي كل الأمهات والآباء بعدم إتاحة فرصة لاحتكاك السائق بالأطفال صغاراً كانوا أو كباراً.
حتى لا يقع المحذور
لتفادي حدوث مشكلات بسبب الخادمة.. ومحاولة فصل غرفة سكنها وحياتها الخاصة.. قالت هيفاء مديرة مدرسة: بالفعل ان الخادمة تحتاج لغرفة خاصة وقد خصصنا لها غرفة بقرب المطبخ، ومنفصلة عن المناطق التي يتواجد بها زوجي.. فهي تتجه لغرفتها بمجرد انتهائها من عملها.. وبحكم ان غرفتها ملاصقة للمطبخ فان زوجي لا يراها.. فتم ذلك برغبة منه حتى تأخذ هي راحتها، ويتحرك هو في الجزء الخاص بنا بحرية تامة.
أما «س.ش» فتقول في ذات الموضوع: لكون المنزل كبيراً وأنا أجلس فيه بمفردي فبناتي متزوجات، وغالبية أولادي كذلك فلا أستطيع خدمة المنزل بأكمله، وأنا لست شابة فاستقدم زوجي خادمة فاشترط عليّ ألاّ أدعها وحدها في المنزل فعندما أرغب في الخروج أتركها عند جيران لي أثق بهم ومن الصعب ان تبقى في المنزل على انفراد مع أبنائي المراهقين أو زوجي..
أحيانا يؤدي التهاون والتساهل في أمور الدنيا والعادات والتقاليد إلى ما لا يحمد عقباه.. فها هي «هـ.ق» ربّة منزل تقول: استقدم زوجي خادمة لمساعدتي في شؤون البيت وفرحت بذلك أيّما فرح، وفي البداية كانت الأمور تسير سيراً طبيعياً.. ولاحظت على زوجي تساهله معي وتشجيعه لي بالنوم في منزل أهلي ففرحت واعتقدت انه يريدني ان أغيّر الأجواء.. برغم انه كان يرفض ذلك مطلقاً منذ بداية زواجنا وحتى بعد انجاب الأبناء.
فمرت الأيام، وذات مرة ذهبت للمبيت مع أهلي، فنسيت أمراً مهماً خاصاً بأحد الأطفال.. وعند عودتي إلى باب المنزل لأخذ حاجتي، فوجئت بصوت ضحكات امرأة ورجل.. في المنزل.. ولم يخطر ببالي انها الخادمة لكونها منشغلة بعمل التنظيف وغيره.. فاقتربت من غرفتها وإذا بالصوت يتضح أكثر.. وكانت صدمتي كبيرة حينما علمت ان زوجي مع الخادمة في غرفتها.
الخادمة وغرفة النوم
هنالك حساسية مفرطة بين بعض ربّات البيوت، ودخول الخادمة إلى غرفة النوم.. في هذا السياق قالت المعلمة وسمية لدينا خادمة في المنزل تقوم برعاية أبنائي أثناء تواجدي بالمدرسة، وتقوم بتنظيف المنزل عدا غرفة النوم إذ لا أدع لها أية فرصة لدخول هذه الغرفة مهما كانت الأسباب وأقوم بتنظيفها بنفسي..
وافقتها الرأي رقية ربّة منزل حيث قالت: بالفعل السماح للخادمة بدخول غرفة النوم تصرف خاطئ.. المفترض ان تقوم صاحبة المنزل بذلك.. فهذه الغرفة عادة تكون بها الملابس الخاصة علاوة على المجوهرات والمستندات المهمة.. فمجرد دخول الخادمة لغرفة النوم فيه انتهاك لخصوصيات الأسرة وتساهل في غير محله..
وعن خطر الخادمات تقول إحدى المراهقات: حينما رأتني الخادمة في هيئة حسنة، مشطت شعري، واستخدمت بعض أدوات التجميل سألتني: لماذا تلبسين هذا الغطاء الأسود على وجهك؟ اكشفيه ودعي الناس يتمتعون برؤية وجهك.. وخادمة أخرى تقول: صداقة المرأة للرجل أمر ضروري.. وتضيف: أنا فيه صديق انت ليه ما فيه صديق..
واختتمت الفتاة المراهقة بالقول: ولله الحمد لم أتقبل هذه الأقاويل الغريبة حمانا الله من كل مكروه ومن غضب الرب.
ماذا تقول الخادمات ؟
الخادمات بشر كبقية خلق الله فيهن الصالحات مثلما يوجد بينهن الطالحات.. والنظر إلى موضوع بهذه الحساسية من زاوية واحدة ليس موضوعياً.. وحتى لا نلقي اللوم مطلقا على الخادمات يجدر بنا ان نسمع آراءهن حول هذه القضية.
تقول الخادمة «أ.د» ان أطفال المنزل الذي أعمل به يحتقرونني ويشمئزون من رائحتي، ويشعروني بعدم إنسانيتي وأنا أقوم بخدمتهم وأوفر لهم كل ما يحتاجونه.
أما «ش.ع سيرلانكية» فتقول: عملت مع عدد من الأسر السعودية.. وآخر أسرة عملت معها قبل مجيئي إلى هذا المكان كانت طيبة جدا فهم يخافون الله ويعطعوني حقوقي كاملة ويهتمون برسائلي وحوالاتي إلى أهلي فتصلهم باستمرار .. أما هذه الأسرة التي أعمل معها الآن فهم لا يخافون الله.. فكل المبالغ التي كنت أسلمها لمخدومي لإرسالها لأهلي منذ ستة أشهر لم تصل أبداً.
أما الخادمة الإندونيسية «ل.ع» فتقول: أعمل لدى أسرة أطفالها يتعرضون لي بالضرب، وتقسو عليّ والدتهم قسوة شديدة.. وتبخل عليّ بالملابس.. فأنا في الصيف ألبس ملابس ثقيلة.. وعندما تعطيني إحدى قريباتها ملابس خفيفة وبعض الاحتياجات الأخرى تقوم ربّة البيت بأخذها منّي وإلقائها في القمامة.. رغم انني أقوم بعملي بكل إخلاص وتفان.. إضافة إلى أعمال التنظيف وغسل الملابس ورعاية الأطفال تكلفني بأعمال فوق طاقتي وأقوم بالطبخ.. وهي لا تمنع أطفالها من ضربي.
وأخرى تتحدث عن ان ربّة البيت لا تدعها تجلس بلا عمل مهما كان الأمر حتى تأتي ساعة النوم فتسقط على الفراش منهكة متهالكة الأعضاء لتنهض في صبيحة اليوم التالي لنفس الموّال.
إيجابيات الظاهرة
لكل ظاهرة اجتماعية إيجابياتها مثلما لها سلبياتها، وبنظرة موضوعية لهذه القضية التي تمتد جذورها في أعماق المجتمع الخليجي نجد ان ثمة إيجابيات أبقت هذه الظاهرة وجعلتها في تزايد مستمر.. ومن أبرز إيجابيات وجود الخادمات لدى الأسر السعودية:
التخفيف من أعباء ومعاناة ربّات البيوت ورعاية كبار السن والمرضى وذوي العاهات.
نقل بعض الخبرات الأجنبية لمجتمعنا في مجال النظافة والتمريض والحضانة وتوفير الوقت للزوجة للالتفات إلى الجوانب الأسرية والحياة الزوجية.
تأثر الغير مسلمات بالدين الإسلامي ودخولهن فيه.
شغل الوظائف التي لا يرضى المواطن السعودي القيام بها.
تمثل فرص العمل تكافلاً اجتماعياً مع فقراء العالم الإسلامي.
كما أدى التغير الاقتصادي وتعليم المرأة إلى خروجها للعمل مما تطلب استقدام الخادمة للقيام بأعباء المنزل، وسهولة استقدام الخادمات من الخارج، ولا يشكل الأجر الشهري الذي تتقاضاه الخادمة الأجنبية عبئاً مالياً على دخل الأسرة، بينما يمثل دخلاً كبيراً لأسرتها عند تحويله بعملة بلدها المحلية.
بالإضافة إلى تطور الحياة الاجتماعية الذي أدى إلى استخدام المسكن الكبير المستقل والإسراف في الطعام، وامتلاك عدد من السيارات للأسرة الواحدة مما يتطلب خادمات للقيام بهذه المهام المتعددة مما يجعل الخادمات في بعض الأحيان أكثر من أفراد الأسرة.
حقائق تتكلم
أجريت دراسة في مدينة الرياض حول العمالة المنزلية وشملت 650 أسرة سعودية وكانت نتائجها على الوجه التالي:
77% من الأسر التي شملتها الدراسة لديها خادمات.
29% من الأسر لديها سائق خاص.
78% من السائقين في سن الشباب.
50% من النساء السعوديات يركبن مع السائق بمفردهن و22% من السائقين يدخلون على النساء في المنزل.
كل الذين شملهم البحث يعتقدون ان السائق أو الخادمة الأجانب لهم تأثير سلبي على ثقافة وعقيدة الأسرة.. ودائماً الطفل يتأثر بمن يطعمه ويسقيه ويلبسه ويسهر معه، ويلبي طلباته واحتياجاته العامة والخاصة.
وفي دراسة منفصلة عن نفس القضية في مملكة البحرين التي تعاني من ذات المشكلة وتعتبرها خطراً على التركيبة الاجتماعية شملت 310 أسرة تبين ضعف قدرة الأبناء على تحمل مسؤولية خدمة أنفسهم نتيجة الاعتماد على الخدم بشكل تام في شتى شؤون حياتهم.. وكان من أسباب ذلك خروج المرأة للعمل بنسبة 55% فيما رفض 42% ترك المرأة العمل وتفرغها للمنزل.
أما في سلطنة عمان فقد أجريت دراسة على 40 أسرة كانت نسبة العاملات من ربّات البيوت 52%، وان أكثر من 30% من الأطفال يتأثرون بلغة الخادمة.
في الكويت استفحلت المشكلة وباتت تقلق المجتمع وتهدد كيانه، وتقوّض بنيانه، وقد أظهرت دراسة حديثة في هذا الشأن شملت 450 أسرة ان أخطر مشكلة تواجه المرأة العاملة هي الاستعانة بالخادمات والمربيات وتوصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
3 ،71% من الأسر تستعين بخادمات ومربيات.
الأم البديلة
للأم مسؤولية كبيرة في تربية الطفل وتقويم لسانه خاصة في السنوات الست الأولى من عمره.. لكن الأمر تبدل اليوم مع خروج بعض النساء للعمل، ووجود الخادمات بصفة ملازمة للأطفال للقيام بالتربية والنظافة والتغذية، وإعدادهم للمدرسة والنزهة بل النوم معهم أحياناً، هذا الأمر يولد لديهم الشعور بالحاجة الدائمة للخادمة، والاعتماد عليها بصفة مستمرة والثقة المطلقة بها وعدم الأمان لدى غيرها.. وهنا يدخل أسلوب التربية الدخيل والغريب على المجتمع.. وتفتح نوافذ العلاقات غير السوية بين الخادم والأب أو الابن وتؤثر سلباً على قيم واتجاهات أفراد الأسرة، كما ان وجود عدد كبير من الخادمات في سن الشباب أغلبهن متزوجات أو سبق لهن الزواج وما يحملنه من أفكار تحررية يثير الكثير من التساؤلات حول دورهن في تغريب فهم النشء والتأثير على سلوكياتهم. وهنا تنصِّب الخادمة نفسها أمّاً بديلة وتأخذ كل صلاحيات الأم ويتجاوب معها الطفل باعتبارها الشخصية التي تلبي له كل متطلباته وتكون بجانبه في كل اللحظات..
إفرازات الظاهرة
ظاهرة الاعتماد على الخادمات في المجتمع السعودي أفرزت مشكلة اجتماعية يمكن حصرها في جانبين:
الأول: القلق على المستوى الأسري والتمزق النفسي والحيرة بين الرغبة في الاستجابة للمتطلبات الضرورية التي أوجدها التطور الاجتماعي، والخوف من الأضرار التي تؤكدها الحوادث والجرائم المتصاعدة.
الثاني: القلق العام على المستوى الاجتماعي بسبب استفحال هذه الظاهرة وما يترتب عليها من خطر يهدد قيم المجتمع وعاداته وتقاليده وثقافته.
ومن أخطر تأثيرات الخادمة على الأطفال التعلق بها ومحاكاتها في لغتها وسلوكها، وقد شوهدت حركات يقوم بها بعض الأطفال من كثرة مشاهدتها عند أكثر الناس التصاقاً بهم.. فربّة المنزل حينما تترك قيادة البيت بيد الخادمة تكون قد ارتكبت خطأ جسيماً في حق نفسها، وزوجها وأطفالها ومجتمعها الذي تعيش فيه وقد تدفع الثمن غالياً. اذ تستطيع الخادمة في حال التفريط لا سمح الله ان تفسد على ربّة المنزل حياتها الزوجية، وتثير المشاكل، وينتهي الأمر بالطلاق، وتدمير الكيان والبنيان الأسري.
هروب الأمهات
وجود الخادمة في الأسرة السعودية يؤثر سلباً على علاقة الأم بأبنائها، وقد أثبتت دراسات عديدة ان 70% من مشاكل الطفل والمراهقة والمشاكل النفسية للأبناء والبنات ناتجة عن هروب الأم عن مسؤوليتها، وترك مهامها للخادمة..
وتقول إحدى الطالبات في المرحلة الثانوية: يؤسفني ان أقول ان أمي تتعامل معنا بأسلوب جاف خالٍ من المسؤولية.. فالأبناء تحت إشراف الخادمة، والمريض يشرف عليه الطبيب، وتمارضه ممرضة خاصة، وهي تقوم فقط بدفع المبالغ المستحقة وإخواني تحضر لهم معلمين خصوصيين يومياً لمراجعة الدروس وأمي تدفع المقابل أما أبي فهو دائم السفر لا نراه إلا نادراً.. فحقيقة أنا أعاني من فقر عاطفي عجزت الأموال ان توفره لي والفقر ليس في قلة المال بل في انعدام العواطف.
وتقول طالبة جامعية.. نحن مشتاقون لأمنا وهي معنا في البيت.. لكنها لا تجالسنا، ولا تأكل معنا ودائمة الهروب من المنزل بحجة انها بحاجة إلى الهدوء والراحة ولا تتابع احتياجاتنا ولا تعرف همومنا ومشاكلنا.. وتعتقد ان المصروف هو كل شيء فتضع مصروف المدرسة على مائدة الطعام.. لكننا نحن نعيش فقراً عاطفياً حقيقياً.
رأي الدين والطب
استئجار أمهات أجنبيات ليقمن بمهام الأمومة صار أمراً يهدد استقرار الأسر، ويلقي بظلاله السالبة على التربية والأخلاق والسلوك.. وفي هذا الصدد يقول الشيخ أحمد قاسم الغامدي ان دور المرأة في بيتها ونحو زوجها وأطفالها مهم فلا يجوز ان تعتمد فيه على غيرها من المربيات والعاملات وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» فهناك أعمال لا يصلح الاعتماد فيها على المربية أو الخادمة كتعليم الأبناء وتربيتهم على الأخلاق الإسلامية والعادات الحسنة والقرب منهم في صغرهم ليكتسبوا محاسن الأمور ويقتدوا بتصرفات والديهم.
وأضاف الشيخ الغامدي انه لا يمكن ترك هذه الأمانة للخادمة.. والتفريط في المسؤولية لا يجوز بحال من الأحوال لأنه إخلال بالواجب ويترتب عليه ضرر على الأسرة والمجتمع.
أما الدكتور سامي الرافع أستاذ الخدمة الاجتماعية فيرى ان وجود الخادمة في المنزل لا يمثل مشكلة في تربية الأبناء، ما دام الوالدان يحتفظان بدورهما الأساسي في التربية، وكلما تخلى أحدهما عن دوره الاجتماعي والتربوي وأسنده إلى الخادمة كان تأثيره أخطر وأشد، وكلما اتصف الوالد بالحزم والمتابعة للتعليمات التي يوجهها للخادمة حول طريقة التربية كان دورها ثانوياً مع وجود الضبط الاجتماعي الدقيق والصارم من ناحية الأسرة.
الدكتور فهد اليحيا أستاذ الطب النفسي.. يرى انه لا بأس من وجود خادمة في حال انشغال الأم بأعمال ضرورية خارج المنزل.. كما يجب على الوالدين الاهتمام بأطفالهما وتعويضهم بالحب والحنان والعطف والرعاية والأمان.. مع وضع رقابة صارمة وحازمة على الخادمات والمربيات.. فالوالدان أو أحدهما لا يعلم كيف تتعامل الخادمة مع أطفاله العاجزين عن التعبير أو الكلام.. فالطفل يحتفظ في عقله الباطن بأمور قد نجهلها.. وتؤثر على مستقبله وعلى شخصيته وبالتالي ينعكس الأمر على أطفاله مستقبلاً.. وأحياناً يتعلق قلب الطفل بمشهد معين احتفظ به منذ الصغر ويظل عالقاً بذهنه طوال حياته.
وتظل حاجة الطفل إلى الأم وتربيتها وعطفها وحنانها لا تفي بها الخادمة، فحنان الأمومة وتوجيهها يأتي ممزوجاً بالصدق والرغبة الجادة في إنشاء جيل متشرب للثقافة الإسلامية والعادات والتقاليد الأصيلة.
فالخادمة تقوم بهذا الواجب من منظور أنها تؤدي عملاً تأخذ مقابله أجراً.. ولن تعطي أكثر مما تعلمته في بيئتها الدينية والثقافية التي نشأت فيها.. وهنا مكمن الخطورة.. ومن هنا تأتي السلبيات التي تصاحب الطفل منذ صغره ولا تفارقه أبداً إما يتأثر بها ويمارسها أو ترافقه في حياته وتحدث له انفصاماً بين ما كان يراه وما يسمعه من مجتمعه فتتكون لديه شخصية مزدوجة.
وقائع مؤلمة
في استطلاع ميداني حول ظاهرة الاعتماد على الخادمة بشكل كامل برزت حقائق مؤلمة تؤثر على وضع ربّة البيت.. وعلى مستقبل الأبناء، وكان الاستطلاع مركَّزاً على فئة الشباب باعتبارها الأكثر تأثراً برواسب التعامل مع الخادمات منذ سن الطفولة ومن أبرز حقائق هذا الاستطلاع:
يقول «م.ت» طالب جامعي اعتمد على الخادمة في كثير من الأمور فالوالد يعمل.. والوالدة مسنة.. والأخوات مشغولات بالدراسة ولا أحد يخدمني غيرها.
«ه. ل» طالب جامعي يقول: اعتمد على الخادمة في بعض الأمور مثل غسل الملابس.. وتقديم الطعام.. ونحن نفرض عليها رقابة دائمة مما يجعل دورها هامشياً ومع ذلك لا نستطيع الاستغناء عنها لحاجتنا الضرورية لها في حياتنا اليومية.
سعود (طالب) يقول انه يرتاح جدا للطعام الذي تصنعه الخادمة.. وإنها تطبخ بشكل جيد، وأصبحت تنافس بنات البلد في الطبخ خصوصاً المأكولات الشعبية.. وفي كثير من المناسبات يلح عليّ أصدقائي بان تقوم الخادمة بطهي الطعام وخاصة الوجبات المحبّبة إليهم.
«م.ن» موظف يقول: أبنائي يعتمدون على الخادمة في كل شيء.. واعتادوا على خدماتها المتعددة، وظلت أمهم لا تحرك ساكناً.. رغم انها في مرحلة الصبا.. ولا تعاني من أي مرض. وألاحظ ان الخادمة تهتم بالأبناء أكثر من أمهم.
أما الصحف والمطبوعات الخليجية فهي تنضح بالحوادث والمشكلات الفادحة التي يشيب لها رأس الوليد.. ومنها:
نشرت صحيفة خبراً يقول ان الخادمة الأجنبية تضع الطفل في دولاب الملابس حتى يكف عن البكاء وعندما عاد الأب فجأة إلى المنزل ودخل غرفة النوم سمع صوتاً داخل الدولاب فلما اقترب منه سمع صراخاً فاكتشف ان هذا الطفل البريء يرفس ويبكي داخل دولاب الملابس فأنقذه من الموت في اللحظات الأخيرة، وتم نقله إلى المستشفى ليصاب بحالة نفسية وهستيرية ظلت تلازمه زمناً طويلاً.
خبر آخر نشرته صحيفة سعودية مفاده ان بعض الأصدقاء اعتادوا على قضاء بعض الوقت في مسبح أحدهم بصحبة أطفالهم، وذات مرة غادر أحدهم المسبح وترك الطفل يلهو تحت مراقبة الخادمة ورعايتها لكنها غفلت عنه وغرق في لحظات.
خادمة أخرى كانت تتخلص من بكاء الصغار عندما يشعرون بالجوع أو الحاجة إلى الماء أو أي طلب آخر بوضع فوهة الشفط بالمكنسة الكهربائية على أماكن حساسة من أجسادهم وتقوم بتشغيل المكنسة وقد مارست ذلك مع طفل صغير حتى أغمي عليه فأثبت التقرير الطبي تعرض الطفل لتهتك في بعض أجزاء جسده بسبب عملية الشفط.
هذه بعض الأمثلة القليلة الدالة على مدى الخطورة التي يشكلها غياب دور الأم عن ساحة الأسرة وترك الحبل على الغارب للخادمة.
أكثر من ذلك يحدث.. وأشنع منه يواجهه أطفالنا فلذات أكبادنا لكن لا ترصده عدسات المصوّرين ولا تسطّره أقلام الصحفيين لأنه باختصار يحدث في الظلام.. في غياب الأبوين.. وفي غياب الضمير الإنساني لدى بعض الخادمات.. فالمصادفة وحدها هي التي تكشف الأحداث المذهلة التي سلَّطنا عليها الضوء.. وما خفي أعظم.. الخطر.. موجود.. الخطر.. يحدث.. الأخطر قادم.. تنبّهوا.. لا نقول اتركوا الاستعانة بالخادمات.. ولكن راقبوهن رحمة بأبنائكم وإبراء لذمكتم ومسؤوليتكم أمام الله.
يتبع
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|