|
العراق كما نريده.. لا كما نراه
|
يحاصرني الخوف على العراق الحبيب..
مصدوماً بهذه الأعداد الكبيرة من القتلى الأبرياء..
وحزيناً حيث يحضر الحزن بكلِّ آلامه مع كلِّ فجيعة وعند كلِّ موقف مؤثِّر في هذا البلد الجريح..
***
وكلُّ القناعات التي كانت بانتظار ما هو آتٍ لتحرير العراق من القهر والظُّلم، تلاشت بشكل لافت ولا قدرة للمرء على إخفائها وإن حاول..
وها هي تتساقط مثل أوراق الخريف واحدةً بعد أُخرى، حتى لم يّعُدْ هناك مجال لانتظار ذلك الذي لم يأت بَعْد..
***
فهم يتصارعون على الدستور..
كما لو أنّهم يبيعون شعب العراق أوهاماً ووعوداً، فيما تغيّب الهويّة، ويلوِّحون بما لا قدرة لمثل ما هو مطروح على الصُّمود إلاّ أن يشاء الله..
وكأنّه قد كُتب على هذا الشعب الأبيِّ أن يخرج من منزلق إلى آخر ومن محنة إلى أُخرى..
***
أتساءل بمرارة: ماذا يريد هؤلاء ممّن يسعون إلى اقتسام هذه الغنيمة وهذا البلد المحطَّم، وهل في مصلحة أيٍّ منهم تمزيقه وتجريده من هويّته العربية؟..
ولماذا لا يأخذوا العِبَر والدروس ممّا حلَّ في دول أُخرى مرَّت بنفس الظرف، بل وأينهم من أخذ الدروس من ظاهرة تسلُّط نظام صدام حسين على حقوق وحرِّيات ومقدَّرات العراق ومواطنيه؟..
***
وهل يعقل أن تأتي التنازلات من هذا الطرف العراقي أو ذاك حين تتدخّل الولايات المتحدة الأمريكية، ويغيب هذا التجاوب والفهم المشترك بين الأشقاء العراقيين؟..
وما معنى أن تبقى بعض الأمور معلَّقة بانتظار الاستفتاء عليها مستقبلاً، وكأنّ مَن بيدهم الأمر في العملية السياسية التي تجري في العراق، لا يملكون القدرة على حسم الأمور من الآن، وتجنيب بلدهم المزيد من سفك الدماء الزكية التي نراها بأعداد كبيرة كلَّ يوم..
***
كنّا نتوقَّع أنّ اختفاء صدام حسين ورموز نظامه مع مظلَّة الحماية العسكرية التي وفَّرتها الولايات المتحدة الأمريكية، وما زالت، لدعم التغيير في العراق، سوف تحْضُر معه حكمة العقلاء في العراق الشقيق، فلا يضيِّعوا الوقت بما لا يخدم مستقبل العراق..
فإذا بهم يختلفون على ما يجب أن يتفقوا عليه، ويتقاتلون على ما يساهم في تدمير بلدهم وإضعافه وخلق جوٍّ من الصراع المميت لهم ولبلدهم..
***
أريد أن أقول: إنّ الفرصة المواتية لبناء عراق جديد تمرُّ بسرعة، وأنّ العمليات التي يُقتَل فيها أفراد من هذا الطرف أو ذاك لا يخدم استقرار العراق..
وأريد أن أقول أيضاً: إنّ تجريد العراق من هويّته العربية وحصرها في الشعب العربي فقط هو فخٌّ لإبقاء جذوة الصراع في العراق مشتعلة..
وما نخاف منه أن يكون طرح (الفيدرالية) إنّما هو تمهيد مبطن نحو تجزئة العراق إلى دويلات صغيرة وضعيفة تتقاتل على الحدود والثروة مهما كانت الاجتهادات في صياغة الدستور والنوايا الطيِّبة لدى من أُوكلت لهم المهمة..
***
نحن بانتظار عراق متعافٍ وقويٍّ، يحكمه الشعب من خلال إعطاء صوته لمن يقتنع به من بين المرشحين، عراق يتقرَّر مستقبله من خلال الاحتكام إلى المؤسسات الدستورية التي نتطلَّع لأن نراها قائمة ومفعّلة قريباً ودون تأخير.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
نحو حياة أجمل فلسفة المتعة
|
هناك فكرة لا أدري كيف ترسخت في ثقافتنا وتأكدت في ممارساتنا حتى أصبحت من مسلمات المجتمع التي يندر أن يدور حولها نقاش، هذه الفكرة ذات شقين الأول صحيح، والثاني خطأ، وخطأ قاتل أيضا.
الشقّ الأول يقول: إن المتعة واللذة والأنس حاجة إنسانية لا يستغني عنها إنسان، وهذا صحيح. الشق الثاني يقول: إن هذه المتعة لا تأتي إلا من خلال الراحة واللهو واللعب والتوقف عن الإنجاز، ولأن المتعة ضرورية كما هو معروف ولأنه لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال اللهو والعبث كما نزعم أصبح اللهو عندنا صناعة وتجارة، ومهنة واحتراف، تقام له مدن وتهدر فيه أموال وأوقات، وتدرب له كوادر وفرق وتقام له مهرجانات... ولأننا فرغنا من بناء هذه القناعة، أو قل: المغالطة الكبرى، أصبحنا أيضا نعتقد أن الجد كالتعلم والإنتاج والعمل مرتبط بالتعب والإرهاق والتوتر وأنه كما نزعم أيضا يتقاطع مع المتعة واللذة وكل المشاعر الإيجابية... ومن هنا نبدأ نرحم أنفسنا وأبناءنا إذا تواصلت ساعات الجد أو تتابعت أيام التعلم، ويصبح أي برنامج جادّ أثناء الإجازة يعد خروجاً عن النسق المألوف وقد يصبح عند بعضنا خطرا على نفسيات أولادنا وأعصابهم لا قدر الله ويمكن أن يفقدهم التوازن النفسي والعاطفي كما ندعي فقط. ومن حسن حظ اليابانيين أنهم لم يكتشفوا هذه الكشوف العلمية التي انتهينا إليها فهم كما اشتهر عنهم يستمتعون بالعمل، ويتلذذون بالإنتاج ويجدون راحتهم وسعادتهم في الإبداع والابتكار، ولذلك قطعوا مسافات قياسية في مضمار المدنية والإنجاز الصناعي.
فالمتعة والسعادة والأنس حالات إدراكية يحصل عليها الإنسان وفق تصوراته وأهدافه، فأهل التجارة سعادتهم في الكسب، وأهل الصناعة في الإنتاج، وأهل العلم في حل مسائله، والدعاة في هداية الناس، وأهل البطالة في السلبية واللهو (قد علم كل أناس مشربهم).
عبد الله بن عبد العزيز المبرد
مدير إدارة التدريب التربوي
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|