|
ديمقراطية اللاَّ ديمقراطية..! |
الديمقراطية تعني فيما تعني أن يُؤخذ برأي الأغلبية..
وأن يهمَّش الرأي الواحد لا العكس..
وأن يتنازل صاحب الرأي الأحادي إلى ما يراه الجميع..
وبالديمقراطية تكون الغلبة والانحياز نحو القرار العاقل..
***
ومن ينادي بالديمقراطية عليه أن يكون القدوة..
وأن يتخلى عن عواطفه وأهدافه ومصالحه الشخصية..
إلى ما يحقق مصالح الجميع أو أكثريتهم..
ويوفِّر الأمان والاستقرار للكل ودون انتقاء..
***
والذي يقول بغير ذلك هو الأبعد عن ممارسة الديمقراطية..
وهو العدو الأول لها..
إنه من يركب موجتها ويبشِّر بها لأغراض أخرى..
وفي سلوكه وتصرفاته وأعماله ما يؤكِّد ويفضح ويفصح عن ذلك..
***
والديمقراطية بمثل هذه الممارسات تكون ملهاة للشعوب..
وتسلية مشوَّهة وغير بريئة وتسلُّط عليهم دون وجه حق..
وهي بهذا الانحراف عن أهدافها تلغي المساواة والعدل بين الدول والشعوب..
وتحت غطائها يُمارس الظلم والقهر والعدوان ضد الأمم والشعوب..
***
الديمقراطية شيء وما نراه اليوم شيء آخر...
هل تريدون أمثلة؟...
بما يؤكِّد لكم صحة هذا المنطق؟..
ويبلور صورته على نحو ما هو مشاهد وممارس
دون حياء..
***
ها هي أمريكا بتاريخها وعظمتها وقوتها لا تكتفي بدعم العدوان الإسرائيلي ضد شعبنا في فلسطين..
وإنما تصدر بياناً غير مسؤول تؤيِّد فيه إسرائيل في قتلها الشيخ أحمد ياسين..
ومن ثمَّ تستخدم حق النقض في مجلس الأمن لقرار كان سيدين إسرائيل..
أي أنها بهذا ترفض القبول برأي الأغلبية وتستخدم حقها في فرض الرأي الواحد..
***
ماذا كان سيضير أمريكا لو شاركت بإدانة إسرائيل؟..
ولو لم تشجعها على مواصلة مثل هذا العمل اللاّ إنساني ضد شعب أعزل..
ألم يكن ذلك كافياً لتجفيف الصدور من الاحتقان والكراهية ضد أمريكا..
ضمن البحث عن مخرج مشرِّف لأمريكا من المستنقع المُذِل الذي اختارته لنفسها في عدد من الدول دون وجه حق..
***
لقد مات أحمد ياسين شهيداً...
وبقيت القضية الفلسطينية حيَّةً مشتعلةً وملتهبةً إلى حين قيام الدولة الفلسطينية..
أما الفيتو الأمريكي, أو الديمقراطية بالمواصفات والقياس والمقاس والمعاني الأمريكية التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية لدولنا وشعوبنا، فلتطمئن بأنه لن يكون لها أدنى قبول..
خالد المالك
|
|
|
الذهب يُستخلص من وهج النار عبد الوهاب الأسواني |
حالتْ أيامُنا فغدتْ سودا
وكانت بكم بيضاً ليالينا
هذا البيت أشهر من أن يحتاج إلى أن نُعرِّف بقائله.. فهو ضمن قصيدة طويلة قالها الشاعر تحسُّراً على ضياع العاطفة من قلب الإنسانية التي أسكنها سويداء قلبه.. ولو قُدِّر لابن زيدون ان يتزوّج من ولاّدة بنت المستكفي لما استمتعت الأجيال اللاحقة بهذه القصيدة التي تُعدّ من عيون الشعر العربي.
وكان عنترة بن شدّاد يُعامل بين قومه على أنه كما نقول في مصطلحاتنا المعاصرة مواطن من الدرجة الرابعة.. لكنه جاء عليه يوم قال فيه وعن حقّ:
قد كنتُ فيما مضى أرعى جمالهمو
واليوم أحمي حماهُم كُلَّما نُكبوا
ولو قُدِّر لعنترة أن يولد من أُمّ حُرَّة، لما عانى من تلك الإهانات التي عبَّر عنها في شعره الجميل..
ولعلّ الكثيرين ممن تابعوا إنتاج الفنان التشكيلي (بيكاسو) يعرفون أن أشهر لوحاته هي (الجرنيكا) التي عبَّر فيها عن ألمه لما حاق بالقرية الإسبانية التي دمّرها النازيون في إحدى غاراتهم القاسية.
ولو أن (جميل بن معمر) عقدوا له على (بُثينة) أو أن (كُثَيِّر) تزوج من (عزَّة) لما تداولنا شعرهما الممتع الذي نُحسّ فيه بلهب النار تلفح وجوهنا..
ومنذ فترة وجيزة قرأت كتاباً للأستاذ الدكتور مصري حَنُّورة بعنوان (الأُسُس النفسية في الإبداع الفنِّي في الرواية) وأساس الكتاب رسالة دكتوراه كان قد أعدّها بعد أن التقى بخمسة وثلاثين أديباً من كُتّاب الرواية وكان ضمنهم كاتب السطور قدَّم لكل منهم (استبيان) يضمّ حوالي ثلاثمائة سؤال وتلقّى إجاباتهم..
حين قرأت الكتاب وجدت الباحث يقرر فيه أن الكاتب الروائي لا يقدم على كتابة الرواية إلاّ إذا كان مأزوماً..
قد تكون أزمة روحيّة هزّت كيانه أو نتيجة أحداث قوميّة أزعجته على بلاده، أو أزمة عائلية أربكت حياته.. المهم هو أنه لا يقتحم عالم الرواية إلاّ في اللحظة التي يحسّ فيها بأن الدنيا قد ضاقت به.. لكنه حين يتوغّل في عمله الأدبي ويقطع فيه مراحل، يُحسّ بأنه قد استعاد توازنه النفسي..
وأذكر أنني قرأت ذات مرة للأستاذ توفيق الحكيم قوله: (الإنسان حين يكون سعيداً يعيش الحياة، لكنه في حالة الحزن.. يتأمّلها!).. وطبعاً يأتي الإنتاج الفني والأدبي عبر هذا التأمل الحزين..
أنظروا مثلاً إلى أهم قصائد شاعرنا الأكبر أبو الطيب المتنبي مثل:
(عيدٌ بأيّة حالٍ عُدْتَ يا عيدُ).. أو: (لياليّ بعد الظاعنين شكول).. أو (لك يا منازل في القلوب منازل).. كلها تقريباً قالها وهو يمرّ بأزمات فسرت في أبياتها عصارة الأسى..
إذن.. نتمنّى لشعرائنا وكتابنا ومبدعينا في جميع المجالات المزيد من الأزمات لكي يمتعونا بفنّهم ثم بعد ذلك يستعيدون توازنهم النفسي على راحتهم!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|