|
كنت في تونس
|
زرت تونس كثيراً..
تجوّلت بين مدنها ومنتجعاتها وسواحلها البحرية..
واختلطت بناسها ليلاً ونهاراً..
فتعرَّفت على كثير من كنوزها الظاهرة والمختبئة..
ووجدتني أفضِّل ألا أكتب عنها حتى لا أغرق في التعبير عن حبي لها، بما قد يري بعض مَن يقرأ سطوري بأني أبالغ في الحديث عنها.
***
وهذا هو سرُّ عدم تناولي للشأن التونسي بالحديث بعد عودتي ولو من زيارة واحدة من زياراتي لها التي أشرت إلى كثرة عددها وتنوّع مناسباتها..
وهو مبرِّر قد لا يكون مقبولاً أو سليماً، وهذا ما شجعني لمراجعة هذا الموقف، وكتابة بعض ما تحتفظ به ذاكرتي من انطباعات سابقة لزيارات سابقة.
***
لقد تنوَّعت زياراتي لها من حيث مُددها ومناسباتها والمناخ الذي تمت به هذه الزيارات..
فقد زرتها في الصيف والشتاء والربيع والخريف؛ بمعنى أنني كنت هناك في كل فصول السنة..
فاستمتعت بشمسها وأجوائها الغائمة والممطرة، أي أنني لم أغب عن طقسها الجميل..
***
كانت بعض هذه الزيارات في مهمات أو دعوات رسمية.. وبعضها الآخر لم يكن كذلك..
وما يهمني أن أشير إليه، أنه ما من زيارة قمت بها لتونس، إلا وشعرت بمتعة خلال إقامتي فيها..
وإنه ما سبق لي أن غادرتها، وكان سبب ذلك الملل أو التشبّع أو الشعور بالضيق مما أجده هناك.
***
في تونس وجدت أن هناك تشابهاً كثيراً في السلوك والعادات وفي مجمل مظاهر الحياة بين ما هو هناك وبين ما هو موجود لدينا في المملكة..
وللمواطن السعودي عندهم مكانة خاصة ومعاملة متميزة - وقد تأكدت من ذلك بنفسي - وانطباعهم الجميل عنَّا يريح من يقضي بعض الوقت سائحاً أو مدعواً من جهة رسمية هناك.
***
غير أن ما لفت نظري في كل زياراتي لتونس الخضراء، ومن نظرة عامة ليس إلا، قلة السياح السعوديين، مع أني لا أملك أرقاماً إحصائية رسمية أوثِّق بها هذا الانطباع..
ولهذه أسبابها، مما لا تخفى على التونسيين المعنيين بتنمية السياحة، وبينها توفير فرص ومجالات الجذب، وتسهيل وزيادة عدد الرحلات الجوية بين بلدينا، وإيجاد الحوافز التشجيعية لذلك.
***
لكن وفي ظل محدودية عدد السياح السعوديين، فهناك مشروعات سعودية تونسية مشتركة بين رجال الأعمال هنا وهناك..
وبين بلدينا يوجد تعاون اقتصادي جيد ومتميز، واستثمارات سعودية كبيرة هناك..
والعلاقات السعودية التونسية - مثلما هو معروف - يسودها الكثير من الود وظلَّت - تاريخياً - تتمتع بأجواء دافئة، ويمكن اعتبارها أنموذجاً للإخاء والحب في العلاقات الثنائية بين بلدين شقيقين.
خالد المالك
|
|
|
البحث العلمي تنكزار سفوك
|
به تصعد أممٌ وبدونه تسقط أخرى، ويتحول البعض الآخر إلى متسولين على أبواب من يملك أسرار العلم وخبايا الابتكار، ممن عرفوا كيف يقودون، وكيف يشجعون أبناءهم على الإبداع والبحث، وأدركوا قيمة المبدع والكادر العملي، فمهدوا له الأرض والسبيل لينهل من العلوم وليطلق فكره النير في جميع الاتجاهات، وبنوا المراكز العلمية في كل مكان وكرموا القائمين عليها والسائرين في ركاب العلم...
وأممٌ تفتقر إلى البحث العلمي كافتقارها إلى العلم والمعرفة والمال والجاه والسلاح، وتسعى للبحث عن أفضل وسائل الخلاص من أزماتها فلا تجد الحلول الناجعة لها، فتضع أخيراً يدها على الجرح فتجد في أزماتها غياب البحث العلمي والإنتاج، وبعد عن الحضارة البشرية، وسيطرة الثقافة الاستهلاكية التي تشجع على أخذ كل شيء دون عناء، وتجدها في انحراف النفوس والميل إلى الرفاهية المصطنعة التي سرعان ما تكتشف نهاياتها وتتحول إلى سراب، لكنها تبقى أسيرة التقليد والقوالب الجاهزة، فإغراؤها لا يحتمل...
ودفع الإهمال المبرمج والجهل المطبق إلى هروب العقول النيرة، التي أحست بالضيق والاختناق وسط عالم من التقوقع والتخلف إلى خارج الحدود وأحياناً إلى أبعد من الحدود، باحثةً عن مبتغاها في مركز علمي يؤهلها لخوض غمار المنافسة العملية، ويدخلها أجواء العمل والجد، بعيداً عن أعين الرقباء والبيروقراطيين، فقد كان المبدعون يتنقلون من دائرة إلى أخرى ومن مركز إلى آخر يبحثون عمن يحتضن عملهم وفكرهم فلا يجدونه...
لم يكن الوصول سهلاً ولم يكن طريق الإبداع مفروشاً بالياسمين حينما اختارت المجتمعات المتقدمة طريق البحث العلمي للوصول إلى الأهداف، فقد بنيت معاهد البحث بالآلاف، فوصلت في بعض البلدان إلى200000 مركز بحث علمي وهيئت المدارس ودور التعليم والثقافة المحرضة على البحث، ليتحول العلم من البرج العالي إلى المستوى الشعبي، فلم يعد مقتصراً على نخبة مثقفة أو فئة طموحة بل أصبح هماً للجميع، ليتحول في النهاية إلى ثقافة شعب يسعى نحو الرقي الذي لا تنضب منابعه، ونحو القمة بعد أن تزاحم المتنافسون وازداد عدد المتسابقين...
فمتى يتحول البحث العملي إلى هاجسٍ شعبي، بعد أن طال الانتظار وكثرت المآسي وغابت الثقة بالنفس؟
tengeza@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|