|
الانتخابات العربية: لم ينجح أحدٌ!!
|
الانتخابات التشريعية في عالمنا العربي كانت ولا تزال ذلك الهاجس الجميل الذي شغل ويشغل بال الأُمّة، وبالتالي بقيت الدعوة لها إلى اليوم متواصلة ومستمرة كما لو أنّها الصوت الذي ينبغي ألاّ يعلو عليه صوت آخر، أو أنّها القضية التي يجب ألاّ ينافسها منافس، من حيث أهميتها وأولويتها في إدارة شؤون المؤسسات بهذه الدول.
ومن يدعو لمثل هذه الانتخابات، وينادي بصوت عالٍ من أجل تحقيقها، ويرى أنّ حل مشاكل الأُمّة، ومعالجة تخلُّفها، مرهون بفتح المجال أمام انتخابات تقود برأيه إلى التغيير في مواقع سلّم المسؤوليات، بانتظار ما هو أفضل، إنّما هو يتجاهل أو لا يكترث بما آلت إليه تلك الانتخابات في بعض الدول العربية من نتائج سلبية، ولم يعِ تلك التأثيرات المفجعة التي خلَّفتها انتخابات مزيَّفة ومخادعة، قادت لاحقاً إلى ما كان سبباً في إنهاك جسم هذه الدولة أو تلك، وبالتالي تقويض مصالح شعوب هذه الدول وتطلُّعاتها نحو مستقبل أفضل.
***
لقد عاشت غالبية دولنا العربية حقبة تاريخية من الزمن مُورست خلالها الكثير من الشعارات الثورية التي صاحبت الانقلابات العسكرية، تحت شعارات ضبابية تركَّزت على إثارة موضوعات كثيرة أهمها: صيانة حقوق الشعوب، وبناء دولة المؤسسات، وإشاعة الحرية، ونشر الديمقراطية، وضمان حقوق الإنسان، والترتيب بعد ذلك لتنظيم انتخابات تختار فيها الشعوب بإرادتها الحرّة من يقود مؤسسات الدولة، بل من يكون على رأس السُّلطة.
وقد صدّقت الشعوب منذ الخمسينيات من القرن الماضي وإلى السبعينيات منه البيانات العسكرية التي خاطب بها الانقلابيون شعوبهم، حيث خُدعت بكلماتها المنمّقة ووعودها البرّاقة، وانساقت هذه الشعوب لأطروحات أنظمتها الجديدة، معتقدة بسلامة توجُّهها، ونبل هدفها، وحرصها على المصلحة العامة، فإذا بها تفيق أمام بناء السّجون عوضاً عن المدارس والجامعات ومن ثم فُرص العمل أمامهم، بما أيقنت لاحقاً بأنّه لا خلاص لها من مشاكلها بمثل هذه الوعود وتلك الانتخابات المزيَّفة.
***
وهكذا، وبالمقارنة بين تلك الدول التي يدّعي من يقودها في جميع درجات المسؤولية بأنّه قد وصل إلى السُّلطة بواسطة ورقة الاقتراع، ضمن ما ترتب - كما تزعم - هذه الدول على نتائج استيلاء بعض العسكريين على السُّلطة في البلاد، وتلك الدول التي يتم اختيار مسؤوليها من خلال الكفاءة والنزاهة والخبرة المتميِّزة بالثراء الفكري والعلمي، فإنّ أيّ منصف أو عاقل لن يتردَّد في رفض هذا النَّمط من الانتخابات، ولن يقبل بأن يقوده من غامر من العسكريين للاستيلاء على السُّلطة بدافع من طموح شخصي مستخدماً ما اؤتمن عليه من سلاح وقوة عسكرية لتحقيق أهدافٍ ومصالح شخصية.
ومثل ذلك، حين تأتي الانتخابات وفق ترتيب لا يراعي مصلحة الأُمّة، وبالتالي لا يقود الأكفأ والأقدر والمؤهَّل إلى سدّة المسؤولية، وهو ما عزّز من تمسُّك وقناعة ذوي الوعي من الشعوب في مواقفهم المؤيِّدة والمساندة للقيادات التاريخية وللأنظمة التقليدية لدولهم التي أظهرت في السِّلم كما هي في الشدائد والمحن جدِّيتها وكفاءتها ومقدرتها في ضمان حقوق شعوبها والذَّود عن مصالح دولها دون أن تفرط بهذه الحقوق أو تتساهل بها، أو أن تستخدم موضوع الانتخابات غطاءً لتمرير إخفاقاتها.
***
وبينما بدأت الشعوب تعيد النظر في تقديراتها وحساباتها، ومن موقفها من الانتخابات في ظل ما آلت إليه من نتائج سلبية، فإنّها إذ تتمسّك بمبدأ تعيين من هم مؤهّلون لكلِّ المواقع في جسم كلِّ دولة، فلا بأس عندها من أن تتم الانتخابات لاستكمال العدد المطلوب بواسطة صناديق الاقتراع للمؤسسات الدستورية.
وبهذا نكون قد وفّقنا بين رأي من يرى سلامة اللجوء إلى الانتخابات للوصول إلى الكفاءات المطلوبة، وبين من تكون قناعته بأنّ التعيين هو الأسلوب الأصلح والأمثل، في ظل التأثيرات التي تصاحب عادة حملات الانتخابات، وما تفرزه من نتائج قد تقصي من يكون مناسباً ومطلوباً من الكفاءات الوطنية، وهو ما يعيدنا من جديد إلى عنوان هذا المقال، من أنّ الانتخابات في الدول العربية وإن نُظِّمت في كثير منها إلاّ أنّه - مع شديد الأسف - لم ينجح فيها أحدٌ، وفي ظل هذا فإنّنا لسنا ضد الانتخابات إذا كانت ستتم في أجواء صحية وسليمة وبعيدة عن الصورة التي تجري بها الآن ومن قبل، نعم نحن مع الانتخابات، ولكن ليس أي انتخابات!!
خالد المالك
|
|
|
أمريكا تصبح مكباً للنفايات الكندية!
|
* إعداد - محمد الزواوي
تُعدُّ عملية جمع القمامة إحدى المشكلات التي تواجه مدينة تورنتو الكندية، حيث تخرج النفايات بكثرة ويتم تجميعها 4 مرات يوميًا، ولكن تظل المشكلة: إلى أين تذهب هذه النفايات؟ فمناطق تجميع النفايات بكندا لا تكفي لتلك المهمة، كما أن حرقها ليس حلاً؛ حيث اعترض ناشطو البيئة وقالوا إن الهواء ملوث بالفعل ولا يتحمل تلك الكمية الزائدة من ثاني أكسيد الكربون، وكان الحل هو نقل هذه النفايات وإلقاؤها في الولايات المتحدة الأمريكية نظير ثمن، ولكن هذا الحل أيضًا لم يكن حلاً نهائيًا لتلك المعضلة.
فقد كان الحل هو التخلص من تلك الكمية التي تصل إلى 600 ألف طن متري سنويًا عن طريق زيادة سعة مصانع إعادة تدوير القمامة.
وقد نشرت جريدة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريرًا حول هذا الموضوع، بعد أن جاءت قوافل القمامة من كندا ليتم إلقاؤها بولاية ميتشيجان الأمريكية، فتورنتو مدينة خضراء وتريد أن تظل ترى نفسها مدينة خضراء.
ويوصف محافظ المدينة ديفيد ميللر بأنه محافظ (تقدّمي) في كل القضايا، وقد أعطى إشارة الموافقة في مقال أخير له في دورية (فانيتي فير) على تلك الخطوة الجديدة، بعد أن كشف أن كندا لديها سر (غير نظيف)، وهي أنها تشحن نفاياتها الخام إلى بلد آخر، إلى الولايات المتحدة. ففي كل يوم تغادر ما يقرب من 90 شاحنة بمقطورة من سبعة محطات مختلفة للنقل، تحمل قمامة تورنتو لإلقائها في مقلب بمدينة كارليتون بولاية ميتشيجان الأمريكية.
وكل شاحنة تحمل ما يقرب من 33 ألف كيلو جرامًا من النفايات المنزلية والصناعية إلى مقلب على بعد 265 ميلاً عنها.
ويقول التقرير إن القمامة ليست كل ما يذهب إلى الولايات المتحدة، فهناك أوساخ الصرف وكل تلك المواد التي تترك بعد عمليات التنظيف والتطهير، كلها تذهب إلى نفس المقلب في ميتشيجان، وهو ما يعادل حمولة 15 شاحنة كل يوم. ولكن مقلب ميتشيجان رفض أن يتلقى أوساخ الصرف من تورنتو.
مناطق بديلة
وقد تمكن المسئولون من العثور على مناطق بديلة للتخلص مما يقرب من نصف أوساخ الصرف، ولكنهم لا يزالون يبحثون عن مكان لإرسال النصف الآخر.
يقول توم آدامز المدير التنفيذي لمؤسسة (إنيرجي بروب) وهي مجموعة رقابة بيئية مستقلة: لقد أثرنا نقطة احتكاك هامة مع جار مهم وهو الولايات المتحدة، وذلك يضر بسمعتنا في ميتشيجان، إنه شيء فظيع، فقد شعر الأمريكيون بالصدمة وهم محقون في ذلك. وتبلغ تكاليف نقل 600 ألف طن متري من تورنتو إلى مقلب ميتشيجان إلى 47 مليون دولار أمريكي سنويًا.
يقول أحد السائقين الذي ينتظر حتى يتم تخطي محطة التفتيش في محطة دوفرين للنقل على الحدود الشمالية لتورنتو: (الرحلة تستغرق ما بين 12 إلى 13 ساعة ذهابًا وإيابًا، وفي معظم الأيام يقومون بالكشف بأشعة X على الحمولة على الحدود).
ويقوم هذا السائق بتلك الرحلة 5 أيام أسبوعيًا، ولكنه لا يريد أن يتم ذكر اسمه ويبدو أنه شعر بالإحراج بسبب طبيعة وظيفته، ولكنه يهز كتفيه قائلاً: إنها وظيفة على أي حال!.
ولكنه ليس الوحيد الذي يشعر بالحرج. يقول السياسيون المحليون والناشطون في المجالات البيئية إنهم صدموا بسبب أزمة نفايات تورنتو.
ويقول ميللر إن آخر مقلب نفايات في شمال المدينة تم إغلاقه عام 2002 على يد الحكومة الإقليمية، بالرغم من أنه لم يكن قد امتلأ على آخره.
كما لن تسمح المعارضة المحلية في المناطق المحيطة بتورنتو بإعادة فتح مقلب آخر، كما كشف التقرير أن المدن الأخرى المجاورة لتورنتو تنقل هي الأخرى نفاياتها إلى ميتشيجان.
يقول آدمز: إنه شيء سيئ وليس حلاً على الإطلاق، ولكنه تغطية على فشل تورنتو في التغلب على مشكلة القمامة. إنه شيء محرج، وليس جيدًا على الإطلاق، فالمجتمعات المتحضرة يجب عليها أن تتعامل مع تلك المشكلات وحلها.
ولكن وضع نفايات تورنتو كان أسوأ من ذلك بكثير في السابق، فمنذ 3 سنوات كان هناك 145 شاحنة يوميًا تحمل القمامة إلى ميتشيجان حتى وسعت المدينة من برنامجها الخاص بإعادة التدوير.
يقول ريتشارد باتس المسئول عن نفايات تورنتو والذي يحتل منصب مدير عام إدارة النفايات الصلبة: (40% من نفاياتنا يتم تحويلها وإعادة تدويرها، إنها من أنجح عمليات برامج إعادة التدوير في أمريكا الشمالية).
وتخطط المدينة إلى زيادة كمية إعادة التدوير إلى ما يقرب من 65% أو 70% من القمامة المحلية، ويقول جاي كريتيندين محرر مجلة (النفايات الصلبة وإعادة التدوير): (من حق تورنتو أن تدعي أن هذا إنجاز؛ فأنا لا أعلم مدينة أخرى في أمريكا الشمالية تقوم بمثل هذا القدر من إعادة التدوير، وأنا لا أقول ذلك فقط لأنني من تورنتو). كما تحولت عملية العثور على مقلب جديد للنفايات أو حرق القمامة إلى قضية سياسية أيضًا. فعندما كان (الحزب الديموقراطي الجديد) يتولى السلطة في تورنتو، قام بحظر حرق النفايات عام 1992م.
ولكن جاءت حكومة أخرى من المحافظين وسمحت بحرق النفايات عام 1995م، ولكنها لا تزال قضية تثير كثيرًا من الجدل الفكري، ولكن السيد ميللر محافظ تورنتو والذي يوصف بأنه عضو بأفكار يسارية في (الحزب الديموقراطي الجديد) لا يؤيد حرق النفايات.
يقول ميللر: (أنا لا أتفق مع أسلوب حرق النفايات، فنحن لدينا مشكلات خطيرة تتعلق بتلوث الهواء في تورنتو، فلا أعتقد أن نقل مزيد من السموم إلى الهواء سوف يكون بديلاً حكيمًا، كما أنه مكلف بصورة غير عادية، فتكلفته تقدر بمرتين ونصف ضعف ما ندفعه الآن).
ويقول النقاد أن الحرق الآن أكثر أمانًا، ويتخذون السويد كنموذج لهم، فهم يحرقون ما يتبقى من عمليات إعادة التدوير، فبالرغم من أن الحرق أكثر تكلفة من نقل النفايات إلى مناطق بعيدة، إلا أن تكلفته تماثل تكلفة برنامج إعادة تدوير المخلفات العضوية في تورنتو.
وقد كتب لارس هنريكسون القنصل العام للسويد في ترونتو خطابًا إلى جريدة (تورنتو ستار) هذا العام قائلاً: (للأسف أن معظم المناظرات عن حرق النفايات في كندا تعتمد على معلومات قديمة ترجع إلى السبعينيات، فمنذ عام 1980 تم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من معامل حرق النفايات بمقدار أكثر من 98%).
وهناك لجنة من المواطنين تدرس هذه المشكلة، ولكن المسئولين يقولون إن الوصول إلى قرار نهائي ربما يستغرق أكثر من عام. يقول ميللر: (إن مقاطعتنا بحاجة إلى النظر في كل البدائل، لذا يجب علينا مراجعة كافة التكنولوجيات). وهدفه هو إنهاء نقل النفايات إلى ميتشيجان بحلول عام 2012م، بالرغم من أنه يعترف أنه ربما توجد مشكلات تقف عائقًا أمام تحقيق هذا الهدف.
وفي تورنتو يتم جمع القمامة من الشوارع 5 أيام أسبوعيًا، وتقوم الشاحنات بجمع النفايات مرتين يوميًا ثم تفرغ حمولتها في محطات التحويل المنتشرة حول المدينة حيث يتم تفريغها بعد ذلك في مبان عملاقة.
وفي محطة دوفرين للنفايات، تقوم الأوناش بتحميل النفايات من حفرتين إلى داخل الشاحنات التي تنتظر لتنطلق باتجاه ولاية ميتشيجان.
ثم تقوم شاحنات إعادة التدوير بإلقاء حمولتها في مبنى مجاور حيث تقوم سيور النقل بفصل البلاستيك عن الورق، ثم تقوم مغناطيسات كبرى بسحب المخلفات الحديدية، لتسمح بالمخلفات الألومنيوم الأغلى ثمنًا بالمرور.
وفي حجرتين مضاءتين بأضواء فلورسنت وهاجة، ما بين 20 إلى 30 شخصًا يقفون لفرز المواد لإعادة تدويرها. وكل شخص مسئول عن فصل المخلفات المتشابهة: البعض يبحث عن المخلفات البلاستيكية والمعدنية وغيرها، في عمل مضنٍ وشاق.. كل ذلك من أجل التغلب على مشكلة القمامة في تورنتو.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|