|
هيئة الصحفيين..!
|
ما كدنا نفرح بصدور الموافقة على إنشاء هيئة للصحفيين في المملكة..
وبصدور لائحتها كمشروع سوف يعرض على جمعيتها العمومية..
حتى ضج الزملاء..
وشط بهم الغضب..
اعتراضاً على ما جاء فيها..
***
وما كاد أول اجتماع للهيئة التأسيسية يعقد في رحاب صحيفة الرياض..
وما اسفر عنه من قرارات لتسريع قيام هذه الهيئة..
حتى بدأ الهمس يتحول إلى جهر..
اعتراضاً على خطوات اقرها اجتماع الرياض..
وعلى رؤى صدرت عن الزملاء رؤساء التحرير..
***
ولست ضد أن يجاهر الزملاء المعترضون بآرائهم..
وان يكتبوا بما يعتقدون انه إضافة جيدة لنظام الهيئة..
سواء باقتراح منهم في تعديل صيغة مادة من مواده..
أو إضافة بند جديد على نظامه..
وسواء جاءت الاجتهادات باقتراح لحذف نص لا ضرورة لوجوده في النظام..
أو أن هذه الأصوات تحمل مقترحات يرى أصحابها أنها تصب في مصلحة الهيئة والمنتسبين لها..
***
وأرجو ان تتسع صدور أعضاء الهيئة التأسيسية لقبول وجهات النظر الأخرى..
وان تقتصر وجهات نظر الآخرين على طرح أفكار تساعد على تسريع خطوات بدء العمل في هذه الهيئة بعد انتظار طويل..
وأن تتسع صدورهم أيضاً لسماع ما يقوله أعضاء الهيئة التأسيسية بحكم قربهم وإلمامهم بالخطوات التي سبقت صدور الموافقة عليها..
***
وبمثل هذا الجو..
وبهذه الروح..
تقترب وجهات نظر الجميع من بعضها..
وتتفق الآراء حول ذات الهدف..
ولا يكون هذا الحماس سبباً في ضياع ما نتمناه لهذه الهيئة..
***
وأنا مع المنادين بالإصغاء لكل الآراء من قبل أعضاء الهيئة التأسيسية..
وأفهم لماذا سارعوا إلى إعلان تخوفهم من الآن..
مع انه كان من المناسب لهم ولأعضاء الهيئة التأسيسية لو تريثوا إلى حين انعقاد الجمعية العمومية..
وانتظروا بعض الوقت لمعرفة الحقيقة كاملة لا جزء منها..
وحينها لكل منهم أن يصرح بما يشاء..
ويعبِّر عن وجهات نظره..
لأن الأصوات حينها هي المرجح والفيصل والحكم في كل ما قيل ويقال الآن..
***
أنا مثلاً مع من يطالب بمساواة الإعلامي الصحفي تحديداً غير المتفرغ مع زميله المتفرغ للمهنة..
ومع تعديل كثير من بنودها..
وزملائي رؤساء التحرير كذلك..
والمرونة في زعمي مطلوبة..
بل ومفيدة..
وكلما اتسع العدد وكبر لمنتسبي الهيئة كان ذلك مؤشراً على نجاحها المبكر..
***
واللائحة بالمناسبة مجرد مشروع..
لم يصدر قرار وزاري بها حتى الآن..
وهي معروضة للمناقشة والتداول أمام أول جمعية للهيئة إما لإقرارها على ما هي عليه وإما تعديلها وهذا سوف يتم بالتصويت..
***
وبالتالي فلا داعي للتشويش على أجوائها من الآن..
وقتل حماس وطموح اولئك الذين يقومون بالتحضير لانعقاد أول اجتماع لجمعيتها..
وبخاصة أن الكثيرين ممن كتبوا عنها لم يطلعوا على تفاصيل ما جاء فيها.
خالد المالك
|
|
|
بتشجيع ودعم من القوات الأمريكية سرقة «ذاكرة» العراق!!
|
* إعداد أشرف البربري
لم يكن انتشار عمليات السلب والنهب في مدن بغداد والبصرة والموصل وكركوك عقب انهيار نظام حكم صدام حسين مجرد حوادث عارضة بسبب الغزو العسكري الأمريكي للعراق ولكن هذه العمليات كانت مدبرة وبتشجيع من جانب الإدارة الأمريكية لأسباب سياسية واقتصادية محددة، فقد انطلق آلاف الأشخاص ليقوموا بأعمال السلب والنهب في مدينة بغداد يوم سقوطها في التاسع من إبريل وهو يوم انهيارالحكومة العراقية في العاصمة، ولم يقتصر الأمر على مقار الوزارات ولا بيوت النخبة من أعضاء حزب البعث ولكنه استهدف العديد من المؤسسات العامة التي تمثل أهمية قصوى للمجتمع العراقي مثل المستشفيات والمدارس ومراكز توزيع الأغذية.
لقد تم نزع قطع الغيار من محطات توليد الكهرباء مما عرقل إعادة التيار الكهربائي إلى العاصمة العراقية التي يعيش فيها خمسة ملايين نسمة، ولعل أكبر خسارة للشعب العراقي من جراء هذه الحملة المجنونة للسلب والنهب هي نهب محتويات المتحف القومي في بغداد الذي يضم مجموعة من أهم الآثار في الشرق الأوسط.
وقد نهب اللصوص قاعات المتحف الضخم التي يصل عددها إلى 28 قاعة كانت تضم أكثر من خمسين ألف قطعة فنية يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من خمسة آلاف عام.
كما تم تدمير الكتالوج الكامل للمتحف وهو ما يجعل تحديد القطع التي تمت سرقتها أمرا مستحيلا.
كنوز أثرية
أحد الشهود على اكبر عملية سرقة لكنوز العراق كان عالم الاثار محسن كادون الذي رأى عصابة اللصوص تقترب منه، شعر الرجل برعب هائل ولم يكن خائفا على حياته لكنه كان خائفا على الكنوز الأثرية التي يفيض بها المتحف العراقي والتي يرجع تاريخ بعضها إلى أكثر من سبعة آلاف عاما والتي كان مكلفا بحمايتها.
يقول محسن أنه خلع قميصه ووضع فيه الأثار وجرى في شوارع بغداد حتى وصل إلى مجموعة من أفراد مشاة البحرية الأمريكية «المارينز» ليطلب منهم المساعدة في حماية هذا الكنز الذي لا يقدر بثمن. وأضاف أن هؤلاء الجنود رفضوا حتى النزول من المدرعة التي كانوا يركبونها.
وقد كان علماء الآثار في كل أنحاء العالم يتمنون لو لم تمتد يد السلب والنهب التي اجتاحت العاصمة العراقية بغداد في أعقاب دخول القوات الأمريكية إليها إلى المتحف الوطني في بغداد، ولكن هذه الأماني ذهبت هباء وانطلقت عصابات السلب والنهب تتجول في قاعات المتحف التي تضم مجموعة من أهم القطع الأثرية في العالم. وقد بلغت المسروقات أكثر من سبعين في المائة من إجمالي محتويات هذا المتحف العظيم. وقد وقف كادون على مدخل المتحف لا يملك سوى الصراخ.
فالعراق يعد واحدا من أهم المواقع التاريخية في العالم وقد أصبح المتحف الوطني العراقي على مدى أكثر من ثمانين عاما مركزا لقطع أثرية غير متكررة ووثائق نادرة ومجموعات من الأعمال الفنية الأثرية التي تعود إلى العصر البابلي والعصر الأشوري.
والحقيقة أن هؤلاء اللصوص الذين مارسوا جريمتهم تحت سمع وبصر القوات الأمريكية ألحقوا خسارة لا يمكن تعويضها بالتراث الثقافي العراقي والعالمي على حد قول الخبراء.
يقول بول زيمانسيكي استاذ آثار الشرق الأدنى في جامعة بوسطن الأمريكية أنه إذا كان العراق يمتلك شيئا ذا معنى للإنسانية غير البترول فهو تاريخه.
وقبل بدء الحرب كان كادون مسؤولاً عن نقل محتويات المتحف إلى مخبأين كبيرين تحت الأرض لحمايتها من التدمير إذا ما أصابت إحدى القنابل الأمريكية المتحف.
في حين اتخذ أثريون آخرون إجراءات وقائية إضافية لحماية الثروة الأثرية العراقية التي لا تقدر بثمن. فقد أعدت مجموعة من العلماء والباحثين وحراس المواقع الأثرية بينهم ماكجوير جيبسون استاذ الآثار في جامعة شيكاغو الأمريكية بإعداد قائمة بمواقع أثر من أربعة آلاف متحف وموقع أثري في العراق وتقديمها للقوات الأمريكية بهدف عدم قصفها.
يقول الدكتور جيبسون إن المتاحف كانت على رأس هذه القائمة وكم كان رائعا أن ينتهي القصف دون أن يصاب أي متحف من المتاحف المنتشرة في العراق. ولكن الكارثة وقعت بعد أن توقف القصف فلم تكن القوات الأمريكية مستعدة لحماية هذه المتاحف من اللصوص، وقد كان قلب كادون يتمزق وهو يشاهد اللصوص يمزقون القطع الأثرية ويحطمون خزائن العرض والاستيلاء على الحلي الذهبية وغيرها من المعادن النفسية. وعندما انتهوا من سرقة الذهب اتجهوا إلى المنحوتات وغيرها من القطع الأثرية وجاؤوا بشاحنات وسيارات حتى يحملوا فيها محتويات المتحف التي يرجع تاريخ بعضها إلى خمسة آلاف عام قبل الميلاد ليأخذوا معها ذاكرة الأمة العراقية التي تعرضت لكارثة بالفعل، ومن بين المسروقات تمثالان لأسدين من العصر البابلي مصنوعان من الطمي المحروق وبرجع تاريخهما إلى أربعة آلاف مضت. ومجموعة من الألواح التي كانت تستخدم في تعليم الأطفال يزيد عمرها عن خمسة آلاف عام. وقد سمع الدكتور جيبسون بنبأ نهب متحف بغداد عندما كان اللصوص قد انتهوا من سرقة الطابق الأول من المتحف ولم يصلوا إلى القبو.
لا اكتراث امريكي!
يقول الرجل بصوت مخنوق بالبكاء أن الأمر يبدو وكأن مجموعة من اللصوص اقتحمت متحف متروبوليتان وهو بمثابة المتحف الوطني الأمريكي في نيويورك. ورغم النداءات المتكررة للقوات الأمريكية بالتدخل من أجل تأمين المتحف فإن هذه القوات لم تصل حتى يوم الأحد وبعد أن كان اللصوص قد انجزوا مهمتهم الدنيئة. ويعترف الدكتور جيبسون أن هذا السلوك الأمريكي إساءة لكل الأمريكيين. فالجنود الأمريكيون تعاملوا مع الموقف كما لو كانوا مجموعة من الهمجيين الذين لا يقدرون قيمة الآثار ولا الأعمال الفنية. وأضاف أنه إذا كان أحد يستطيع القول بأن مسؤولية ما حدث تقع على اللصوص وليس على الأمريكيين فإن الأمر مردود عليه لأن هذه العصابات لم تفعل ما فعلت إلا بسبب غياب النظام والقانون والقوات الأمريكية هي السبب في تغييب النظام والقانون ثم وقفوا يشاهدون الجريمة تتم أمام أعينهم دون التدخل لوقفها.
يؤكد الخبراء أن الخسارة فادحة لأن العراق على عكس أفغانستان التي شهدت تدميرا واسعا للآثار والأعمال الفنية قبل وصول القوات الأمريكية بوقت طويل في حين كانت الآثار العراقية تتمتع بحماية رسمية كبيرة في ظل حكم الرئيس صدام حسين كما أن متاحفها كانت تمتلك سجلات دقيقة لمحتوياتها على الرغم من تدهور الأوضاع بعض الشيء خلال السنوات الأخيرة بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليه.
يقول جيمس أرمسترونج مساعد مدير احد المتاحف في جامعة هارفارد الأمريكية أنه يتمنى استعادة ولو جزء من الآثار العراقية المسروقة بعد أن يتم استعادة النظام والقانون في العراق. وكانت أفغانستان قد شهدت إقامة نقاط تفتيش عديدة بعد الحرب من أجل ضبط عمليات تهريب الآثار إلى باكستان.
والحقيقة أن القطع الأثرية العراقية ذات قيمة عالية بالنسبة لهواة جمع التحف وهو ما يشجع على محاولة بيعها وتهريبها. ولكن في نفس الوقت فإن هذه القطع مشهورة ومعروفة الأمر الذي يمكن أن يسهل من عملية استردادها بعد ذلك على حد قول بعض العلماء.
يقول الكاتب باتريك مارتن في مقال له بعنوان «اكبر عملية سطو في العصر الحديث» نشر على موقع wsws.com: كان الجنود الأمريكيون يقفون إلى جوار سورالمتحف العراقي ويسمحون للصوص بنهبه الأمر الذي يمثل ضربة لا توصف للثقافة الإنسانية. كما شجع الجنود الامريكيون هؤلاء الغوغاء على نهب المستشفيات والجامعات والمكتبات العامة ومباني الخدمات الحكومية العامة.
و استنكر الكاتب وقوف قوات الاحتلال موقف المتفرج مما كان يجري من اعمال سلب ونهب مشيرا الى ان القوات الأمريكية لم تحم سوي وزارة البترول والتي تحتوي على وثائق مخزون العراق من البترول في باطن الأرض بالإضافة إلى وزارة الداخلية ومقار قيادة الأجهزة الأمنية السرية العراقية والمخابرات. وقد أصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيانا في مقرها بجنيف أعلنت فيه أنها حذرت بوضوح قبل الحرب من احتمالات انتشار عمليات السلب والنهب التي شهدتها مدينة بغداد وغيرها من المدن العراقية. وحذرت اللجنة الدولية من انهيار النظام الصحي في بغداد وذكرت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بمسؤوليتهما عن توفير الأمن للشعب العراقي وفقا لقواعد القانون الدولي التي تنظم مسؤوليات قوى الاحتلال في الأراضي المحتلة. ولكن الجنرال تومي فرانكس قائد الحرب الأمريكية ضد العراق أصدر أوامره للوحدات المحتلة في بغداد بعدم استخدام القوة ضد اللصوص الذين يمارسون أعمال السلب والنهب.
احتجاجات عراقية
ويتابع الكاتب قائلا : لكن هذه الأوامر تم تعديلها بعد عدة أيام بسبب تصاعد الاحتجاجات من جانب المواطنين العراقيين ضد تدمير مؤسسات البنية الأساسية الاجتماعية العراقية. وقد نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية احتجاجا على هذه الممارسات على لسان مواطن عراقي كان يتولى حراسة مستشفى الكندي في بغداد وقال فيه إنه كان يشعر بالغضب بسبب رؤية الجنود الأمريكيين في الحي الموجود فيه وأشار إلى أحد أفراد مشاة البحرية الأمريكية «المارينز» الذي تم تكليفه بحماية المستشفى منذ يومين. قال له الجندي الأمريكي أنه لا يستطيع حماية المستشفى. وتساءل العراقي المدعو حيدار عواد كيف لا يستطيع جيش كبير كالجيش الأمريكي حماية مستشفى؟ والحقيقة أن دور القوات الأمريكية لم يقتصرعلى الوقوف موقف المتفرج على أعمال السلب والنهب ولكن تعداه إلى تشجيع هذه العمليات وتسهيلها.
ويضيف الكاتب قائلا : ووفقا لتقرير نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية بعد أن أعادت القوات الأمريكية فتح كوبريين على نهر دجلة لمرور المدنيين كانت النتيجة المباشرة لهذه الخطوة هي انتقال اللصوص وجماعات السلب والنهب بسرعة وتكثيف عملياتهم في مبنى وزارة التخطيط وغيرها من المباني الحكومية.
شاهد على الجرائم
أما صحيفة «داجينس نايتر» السويدية واسعة الانتشار فنشرت في الحادي عشر من إبريل مقالا بقلم باحث متخصص في شؤون الشرق الأوسط سافر إلى العراق كدرع بشري قبل الحرب وهو من أصل عربي ويدعى خالد بيومي. وقال خالد: لقد كنت هناك عندما كانت القوات الأمريكية تشجع الناس على القيام بأعمال السلب والتدمير.
ووصف كيف أطلق الجنود الأمريكيون النار على حراس المباني الحكومية العراقية في شارع حيفا على الضفة الغربية لنهر دجلة ثم قام هؤلاء الجنود بتفجير جزء من باب المبنى حتى يسمحوا للناهبين لممارسة أعمالهم، ويواصل بيومي كلامه فيقول إنه كان يقف إلى جوار دبابة أمريكية وانطلق منها صوتا باللغة العربية يطالب المواطنين بالتجمع معا. في البداية كان هؤلاء المواطنون مترددون في الخروج من منازلهم لأن الجنود الأمريكيين كانوا يطلقون النار على أي شخص يحاول عبور الشارع في صباح ذلك اليوم. وقال المترجمون العرب المرافقون للامريكيين للصوص بأن يدخلوا إلى المباني ويأخذوا منها ما يشاؤون وانتشرت هذه الكلمات بسرعة وفي لحظات تم تخريب المبنى بالكامل، وأضاف بيومي أنه كان على بعد 300متر فقط عندما أطلق الجنود الأمريكيين النار على حراس المبني العراقيين عندما حاولوا منع عمليات السلب والنهب. وبعد ذلك قامت دبابة أمريكية بتدمير مدخل وزارة العدل العراقية حيث تواصلت أعمال النهب والتخريب. ويضيف بيومي أنه كان يقف وسط حشد من الناس ولكن أي منهم لم يفكر في الاشتراك في عمليات السلب والنهب ولكن لم تكن لديهم الشجاعة لكي يتدخلوا لمنع هذه العمليات.
بل إن الكثيرين منهم كانوا يبكون خجلا مما يرون بأعينهم. وفي صباح اليوم التالي وصلت أعمال النهب إلى المتحف الحديث والذي يقع على بعد ربع ميل من الشمال. وكان هناك أيضا مجموعتان من الناس. مجموعة المخربين ومجموعة تتابع ما يحدث بألم بالغ.
تطهير عرقي
نفس المشاهد تكررت في كركوك والموصل وهما مدينتان تقعان في شمال العراق وتضم خليطاً من مختلف العرقيات المكونة للشعب العراقي. والحقيقة أن أعمال النهب في كركوك والموصل اتخذت طابعا سياسيا حيث يساعد تدمير الممتلكات والمباني والسجلات الحكومية في تنفيذ عملية تطهير عرقي تستهدف العرب والتركمان من جانب الأكراد الذين يدعون حقهم في المدينتين.
وفي مدينة كركوك التي تضم أغنى حقول البترول العراقية قام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بوضع مسؤوليه في منازل زعماء حزب البعث في المدينة. وعندما احتلت الكتيبة رقم 173 المحمولة جوا الأمريكية القاعدة الجوية في كركوك سمح الجنود الأمريكيون لمنفذي عمليات السلب والنهب بمغادرة القاعدة ومعهم الأشياء التي قاموا بسرقتها وفتحوا بوابات القاعدة لكي يمر هؤلاء اللصوص منها بسلاسة.
ولم تحاول القوات الأمريكية في المدينة بذل أي جهد من أجل وقف الحريق الذي شب في مصنع القطن ولا في المباني الإدارية. ولكن القوات الأمريكية احتلت بسرعة مباني شركة بترول شمال العراق المملوكة للدولة العراقية والتي تدير حقول البترول الغنية في الشمال. وقد أصدر العقيد وليام مايفل قائد الكتيبة الأمريكية أوامره لقواته بالسيطرة على ثلاثة مواقع بترول أساسية في حين وقفت القوات الخاصة الأمريكية لمراقبة أربع محطات لفصل الغاز عن البترول. وصرح مايفل لوسائل الإعلام الأمريكية أنه أراد بهذا أن يرسل رسالة للعراقيين تقول نحن هنا فلا تحاولوا الاقتراب من المنشآت البترولية.
وفي الموصل وهي أكبر المدن في الشمال تعرضت المستشفيات والمدارس والجامعات والمعامل والفنادق والعيادات والمصانع لعمليات سلب ونهب وتدمير واسعة النطاق في حين ظل أكثر من سبعمائة جندي أمريكي خارج أسوار المدينة لمدة تزيد عن يوم كامل في الوقت الذي كان عمليات السرقة وتدمير الآثار مستمرة مما أثار شكاوى واسعة من جانب سكان المدينة وهي الشكاوى التي وصلت إلى وسائل الإعلام العالمية بما فيها الأمريكية.
كما كتب الصحفي البريطاني روبرت فيسك في جريدة «الإندبندنت» البريطانية يوم14 إبريل يقول أن رد فعل القوات الأمريكية على عمليات السلب والنهب في بغداد كانت توضح بصورة كبيرة الهدف الذي ستحاول القوات الأمريكية حمايته تحت أي ظرف. فقد سمحت القوات الأمريكية للعصابات بنهب وحرق وزارات التخطيط والتجارة والري والتربية والتعليم والصناعة والشؤون الخارجية والثقافة والإعلام.
ولكن هذه القوات لم تبذل أي جهد لمنع اللصوص من تدمير كنوز التاريخ العراقي التي لا تقدر بثمن في متحف بغداد القومي للآثار. وفي متحف مدينة الموصل.
وفي نفس الوقت وضع الأمريكيون مئات الجنود في وزارتين فقط ولم يتمكن أي عراقي من الاقتراب منهما وهما وزارة البترول ووزارة الداخلية. فوزارة الداخلية تتضمن كنزاً من المعلومات الاستخباراتية عن العراق في حين تضم وزارة البترول ملفات وسجلات عن الثروة البترولية العراقية وهي الثروة الأكثر قيمة بالنسبة لأمريكا. والتي تعتزم إدارة الرئيس بوش تقديمها للشركات الأمريكية.
تقارير مزورة
وهذا الاهتمام الأمريكي بالبترول العراقي ظهر بوضوح حتى خلال الأيام الأولى للحرب. فالجنرال الأمريكي تومي فرانكس الذي أصدر تعليماته لقواته بعدم التدخل لمنع أعمال السلب والنهب والحرق في بغداد وغيرها من المدن العراقية هو نفسه الذي أصدر أوامره في العشرين من مارس الماضي للوحدة الأولى من القوات الخاصة لمشاة البحرية الأمريكية بدخول العراق قبل بدء الحرب بيوم واحد لأن هناك تقارير تشير إلى قيام القوات العراقية بإشعال النيران في حقول بترول الرميلة جنوب العراق. وقد ثبت فيما بعد أن هذه التقارير كانت مزورة.
والحقيقة أن فرانكس الذي يشغل منصب قائد القيادة الأمريكية الوسطى وقائد الحرب ضد العراق قد طرح كل خطط الحرب جانبا وأرسل جنوده قبل بدء القصف الجوي بيوم واحد وهو ما يعرضهم لمخاطر جسيمة من أجل حماية الهدف الحقيقي من الحرب الأمريكية ضد العراق وهو البترول.
لأول وهلة يمكن القول بأن الإدارة الأمريكية في واشنطن لم تكن مهتمة بعمليات السلب والنهب. وفي مؤتمر صحفي بوزارة الدفاع الأمريكية بعد عدة ايام من سقوط بغداد. هاجم وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وسائل الإعلام واتهمها بالمبالغة في تصوير حالة الفوضى وأعمال السلب والنهب في العراق وقيام القوات الأمريكية بحماية هذه العمليات والسماح بها. وقال إنها كانت عمليات غير منظمة وإنها كانت ثمن الحرية فالناس الأحرار لديهم حرية ارتكاب الأخطاء وحرية ارتكاب الجرائم. ولكن لا شك أن الإدارة الأمريكية كانت ستكون أقل تساهلا وعطفا على عمليات السلب والنهب إذا ما قامت بها العصابات ضد مكاتب الشركات والحكومة في مدن واشنطن أو هيوستون أو نيويورك.
تدمير الاقتصاد
والحقيقة أن المصالح الشخصية والبحث عن المكسب يمثل عنصرا أساسيا في مختلف سلوكيات إدارة الرئيس بوش فعمليات النهب والتدمير المتعمد للمنشآت الحكومية يمثل استكمالا للتدمير الذي قامت به القنابل والصواريخ الأمريكية بهدف تدمير الاقتصاد العراقي الذي تديره الدولة لمصلحة الشركات الأمريكية التي ستتولى إعادة ما دمرته الحرب الأمريكية ضد العراق وأعمال النهب التي تمت تحت رعاية الجنود الأمريكيين. وبالفعل تم توقيع عقود مع شركات أمريكية خاصة لتوريد المعدات الطبية التي تمت سرقتها من المستشفيات العراقية وإعادة بناء المدارس وتوفير الكتب لها. بل إنه تم توقيع عقد مع شركة أمريكية خاصة لتدريب عناصرالشرطة العراقية.
والمتوقع أن يشهد العالم أكبر عملية سرقة في التاريخ عندما تقوم الإدارة الأمريكية بتقديم الاحتياطي العراقي الضخم من البترول إلى الشركات الأمريكية تحت شعار الخصخصة، كما أن عمليات السلب والنهب تخدم المصالح الاستعمارية لأمريكا وتسهل لها فرض سيطرتها على الدولة العراقية. وتسعى إدارة بوش إلى تشجيع ظهور نخبة جديدة في العراق تتولى الحكم تتكون من أشخاص أنانيين وجشعيين ورجعيين يعملون كزعماء عصابة تحت الرعاية الأمريكية الكاملة. والاستيلاء على الثروة من خلال سرقة أصول الدولة العراقية يخدم مصالح أمريكا سواء الاقتصادية أو كقوة احتلال في العراق.
إعادة توزيع الدخل
وكما قال أحد الضباط الأمريكيين لجريدة «نيويورك تايمز» الأمريكية عن عمليات النهب والسلب أنها عملية جديدة لإعادة توزيع الدخل. والحقيقة أن هناك سابقة دالة على ذلك في الاستراتيجية الأمريكية. فقد شجعت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب ظهور نخبة رأسمالية جديدة في روسيا من بين طبقات المافيا ومسؤولي الحكومة السوفيتية الفاسدين الذين استولوا على ممتلكات الدولة عبر عمليات خصخصة فاسدة.
وإذا كانت أمريكا دعمت نفوذها الاستعماري في أوروبا الشرقية والجمهوريات السوفيتية السابقة خلال التسعينيات من خلال «نظرية الصدمة» فإنها تحاول حاليا تنفيذ نفس الاستراتيجية في العراق المدمر عن طريق «الصدمة والرعب».
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|