|
أمن إسرائيل لا أمن المنطقة!!
|
يقول الرئيس الأمريكي إنه لن يسمح لإيران بأن تواصل عملها لتخصيب اليورانيوم بما يمكّنها من إنتاج الطاقة والرؤوس النووية.
وموقف الرئيس بوش كان يمكن أن يكون مقبولاً ومرحباً به، وأن يُضاف إلى سجل الولايات المتحدة الأمريكية الذي يضم القليل جداً من مواقف الإدارة الأمريكية المنصفة والعادلة في التعامل مع الدول والشعوب.
***
غير أن الرئيس الأمريكي يبدو أنه لا يلقي كثير اهتمام بترحيب الدول الصغيرة والشعوب بدليل مثل هذا الكلام الذي يصدر عنه، وهي الدول التي لا تملك من السلاح والقوة العسكرية والاقتصادية ما يمكِّنها من أن تقول للدول الكبرى لا بصوت مرتفع حين يُملى عليها ما يتعارض مع مصالحها الوطنية.
بدليل أنه سارع إلى إيضاح موقفه من المشروع النووي الإيراني بالقول: إنه يهدِّد أمن إسرائيل، وإن الولايات المتحدة الأمريكية وهي المعنية بضمان أمن إسرائيل بحكم علاقاتها الإستراتيجية معها، لن تسمح بأن يهدّد أو يمس هذا الأمن أو يعرض استقرار إسرائيل للخطر.
***
أي أن تخصيب اليورانيوم الإيراني على ما فيه من خطر على أمن المنطقة دولاً وشعوباً ليس من ضمن الحسابات والاهتمامات الأمريكية، وكان يمكن أن يكون مقبولاً ومسموحاً به، بل ربما وضعت الخبرات والإمكانات الأمريكية في خدمة إنجازه، لولا أنه يهدِّد أمن وسلامة إسرائيل.
وبمثل هذه السياسة الأمريكية غير العادلة تتكاثر المواقف المضادة لها من الشعوب والدول في منطقتنا وفي جميع مناطق العالم، دون أن تعيد الإدارات الأمريكية المتعاقبة حساباتها ومواقفها من القضايا الملتهبة في العالم، بما عزَّز من انتشار ظاهرة الإرهاب باتجاه تناميها وازدياد خطورتها.
***
وكان الأجدر بالرئيس بوش وهو يمضي الجزء المتبقي من ولايته الثانية في البيت الأبيض، أن يطالب إسرائيل بنزع سلاحها النووي، وأن يتبنى موقفاً دولياً يلزمها بإخضاع أبحاثها ومواقعها النووية للتفتيش، من غير أن يتخلَّى عن إصراره على تنظيف الأراضي الإيرانية من المنشآت النووية.
ولو فعل الرئيس الأمريكي ذلك، وأخذ موقفاً حازماً من إسرائيل أولاً ومن إيران ثانياً، لكان في موقفه هذا قد أعطى للعالم دروساً لم يألفها من قبل عن الأسس التي ينبغي أن يبنى عليها السلام العادل والشامل في العالم، وبالتالي لطمأن شعوب منطقتنا على ضمان أمنها، وعدم تعريض استقرارها للخطر بفعل نزوات إسرائيلية أو إيرانية، أو مغامرات قد تأتي في المستقبل من دول أخرى في المنطقة.
***
ولأن الإدارة الأمريكية لا تفعل ولا تفكر أن تفعل ذلك، ولأنها تتعامى عن أي اقتراح أو وجهة نظر أو رأي يصب في هذا الاتجاه، انسجاماً مع إرث تاريخي من المواقف الأمريكية المنحازة لإسرائيل، فقد ظل العالم ينظر إليها بوصفها دولة غير عادلة وغير منصفة، ولا تمثِّل الحكم النزيه في المشكلات الدولية العالقة.
ولهذا فلم يكن مستغرباً أن يكون الموقف الأمريكي من المفاعل النووي الإيراني الرافض لتخصيب اليورانيوم مصدره الخوف على إسرائيل وليس التضامن مع دول المنطقة التي ترى في النوايا الإيرانية ومثلها وقبلها النوايا الإسرائيلية مصدر قلق وخوف على مستقبلها وأمنها واستقرارها، وفي ظل هذا التصور لعل هناك فرصة أمام الرئيس الأمريكي للتفكير في مواقف إدارته من الحالة التي تثير القلق وتهدِّد بمستقبل غامض ومخيف لدول وشعوب المنطقة بما لا مجال فيه لأن يستثني أحداً مما هو متوقّع ومنتظر.
خالد المالك
|
|
|
وهكذا دواليك تململ! عبدالباسط شاطرابي
|
ممنوع الوقوف، ممنوع الانتظار، ممنوع التجاوز، ممنوع التدخين، ممنوع استعمال الجوال، ممنوع الضجيج، ممنوع الأكل.. ممنوع الشرب.. ممنوع التنفس!!
قائمة طويلة من الممنوعات قد تصادفك.. والنفوس مجبولة على التململ من كلمة (ممنوع)، لكن العقلاء فقط من يروضون هذه النفوس ويقنعونها بأن المنع لم يأت إلا لفائدة.. خصوصاً إذا كان هذا المنع منطقياً!
أعرف شخصاً مصاباً بحالة حادة جداً من التململ، فإذا لم يجد ما يتململ منه بحث عن أي شخص أو أي مكان أو أي سبب يجد فيه ما يدفعه لهذا السلوك.
يذهب إلى أماكن لا يصح أن يوقف سيارته فيها لأن هناك علامة مرورية تمنع ذلك.. فيوقف سيارته لبعض الوقت وكأنه يقول للناس: هأنذا أتحدى الأنظمة.. ثم يسارع بعد ذلك لمغادرة المكان تحسباً لسيارة مرور تصطاده بالجرم المشهود! يلج إلى المصاعد في البنايات الكبيرة فلا يحلو له إشعال السيجارة إلا داخلها! يخرج قائداً سيارته منطلقاً بسرعة 100 كلم فإذا رأى إحدى العلامات المرورية التي تشير إلى أن أقصى سرعة مسموحة هي 120 كلم دعس على البنزين لتتحول المقذوفة.. أقصد السيارة.. إلى صاروخ أرض أرض.. هو شخص عنيد جامح يصعب ترويضه أو تدجينه.. فإذا قلت له: الأفضل أن تتجه شرقاً انطلق من فوره إلى الغرب، وإذا نصحته بأن يقص شعر رأسه تركه يتكاثر حتى ينسدل على كتفيه.. صديق خبيث وعد الجميع بأن يقوم بترويض صاحبنا المتململ، ورغم أن المهمة كانت مستحيلة، لكن للعجب نجح في معالجة الحالة، واستطاع بمهارة أن يعيد صاحبنا إلى جادة الصواب بأسلوب عجيب غريب.
يقول الصديق إنه عرف أن البرمجة الدماغية لصاحبنا لا تنشط إلا عند أوامر المنع، لذلك استعمل (برنامجاً) معاكساً للتعامل مع الرجل، فإذا أراد مثلاً أن يستلف منه مبلغاً فإنه لا يقول له: أريدك أن تقرضني، بل يقول: لا تقرضني شيئاً.. أرجوك.. فالحال مستور والحمد لله! وإذا أراد أن يحظى بخدمة ما بادره بالقول: أنا لا أحتاج لهذه الخدمة.. وسأكون سعيداً لو امتنعت عن مساعدتي في هذا الأمر!!
صاحبنا المتململ انقطع نفسه وانسلّت روحه وهو يتابع (العناد) مع ذلك الصديق، وما هي إلا فترة قصيرة حتى وجد أن جيوبه خاوية من كثرة ما أقرضه لصديقنا، كما اكتشف أن زمنه كله قد ضاع وهو يعاند رجاءات الصديق بالامتناع عن تقديم الخدمات بمختلف أشكالها وتنوع ألوانها!
الراجح عندي أن صاحبنا لم يعد إلى صوابه بسبب انقطاع أنفاسه، ولكن بسبب إدراكه اللعبة الماكرة التي يمارسها صديقنا معه.. وهو الآن يبدو في حالٍ طيبة.. رغم حالات الارتباك والحيرة التي تظهر عليه كلما رأى علامة مرورية تمنع الوقوف.. أو كلما قرأ إعلاناً يقول: لا تدع الفرصة تفوتك!
shatarabi@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|