|
وعام جديد..!
|
لم يبقَ سوى أربعة أيام لنقول وداعاً يا عام 2005 الميلادي، وكل عام وأنت بخير..
ولنستقبل العام الجديد كلٌ بطريقته وأسلوب احتفاليته وتوقعاته لما سيستجد في العام الجديد من حياته.
***
سنوات تمضي بسرعة، بكل أحداثها وتطوراتها ومستجداتها، ما خطر منها في بال كلٍّ منَّا وما لم يخطر..
تمضي مبتسمةً للبعض، مكشِّرةً عن أنيابها للبعض الآخر، نساق فيها دون أن ندري إن كان فيها خيرٌ أو شرٌ لنا.
***
نستذكر أحداث العام الذي مضى، نُقلِّب صفحات أيامه، نفرح لبعضها ونذرف الدموع للبعض الآخر، ومن منَّا لم يتألم، ومن منَّا لم يفرح ذات يوم؟..
كان عاماً مليئاً بالآلام، وفي الوقت ذاته فقد كان مفعماً في جزء منه بما يسر ويُفرِح.
***
ولكن ماذا عن العام الجديد الذي يطل علينا، فيما تمرُّ منطقتنا ودولنا بأوضاعها التي في جوانب منها لا تسر؟..
ماذا تخبِّئ السنة الجديدة لهذه الأمة المكلومة بفقدانها للقوة التي تدافع بها عن حقها أمام من يبيّت لها شراً؟
***
لقد عاشت دولنا وشعوبنا خلال العام الحالي الذي يستعد للرحيل بما لا قدرة للمرء أن يتحمله لولا إرادة الله وعونه وتوفيقه..
عمليات إرهابية، ومؤامرات بكل الأشكال والأصناف، وغموض لما يُرتَّب لعالمنا (بحكم ضعفه) من تغيرات ليست في صالحه ولا تخدم مصلحته.
***
هذا العالم الواسع مسكون بالخير أحياناً، يجلله رداء يمنع هذا الخير أحياناً أخرى، إنه عالم مجنون تحكمه المتناقضات، وتتجاذبه كل التيارات..
وعالمنا الصغير - عربياً وإسلامياً - هو في هذا الكون الفسيح يقاوم من أجل حياة حرة كريمة، من أجل أن يبقى سيداً وحراً وعظيماً.
***
بين وداع عام واستقبال عام آخر..
بين هذا الاحتفال الذي يسوده أمل وخوف، ويميزه ماض جمع بين ما كنَّا نريده وما أساء لنا مما لا نريده، في حضور مستقبل يشوبه ذلك الشعور من الخوف بأن تأتي أحداثه وتطوراته ومستجداته ليست بمثل ما نتمنى أو كما نريد.
***
نعم ، ما هي إلا أربعة أيام ثم يبدأ عام جديد من أعمارنا، وربما من آلامنا، وعسى أن يكون من آمالنا.
الزمن المتبقي جد قليل، إنها ساعات تمضي بسرعة، تهبنا المزيد من العمر، ومن سنوات الحياة، دون أن ندرك أو نتعرف أو نكون على علم بما ينتظرنا.
***
كل عام وأنتم بخير، نرددها الآن، نقولها بملء أفواهنا، بكل عواطفنا، لبعضنا نقولها، كلما حل عام جديد.
كل عام وأنتم بخير، كلمات وجمل ومعانٍ لها دلالاتها، فلنكن إن شاء الله بخير، بألف خير، لنعمل من أجل أن يعم هذا الخير، أن يشمل كل إنسان، وأن يسود عالمنا الجديد الحب.. كل الحب.
خالد المالك
|
|
|
هبة الخالق لبني البشر جهاز المناعة ..
|
* إعداد د. فهمي حسن أمين العلي(*)
إنَّ مِنْ نعم الله سبحانه وتعالى الوافية على بني الإنسان أن أبدعه وخلقه في أحسن صورة وأجمل بهاء قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} ولم يترك سبحانه هذا البهاء المتكامل دون أن يهبه الأعضاء والأجهزة التي تتلاءم مع دورها الذي تقوم به في الحياة في تنسيق بديع وأداء متكامل لا يعتريه خلل أو نقصان إلا بإذنه سبحانه، فالجهاز التنفسي ومكوناته مصفاة تنقية باهرة، والجهاز الدوري والقلب مضخة لا يقابلها مثيل، والجهاز العصبي والمخ شبكة اتصال معقدة حارت عقول مفكري العالم ومصممي أجهزة التقنية الحديثة فيه وعجزت أن توجد خلية واحدة مشابهة لخلايا هذا المخ ذات الاستجابة الفورية السريعة التي تنقلك بخيالك من أي شارع في مدينة الرياض إلى آخر في لندن ونيويورك أو من حقبة من الزمن إلى أخرى في أقل من لمح البصر. بعد معرفة هذا لا تملك إلا أن تسجد لله سبحانه شكراً وعرفاناً {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
ما أحببت أن أكتب عنه هنا هو هبة أخرى من الله سبحانه وتعالى للبشر لا نحس بها ولا نستعظم قدرتها ولكنها في الحقيقة سبب الحياة السليمة بإذن الله ولولاها لما استطاع الإنسان أن يعيش في هذه الدنيا سويعات دون أن ينكدر صفو الحياة فيها هذه الهبة هي جهاز المناعة العجيب الذي زود الله به جسم الإنسان ولولاه لغزت الجراثيم والطفيليات التي تحيط بنا وتلازمنا في كل مكان أجسامنا وحتى الأجنة في أرحام الأمهات.
إن التوازن الذي يحافظ على الجسم بين كفة الصحة والمرض قد يكون لحد ما توازناً هشاً ضعيفاً لارتباطه بخلية وحيدة من الكائات الحية الدقيقة تسمى بالبكتيريا. إن اكتشاف لويس باستير في القرن التاسع عشر بأن البكتيريا بجانب ما لها من منافع عديدة في حياتنا تعتبر واحدة من أهم العوامل المسببة للأمراض المعدية كان هو المفتاح لعالم الأمراض المجهول الذي كانت تشوبه الخرافات والشعوذات، وقد تأخذ الإنسان الدهشة وتبدو عليه علامات الاستغراب عندما يدرك بأن البكتيريا هذا الكائن الحي وحيد الخلية الذي لا يُرى إلا بالمجهر والفيروس الذي يصغرها آلاف المرات يمكن لكل منهما أن يقتل إنساناً أو حيواناً يكبرها ملايين المرات. ولكن لا تلبث هذه الدهشة أن تزول وسحابة الغرابة أن تنقشع عندما يعلم بأن هذه البكتيريا التي تدخل جسم الإنسان أو أي كائن حي آخر تتكاثر بسرعة فائقة لا يعادلها نظير عندما تجد الظروف البيئية المناسبة لنموها.
من التجارب المعملية اتضح بأن البكتيريا بإمكانها أن تنقسم مرة واحدة على الأقل في كل 20 - 30 دقيقة وعند هذا المعدل فإن بمقدور بكتيريا واحدة فقط أن تشكل في وقت قصير جداً ما يغطي مساحة رقعة كبيرة جداً تتعدى عشرات الكليلو مترات المربعة في بضعة أيام، ولكن لعناية الله سبحانه ولطفه بالبشر جعل هناك العديد من المواقع التي توقف هذا النشاط وتحد منه.
يكون نمو البكتيريا عادة في جسم الإنسان بطيئاً إلى حد ما في مراحل العدوى الأولى لحدوث ما يسمى بفترة الحضانة (السكون) وهي الفترة التي تبدأ بدخول البكتيريا المرضية أو الفيروس المسبب للمرض إلى الجسم حتى تظهر أعراض المرض على الشخص المصاب. وفترة الحضانة هذه قد تكون لبعض أنواع الجراثيم ساعات معدودة وأخرى قد تتعدى الأسابيع.
تلحق البكتيريا والفيروسات أضراراً بجسم الكائن الحي وفي مقدمتها الإنسان على النحو التالي:
أولاً: إصابة غير مباشرة وفيها تفرز بعض أنواع البكتيريا المرضية سموماً داخل جسم الإنسان تتداخل مع السير الطبيعي للعمليات الحيوية السائرة فيه كالهضم، والتنفس، والإخراج.. الخ.
ثانياً: إصابة مباشرة وهي أن تتلف البكتيريا أو الفيروس خلايا أنسجة الجسم المصاب وتبطل نشاطها ومن ثم تموت، وتأخذ الجرثومة بعد ذلك دورها في التكاثر فيها حتى يكبر حجمها وتنفجر نتيجة لذلك، ومن ثم تنتقل الجرثومة إلى خلية أخرى وهكذا، هذه عادة طبيعة الأمراض السرطانية.
***
الغزو الجرثومي
يبذل الجسم البشري عادةً جهداً كبيراً للدفاع عن نفسه من الغزو الجرثومي بما أودعه الله سبحانه وتعالى من وسائل دفاعية تشريحية أو تركيبة طبيعية كالدم والجلد والأغشية المخاطية واللعاب مما يدعونا مرة أخرى إلى التأمل في قوله تعالى: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} إذ وهب أجسامنا خطوطاً دفاعيةً متعددةً وحصوناً متينةً إذا ما تخطت الجرثومة الغازية أحدها فلا تفلت من الآخر بعونه سبحانه وهي:
1 - أنزيم لا يزوزايم: ويوجد هذا الأنزيم عادة في اللعاب والدموع وفي غشاء الأنف المخاطي ويتميز بقدرته على تحليل العديد من البكتيريا وإذابتها في بلازما الدم ومن ثم طرحها للخارج عن طريق أجهزة الإخراج المختلفة.
2- الخلايا الآكلةphagocytic cells : تجري في بلازما الدم خلايا بيضاء معينة تسمى بالخلايا الآكلة وهي الخلية الآكلة وحيدة النواة وهي كبيرة الحجم, والخلايا الآكلة متعددة أشكال النوى. وإذا ما حصلت أي عدوى أو جرح للجسم في مكان ما فهي تسارع بالتجمع حوله وتحاول التغلب عليه وما الصديد الذي نراه إلا جثث هذه الخلايا التي قتلت في ميدان المعركة دفاعاً عن الجسم وجثث قتلاها من الجراثيم الغازية له. ويمكن اعتبار الكبد صدراً لتلك الخلايا في حالة الحاجة إليها.
3 - الأجسام المضادة ومولداتها Antibodies and antigens: الأجسام المضادة هي عبارة عن بروتينات تفرز في الدم بأمر خالقها كرد فعل يتلاءم مع المادة الغريبة الداخلة في الجسم أو استجابة متخصصة للبكتيريا أو الفيروس الغازي له فعل سبيل المثال لو هاجمت الجسم جرثومة (ص) فإن جسماً مضاداً هو (ص) سيتولد ضدها ولو غزت جرثومة (ع) الجسم فإن جسما مضاداً هو (ع) سيتولد ضدها وهكذا. إن الأجسام المضادة المتكونة في الجهاز اللمفاوي Lymphatic system تنتشر في الدم وأنسجة الجسم المختلفة ويمكن لهذه الأجسام المضادة اللمفاوية أن تتعامل مع الجرثومة الغازية بطرق متعددة تعتمد على تركيب الجسم المضاد نفسه (خلايا B أو خلايا T) فبعض منها يتحد كيميائياً ويلتحم مع الغلاف البتروتيني الخارجي المغطى للبكتيريا أو الفيروس ويذيب أجسادهما في مجرى الدم دون أن يتسبب في أدنى أذى يذكر للإنسان وهذه هي القاعدة الأساسية للمناعة الطبيعية.
وقد تؤدي الأجسام المضادة اللمفاوية دوراً كبيراً أيضاً للحد من قوة تأثير السموم وذلك لمعادلة أثرها وإيقاف مفعولها، أما مهمة الجهاز اللمفاوي الآخر فهي تكوين مولدات المضادات الحيوية.
مولد المضاد هو عبارة عن مواد غريبة غير مرضية كحبوب اللقاح - ذرات الغبار وغيرها أو عوامل مرضية كالبكتيريا أو الفيروس تدخل الجسم وتستحثه لتصنيع وإعداد قذائف مضادة لها، فإذا ما استقر هذا العامل الدخيل في الجسم هاجرت إليه فرقة من مولدات المضاد هذه وتعرفت على توعيته وشكلها ومن ثم تولد الأجسام المضادات الملائمة للقضاء عليها.
والأجسام المضادة يعتقد بأنها هُيئت لتفي بهذا الغرض لأن تركيبها ينزلق تماماً في مكانة على الوحدة الجزئية لمولد المضاد مهما كان نوعه.. كانزلاق المفتاح في القفل أما إذا لم يتطابق مفتاح الأجسام المضادة مع قفل مولد المضاد والسميات فلا يكون في العادة لها أثر لمنع مفعولها.
إن قوة المناعة الطبيعية وكفاءتها في الجسم تخضع كأي جهاز آخر في جسم الإنسان إلى العوامل البيئية وتغيراتها من ظروف اجتماعية معيشية أو سكنية فهي بالطبع تعلو كفاءتها مع تحسن تلك الظروف، وتتضاءل عند رداءتها. وقد عرف العلماء والأطباء المتخصصون حديثاً عن بعض العوامل التي يجهلها الكثير التي تضعف من قدرة هذا الجهاز وكفاءته العالية، ولعل هذه العوامل هي:
1- المضادات الحيوية Antibioties:
إن استخدام المضادات الحيوية المتزايد عند أي عرض مرضي أو بدون إرشادات الطبيب لتحديد الجرعة المطلوبة منها. قد يعطي للجرثومة مجالاً في أن تبني ما يسمى بمضاد (المضاد الحيوي) يزيد من مقدرة الجرثومة على تحمل الجرعات العالية من المضاد الحيوي وبذا لا تتأثر الجرثومة فيما بعد بالجرعات المنخفضة التي تُعطى للجسم عند الحالات المرضية.
إن التغيير في صفة الجرثومة الطبيعية إلى صفة أخرى لم تكن موجودة في الأصل ربما ينشأ عن تولد سلالات مرضية جديدة وهذا ما يسمى بالطفرة Mutation على سبيل المثال قوة الاحتمال العالية للمضادات وهذا التغير يخضع إلى تغيير في الصفات الوراثية للجرثومة.
2 - التدخين:
إن نواتج التدخين هي بلاشك مواد سامة تختلط بالدم وتضعف مفعول الخلايا فيه بجانب ما قد تحدثه الأبخرة السامة كأول أكسيد الكربون الناتج عن الاحتراف البطيء في عملية التدخين من تجريح للغشاء المخاطي البطن تفتحه الأنف وكذلك للدور الذي تؤديه جزئيات اليكوتين من تحطيم للشعيرات الدقيقة التي تواجهها في مسارها في الجهاز التنفسي. كل هذا بلا شك يضعف من مقدرة هذا الجهاز على القيام بدوره بصفته أعظم مصفاة تنقية عرفها الوجود.
3 - تعاطي المخدرات والخمور:
تُوْهِنُ الخمور مقدرة الخلايا الدموية البيضاء عن القيام بدورها لصد الجراثيم الغازية وتكويرها والقضاء عليها، لأن الخمور تقوم بشل حركة الخلايا في بلازما الدم وتضعف من مقدرتها للاستجابة، وبذا لا تقوم بالدور الحركي المطلوب منها للانتقال إلى مكان وجود الجرثومة وتجميعها ومحاولة تخليص الجسم منها والله الموفق.
(*) مدير إدارة حماية البيئة
بالأمانة العامة لمجلس التعاون
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|