|
وعام جديد..!
|
لم يبقَ سوى أربعة أيام لنقول وداعاً يا عام 2005 الميلادي، وكل عام وأنت بخير..
ولنستقبل العام الجديد كلٌ بطريقته وأسلوب احتفاليته وتوقعاته لما سيستجد في العام الجديد من حياته.
***
سنوات تمضي بسرعة، بكل أحداثها وتطوراتها ومستجداتها، ما خطر منها في بال كلٍّ منَّا وما لم يخطر..
تمضي مبتسمةً للبعض، مكشِّرةً عن أنيابها للبعض الآخر، نساق فيها دون أن ندري إن كان فيها خيرٌ أو شرٌ لنا.
***
نستذكر أحداث العام الذي مضى، نُقلِّب صفحات أيامه، نفرح لبعضها ونذرف الدموع للبعض الآخر، ومن منَّا لم يتألم، ومن منَّا لم يفرح ذات يوم؟..
كان عاماً مليئاً بالآلام، وفي الوقت ذاته فقد كان مفعماً في جزء منه بما يسر ويُفرِح.
***
ولكن ماذا عن العام الجديد الذي يطل علينا، فيما تمرُّ منطقتنا ودولنا بأوضاعها التي في جوانب منها لا تسر؟..
ماذا تخبِّئ السنة الجديدة لهذه الأمة المكلومة بفقدانها للقوة التي تدافع بها عن حقها أمام من يبيّت لها شراً؟
***
لقد عاشت دولنا وشعوبنا خلال العام الحالي الذي يستعد للرحيل بما لا قدرة للمرء أن يتحمله لولا إرادة الله وعونه وتوفيقه..
عمليات إرهابية، ومؤامرات بكل الأشكال والأصناف، وغموض لما يُرتَّب لعالمنا (بحكم ضعفه) من تغيرات ليست في صالحه ولا تخدم مصلحته.
***
هذا العالم الواسع مسكون بالخير أحياناً، يجلله رداء يمنع هذا الخير أحياناً أخرى، إنه عالم مجنون تحكمه المتناقضات، وتتجاذبه كل التيارات..
وعالمنا الصغير - عربياً وإسلامياً - هو في هذا الكون الفسيح يقاوم من أجل حياة حرة كريمة، من أجل أن يبقى سيداً وحراً وعظيماً.
***
بين وداع عام واستقبال عام آخر..
بين هذا الاحتفال الذي يسوده أمل وخوف، ويميزه ماض جمع بين ما كنَّا نريده وما أساء لنا مما لا نريده، في حضور مستقبل يشوبه ذلك الشعور من الخوف بأن تأتي أحداثه وتطوراته ومستجداته ليست بمثل ما نتمنى أو كما نريد.
***
نعم ، ما هي إلا أربعة أيام ثم يبدأ عام جديد من أعمارنا، وربما من آلامنا، وعسى أن يكون من آمالنا.
الزمن المتبقي جد قليل، إنها ساعات تمضي بسرعة، تهبنا المزيد من العمر، ومن سنوات الحياة، دون أن ندرك أو نتعرف أو نكون على علم بما ينتظرنا.
***
كل عام وأنتم بخير، نرددها الآن، نقولها بملء أفواهنا، بكل عواطفنا، لبعضنا نقولها، كلما حل عام جديد.
كل عام وأنتم بخير، كلمات وجمل ومعانٍ لها دلالاتها، فلنكن إن شاء الله بخير، بألف خير، لنعمل من أجل أن يعم هذا الخير، أن يشمل كل إنسان، وأن يسود عالمنا الجديد الحب.. كل الحب.
خالد المالك
|
|
|
بعد أن اكتوى بها المهاجرون اللبنانيون نيران الكراهية ضد الأجانب تهدد استراليا !!
|
* إعداد- أشرف البربري
قبل أن يتجاوز العالم تداعيات موجة أعمال العنف العرقية التي شهدتها فرنسا قبل أسابيع قليلة انتقلت العدوى من أقصى شمال الأرض إلى أقصى جنوبها في أستراليا، والمفارقة أن وقود اعمال العنف في المرتين كان من العرب في المقام الأول.
فأعمال العنف في فرنسا انطلقت من الضواحي الفقيرة للمدن الفرنسية الكبيرة حيث يتركز المهاجرون واغلبهم من عرب شمال إفريقيا.
وفي أستراليا كانت أعمال العنف في غرب سيدني حيث يعيش المهاجرون العرب وأغلبهم من اللبنانيين الذين يعانون من التهميش والتجاهل والبطالة والتمييز العنصري أيضا، وإذا كانت موجة أعمال العنف في فرنسا انطلقت بعد أن لقي صبيان من أبناء المهاجرين حتفهما عندما اختبآ في محول كهرباء خوفا من مطاردة الشرطة فإن أعمال العنف في أستراليا انطلقت بعد ان هاجم آلاف الأستراليين من أصل أبيض مجموعة من المصطافين من أصول عربية على شاطئ كرونولا في سيدني.
وقد خلفت تلك الهجمات إصابة 31 شخصا بجروح ضمنهم ستة من رجال الشرطة وعنصران من فرق الإسعاف، ونقل أحد المصابين إلى المستشفى بعدما تعرض للطعن في الظهر، وتقول الشرطة إنه ذو ملامح عربية، وقالت وسائل الإعلام المحلية إن شبانا أستراليين -معظمهم من السكارى- يرفعون الأعلام الأسترالية، هاجموا عددا من المارة بينهم امرأة مسلمة نزعوا عنها حجابها.
وقد حمّلت القيادات العربية والجالية الإسلامية في سيدني وسائل الإعلام مسؤولية أعمال العنف، وقال رئيس جمعية الصداقة الإسلامية في أستراليا قيصر طراد إن الهجوم استهدف أبرياء نتيجة الكراهية العرقية المستعرة ورغم تصريحات رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد بشأن أعمال العنف، التي قال فيها إنه لا يعتقد وجود نزعة عنصرية بالمجتمع الأسترالي فإن وسائل الإعلام الأسترالية فتحت ملف الجالية اللبنانية في أستراليا باعتبارها أكبر الجاليات العربية وأقدمها هناك في محاولة للوصول إلى إجابة للسؤال الحاسم وهو كيف نقضي على احتمالات الفتنة العنصرية في البلاد؟
صحيفة (ذا أستراليان) الأسترالية تناولت القضية بصورة شديدة العمق حيث تحدثت عن أزمة الهوية التي يعاني منها أبناء الجيل الثاني من المهاجرين اللبنانيين.
***
أزمة هوية
يبدأ التقرير بالحديث عن الشاب فايز محمد الذي يرى الجانب المظلم لنشأته كأسترالي من أصل لبناني بين الشوارع الرملية لجنوب شرق مدينة سيدني كبرى مدن أستراليا.
وهذا الجانب تمثل في أن والديه لبنانيان ولكنه ولد وتربى في أستراليا وأصبح هذا الشاب يشعر بأزمة هوية حقيقية فلا هو لبناني مثل والديه ولا هو أسترالي كما يقول جواز السفر الخاص به، وكانت النتيجة أن وقع الشاب اللبناني فايز محمد في فخ تناول الكحوليات والمخدرات والمشكلات التي لا تنتهي.
يقول فايز: كمراهق كان لي بعض الممارسات الطائشة وتناولت الكثير من المخدرات وارتكبت الكثير من الاعمال الشريرة، وقد أصبحت خائفا جدا من الموت أو السجن لأن هذه هي المرحلة القادمة من حياتي.
وقد تعلم الشاب الأسترالي من أصل لبناني رياضة الملاكمة للدفاع عن نفسه ولكنه شعر أنه عثر على روحه المفقودة بعد أن تبنى المنهج المحافظ للدين الإسلامي.
والسؤال هو كيف يمكن للبنانيين المولودين في أستراليا أن يعثروا على أنفسهم؟
يقول جيمس جوب مدير مركز دراسات الهجرة والتعدد الثقافي في الجامعة الوطنية الأسترالية إن اللبنانيين في أستراليا يتخلفون كثيرا مقارنة بأبناء المهاجرين الآخرين مثل الصينيين والفيتناميين اليونانيين واليهود.. فمستواهم التعليمي وبالتالي مستوياتهم الوظيفية وإمكانية الحصول على وظيفة منخفض جدا مقارنة بالآخرين.. ومازالوا يعيشون في تجمعات معزولة (جيتو)، وهنا أصبحوا في مواجهة موقف شديد التعقيد.
فهم لا يبذلون الجهد الكافي لكي يكونوا مثل الآخرين ومع ذلك يشعرون أنهم لا يتلقون المعاملة التي يتلقاها كل الأستراليين الآخرين.
وهذا الشعور بالتمييز ضدهم أو التجاهل أدى إلى تفجر موجة من أعمال العنف والمواجهات بين أبناء الأقليات المسلحة وأجهزة الشرطة والدولة في العديد من الدول الأخرى مثل فرنسا.
والحقيقة أن الشعور (بالأنا في مواجهة الآخر) لدى المسلمين في أستراليا ازداد حدة خلال السنوات القليلة الماضية بعد أن ركزت وسائل الإعلام الأسترالية على تغطية أخبار الجرائم التي يتورط فيها أستراليون من أصل لبناني وتنامي الحديث عن الجماعات الإرهابية (الإسلامية) في أستراليا مما أدى إلى حالة من الاستقطاب الشديد داخل المجتمع الأسترالي حاليا.
يقول مايكل همفري أستاذ علم الاجتماع في جامعة سيدني الأسترالية والمتخصص في دراسة التجمعات اللبنانية في أستراليا: إن جذور مشكلات اللبنانيين في أستراليا يمكن أن تعود إلى سنوات الحرب الأهلية اللبنانية منذ عام 1975 حتى 1990 عندما تدفقت موجات من المهاجرين اللبنانيين إلى أستراليا بحثا عن ملاذ آمن وحياة أفضل.
ففي خلال عامين في أواخر السبعينيات وصل إلى أستراليا أكثر من عشرين ألف مهاجر لبناني.
وقد تزامنت هذه الموجة من المهاجرين مع تراجع حاد في أداء القطاع الصناعي الأسترالي وبالتالي لم تكن فرص العمل اللازمة لكي يبني هؤلاء المهاجرون حياة أفضل متاحة.
***
معدلات البطالة
وبحلول أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات أصبح معدل البطالة بين شباب التجمعات اللبنانية في أستراليا وبخاصة جنوب سيدني وملبورن خمسة أضعاف متوسط المعدل العام للبطالة في أستراليا.
يقول مايكل هيمفري: هناك مسار اجتماعي قاد إلى وجود جيل ثان مهمش... وقد أصبح لدينا مجموعة من المراهقين خارج السيطرة.. ولا أريد القول ان الظروف السيئة هي السبب في السلوك السيئ ولكنها تساهم في ذلك بلا شك.
ويضيف هيمفري أن الأحداث العالمية تساهم بلا شك في تنامي الشعور بالتهميش والانعزال لدى الجالية اللبنانية في أستراليا.
وقد أصبحنا بالفعل أكثر إدراكا للارتباط بين الأحداث الدولية والعنف وتدهور مكانة الجالية اللبنانية في المجتمع الأسترالي.
وأضاف: أحداث الحادي عشر من سبتمبر وتفجيرات جزيرة بالي وتفجيرات لندن وتركيز الحكومة الأسترالية على سياسات التخويف والأمن أججت مشاعر الخوف لدى الأستراليين من وجود أشخاص خطيرين يعيشون بينهم.
ويتابع قائلا: بالطبع كلامي هذا لا يعني أن هذا هو السبب الوحيد لأحداث العنف الأخيرة التي شهدتها منطقة كرونولا الساحلية في أستراليا وشارك فيها شباب من أصول لبنانية، ولكنها محاولة للتركيز على المشهد العام الذي أدى إلى هذا الموقف.
ويرى بعض الخبراء أن أفكار ومعتقدات اللبنانيين وبخاصة موقفهم من المرأة من العوامل التي تعرقل اندماجهم مع المجتمع الأسترالي بشكل عام.
يقول هيمفري إنه من خلال معايشته للعديد من العائلات اللبنانية في أستراليا يمكنه القول إن الغالبية العظمى منها لديها (فكرة مسبقة) سلبية عن الاختلاط بالنساء الاستراليات، فهم لديهم (أفكار خيالية غير واقعية عن النساء الاستراليات).
أما جوب الاستاذ في الجامعة الوطنية فيقول (لا شك أن هناك بعض الشباب اللبناني الذي يحمل أفكارا عدائية تجاه المرأة.. وهم اخذوا هذه الأفكار من آبائهم، فالمرأة في الشرق الأوسط ينظر إليها إما كأم أو أخت أو...) أما الممثل الاسترالي مايكل بيتر الذي لعب دورا لبنانيا متهورا في مسلسل بيتزا الكوميدي الذي عرضته شبكة إس.بي.إس التلفزيونية الأسترالية فيقول إنه يشعر بالذهول من هذه الدرجة الهائلة للتقارب بين الحياة الحقيقية والعمل الفني الذي شارك فيه.
ويضيف: إن أعمال العنف وعصابات الاغتصاب التي شكلتها مجموعة من الشباب من أصل لبناني في سيدني ذكرته بأحداث مسلسل (بيتزا).
ويضيف (بعد أن عرض مسلسل بيتزا جاء إليّ بعض الأستراليين من أصل لبناني وقالوا إنك أهنت الجالية اللبنانية فقلت لهم إنه يجب إصلاح الجالية في الواقع أولا قبل الحديث عن الأحداث في مسلسل تلفزيوني.. فما يحدث في مسلسل (بيتزا) هو ما يحاول الناس عمله في الحياة الحقيقية.
ولكن فادي عبدالرحمن أحد المتحدثين باسم الشباب المسلم في أستراليا ورئيس المركز الإسلامي للدراسات فيؤكد إن الشباب اللبناني الساخط في غرب سيدني وقع في الفخ الكلاسيكي للبطالة ومستوى التعليم المنخفض.
ويضيف: هؤلاء الشباب يعانون من الفراغ وينتهي بهم المطاف إلى الجلوس في مجموعات كبيرة تغذي الشعور بالقهر والاضطهاد لديهم.
وللأسف فإن آباءهم لا يملكون المهارات الكافية ولا الثقافة التي تتيح لهم معرفة الهاوية التي يتجه إليها هؤلاء الأبناء.
فالأباء لا يستطيعون استيعاب مشكلات أبنائهم ولا يفهمون آليات عمل المجتمع الأسترالي.
***
ثقافة (الراب)
ويقول إنه يعتقد أن الغالبية العظمى من الشباب اللبناني المولود في أستراليا لم يحصلوا على ثقافتهم من المراكز الأسترالية ولا الإسلامية وإنما من ثقافة موسيقى الراب الأفروأمريكية.
فإذا نظرت إلى غالبية هؤلاء الشباب ستجد أنهم يرتدون الإكسسوارات الضخمة ويتعاملون بفظاظة ويرتدون الملابس ويحلقون رؤوسهم بطريقة غريبة.
وإذا تحدثت إليهم ستكتشف أنهم يستمدون كل مخزونهم الثقافي من ثقافة تجمعات الزنوج الأمريكيين.
ويضيف السيد عبدالرحمن إن هؤلاء الشباب يشعرون معظم الوقت بأنهم مضطهدون كما هو الحال بالنسبة للزنوج في الولايات المتحدة.
وبمجرد أن تغرس هذا الشعور لدى أي شخص أو مجموعة فإنه يتحول إلى شخص عدواني دائما.
فهم يعتقدون أنهم ضحايا وهذا يبرر لهم الدخول في مشكلات باستمرار.
أما أمير بوتلر أحد منظمي شبكة الدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين الاستراليين فيقول إن ثقافة العنف والعصابات لدى الشباب اللبناني في أستراليا لا تنطلق من أي أساس ديني.
فالثقافة الفرعية التي طورها هذا الشباب وبدأ يتصرف على أساسها هي ثقافة جماعات (الراب) وعنف الشوارع السوداء في الولايات المتحدة.
فهم يستمعون إلى موسيقى هذه الجماعات ويرتدون ملابسها أكثر مما يستمعون إلى الموسيقى العربية أو إلى الثقافة الإسلامية.
وبالطبع هناك شريحة كبيرة من الشباب اللبناني في أستراليا سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين يشعرون بالغضب والسخط أحيانا بسبب التصرفات العدائية تجاههم في المجتمعات التي يعيشون فيها منذ صعود خطر الإرهاب الأصولي في العالم.
يقول جوب إن الحرب ضد الإرهاب أوجدت المزيد من الاستقطاب الحاد بين مختلف الأطراف في المجتمع الأسترالي.
فاللبنانيون يشعرون أنهم أستراليون ولدوا وتربوا في أستراليا في حين ينظر إليهم باعتبارهم أجانب أكثر من كونهم أستراليين.
ويتحدث هيمفري عن عامل آخر وهو التمايز الطبقي الحاد بين سكان المنطقة الغربية من أستراليا حيث يعيش أبناء الطبقة العاملة الفقيرة والمناطق الساحلية من المدينة حيث يعيش الأثرياء وأبناء الطبقة العليا.
ويقول إن الانقسام بين الطبقتين والمصادمات بينهما تاريخي وذو طبيعة اجتماعية أكثر من كونه مواجهة بين الأستراليين من أصل لبناني أو شرق أوسطي والاستراليين من أصول أوروبية.
ورغم ذلك يقول إن الحادث الذي وقع على الشاطئ في سيدني والذي فجر موجة أعمال العنف الأخيرة لم يكن الأول من نوعه.
فمنذ عشر سنوات تقريبا اعتاد مجموعة من الشباب اللبناني على النزول إلى شاطئ بوندي ومعهم علم لبنان ليركلوا الرمل بأرجلهم في عيون المتواجدين على الشاطئ، وكان الأمر مجرد مجموعة من الصبية يتصرفون بصورة سيئة.
***
احكام مسبقة
ويقول الأكاديمي سكوت بيونتنج في جامعة ويسترن سيدني والخبير في الثقافة اللبنانية والمؤلف المشارك لكتاب (الكباب والأطفال والكؤوس والجريمة) إن هناك خطأ شائعا يرتكبه المجتمع الأسترالي عندما يسقط أحكامه المسبقة بشأن الميل إلى العنف وارتكاب الجريمة على جميع أفراد الجالية اللبنانية مشيرا إلى أن النوازع الإجرامية وتشكيل العصابات لا تختلف من شخص إلى شخص وفقا لانتمائه العرقي في أستراليا فهذه العصابات تضم أفرادا من مختلف الفئات الأسترالية التي تعاني من تدهور ظروفها الاقتصادية والاجتماعية.
ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للأستراليين من أصل لبناني ولكن الناس اعتادت أن تشعر بالخوف من اللبنانيين لأن ملامحهم مميزة.
وأضاف أن وسائل الإعلام الاسترالية تتحمل جزءا من المسئولية في شعور أبناء الجالية اللبنانية بالتهميش والسخط. فهذه الوسائل عندما تتحدث عن الاستراليين تعطي انطباعا بأنها تعني ضمنا الأستراليين من أصول أوروبية لأنها في المقابل تتحدث عن أشخاص ذوي ملامح شرق أوسطية رغم أنهم أستراليون وولدوا في أستراليا ويحملون جنسيتها.
وينتقل هيمفري إلى قضية انخفاض المستوى التعليمي لغالبية الشباب في مناطق تجمع الجالية اللبنانية غرب سيدني فيقول إن الحكومة تتحمل جزءا من المسئولية عن هذه الظاهرة بسبب قلة المدارس العامة فيها الأمر الذي يجعل من الصعب على العائلات اللبنانية توفير فرص التعليم المتميزة لأبنائها في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيش فيها هذه العائلات.
ولكن جوب يقول إن من بين أسباب تدهور المستوى التعليمي لأبناء الجيل الثاني من المهاجرين اللبنانيين في أستراليا رؤية الآباء لمسألة التعليم حيث أنهم لا يتحمسون كثيرا لإرسال أبنائهم إلى المدارس العامة والانتظام في التعليم الرسمي.
والحقيقة أن الوصول إلى تفسير واضح لأعمال العنف التي شهدتها مناطق غرب أستراليا أمر معقد بالفعل نظرا لغياب الدراسات والإحصائيات المتعلقة بالجالية اللبنانية في هذه المناطق.
والحقيقة أن أعمال العنف التي شهدتها سيدني خلال الأيام الماضية كشفت بوضوح حجم الشعور بالعزلة لدى الأستراليين من أصل لبناني، ثم أن التعامل الأمني العنيف مع الشباب اللبناني أثناء هذه المواجهات يمكن أن يكون له رد فعل عكسي.
فمن الصعب نسيان منظر الشباب اللبناني وهم ممددون على الأرض وايديهم مقيدة خلف ظهورهم ومسدسات رجال الشرطة مصوبة إلى رؤوسهم عندما قاموا ببعض أعمال العنف في منطقة لاكيمبا غرب أستراليا.
وسوف يتساءل هؤلاء الشباب لماذا لم يروا المشهد نفسه عندما قام بعض الشباب الاسترالي من أصل أوروبي بمهاجمة الأستراليين العرب واللبنانيين في منطقة كرونولا.
وستكون الإجابة الوحيدة لديهم هي أنهم الهدف المفضل لكل أشكال الظلم والتمييز.
***
الهجرة اللبنانية
وربما تصور البعض أثناء موجة أعمال العنف التي شهدتها مدينة سيدني أن أفراد الجالية اللبنانية في أستراليا غرباء أو وافدون جدد على هذه الدولة التي قامت على أكتاف المهاجرين من كل حدب وصوب.
ولكن الحقيقة هي أن تاريخ الوجود اللبناني في أستراليا يعود إلى أكثر من مائة عام أي قبل أن تظهر هذه الدولة إلى الوجود تقريبا.
فقد وصلت الموجة الأولى من المهاجرين اللبنانيين إلى أستراليا في ثمانينيات القرن التاسع عشر حيث ترك أغلبهم ظروف معيشية صعبة في بلادهم بحثا عن حياة أفضل في العالم الجديد كما كان يطلق على الأمريكتين وأستراليا.
ويقول تريفور باتورني الأستاذ في جامعة آر.إم.آي.تي الاسترالية إن الموجة الثانية من هذه الهجرة اللبنانية وصلت أستراليا بعد الحرب العالمية الثانية.
ولكن الكتلة الأكبر من اللبنانيين في أستراليا وصلت أثناء الحرب الأهلية في لبنان كما ذكرنا خلال الفترة من 1975 حتى 1990م.
يقول باتورني إن أستراليا نفذت خلال سنوات الحرب الأهلية في لبنان برنامجا لاستقبال وإيواء المهاجرين باعتبارهم لاجئي حرب.
ووصل عدد اللبنانيين المولودين في أستراليا إلى 71350 لبناني منهم 14168 في منطقة فيكتوريا وفقا لإحصاء عام 2001م.
وهناك أيضا 32619 شخصا آخر يعيشون في فيكتوريا يقولون إنهم من أصول لبنانية.
معني هذا ان هناك حوالي 250 ألف شخص من أصول لبنانية يعيشون في أستراليا. وفي حين كانت الغلبة في موجتي الهجرة الأولى والثانية من لبنان إلى أستراليا للمسيحيين فإن المسلمين سيطروا على الموجة الثالثة التي تمت في الربع الاخير من القرن العشرين.
وتبلغ نسبة الذين يعرفون أنفسهم بأنهم مسلمون بين اللبنانيين المولودين في استراليا الذين يعيشون في فيكتوريا بأستراليا 44 في المئة في حين تبلغ نسبة المسيحيين 39 في المئة.
ولكن البروفسور باتروني يقول إن عدد المسيحيين من أصل لبناني في فيكتوريا يتجاوز عدد المسلمين إذا تم حساب كل ذوي الأصول اللبنانية في المنطقة، والحقيقة أن الجالية اللبنانية في أستراليا متعددة الخلفيات الدينية.
والنظر إلى الجالية اللبنانية باعتبارها كيانا واحدا في سيدني أو ملبورن أمر لا وجود له في الواقع، فهناك مجموعات فرعية داخل الجالية اللبنانية وفقا لموجات الهجرة التي جاءوا خلالها أو خلفياتهم الدينية وبالتالي فلا توجد مجموعة مركزية يمكن القول إنها تمثل الجالية اللبنانية ككل.
واستوطن أغلب المهاجرين اللبنانيين القادمين إلى أستراليا في مدينتي سيدني وملبورن رغم أن الجالية اللبنانية في سيدني تبلغ أربعة أضعاف الجالية في ملبورن وفقا لتقديرات سمر المغربي مفوض ولاية فيكتوريا لشئون التعددية الثقافية.
كما أن اللبنانيين في ملبورن منتشرون في مختلف أحياء المدينة دون أن يتركزوا في حي بعينه.
وتضيف السيدة سمر التي هاجرت إلى أستراليا قادمة من لبنان عام 1987 هربا من الحرب الأهلية اللبنانية أن اللبنانيين متواجدون في مختلف شرائح المجتمع في ملبورن حيث تستطيع العثور على لبنانيين يمتلكون شركات ومهنيين وحرفيين مهرة.
وأشارت إلى أنه من بين الشخصيات البارزة من ذوي الأصول اللبنانية ستف براكس رئيس وزراء ولاية فيكتوريا وحاكم مدينة نيوساوث ويلز ماري بشير.
وقال زورا سيميك الاستاذ في جامعة ملبورن الاسترالية: إن معدل الحصول على الجنسية بين اللبنانيين في أستراليا هو الاعلى بالنسبة لابناء الفئات الاخرى حيث وصلت نسبة الحاصلين على الجنسية بين اللبنانيين المولودين في أستراليا 96 في المئة وفقا لبيانات عام 1996م.
وتقدم الأرقام الخاصة باللبنانيين في أستراليا مجموعة من المؤشرات حيث يبلغ عدد اللبنانيين المولودين في أستراليا 71349 منهم 14168 يعيشون في ولاية فيكتوريا.
ويعيش 98 في المئة من اللبنانيين الذين يعيشون في ولاية فكيتوريا في مدينة ملبورن إحدى أهم مدن أستراليا.
ويبلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون في فيكتوريا ويقولون إنهم من أصول لبنانية 32619 شخصا.
ومن المؤكد أن المواجهات العنيفة بين السلطات الأسترالية والشباب من أبناء المهاجرين اللبنانيين في سيدني قد فتحت ملف الجالية اللبنانية في أستراليا ولن يغلق في وقت قريب بعد أن أدرك الأستراليون أن الجالية اللبنانية أصبحت مشكلة تحتاج إلى حل حتى لا تنفجر في وجه الجميع وان استمرار تجاهل مشكلات أبناء الجالية اللبنانية خاصة من الشباب الذي ولد في أستراليا ويحمل جنسيتها يحتاج إلى تأكيد هويته كمواطن أسترالي وليس كمواطن من الدرجة الثانية.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|