في عطلة نهاية الأسبوع ركب أفراد العائلة السيارة متوجهين إلى أحد المطاعم الفاخرة وقبل أن تنطلق السيارة سأل الوالد ولده محمد هل أتممت ما عليك من حفظ للقرآن؟ تلعثم محمد وارتبك وأجاب خجلاً لا! ولكنني سأفعل إذا عدنا! أجاب الوالد بحزم أنا أحبك يا بني ولكننا اتفقنا على أنك تكمل حفظك وأنت لم تنفذ! وأمره بالنزول والبقاء في البيت! تعلّم الصغير من هذا الموقف درسا عظيما وهو أن انضباطه والتزامه بواجباته وهي لا تأخذ من وقته إلا القليل يعني الكثير من السعادة أما تجاهله لالتزاماته فلاشك أنه سيعطيه قدراً من المتعة ولكنه سيورث تعباً طويلاً.
وهذا يقودنا إلى ما يسمى (بقانون الألم)، وبيانه أن ما يتعلق بسلوكنا العام في هذه الحياة لابد أن يمر علينا نوعان من الألم!
الأول: إن من يريد النجاح لابد أن يعبر إليه عبر جسر قصير من (ألم الانضباط والالتزام البسيط) وهو ألم خفيف ووقته جدا قصير! والنتيجة سعادة ونجاح عظيمان.
الثاني: أن من يسوف ويؤجل ويتكاسل سوف يتجاوز ألم الالتزام الخفيف ولكن سوف ينال منه (ألم الندم المؤلم الطويل) يقول جون ماكسويل في كتابه الرائع (TODAY MATTERS) إن المكون الأول للنجاح وهو اتخاذ القرار السديد لا قيمة له البتة دون المكون الثاني وهو ممارسة الانضباط القويم) إن كل تغيير في الحياة إما بتجاوز سلوك غير مرغوب أو باكتساب عادة جيدة لابد أن ينطوي على شيء من الألم وذلك بتجاوز منطقة الراحة التي نسكن فيها.. فذاك الشخص الذي يقرر أن يصلي الفجر فاستيقاظه في البرد الشديد لاشك أن يحتوي على شيء من الألم وهو ألم بسيط ولكنه يكفل بإذن الله سعادة اليوم وسيستمتع بمشاعر إيجابية في الـ24 ساعة وإن داوم فلاشك أن سعادة عظيمة تنتظره في الآخرة والذي لا يستيقظ لاشك أنه تجنب شيئا من الألم جراء عدم استيقاظه ولكن سيجني ألم الندم طوال اليوم كله! ولربما ألم أشد وأقسى مستقبلاً!
وكذلك عندما يتخذ أحدهم قراراً بتطوير نفسه وقرر أن يخصص نصف ساعة يومياً للقراءة ولكنه سقط في دوامة التأجيل وكبلته قيود الكسل والهوى فهو لاشك قد تجنب 30 دقيقة من الألم ولكن سيكويه ويحرقه ندم كبير لانتهاكه القرار الذي يؤمن بصوابه وإذا تكررت هذه الانتهاكات فستكون خسارته لاشك أكبر.. استعن بالله ولا تعجز وتوكل عليه وتأكد أن الصعوبة إنما هي في المقدمات وبعدها بحول الله ستجني عنباً وستنال كنوزاً وستستنشق عبيراً، فقط تحمل ألم البدايات!
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7515» ثم أرسلها إلى الكود 82244
د. خالد بن صالح المنيف
Khalids225@hotmail.com