*إعداد - صلاح عمر شنكل
باتت ألعاب الفيديو تحكم سيطرتها على ألباب وعقول أطفال اليوم، وتأسرهم بالساعات الطويلة، ويتم ذلك دون كلل أو ملل، وفي الجانب الآخر تجأر البيوت بالشكوى من تصرفات الأطفال والمراهقين، الذين يمضون ساعات طويلة ومتواصلة خلال اليوم من أجل إشباع رغباتهم في ممارسة تلك الهواية، والشعور بالرضا والراحة النفسية، وفي المقابل اجتهدت شركات الألعاب، بل نجحت في تصميم ألعاب جاذبة ومؤثرة وآسرة لهذه الشريحة من المجتمع. القضية أخذت تتفاعل على أكثر من صعيد، والشكوى منها تتزايد وتتنامى، وبدورنا آثرنا أن نطرحها محورا للنقاش هذا الأسبوع، حيث تنادى الكثير من أعضاء المنتدى، وعشاق (مجلة الجزيرة)، للمشاركة في هذا المنتدى، كلٌّ يدلي بدلوه، حتى خرجنا بهذه الحصيلة التي بين أيديكم.
ة أم عبدالله: لدي ابن عمره ثماني سنوات دائماً يلعب بألعاب الفيديو منذ أن يصحو من النوم يجلس ساعات طوال على الألعاب فأنا أتساءل ما هي الخطورة وما هو الخطر الذي يهدد ابني لكثرة الجلوس على الألعاب وأرجو من المختصين نصحي فهو يلعب ثلاث ساعات ويتوقف عشر دقائق وهكذا حتى النوم وحتى إذا ذهبنا إلى محلات الألعاب لشراء ألعاب فهو دائماً معلق بأشرطة البلاي ستيشن والألعاب الإلكترونية وحتى إذا ذهبنا إلى مدينة الألعاب فهو دائماً يذهب لتلك الألعاب فهو في بعض الأحيان وهو نائم يقوم بحركات كأنه يلعب فقد حاولت أن أضغط عليه بشدة وأبين له الخطورة لكن لم أستطع فأرجو أن تبينوا لنا خطورة هذه الألعاب إذا كثر الطفل منها بالتفصيل من الناحية الصحية والعقلية.
حشو للعقول
ةبدرية الصالح- بريدة: ألعاب الفيديو هي مفرزات التقنية الضارة، هدايا سامة مغلفة بغلاف جذاب يستقطب الناس ومن آثارها الجانبية حشو العقل بما لا يفيد والهروب من أي عمل مفيد، وهو من أسباب تفشي السمنة، ومن أشدها ضرراً أنها تحتوي على عنف سرعان ما يطبق على أرض الواقع والحذر منها واجب، وعلى الوالدين مسؤولية عظيمة تتمثل في القدرة على سحبها من عقول الأبناء وتبديلها بما هو مفيد كتعلم مهارات تشبع رغباتهم وتعود عليهم بالنفع.
ولكن يجب التعاطي معها بنوع من الوعي والمسؤولية وليس بقدر من الانفعال ورد الفعل المتسرع، لا بد أن تكون للعلماء والفقهاء كلمة، وكذلك علماء النفس والمجتمع، لأن القضية اجتماعية في المقام الأول، وليست فقط أسرية أو عائلية رغم أن وجودها داخل كل أسرة يمثل قلقاً لها وهاجساً يؤرق أولياء الأمور.
ةخالد عباد العباد: أعتبرها تقنية بلا حدود ولكن بضوابط أن يجعل الطفل يلعب من خمس إلى ثماني ساعات يومية، وهو خطأ كبير، لكن في هذا الزمن؛ زمن التكنولوجيا يجب أن يتعلم الطفل كل من يفيده في حياته المستقبلية، فإذا منعنا أطفالنا من هذه التكنولوجيا فسوف يتخوف الطفل من الكمبيوتر، وأنا أعتبر أن ألعاب الفيديو هي بوابة الحاسب الأولية للطفل ولكن بحدود وبمراقبة ولي الأمر.
ولاشك أنها جزء مما عمّت به التقنية الحديثة التي شكلت نعمة للبعض ونقمة للبعض الآخر أو بالأحرى، ذات وجه مشرق وآخر كالح، وهذا يلقي على عاتقنا دوراً مهماً وهو أن يكون تعاملنا بقدر من الوعي والحكمة بحيث لا نمنعها نهائياً ولا نفرط في التعاطي معها بلا قيود أو حدود، ومسألة مراقبة الأطفال والمراهقين هي ضرورية في كل الأحوال.
طاقات مستقبلية
ة إبراهيم السهلي
من الأشياء التي جلبتها التقنية تلك الأفلام التي استهوت الأطفال والمراهقين، والتي صارت تسرقهم من تحت أنظار أسرهم ومن دروسهم وتحصيلهم العلمي، بل من فراشهم، إنها ألعاب الفيديو التي انتشرت بشكل مخيف وسيطرت على عقول المراهقين والشباب، واستطاعت أن تأسرهم لأطول وقت كل يوم، وما دعاني أن أكون في حيرة دائمة مثل الكثيرين غيري، ولا أجد إجابة لتساؤلاتيالعديدة، ذلك السحر الذي تحتوي عليه تلك الألعاب، وكثير منا على قناعة تامة بأن ألعاب الفيديو التي يتم تطويرها بشكل مغر، يقف وراءها عقل يستهدف شبابنا وطاقاتنا المستقبلية بصورة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، وبالفعل أراهم نجحوا في الوصول إلى مبتغاهم، طالما الطفل أصبح مدمناً لتلك الألعاب، ولا يرى أهمية لشيء مثلها أبداً، وهذا يتطلب تضافر جهود الجميع، وخصوصاً المؤسسات الدعوية والخيرية، حتى نجد البديل المناسب لها، لأنها كبيرة في حجمها، وشرسة في هجمتها، ومنظمة في نهجها، وذات قابلية في طرحها، فما هو البديل إذن الذي يستطيع أن يجذب الأطفال بذات القوة، ويشبع رغباتهم بذات الطريقة؟
ضريبة التقنية
ة ابتسام سعيد: ألعاب الفيديو أصبحت اليوم تشكل خطراً داهماً، وآفة تستهدف أطفالنا لدرجة أنهم يتسمرون أمامها بذهول دون وضع اعتبار لأي شيء مهم آخر، ولا شك أن ذلك -رغم أنه يكسبهم الكثير من المهارات التقنية- لكنه يؤثر بدرجة كبيرة على مستوى التحصيل العلمي، بل على مستوى ساعات النوم، وبالتالي يؤثر على الصحة العامة، هذه الأشياء باتت تقلق الآباء بشكل ملفت للنظر، وهم كغيرهم من شرائح المجتمع ما زالوا يبحثون عن وسائل الحل لتلك المعضلة، التي تمثل هاجساً لأولياء الأمور الذين لا يجدون فرصة للتحدث إلى أبنائهم تحت ضغط ألعاب الفيديو وما تقدم من مواد جاذبة ومثيرة، وأعتقد أن ذلك جزء من ضريبة التقنية، وإن كان على حساب الثقافة والحضارة والكثير من القيم التربوية والعادات والتقاليد، وخصوصاً إذا عرفنا أن تلك الألعاب تحمل في طياتها الكثير من السموم التي نقدمها لأبنائنا فقط من أجل إرضائهم دون النظر بروية إلى مستقبلهم ومصلحتهم الحقيقية، حقاً الأمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة وتركيز أكبر وتعمق في تجاويف القضية وليس فقط ملامسة قشرتها الخارجية بتردد.
نمط سلوكي سلبي
ة ناصر الجنيد: من أكثر الأشياء التي لفتت انتباهي الانجذاب الشديد للأطفال تجاه ألعاب الفيديو، وعدم الملل منها مهما أمضوا الساعات الطوال أمامها، فهي ساحرة بحق، وقد أعدت بعناية شديدة لكي تكون كذلك، ولتؤدي الدور الذي تقوم به الآن، ألا وهو التأثير البالغ على الأطفال والمراهقين وكذلك الشباب، وإلهاؤهم عما هو سواها وفي أوقات تمثل أغلى الساعات بالنسبة للطلاب على وجه الخصوص، ولا شك أن القضية تشكل هماً اجتماعياً عاماً، لا يخص فئة دون غيرها، ولا يكاد يخلو منزل من تلك الألعاب إلا قليلاً، فلماذا لا يبحث الخبراء الوطنيون في القضية أو تثار على مستوى وزراء الثقافة العرب، ليكون هناك تكامل لإعداد برامج وألعاب بديلة للقضاء على هذا النمط السلوكي السلبي، قبل أن يجرف السيل أطفالنا، لماذا لا ننتشلهم من مهب الرياح، حتى يكونوا بعيدين عن المخاطر التي تحملها تلك الألعاب الشهيرة.
ة خالد الشهراني: في الحقيقة ألعاب الفيديو في بلادنا -كما في الكثير من الدول العربية- هي رهم أصابع وأعين أبنائنا دون تدخل من الكثير من أولياء الأمور، وهي تحمل الصالح والطالح، وإن كان البعض يراهن بعدم وجود صالح على الإطلاق، وبما أن الكبار هم المسؤولون عن أي أضرار قد تقع على عاتق الصغار، حاضراً أو مستقبلاً، فإنه يجب التحري حول ماذا يشاهد أبناؤنا، وكيف يفكرون؟ وبماذا يهتمون، ومن هنا تبرز أهمية هذا الرقابة على الأبناء من الجنسين، بل ومساعدتهم في إيجاد البديل المناسب الذي يحقق طموحاتهم، ويلبي رغباتهم، ومن الأفضل أن توضع خطط ودراسات لمعالجة الأمر لأن الذين وضعوا تلكالألعاب استهدفوا بها ثروة المستقبل وجيل الغد المنتظر، لذا حينما نجتهد ونولي القضية أهميتها، فنحن في واقع الحال نستثمر في الثروة الحقيقية ألا وهي أجيالنا القادمة.