|
الافتتاحية الأوراق المنسية..!! |
يعود المرء أحياناً إلى أوراقه المنسية..
إلى دفاتره القديمة..
يفتش في الملفات وبين الأوراق عما فقدته ذاكرته..
ويسترجع ما مضى من ذكريات لن تعود وقد لا تتكرر..
***
ينتقل الإنسان من محطة لأخرى..
ومن مراحل عمرية إلى غيرها ولكل منها سماتها وصفاتها..
ويتمنى كل منا لو توقف عند هذه المحطة ولم ينتقل إلى غيرها..
ضمن الخوف من أن يخونه خريف العمر دون تحقيق كل ما يتمناه..
***
نحن إذاً..
مشدودن إلى الماضي..
ولو بقراءة ما دوناه عن سنوات مضت من أعمارنا..
باعتبار أن حنيننا الجميل إلى القديم لم ولن يتوقف..
كما لو أننا نحلم بالعودة إلى أماكننا الموغلة في القدم..
***
وبين أوراق الماضي..
وتلك التي نقلّبها من الحاضر المعاش..
لا ينفك المرء منا عن تكرارالمقارنة..
كلما كانت هناك مسامرة بين الجيل الواحد ..
أو تجاذب في الحديث بين جيلين قد تفصل بينهما مسافة زمنية طويلة..
***
فالماضي له عبقه..
وذكرياته الجميلة..
ولا أحد منا يؤذيه أن يستمع إلى شيء عن ماضيه ولو كان هذا الماضي قاسياً..
بل من هو الذي لا يصغي ولا يسعده الحديث عن ذلك الزمن من رحلة الحياة..
***
وكثير منا..
كلما أسعفه الوقت..
أو ساعده الزمن..
فإن جزءاً من متعته في هذه الحياة..
أن يستحضر من أوراقه القديمة ما طواه النسيان..
وأن يعيد إلى الحياة ما غاب عن ذاكرته من الأحداث والمعلومات..
***
والمهم..
أن نستفيد من المراجعة لهذه الوريقات القديمة..
بمثل هذه الوقفات التأملية لما مضى من حياتنا..
وأن نتذكر في كل محطة نتوقف عندها ما كنا عليه وما نحن فيه...
فالحياة تجارب وعِبر ودروس..
والإنسان يخطئ إن تصور ولو لحظة أنه قوي في دنيا تتلاطمها مثل هذه الأمواج العاتية..
وأنه لا حاجة له لمثل هذه الدروس أو الأخذ بتلك العبر.
خالد المالك
|
|
|
عملية السلام بين الهند وباكستان هشة لكنها حقيقية |
* إعداد : مجدي المصري
لم تسلم جهود إقامة علاقات طبيعية وتحقيق السلام بين الهند وباكستان المتنافستين اللدودتين في جنوب آسيا من الانهيار أو الوصول إلى طريق مسدود في كثير من المرات في الماضي.. لكن أحدث محاولاتهما لتحقيق انفراج بينهما تبدو حقيقية الآن ومن المرجح أن تنجح. ومع ذلك، هناك شكوك تكتنف نجاح المحاولة الاخيرة رغم إصدار رئيس الوزراء الهندي آتال بيهاري فاجبايي والرئيس الباكستاني برويز مشرف بيانهما المشترك في قمة جنوب آسيا التي عقدت مؤخرا حيث وصف البيان بأنه «تاريخي».
وبعد، فإن أبسط إجابة عن هذه المسألة المعقدة ممكنة وتتمثل في أن عملية السلام هذه المرة حقيقية، لكنها هشة ويمكن أن تتعثر في النهاية.. ويتعين على الهند وباكستان أن تبذلا جهودا خاصة لتثبيت عملية السلام بينهما خلال الشهورالقليلة المقبلة.
وأصبحت قوة الدفع في اتجاه المصالحة بين إسلام آباد ونيودلهي أقوى كثيرا الآن من أي وقت مضى من تلك المحاولات التي جرت في لاهور بباكستان عام 1999 أو أجراب الهند عام 2001 عندما اجتمع رئيسا حكومتي البلدين.
وكان اجتماع لاهور قد عقد بعد تسعة شهور فقط من قيام الدولتين بإجراء تجارب نووية أثارت مخاوف من احتمال نشوب حرب ذرية لاتبقي على أحد.فشل قمتي لاهور وأجراوأسفرت قمة مشرففاجبايي عام 1999 في لاهور عن الاتفاق على تسيير خط حافلات بين دلهي ولاهور والشروع في جهود لبناء الثقة والشفافية في المجال النووي لكن تسببت عملية تسلل متشددين إسلاميين عبر الحدود في كيجالي بكشمير المتنازع عليها بين البلدين إلى تقويض عملية السلام.
بل كادت هذه الحادثة تفجر أكبر حرب تقليدية في التاريخ بين دولتين نوويتين والنتيجة تمثلت في انهيار عملية السلام.
وبالمثل كان نصيب اجتماع قمة أجرا الذي عقد في يوليو 2001 بين فاجبايي ومشرف الفشل في تسوية خلافات حول قضية «جوهرية» بالنسبة لباكستان وهي قضية كشمير وقضية «حيوية» بالنسبة للهند هي ضرورة إنهاء تسلل «المتشددين الاسلاميين» عبرالحدود.
وفي ذلك الوقت قبل أكثر من عامين كان القادة الهنود لايشعرون بالاطمئنان تجاه صدق باكستان بالفعل في وقف التسلل عبر حدودها إلى داخل الخط الفاصل بكشمير.
وكان لال كريشنا أدفاني وزير الداخلية الهندي وهو من الصقور قد صوت بالاعتراض على مسودة إعلان كان فاجبايي قد وافق عليها بالفعل.
إجراءات جديدة لبناء ثقة
وعلى خلفية خلافات نوعية، جرت على هامش قمة رابطة دول جنوب آسيا للتعاون الاقليمي (ساراك) اجتماعات بين فاجبايي ومشرف من جهة وبين فاجبايي ورئيس الوزراء الباكستاني مير ظفار الله خان جمالي في إسلام أباد من جهة أخرى.
وجاء هذا الانفراج في اتجاه معاكس لمناخ ما بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وهو المناخ الذي أبرز قضية الارهاب بشكل يصب في مصلحة الهند، إذ واصلت الولايات المتحدة حربها على الارهاب ضد طالبان في أفغانستان، وهي الحرب التي شهدت تحولاً اجذريا في علاقات واشنطن مع إسلام آباد وبدء سلسلة من إجراءات بناء الثقة بين نيودلهي وإسلام آباد بدأت اعتبارا من أكتوبر الماضي وحتى هذه اللحظة.
يد الصداقة
وعززت إجراءات الثقة هذه من النشاط الايجابي الذي أفرزه إعلان فاجبايي في 18 أبريل 2003 بعرض «يد الصداقة» إلى باكستان من سريناجار عاصمة الجزء الذي تسيطر عليه الهند في كشمير.
ومع ذلك، كان الامر الاكثر أهمية على الإطلاق هو لقاءات «القنوات الخلفية» وبصفة خاصة تلك التي عقدت بين براجيش ميشرا مستشار الامن القومي ونظيره الباكستاني طارق عزيز وحامد جواد مساعد مشرف.
فقد مهدت تلك اللقاءات الطريق أمام لقاءات رفيعة المستوى عقدت على هامش اجتماع قمة رابطة جنوب آسيا التي تضم في عضويتها سبع دول وهو الاجتماع الذي استضافته العاصمة الباكستانية في الفترة من 4 حتى 6 يناير الجاري.
العنصر الشائك
أما العنصر الشائك في عملية السلام الهندية الباكستانية فيتمثل في إصرار الهند على قيام باكستان بتقليص دعمها، على نحو ملموس، للمتشددين الاسلاميين الذين يتسللون إلى الجزء الهندي من كشمير.
وعلى أرض الواقع، يبدو أن باكستان استجابت للمطلب الهندي.. إذ حدث بالفعل ما يوصف بتغيير يمكن إدراكه في هذا الشأن. فقط أعلنت باكستان وقفا لإطلاق النارعبر الحدود إلى كشمير حيث بدأ سريانه اعتبارا من 26 نوفمبر الماضي، وهو الامرالذي أثنت عليه الهند واعتبرته بادرة مشجعة.
دور واشنطن ولندن
في الوقت نفسه، لايمكن أن نبخس آخرين حقهم في ما تقوم به من دور مهم في إذابة الثلوج بين الهند وباكستان، ولاسيما قوى خارجية أبرزها الولايات المتحدة وبريطانيا.. إذ عرضت الحكومة الامريكية في يونيو الماضي تقديم ثلاثة مليارات دولار كحزمة مساعدات إلى مشرف، لكن شريطة أن «يتعاون» في «الحرب على الارهاب» وتحسين علاقاته مع الهند وإدخال إصلاحات ديمقراطية أكبر في بلاده.
كما تصاعد الضغط الأمريكي على إسلام آباد في الاسابيع الاخيرة مع كشف النقاب عن دور علماء باكستانيين في نقل تكنولوجيا ومكونات نووية حساسة إلى كل من كوريا الشمالية، إيران وليبيا.
تحديث السياسة النووية
وتصر الولايات المتحدة على قيام مشرف بتحديث سياسته النووية وتعزيز علاقاته مع الهند في الوقت الذي يعمل فيه على كبح المتشددين الاسلاميين.
ويذكر أن قمتي لاهور وأجرا الفاشلتين لم تسبقهما أي استعدادات، وعلى العكس،سبقت قمة إسلام آباد مؤخرا استعدادات مدروسة وأجواء مواتية.
ويعد قيام الباكستانيين بتلك الاستعدادات بمثابة تحول جذري في العقلية الباكستانية.. إذ أدركت المؤسسة هناك الثمن الباهظ الذي تدفعه البلاد من جراء وقوع عملية للمتشددين عبر الحدود الباكستانية مع كل من أفغانستان وكشمير.
أقوى مؤشر
وكان أقوى مؤشر قاتل على قوة شوكة هؤلاء المتشددين الإسلاميين في باكستان هو محاولة اغتيال مشرف مرتين في 14 و25 ديسمبر 2003.. إذ سلطت هاتان الحادثتان الخطيرتان الضوء على الخطر الداخلي الذي تواجهه البلاد من جانب المتشددين فيها.
أهم مفتاح
وهنا يكمن أهم مفتاح على الإطلاق في نجاح الحوار الذي اتفقت الهند وباكستان على استئنافه في فبراير المقبل. إذا سيتعين على قيادة مشرف الذهاب إلى تحقيق غاية منطقية تتمثل في عزل الاسلاميين المتشددين وتطهير الاجهزة الحكومية من نفوذهم.
غير أن هذه المسألة ليست بالسهولة أو البساطة التي قد يعتقدها البعض.. فاليمينيون والقوميون المحافظون يتهمون مشرف بخيانة قضية كشمير.
ويعتقد البعض بأنه «باع» القضية واستسلم أيضا للهند (والولايات المتحدة) دون الحصول على مقابل. وقد اختلف آخرون مع تكتيكاته ولغته، لكن يتفقون مع استراتيجيته بصفة عامة.
مكاسب ملموسة
وللإبقاء على عملية السلام حية مع الهند، يتوجب على مشرف العمل على إقناع أوإسكات بعض من منتقديه في الداخل، وذلك من خلال تحقيق مكاسب ملموسة من وراء حواره مع الهند. والقضية الشائكة هنا هي كشمير تمثل لب الصراع بين البلدين.
اختبار القيادة
أخيرا، بوسع المرء أن يأمل في ألا يخضع فاجبايي أي قرار حاسم له في اتجاه عملية السلام والحوار مع باكستان لضغوط ناجمة عن الانتخابات البرلمانية المقبلة التي من المقرر أن يتم تقديم موعدها لتجري في فترة أبريلمايو.. وهنا يكمن الاختبار الحقيقي للقيادة.
* عن موقع «أنتي وور» الاخباري بالانترنت
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|