|
أسبوع الانفجارات
|
عربة المتفجرات تتحرك بسرعة مذهلة، وبأسرع مما تتصور..
تقطع مشوارها من لندن مروراً ببيروت وتحط رحاها بالقاهرة، بانتظار تحديد محطتها القادمة..
تلقي بجزء من حمولتها في القطارات ومحطات تنقل الركاب، وتخص الفنادق والأسواق التجارية بحصة منها..
وتخفي البقية محتفظة بها، لنشرها في المطاعم وبين المارة، وفي أماكن التسوق المزدحمة بالناس، بانتظار وجهتها القادمة..
***
يا إلهي:
أي نوع من الإرهاب هذا الذي قضى على حياة الأبرياء في لندن وشرم الشيخ وبيروت؟!..
ومن أي جنس وجنسية وقومية ودين ومذهب هذا الذي يقوم بمثل هذا العمل الإجرامي؟..
من ذا الذي يقف ويوجه ويدعم عملاً إرهابياً خطيراً وكبيراً كهذا دون أن يؤنبه أو يحاسبه ضميره؟..
***
إنها أحداث مأوساوية حقاًََ..
تدمي القلب..
وتؤذي المشاعر الإنسانية..
وتصبغ العواطف بالألم والحزن على رحيل هؤلاء الأبرياء..
فمن ذا الذي يقبل بهذا، وأي إنسان سوي وعاقل يمكن له أن يتفهم ما يجري حوله من ترويع وقتل بدم بارد لأناس لا ذنب قد اقترفوه بحق الناس أو المجتمعات والدول؟..
***
إذاً هو عمل مجنون..
لا يقدم عليه إلا من فقد عقله ووعيه وباع ضميره للشيطان..
وهو في جانب آخر، يُعد تصرفاً غير حضاري وعملاً إرهابياً يجب عدم الاستسلام له أو التسليم لمطالب فاعليه..
وعلى المجتمع الدولي والأمم المتحضرة أن تقاومه بكل السبل والوسائل المتاحة..
وبخاصة مع توسع المساحة التي يتحرك الإرهابيون في دائرتها، وينشرون الرعب والتخويف ويقتلون الأبرياء في أعمال إرهابية متواصلة..
***
ويؤسفني أن أقول إن الإرهاب بدأ ينمو بسرعة..
وإنه أخذ يتطور بما لا قدرة على ما يبدو للدول الكبرى على تطويق تفاعلاته والسيطرة على مصادر نموه..
بما يلقي على الدول الكبرى مسؤولية تقصي الأسباب الحقيقية ومعالجتها بشكل حازم وعادل..
وإلا فسوف تظل أيدي الإرهابيين قادرة على أن تمتد إلى كل مكان، إلى جميع الدول دون استثناء، وهم وحدهم من يحدد الزمان والمكان..
***
ولابد من التذكير، بأن القضاء على الإرهاب، وتجفيف منابعه ربما احتاج أولاً إلى التعامل مع القضايا الساخنة بعدل، وإذا اتفقنا على أن منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر دموية في العالم بفعل ممارسات إسرائيل، فمن واجبنا أن نذكر بأهمية حل المشكلة الفلسطينية، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، والتوصل إلى صيغة حكم عادل في العراق، من خلال دستور لا يستثني أحداً من المذاهب والقوميات..
وإلا فستظل المنطقة بؤرة للأعمال الإرهابية، وقد تكون مصدراً للإرهاب وعدم الاستقرار في أنحاء العالم على مدى سنوات قادمة وهو ما يعني تهديد أمن الجميع.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
الأسرة تنكزار سفوك
|
حاضنةُ المجتمع ونسيجه المقاوم للسيل الهادر من النظم والأفكار الجارفة لمكونات الداخل والهدامة لجماليات الخارج فتتركها دون غطاء، وتهدد كيانها وتمهد لانهيارها أمام سمومٍ غريبة دخيلة على حياتها وتقاليد معيشتها ومفردات حياتها التي باتت تتشت أجزاؤها أمام ضربات الغزو الثقافي والإعلامي القادم من الخارج.
التشرب بالقيم الوافدة من كل حدب وصوب زرع بذور الدمار الداخلي وحصد نتائجه المتربصون به من الخارج، فكانت باكورتها واضحة في سلوك الشباب الذين باتوا ينشدون الاستقلالية عن الأسرة والسيادة. مطالب أشبه ما تكون بدعاوي الأمم المستعبدة.. والأب ينشد الديمقراطية ويحاول تطبيقها في دوائر المنزل منطلقاً من فكرة حياة المجتمع المدني.
ورياح الطلاق تبتر جميع الحبال وتهدم الخيمة على رؤوس أصحابها، وتقتلع الأعمدة والمساند التي بقيت لسنين طويلة تشدها وتبقيها رصينة مرصوصة، فلم يسلم مجتمع عربي منها، ففي أكبر الأقطار العربية وصلت نسبة الطلاق إلى 70 ألف في السنة وفي أصغرها أربعة آلاف.
قيمٌ دخلت أو أُدخلت على مجتمعاتنا ليس هذا موضوعنا لكنها أنتجت أسرة معصوبة العينين مشلولة الحركة، متصنعة، منسوخة، تنهل مبادئها من هنا وهناك، وتتخلى مجاناً عن كل جميل وزاهٍ، ففقدت الأهداف والمرامي، وشلت إرادتها، واندمجت المورثات المحنطة مع القوالب الجاهزة فتشكلت شخصية مشوهة للأسرة، سميت فيما بعد ب(الأسرة العصرية).
شخصية تجمع بين البراغماتية والانغلاق، بين منتوجٍ حديث وآخر تاريخي. فكان الخطر يهددها في الصميم، وغابت القدوة التي كانت توجه وتصمم وتحدد المهام وتحذر.. فالكل بدأ يرسم ويخطط ويستقل.
فإذا كان ما نستورده لا يناسب أصحابه اليوم الذين يتوقون إلى بناء أسرة تقليدية، حتى وإن كان الزوج وافداً والأطفال مصنعةً، فلا جدوى من اللهاث على اقتنائه.
هذا في الوقت الذي تسمح الأطر المجتمعية الغربية ببناءها الفوقي والتحتي بتوفير الدواء لكل علة اجتماعية، وقادرة على امتصاص نتائجها مهما كانت كبيرة.. في حين نعجز عن تأمين الدواء يوم تقع الواقعة لكننا نملك أسباب الوقاية بالمزيد من الحصانة وجرعات الممانعة.
فمن غرائب الأمور أن من يملك أسرة حصينة يحاول بعثرة أجزائها وتقطيع أوصالها وأصولها، ومن لا يملكها يجاهد للفوز بواحدة، تكون نسبه ومرجعه بعد أن سئم من الليل الطويل والضياع الكبير.
tengeza@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|