|
مولد فضائية جديدة
|
يفترض في وسائل الإعلام العربية..
المرئي والمسموع والمقروء منها..
ما هو مملوك للدول العربية..
وتلك التي تعود في تمويلها إلى القطاع العربي الخاص..
أن تتحلَّى بهويتها الدينية والقومية والوطنية..
وأن تثير من القضايا وبصوت عال ما يعزز من مكانة دولها..
بشفافية وحرية كاملة تستجيب لمتطلبات المصلحة العامة..
ضمن التجسير لإعلام نزيه ومسؤول بمواصفات المرحلة الراهنة.
***
وبمثل هذا الافتراض..
فإن على إعلامنا العربي مسؤوليات كبيرة..
شغله عنها مع الأسف الشديد ممارساته العبثية..
التي ألهى بها الأمة دولاً وشعوباً عن مهامها..
وغيَّبها عن حقيقة المستقبل المجهول الذي ينتظرها..
وهو ما عبَّر عنه وأسماه وأطلق عليه وزير خارجية أمريكا من أنه ترتيب لرسم جديد لخريطة المنطقة.
***
هذا الإعلام العبثي..
لا يمارس إعلاماً أميناً وصادقاً ونزيهاً وإن تصوَّر ذلك..
ولا يقدِّم رؤية إعلامية منهجية تفيد في مستقبل الأمة..
ولا ينطلق في أطروحاته من شعور ديني أو قومي أو وطني صحيح بحجم هاجس الخوف الذي يبيِّته لنا المستقبل المجهول..
إنه إعلام يمارس ألعاباً خطرة..
سواء بوعي أو بدون وعي..
بقناعة منه أو بتوجيه من غيره..
وقد آن الأوان لتطويق هذه الألعاب الغبية..
ومن المهم أن يكون ذلك سريعاً وقبل فوات الأوان.
***
أكتب هذه السطور، وقد أسعدني مولد الفضائية العربية..
بأمل أن تساهم في إعادة الوعي لمن لوَّثت فكره بعض الفضائيات العربية..
فهي إذاً خيار إعلامي جديد أطل في الزمن المناسب..
وهي إضافة إعلامية أصبحت و ينبغي أن تصبح بتصرف وفي خدمة هذه الأمة المنكوبة..
بعيداً عن تغذية الصراعات بين الأشقاء..
وإثارة المشاكل فيما بينهم..
إنها بذلك خطوة على الطريق الطويل..
نحو إعلام مهني أفضل..
مبروك..
خالد المالك
|
|
|
قراءة «تاريخية» لسيناريو 11 سبتمبر: عملية «سوزانا».. نسف «التقارب» بين الشرق والغرب !
|
في الخامس من أكتوبر عام 1954، أعلن زكريا محيي الدين، المسئول الأول عن الأمن الداخلي في مصر في ذلك الحين، الكشف عن شبكة تخريب وتجسس من 13 يهودياً ينتمون إلى الجماعات الصهيونية وأجهزة المخابرات الإسرائيلية.
كان سقوط هذه الشبكة نتيجة مباشرة لفشل «عملية سوزانا» التي نفذها مجموعة من شباب اليهود بتدريب وإشراف وتوجيه من المخابرات الإسرائيلية في تل أبيب.
فشلت تلك العملية في تحقيق أهدافها، وألقت ضوءاً قوياً على حدة التنافر بين سدنة الكيان الصهيوني في إسرائيل من ناحية، ووضعت أولى بذور عدم الثقة المتبادلة بين حكومة الثورة المصرية وبين الغرب مجسداً في بريطانيا وأمريكا من ناحية أخرى.
إلا أن سقوط العملية وفشلها كان لهما آثار بعيدة المدى من الممكن، تاريخياً، قراءتها الآن في سطور ملف العلاقات المتدهورة بين العرب والغرب.وفي مقدمته الولايات المتحدة، خاصة في أعقاب حادث الحادي عشر من سبتمبر.
هنا، لا يمكننا القطع يقينا أو الادعاء بأن هناك «تطابقاً ما» بين ضرب مركز التجارة العالمي في قلب مدينة نيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر 2001 وبين ضرب الممتلكات البريطانية والأمريكية في قلب القاهرة والإسكندرية في أوائل الخمسينيات.. لكن بإمكاننا الشك!
في أواخر الأربعينيات، وتحديدا عقب قيام الدولة الإسرائيلية في مايو 1948، بدأ يهود الشرق يشعرون بنوع من المزاحمة والمطاردة في الأقطار العربية، وفي مقدمتها مصر، حيث ازدادت أسوار العزلة بينهم وبين المجتمع من حولهم، في الوقت الذي لم تكن الدولة الوليدة قد التفتت بعد إليهم.
تزامن مع تلك الظروف الداعية إلى القلق والترقب حدوث تقارب بين القاهرة ولندن وواشنطن، وثمة تقارير تشير إلى أن هذا التقارب كان قد بدأت أولى هواجسه في أواخر الأربعينيات، لا سيما بين القاهرة ولندن في أعقاب انتهاء الانتداب البريطاني في فلسطين ودخول البريطانيين في حوار صريح حول الجلاء عن مناطق الاحتلال العسكري في مصر.
أكثر من هذا أن الرئيس الأمريكي أيزنهاور حضَّ البريطانيين على التخلي عن القواعد العسكرية الإنجليزية في منطقة قناة السويس.
عين الخطر بالنسبة للإسرائيليين! والأخطر من ذلك أن بن جوريون فشل في إثناء بريطانيا عن توجهاتها نحو تخليها عن احتلالها العسكري عن مصر، إذ رأى ومعه كل مؤسسي الكيان الصهيوني في فلسطين أن هذا التخلي بمنزلة تهديد مبكر لدولته في فلسطين.
لم يكن هناك منفذ للخروج من ورطة التهديد المبكر تلك سوى إسقاط «التقارب» الدبلوماسي الذي يسير بخطى وئيدة بين مصر وبريطانيا وضربه في مقتل. هذا ما رآه الإسرائيليون وعملوا على تحقيقه من خلال ذراعهم الإرهابية.. الموساد.
وتزداد هذه الرؤية رسوخاً بعد اندلاع ثورة يوليو، وخروج الملك من مصر، واعتلاء المؤسسة العسكرية منصة الحكم في القاهرة. قرر الإسرائيليون المضي قدما في «تدمير» كل قنوات التقارب المحتملة بين حكومة الثورة مجسدة في عبد الناصر وبريطانيا، قرروا التحرك وبصورة عملية!
خطة التخريب
صاغ الإسرائيليون خطة إرهابية تستهدف تخريب الممتلكات البريطانية والأمريكية في أهم المدن المصرية وأكبرها من حيث عدد الجاليات الأجنبية، القاهرة والإسكندرية. بدأت الخطة في أوائل الخمسينيات حين أرسلت إسرائيل إلى مصر العميل السري «إبراهام دار» الذي قدم نفسه لأبناء جاليته اليهودية باسم «جون دارلنج» (مواطن بريطاني من جزيرة جيبرالتار)، وإن كان هذا الاسم لم يمنعه من التحرك بأسماء وألقاب أخرى وهمية لتضليل سلطات الأمن المصرية التي باتت ترصد كل تحركات اليهود بحذر ودقة.
في مصر، تولى «جون دارلنج» تعليم شباب اليهود أساليب العمل المخابراتي وتنظيم المؤامرات التخريبية، تعلموا على يديه أيضا طرق تجهيز القنابل اليدوية والرسائل المفخخة والتصوير الفوتوغرافي للأماكن الحساسة.
وفي مطلع عام 1952، زار إسرائيل عدد كبير من أعضاء الشبكة التخريبية التي أسسها دارلنج، كانت الزيارة سرية، وتم الترتيب لها بعيدا عن أعين سلطات الأمن المصرية حتى يتسنى لهم العودة إلى مصر مرة أخرى دون إثارة الشك في تحركاتهم.
هناك تدربوا بصورة أفضل على العمليات الإرهابية وأعمال التخريب. وفي حفلة وداع أقيمت لهم قبل الرحيل من تل أبيب، أطلقوا على سلسلة أعمال التخريب التي سينفذونها حتما على فترات متباعدة في القاهرة والإسكندرية الاسم الكودي «سوزانا»، نسبة إلى خطيبة العميل اليهودي ليفي فيكتور، أحد الأركان الأساسية في تنفيذ أعمال التخريب وتخطيطها.
ولدى عودته إلى مصر في أغسطس 1952، توقف فيكتور ليفي في العاصمة الفرنسية باريس، وزار عدة مدن فرنسية للتعرف على أحدث أساليب تصنيع القنابل اليدوية الصغيرة، وخاصة الفوسفورية، فضلا عن شراء بعض كاميرات التصوير السرية.
عاد المخربون الإسرائيليون إلى مصر وبينهم اتفاق على البدء في سلسلة الأعمال التخريبية فور سماع الأغنية الأمريكية الشهيرة «أوه.. سوزانا» على موجة الإذاعة الإسرائيلية.
الهدف
كانت ثورة يوليو قد اندلعت حين قرر بنيامين جيفلي رئيس الاستخبارات الإسرائيلية في ذلك الحين تنفيذ عملية «سوزانا». كان الهدف المطلوب تحقيقه «جملة أهداف» في ضربة واحدة:
1) زعزعة الأمن المصري لنشر الانطباع بأن الثورة التي قام بها الضباط لم تفرز سوى الفوضى وعدم الاستقرار.
2) إقناع العالم، وخاصة بريطانيا وأمريكا، أن التخلي عن القواعد العسكرية في بريطانيا يمثل تهديداً حقيقيا للدولة الصهيونية الأمر الذي ستنعكس سلبياته على منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
3) إقناع البريطانيين بأن الرأي العام المصري يرفض أي محاولات للتقارب بين القاهرة ولندن وإجبارهم على إتباع سياسة أخرى أكثر تشدداً وصرامة.
وأخيرا جس نبض النظام السياسي الجديد ومعرفة مدى ما يتحلى به من نضج في التعامل مع الأزمات «الطارئة».
التخريب في بر مصر
قبل تنفيذ خطط التخريب، كانت قيادة شبكة التجسس الإسرائيلية قد انتقلت إلى العميل إبراهام سايدنبيرج خلفا لزميله إبراهام دار «أو جون دارلنج». ويؤكد بعض الباحثين أن دارلنج كان موجوداً في مصر وقت تنفيذ عملية سوزانا، في حين يري البعض الآخر أنه غادر مصر تاركا قيادة الشبكة لإبراهام سايدنبيرج الذي فر هارباً من مصر بعد إلقاء القبض على أول عضو في شبكة التخريب، العميل روبرت داسا «يهودي ولد في الإسكندرية، وتمتد جذوره إلى اليمن، حيث وفدت أسرته إلى مصر في طريق توجهها من اليمن إلى فلسطين».
فجر الإسرائيليون أول قنبلة في 2 يوليو 1954 داخل مكتب بريد في الإسكندرية، في 11 يوليو، عاد البريطانيون والمصريون إلى مائدة المفاوضات بعد أن توقفت قرابة تسعة أشهر، في 12 يوليو حصلت السفارة الإسرائيلية في لندن على تأكيدات من الحكومة البريطانية بأن خروج البريطانيين من منطقة القناة لا يعني الاستغناء عن «المخازن المكدسة بالأسلحة» للمصريين. لكن وزارة الدفاع الإسرائيلية، وعلى رأسها بينهاس لافون، لم تقتنع ألبتة بتلك التأكيدات ورأت أنها مجرد أقراص ل «تهدئة الأعصاب» المتوترة في تل أبيب.
وفي 14 يوليو «ولنلاحظ معاً توالي الأحداث والتواريخ المتقاربة لها»، صدرت الأوامر من بنيامين جيفلي إلى المخربين الصهاينة، ومن خلال بث إذاعي سري من تل أبيب، بضرب المكتبات التابعة لمراكز المعلومات الأمريكية في مدينتي القاهرة والإسكندرية.
في نفس اليوم، اشتعلت قنبلة فسفورية في جيب فيليب ناتانسون «عميل آخر في الشبكة» قرب دخوله إلى دار سينما «ريو» المملوكة للبريطانيين في قلب مدينة الإسكندرية. وبعد إلقاء القبض عليه والتحقيق معه، بدأت خيوط الشبكة التخريبية الإسرائيلية تتكشف شيئاً فشيئاً.
وفي 15 يوليو، أكد الرئيس إيزنهاور للمصريين أن توقيع اتفاق حول مسألة السويس مع البريطانيين سوف يتزامن معه دخول الولايات المتحدة في «التزامات ثابتة» لتقديم المساعدات الاقتصادية لمصر ودعم قواتها المسلحة.
اشتعل التوتر أكثر فأكثر في تل أبيب، وفي 23 يوليو، الذكرى الثانية لميلاد الثورة، أقدم العملاء الإسرائيليون على آخر محاولة، حيث أشعلوا النار في اثنين من دور السينما بالقاهرة وفي أحد المكاتب البريدية الرئيسية وفي محطة سكك حديد.
سقطت الشبكة، وتمت محاكمة أعضائهم في الفترة من 11 ديسمبر إلى 3 يناير 1955. وبعد سقوطها بستة أعوام، طفحت عملية سوزانا على الرأي العام في تل أبيب وتحولت إلى فضيحة سياسية كبرى حملت اسم «قضية لافون»، نسبة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي بنهاس لافون الذي لم يكن يدري شيئا عن تلك العملية التي نظمها وخططها في الخفاء بعيدا عن رؤسائه رئيس الاستخبارات الإسرائيلية جيفلي بنيامين، حيث أكد بصورة عملية أن دور الأيدي الخفية دائما ما تكون أخطر في «مؤامراتها» من الأيدي الظاهرة الممتدة لتصافح الآخرين على موائد المفاوضات!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|