|
الافتتاحية لقد آن الأوان! |
مثلما أننا نهتم بمظهر المدينة من حيث الشكل والنظافة في المبنى والطريق والألوان بما في ذلك المجسمات الجمالية..
ومثلما أن أي إخلال بذلك سوف يكون مصدر إزعاج لكل القاطنين في المدن والمستخدمين للطريق والساعين أبدا للبحث عن الصور الجميلة..
فإننا في مقابل ذلك نطالب الأمانات والبلديات والمجمعات القروية بشيء من الاهتمام والحرص على تحقيق المزيد مما نتمناه.
***
ذلك أن أي مظهر لايراعي أذواقنا ولايحترم رغباتنا سوف يقابل من المجتمع بالنفور والملاحظة والنقد المتواصل ضمن التعبير الحر بعدم الرضا او القبول بهذه الحالة التي نتحدث عنها..
بما يعني أن هاجس الجهات المسؤولة يجب أن يكون في الحرص على التواصل مع شرائح المجتمع للتعرف على اهتمامات أفراد المجتمع ومتطلباتهم وتحقيقها لهم.
***
وبافتراض أن العناية بمدننا وقرانا قد قطعت مرحلة متقدمة من حيث الشكل العام والمواصفات التي تنسجم مع اهتمامات المواطنين..
وعلى افتراض أن الملاحظة قد انحصرت في أضيق حدودها في ظل إصغاء الجهات المسؤولة إلى صوت المواطن والإبلاء لإنجاز الكثير من تطلعاته..
فإن هذا لايلغي أو يوقف تواصل المواطن بالجهة المسؤولة للمطالبة بالمزيد ضمن جدولة تأخذ بالأهم قبل المهم من اهتماماته.
***
هذه خاطرة..
أحاول بها ومن خلالها أن تكون مدخلا لأقول شيئا عن موقف المرور من سيارات تؤذي العين بمظهرها ومستوى نظافتها الخارجية ومدى توفر متطلبات السلامة فيها..
فيما هي تجوب الشوارع جيئة وذهابا بمظهرها هذا وفي بطء شديد يعرقل حركة السير ويعرض المارة ومن هم في سياراتهم للخطر.
***
وأنا هنا لا أستثني في هذه الخاطرة من ملاحظتي تلك السيارات الفارهة ذات الموديلات الجديدة والألوأن الزاهية التي ربما تصور أصحابها أنهم غير معنيين بهذا الكلام..
مثلما أنني لا أستهدف بها السيارات القديمة من حيث الجودة والسعر والموديل، إذ إن المقصود والمعني من إثارة هذا الموضع كل سيارة تتخلى عن شروط السلامة وتستعرض في الشارع بما هي عليه من افتقار لعنصر النظافة والاهتمام بالمظهر العام.
***
وبذلك فإن حجم الغضب سوف يكون أكبر ويتضاعف أكثر حين تتكاثر الملاحظات وتمتد إلى قطاعات أخرى كالمرورمثلا بفعل الإهمال أو عدم المبالاة..
كما أن غياب المحاسبة هو ما عرض هذه القطاعات إلى الكثير من التشويه، وهوبالتالي ما أخفى ذلك الذي يريح العين ويسر الخاطر من الجماليات المطلوبة.
***
ليت إدارة المرور إذًا توقف السيارات التي تخلو من توفرمتطلبات السلامة..
وتلك التي تبدو في مظهرها مؤذية للآخرين..
بوضع غرامات محددة وتصاعدية لمن لا يلتزم بقواعد المرور..
فقد آن الأوان لذلك.
خالد المالك
|
|
|
تمثلها المسكيت والغاف.. الشجرة الغازية نعمة أم نقمة؟ |
من المعروف أن هناك العديد من الأنواع النباتية الدخيلة على المجتمعات النباتية المحلية. ولا شك أن شجرة الغاف من أكثر هذه الأنواع الغازية انتشارا في المملكة. تنتمي أشجار الغاف والمسكيت إلى تحت الفصيلة الطلحية التابعة إلى الفصيلة القرنية، وهناك 44 نوعاً منتشرة في أمريكا الدافئة وجنوب غرب آسيا وفي أفريقيا. ونباتات جنس الغاف والمسكيت شجيرات أو أشجار ذات أشواك وإبر، وأوراقها مركبة مضاعفة وتحمل الأزهار في نورات عنقودية أو سنبلية، أسطوانية، تكون عادة جانبية، وذات أزهار صفر صغيرة. والثمار شريطية، مستقيمة أو مقوَّسة وقد تكون منضغطة أو منتفخة، إسفنجية وغير متفتحة.
هناك ثلاثة أنواع محلية ونوع واحد دخيل تنمو في المملكة، ويمكن التمييز بينها بسهولة حيث أن النوع الدخيل وهو «المسكيت » ثماره مصفرة شريطية، ويتراوح عدد الرويشات في وريقة الورقة المركبة المضاعفة من 15 إلى 23 زوجاً. أما الأنواع الثلاثة الأخرى المحلية فلون ثمارها كلها بني ضارب إلى الإحمرار أو الدكنة وتميل الثمرة إلى الانتفاخ، ويتراوح عدد الرويشات في وريقة الورقة المركبة المضاعفة من خمسة إلى 14 زوجاً. ويمكن التمييز بين هذه الأنواع الثلاثة كما يلي:
* الغاف: وهو منتشر من إيران إلى الهند، وهو من الأنواع الفطرية المحلية في المملكة، وثماره القرنية تؤكل وتستخرج من قلفة الألياف، وهو مصدر محلي لحطب الوقود في مواقع نموَّه. ويشاهد أحيانا مزروعاً في بعض مناطق الملكة. أما الينبوت فينتشر في شمال أفريقيا، والشرق الأوسط، ووسط آسيا وفى باكستان وشمال غرب الهند. وهو واسع الانتشار في المملكة وأحيانا يصبح نبتة مزعجة. وهو شجيرة كثيرة التفرع وقد ينمو إلى شجرة كبيرة وتكسوه أشواك صغيرة. وأما النوع كويلزيانا فمن المعتقد أنه قد تم تسجيله حديثا في شرق المملكة، خاصة في الأودية الصخرية في وسط وشرق المملكة، وينتشر في إيران. ويعتقد أنه كان ذات يوم ينمو بكثافة في الأودية الكبرى في وسط المملكة.
* المسكيت الغاف الدخيل: وهو من نباتات الأمريكتين ويكثر في الأرجنتين وفى شيلي. وانتقل إلى العديد من مناطق العالم الجافة ومنها المملكة العربية السعودية شجرة سريعة النمو تحت الظروف الجافة، تزرع في بعض بلدان العالم علفاً للمواشي وثماره القرنية حلوة المذاق. وهو من أشجار الشوارع الشائعة في مدن المملكة، ويكاد يكون استوطن فيها حيث انتشر في كثير من مناطقها بريا كما هو الحال في جزر فرسان. وترتفع الشجرة إلى 10 أمتار، ذات قلف بنى داكن، متشقق، وأشواكها متينة صفراء اللون توجد في أزواج. ويزهر النبات بوفرة ويثمر عدة مرات في العام. وينثر كمية هائلة من حبوب اللقاح التى تسبب التحسس والأزمات الصدرية لدى عدد كبير من المواطنين ولذلك فقد تعرض لهجوم شديد من بعض الكتاب والأطباء الذين طالبوا بقلع أشجاره والقضاء عليه في المملكة. وهو أمر صعب التنفيذ ويحتاج إلى وقت طويل فضلا عن تكلفته الاقتصادية العالية والخسارة الأحيائية المتحققة من إزالة أشجاره المتأقلمة جيدا مع البيئة القاسية في المملكة.
أثر شجرة المسكيت
في الهند والسودان
تمكن المزارعون والأهالي عموماً من الحصول على حطب الجذوع السميك المرغوب من الأشجار المزروعة خاصة المسكيت، وبذلك تدنت نسبة أعداد الأشخاص الذين لا يزالون يعمدون إلى احتطاب الأشجار البرية. وكانت النتيجة أن انحسرت أزمة توفير حطب الوقود التى برزت خلال السبعينيات بحلول التسعينيات من نفس القرن، وبلغت نسبة الأسر التى تستخدم حطب الوقود الذي تنتجه من مزارعها الخاصة إلى 50% وهي نسبة كانت تعتمد سابقا على جمع حطب أشجار الغابات المحلية. ويتضح جليا أن مشروع استزراع أشجار الحطب بصفة عامة، والمسكيت بصفة خاصة، أدى إلى المحافظة على النظام الغابي وسلامته فوجدت الأشجار المحلية الحماية من المواطن، الذي على الأقل لم يعد يحتطبها.
وفي السودان أدخلت مصلحة الغابات شجرة المسكيت لمكافحة التصحر إلا أنها لم تثر أي مشكلة صحية، ورغم ذلك تم الحكم عليها بالإبادة والحرق الفوري، والسبب أن المزارعين قد رحبوا بالشجرة وزرعوها حزاماً واقيا على حواف الحقول، واتخذوا منها ظلاً وارفا لحيوانات الحقل، وعلفاً لها، وحطباً للأسرة، ومخصبة للتربة، وتسويراً حىاً للبيوت والحدائق، والنتيجة أن الشجرة انفلتت وتغلغلت وانتشرت في أعماق الأراضي الزراعية الخصبة المتاحة لزراعة المحاصيل النقدية السريعة، فكان القرار الذي لا يزال ساري المفعول بالحرق والإبادة في تلك المواقع غير أن الشجرة لا تزال قائمة راسخة في المواقع الأخرى ولا ضرر لها منها.
أسباب نجاح الشجرة
في غزو الأراضي
تزهر شجرة المسكيت أساسا في الربيع وفى الخريف، ولكن قد يتواصل وجود الأزهار على النبات فتبدو الشجرة وكأنها مزهرة على مدار العام، وهو ما نشاهده في بعض الأشجار المنزرعة في منطقة الظهران بشرق المملكة. وتثمر الشجرة، وثمارها علف جيد كما ذكرنا، تسقط الشجرة أوراقها شتاءً، ويبدو أن كثافة الورق الساقط منها، الذي يغطي سطح التربة، تحول دون نمو نباتات أخرى منافسة وبذلك يعطل من نمو نباتات المسطحات الخضر إذا جاورتها.
وتنتقل ثمار الشجرة عن طريق الحيوانات التى تعلفها، وتسقط البذور التي لم يتم هضمها مع الروث والبعر ومن ثم الإنبات إلى أشجار جديدة في مواقع جديدة، أو جرف الثمار الساقطة مع جريان مياه المطر، إلى مواقع أخرى لتنبت فيها وتنتشر. وقد يقوم الإنسان بنقل التربة المحتوية على ثمارها لغرض ما إلى أماكن أخرى كأن تطمر في الأودية، ومواقع النفايات خارج المدن والقرى، فتنبت وتنتشر وهكذا. ونظرا لسرعة نموها وقوته فإنها تتكاثف وتنافس الأنواع الأخرى وتحل محلها.
المسكيت وحمى الدريس وزيادة معدل الإصابة بأزمات الربو
تكررت الشكوى من أضرار هذه الشجرة الدخيلة على الصحة العامة وأمراض الحساسية التى تسببها حبوب اللقاح التى تطلقها الأزهار بوفرة شديدة، ولا تنفرد شجرة المسكيت بذلك لأن مسببات الحساسية والأزمات الربوية كثيرة منتشرة في هواء المدن نتيجة التقدم التقني والصناعي المعاصر، وقد تكون هذه المسببات غذاءً أو شراباً أو كساءً أو مبيداً حشريا أو حتى رائحةً عطريةً عادية، تكون مقبولة لدى الكثيرين ولا تسبب لهم حساسية، هذا فضلا عن أن هناك نسبة كبيرة من النباتات والأشجار المحّلية التى تسبب حبوب لقاحها الحساسية لدى نسبة ملحوظة من المواطنين. وأهل القصيم كثيراً ما يجأرون بالشكوى ضد «الطلح الأمريكي» كما يسمون الشجرة هناك. وكيف أن هذه الشجرة أقلقت كثيرا من الأسر بتكرار إصابات انتكاسات الجهاز التنفسي لدى كل الأعمار ويساندهم الرأي الطبي الصريح الواضح بأن 67% من الذين يعانون من الحساسية أثارها فيهم هذا النبات خلال موسم إزهاره وإطلاق حبوب لقاحه التى يحملها الهواء إلى أنوفهم.
هل يوجد حل لهذه المشكلة؟
والسؤال الذي يشغل الجميع الآن هو أين يكمن الحل ؟ وهل من الممكن التوفيق بين وجود الشجرة لما لها من منافع هائلة، وبين التقليل من آثارها في الإصابة بالحساسية وزيادة معدل الأزمات الربوية ؟ نعم إن شجرة المسكيت ذات أهمية اقتصادية وأحيائية كبيرة، ويمكنها أن تقوم بدور كبير في مقاومة تصحر الأراضي خلال الوقت الحالي الذي ساد فيه الجفاف، ولم تستطع أنواع محلية أخرى مقاومته، فجذورها المتشعبة تساعد على تنظيم المياه الجوفية وسحبها إلى أعلى، وقطع الشجرة يؤدى إلى أن يغور الماء. فضلا عن أنها تساعد على ترطيب الجو ونقائه من الغبار والأتربة (التى هي أيضا مصادر إصابة بالحساسية لدي قطاع كبير من الناس)، وتحمى التربة السطحية الخصبة من الانجراف بفعل الرياح والجفاف، وتساعد على تشربِّها بالمياه الساقطة من الأمطار، وتمنع تكوين السيول المدمرة إلى آخر ما هو معروف من الفوائد التى تقوم بها الأشجار والنباتات في هذا المضمار.
ويرى بعض العلماء أن القضاء عليها يعنى خسارة اقتصادية وأحيائية محققة ويتنافى مع مقتضيات المحافظة وحماية البيئة. وربما يكون الحل في القيام بتهذيب الشجرة وتنسيق شكلها العام بإزالة معظم الأغصان قبل موسم الإزهار عند بدايته وأثنائه وبنفس نسبة الإزالة يكون تخفيض نسبة إطلاق حبوب اللقاح في الهواء، فالمعروف أن كل الأغصان قديمها وحديثها يحمل أزهارا في موسم الإزهار. غير أن الأغصان الحديثة أوفر إزهاراً، فإذا قمنا بإزالة 50% من الأغصان نكون قد أوقفنا إنتاجية 50% من الأزهار وحبوب اللقاح، ولقد بدأ تشذيب الأشجار في الشوارع والتجربة تبشر بالنجاح. كما يمكن كحل بديل رش الأشجار في موسم الإزهار بمواد كيماوية مسقطة للأزهار قبل تفتحها وإطلاق حبوب اللقاح مما يحفظ على الأشجار أغصانها وظلها.
وفى نفس الوقت يرى آخرون أنه إذا كان من الضروري القضاء على هذه الأشجار وإبعادها عن البيئة المحلية فيجب أن يتم ذلك تدريجيا مع البدء في تنفيذ برنامج استزراع أشجار محلية بديلة، وأن يبدأ ذلك في المناطق السكنية بقدر الامكان، ويتم استخدام أنواع الغاف الأخرى المحلية التى لا تسبب حبوب لقاحها هذه الحساسية وإن كانت أبطأ نموا، ويمكن أن يضاف إليها السدر والنيم وهذه الأخيرة شجرة أخرى دخيلة لا تسبب مشاكل من هذا النوع الذي سببه المسكيت. وتقوم عدة لجان تشكلت بتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز بدراسة متأنية للموضوع، قبل إصدار القرار بشأن هذه الأشجار.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|