|
صباح الخير..!!
|
تشرق الشَّمسُ صباحَ كلِّ يوم..
تسبقنا العصافير بأصواتها وزقزقاتها في إعلان مولد يومٍ جديد..
تدبُّ الحركة، حركة الناس، وكأنهم على موعد مع ما جَدّ من جديد.
***
برنامج مكرَّر لكلٍّ منا..
يبدأ مع الصباح الباكر، ولا ينتهي إلاّ في الهزيع الأخير من الليل..
كفاح وعرق..
وصراع لا ينتهي مع ما هو مؤمَّل أو منتَظر.
***
لا يعرف المرءُ بِمَ هي حبلى به أيامه القادمة..
وماذا تحمل له حياته مما يتمنَّى أو لا يتمناه..
وبأيّ صورة سيتعامل المرء مع مفاجآت قد تنتظره من حين لآخر..
فهذا الغموض جزءٌ من متعة الحياة التي لا نعرف كم ستكون أعمارنا فيها.
***
مع أشعَّة الشَّمس، وفي بواكير صباح كلِّّ يوم، تتسابق الأفكار والتأملات حول ما ينبغي أن يكون أو ما قد يستجد خلال الزمن القادم..
كلٌّ يفكر في قَدَرِه بالحياة، ما يتمنَّاه وما يخطِّط له، وما يعمل من أجله مصحوباً بالكثير من التوقُّعات التي قد تأتي، وقد لا يناله أي نصيب أو شيء منها.
***
الشمس بأشعتها الذهبية تدقُّ الأبواب المغلقة..
تتسلَّلُ برفقٍ وهدوءٍ إلى الغرف المظلمة لتوقظ من بقيَ نائماً، مذكِّرةً إياه باليوم الجديد..
فيما الحركة تبدو في الخارج صاخبةً وتدُبُّ بشكل مثير لمن اعتاد أن ينام مبكِّراً ويستيقظ كذلك.
***
هكذا هم الناس في عالمنا الواسع الفسيح..
من يتسابقون إلى حيث مواقع أعمالهم..
ومن اعتاد منهم أن يمضي نهاره بالنوم والتشاغل عن أداء واجباته ومسؤولياته دون أن يفكر في أضرار هذا السلوك عليه وعلى الوطن والمواطن.
***
ومع الصحو المبكر..
والاستيقاظ في الوقت المناسب..
مع نسمات الصباح الباردة..
وهوائه العليل..
يدرك المرء ما في ذلك من فعل لهذه الحيوية والنشاط التي تبدو على وجوه ومحيا وحركة وتفكير أولئك الذين اعتادوا أن يكونوا بعيدين عن غرف النوم في وقت مبكر من صباح كل يوم جديد.
***
تلك بعض خَطَراتٍ صباحية كانت محورَ تفكيري وتأملاتي..
ربما كانت باردة مثلما هو طابع الساعات الأولى من كلِّ صباح..
وقد لا تكون كذلك، لكنَّها في كلّ الحالات والأحوال تحاول أن تتقمَّص شخصية المشهد بين نموذجين من الناس..
الصورة ربما أنها لم تتكامل أو تتضح بما فيه الكفاية للتعبير عن الواقع..
لكنها محاولة للاقتراب من الحالة، من الصورة الباهتة في بعض جوانبها، المشرقة من جوانبها الأخرى..
نعم.. إنها محاولة.. ليس إلاَّ!!.
خالد المالك
|
|
|
انتخابات العراق..هل تكون ضوءاً في نهاية النفق؟!
|
* إعداد - أشرف البربري
ربما لم تحظ انتخابات في العالم خلال عام 2005 باهتمام بقدر ما حظيت به الانتخابات العراقية الأخيرة لأسباب عديدة، في مقدمتها رهان البعض عليها لإخراج العراق من نفق العنف والاحتلال الذي يعاني منه منذ مارس 2003 مع بداية الغزو الأمريكي له. وقد تناولت صحيفة (كريستيان سياينس مونيتور الأمريكية) تجربة الانتخابات العراقية من خلال عائلة عراقية متعددة الانتماءات فهي شيعية في الأساس وترتبط بعلاقة المصاهرة مع عائلات سنية وكردية.
وتقول الصحيفة عندما يتذكر أفراد عائلة العامري العراقية ذهابهم إلى مراكز الانتخاب في عهد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين يضحكون، فقد كانوا بالفعل يذهبون إلى مراكز الاقتراع ولكن بدافع الخوف.
تقول هالة العامري الطالبة في الجامعة (لم يكن أمامنا أي خيار.. فقط هناك التهديد بالعقاب)، وقد كانت هالة واحدة بين أبناء عدة أجيال من عائلة العامري الذين شاركوا في الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في العراق رغم تهديدات بعض الجماعات المسلحة بمهاجمة مراكز الاقتراع. وقد اختار كل واحد من أبناء العائلة الشخص الذي يراه مناسبا للمشاركة في حكم العراق على مدى السنوات الأربع المقبلة.
وقد شارك في الانتخابات العراقية الأخيرة حوالي 15 مليون عراقي أغلبهم مثل عائلة العامري ذهبوا إلى مراكز الاقتراع في جماعات عبر شوارع المدن العراقية كعائلات، فأغلب العراقيين تعاملوا مع الانتخابات باعتباره شأنا عائليا، فقبل الساعة التاسعة صباحا بقليل تجمع أبناء عائلة العامري للتوجه إلى مركز الاقتراع الذي يقع على بعد حوالي ميلين من منزلهم، وقد كان يوما احتفاليا بالنسبة لهم وقد استعدت هالة ووالدتها إنعام جيدا لهذه المناسبة.
وعلى خلاف عادتها تخلت عن الزي الذي تلبسه عادة وارتدت فستانا أنيقا وتزينت بعناية كبيرة وكأنها مدعوة للمشاركة في حفل زفاف، وقد كانت توزع قطع الحلوى على الأطفال والمارة في الشوارع وتصفق كل فترة وتردد (منصورة يا بغداد)، وهو مقطع من أغنية وطنية كانت قد ظهرت في سنوات الحروب التي خاضها العراق لإثارة المشاعر الوطنية، ولكن المعركة هذه المرة وبفضل الله ستكون من خلال صناديق الانتخابات فقط.
والحقيقة أن أعمال العنف خلال الانتخابات العراقية الأخيرة كانت محدودة للغاية ولا يمكن مقارنتها بالانتخابات التي أجريت في يناير الماضي لانتخاب الجمعية الوطنية المؤقتة التي أعدت مسودة الدستور حيث شهدت سقوط حوالي أربعين قتيلا. وعندما اقترب أفراد العائلة من المدرسة التي تستضيف مركز الانتخابات بدأت عمليات التفتيش الأمني، وقد مر الناخبون عبر أربع نقاط تفتيش حيث جرى تفتيشهم والاطلاع على بطاقات الهوية الخاصة بهم، وقد بدا الأمر وكأن عدد أفراد الشرطة في الشوارع المحيطة بمركز الاقتراع يساوي عدد الناخبين، ورغم ذلك لم تشعر هالة بأي استياء بل إنها قالت إن هذه الإجراءات الأمنية أمر جيد.
وإذا ما اعتبرنا عائلة العامري نموذجا أو مؤشرا على نمط تصويت الناخبين العراقيين فإننا نستطيع التنبؤ بالنتائج النهائية في ظل التفاوت الكبير في اختيارات أفراد هذه العائلة، فرغم أن المرشحين الشيعة حظوا بالنصيب الأكبر من أصوات هذه العائلة فإن هذه الأصوات لم تذهب في اتجاه قائمة شيعية واحدة. وهذه العائلة تقدم بالفعل نموذجا واعدا يبشر بالخير بالنسبة لمستقبل التجربة الديموقراطية في العراق.
فقد اختارت هالة الجامعية قائمة رئيس الوزراء السابق الشيعي العلماني إياد علاوي فيما اختارت أمها قائمة الائتلاف العراقي الموحد الشيعية المقربة من المرجعية الدينية الشيعية في النجف، أما الجدة والدة إنعام وتدعى بسمة وهي سنية تزوجت من رجل شيعي فاختارت قائمة علاوي الذي يبدو أكثر صرامة في مواجهة الإرهاب.
كراهية الحروب
تقول بسمة (لقد كرهنا الحروب) فقد عشت نصف سنوات عمري كلها تحت دوي الانفجارات، وقد اختارت بسمة التصويت في المركز القريب من منزل عائلة زوجها رغم أن دائرتها الانتخابية الأصلية في منطقة الدورة ولكن خوفها من أعمال العنف جعلها تصوت في المركز القريب، وتقول إن إعادة الأمن إلى العراق هو أهم شيء فهي لم تعد تخرج من منزلها لأي سبب إلا وتشعر بأنها تغامر بحياتها، والحقيقة أن عائلة العامري مثل أغلب العائلات العراقية تعرف تماما نصيبها من الخسارة.
فقد اعتقلت أجهزة الأمن العراقية في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين شقيق بسمة في الثمانينيات ثم استعادت العائلة المعتقل جثة هامدة لدفنها.
وتقول السيدة بسمة إن الإطاحة بصدام حسين واعتقاله ومحاكمته هو التعزية الحقيقية لها ولأفراد أسرتها وليس تشكيل حكومة جديدة ربما تضع المصالح الطائفية والعرقية في مقدمة اهتماماتها ليدفع الشعب العراقي الثمن مرة أخرى في إشارة منها إلى حكومة الائتلاف العراقي الموحد ذات الصبغة الشيعية.
ولكن الابنة إنعام تقول وهي تبتسم ابتسامة خفيفة احتراما لرأي والدتها الذي تختلف معه كل واحد له حق الاختيار، والحقيقة أن تنوع أفراد العائلة والطبيعة المختلطة لها حيث الجدة سنية متزوجة من شيعي ورغبتهم في التصويت لصالح مرشحين لا يعتبرون بالضرورة (من أبناء طائفتنا) تشير إلى ظهور ناخب جديد مميز في العراق.
والحقيقة أنه من غير المستغرب وجود ناخبين سنة يصوتون لمرشحين شيعة أو العكس خاصة بين أبناء الطبقة المتوسطة ذوي المستوى التعليمي المرتفع وهو ما يعني أن هناك عراقيين ينظرون إلى الانتخابات باعتبارها أكثر من مجرد وسيلة لتحقيق المصالح الطائفية الضيقة. ويرى أبناء عائلة العامري أن حياتهم لا يمكن أبدا أن تسمح لهم بالاختيار على أساس طائفي، فبعض أبناء العائلة متزوج من أبناء طائفة السنة وبعضهم متزوج من الأكراد.
وفي نهاية الشارع الذي تعيش فيه العائلة في منطقة الكرادة ببغداد وهي منطقة مختلطة تعيش فيها عائلات سنية وشيعية وكردية توجد أسلاك شائكة وأكياس رمل ونقطة حراسة لتأمين الرئيس العراقي جلال طالباني الذي يعيش في منطقة مجاورة للشارع. يقول ابن شقيق إنعام ويدعي علي العامري إنه صوت لصالح قائمة الائتلاف العراقي الموحد لأنه أراد تجديد الثقة في حكومة رئيس الوزراء العراقي الحالي إبراهيم الجعفري، في حين يرى بعض أبناء العائلة أن حكومة الجعفري كانت مخيبة للآمال. ولكن علي الذي يعمل علي كمهندس في وزارة الكهرباء العراقية يرى أنها فقط تحتاج إلى المزيد من الوقت. ويضيف أن ثمانية أشهر غير كافية لإعادة الاستقرار لبلد مثل العراق وقد أدت الانتخابات وحظر التنقل بين المدن العراقية خلال الأيام الانتخابات إلى إضفاء جو العطلات على شوارع بغداد التي خلت من السيارات المدنية أيضا في إطار إجراءات تأمين العملية الانتخابية.
ولذلك قرر المهندس علي وزوجته أستاذة الهندسة في جامعة بغداد وفاء استغلال خلو الشوارع في تعليم ابنتهم التي بلغت سن المراهقة قيادة السيارات في أحد الشوارع الجانبية الهادئة بالقرب من منزلهم، ورغم أن علي صوت لصالح القائمة الممثلة للتيار الديني الشيعي فإنه ليس أصوليا.
والمعروف أن حزب المجلس الأعلى للثورة الإسلامية العراقي الذي يقود قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي صوت لها علي له علاقة وثيقة بنظام الحكم في إيران لكن علي لا يخشى من تحول العراق إلى دولة دينية في حالة فوز القائمة، يقول علي: نحن لا نريد أن تكون بلادنا مثل إيران لأن لدينا اختلافات دينية وعرقية عديدة هنا.
ولكن أبناء عمة علي الأصغر منه صوتوا لصالح قائمة مثال الألوسى الذي قام بزيارة مثيرة للجدل إلى إسرائيل العام الماضي مما أدى إلى طرده من حزب المؤتمر الوطني العراقي الذي يقوده نائب رئيس الوزراء أحمد الجلبي، كما أن مثال الألوسي سني وليس شيعي.
يقول وليد ابن عمة علي إنه اختار الألوسي لأنه نزيه وغير طائفي.
رداً على سؤال عن هذا التفاوت الكبير في خيارات أفراد العائلة في الانتخابات قال وليد: الحمد لله وأتمنى أن يكون العراق كله عائلة واحدة مثل عائلاتنا يتمتع أفرادها بحرية الاختيار.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|