تتسارع خطوات البناء والإصلاح في بلادنا بما لم نعد نملك القدرة على ملاحقتها وتتبعها في زمن رائع يمكن وصفه بأنه أغلى وأهم فترة شهدت فيها المملكة في عصرها الحديث مولد مثل هذه الإنجازات الحضارية العملاقة معززة بكثير من الأنظمة القادرة على حمايتها وجعلها متاحة وموظفة لخدمة جميع المواطنين.
* * *
وفيما لو فكر أيٌّ منا في القيام برصد أمين لكل ما أنجز على الأرض في عامين فقط، فسوف تكون الأرقام والحقائق المبهرة دامغة لكل من يزعم أو يدعي أن المملكة ليست في سباق مع الزمن لبناء هذه الصروح العلمية وإلى جانبها هذه المصحات العملاقة والطرق ذات المواصفات العالمية وغيرها من مشاهد التطور والبناء المتسارع في عصرنا الحديث.
* * *
وسوف يكتشف من يملك ذاكرة قوية وحسا وطنيا وموقفا يعتمد في آرائه على عقل راشد، أن هذه البلاد إنما تقدم من خلال برامج تنميتها الطموحة تجربة حضارية لم تسبق إليها، وما من أحد مر بمثلها، أو أنجز ما هو أفضل منها، بفضل قيادة حكيمة أقامت كل هذه المشروعات، وقفزت بالوطن إلى هذه المستويات من الشموخ حين قامت بتوظيف كل الإمكانات المتاحة لصالح بناء دولة عصرية وقوية وعملاقة.
* * *
أكتب هذا، وأنا أعجز وأضعف من أن أدعي يوما أن حصر هذه الإنجازات في متناول ذاكرتي، أو أنها تحت السيطرة من حيث القدرة على تناولها في موضوع قصير كهذا، وفي كلمة مضغوطة كهذه الكلمة، في ظل هذا التوسع الكبير في تنفيذ متطلبات الوطن والمواطن في كل مجال وميدان، متزامناً مع هذا النمو في عدد السكان، ما يعني المزيد من الحاجة إلى التوسع في توفير المزيد من الخدمات.
* * *
لهذا فأنا أسمح لنفسي - مع اعتذار شديد لمن يقرأ لي - بأن تكون هذه الكلمة معنية فقط بمشروع تطوير وتحديث القضاء الذي بشَّر به الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ضمن سلسلة من الإجراءات والتنظيمات التي تتواصل على يد هذا الملك الصالح، بما يسجل ضمن تاريخ حكمه المشرق الذي تتميز إدارته بالحدب على مصلحة الوطن والمواطن في ظل دولة القانون والعدل والمساواة بين الجميع.
* * *
فقد فاجأ خادم الحرمين الشريفين مواطنيه بهذه النقلة السريعة والجريئة والشاملة التي جدد فيها الأنظمة القضائية في المملكة، دون أن يمس الثوابت، أو أن يخل بما هو عليه القضاء في بلادنا من تاريخ وضاء، حيث يتميز بالعدل والنزاهة في تعامله مع كل القضايا والحقوق التي تعرض عليه، وهي بعض صفات القضاء في بلادنا التي يستمدها ويعتمد عليها من مرجعيته وهي القرآن الكريم وسنة نبيه - عليه الصلاة السلام - وما روي عن الصحابة - رضي الله عنهم -.
* * *
وخادم الحرمين الشريفين لم يكتفِ حين أصدر أمره الكريم بالتنظيم الجديد للقضاء الذي هو التنظيم الأوسع والأشمل منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - وإنما بحكمته ورؤيته وبعد نظره، أمر بأن يخصص له سبعة آلاف مليون ريال؛ لضمان أن يكون هذا التنظيم المهم من حيث جاهزيته للتنفيذ وقدرته على تلبية التطلعات والآمال منه بمستوى تطلعات المليك وسمو ولي عهده والمواطنين.
* * *
وسوف يحتفظ تاريخ القضاء في المملكة لملك مصلح ومجدد اسمه عبدالله بن عبدالعزيز، أنه جدد وطور وأقر تحديثاً كاملاً وشاملاً للقضاء، وأسس قاعدة تبقي القضاء بكل مؤسساته قويا وشامخا على مدى سنوات طويلة قادمة، معتمدا في ذلك على هذا التنظيم الرائد وهذا الدعم المادي الكبير ليبقى القضاء ثابتاً وقوياً وملبياً لكل ما كان يتطلع إليه المواطنون.
* * *
لقد تلمس خادم الحرمين الشريفين حاجة أكثر من عشرين مليون مواطن ومقيم إلى خدمات قضائية متطورة، تستجيب للمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، فعزز القضاء وبكل تخصصاته بما رأى أنه يلبي تطلعاتهم ويخفف من معاناة الانتظار الطويل، ضمن استراتيجية تقوم على التواصل مع المستجدات، وتتناغم مع تطور المملكة في كل المجالات، بما لا خوف على القضاء من أي تطورات عالمية أو إقليمية طارئة أو مستقبلية، طالما أن القضاء يمثل بمؤسساته ميزان العدل والمساواة بين المواطنين، وطالما أن هذا المشروع هو دعم جديد له ليواصل مشواره الجميل في حفظ حقوق الناس.
* * *
ولا أحسبني أذهب بعيدا، أو آتي بجديد، حين أقول إن القضاء في المملكة منذ تاريخ الدولة السعودية الأولى ثم الثانية فالثالثة ظل العلامة المضيئة والشعلة التي لم تنطفئ في الاعتماد عليه في بناء هذه الدولة الفتية، بما أعطاها كل هذه القوة والمنعة، وبخاصة حين وضع الملك عبدالعزيز أُسُسَ دولته - ودستورها القرآن - بحيث أصبحت بهذا الوزن الكبير والمكانة العالية حين مقارنتها بدول لها نفس العمر الزمني الذي مضى على تأسيس الدولة السعودية الثالثة.
* * *
ومثلما بدأت هذا المقال، أقول في نهايته، أنني بهذه الكلمة لا أقدم إحصاء بما أنجز على الأرض، كما أني لا أدخل بالتفاصيل في حديثي عن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير وتحديث مرافق القضاء في المملكة، وإنما أعبر عن مشاعر صادقة لمواطن نحو إنجاز جديد أثلج صدره حيث يضاف إلى ما سبقه من إنجازات سواء في عهد الملك عبدالله أو في عهد من سبقه من الملوك وفي طليعتهم الملك عبدالعزيز، بانتظار ما هو قادم، فالمواطن في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز على موعد دائم - إن شاء الله - مع سُحب الخير، تمطر كما نتمنى وكما نريد، فهذا عهد الخير وزمن الإنجازات والتطلع دائماً إلى ما هو أفضل.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال ، أرسل رسالة قصيرة SMS
تبدأ برقم الكاتب (2) ثم أرسلها إلى الكود 82244
خالد المالك