|
العراق المبتلى!!
|
يخيفني الوضع في العراق الشقيق، ويؤلمني توقفه من يوم لآخر في محطات دامية وقاتلة..
حتى وإن اتفق الإخوة العراقيون على دستورهم الجديد، أو غُيِّب مثلما غاب أمنه واستقراره..
طالما أن هناك إملاءات غير واقعية، كتلك التي تفرضها بعض القيادات العراقية مدعومة بسلطة المحتل..
***
يخيفني أكثر التوجُّه نحو إقرار الدستور باتفاق على مواد وبنود تمس حق ودور بعض العراقيين..
وأكثر ما يخيفني تعليق أو تأجيل إقرار الدستور بانتظار اتفاق الجميع وليس بعضهم على جميع نقاط الاختلاف، وهو ما لن يتحقق في ظل غياب حرص الجميع على وحدة العراق..
***
يخيفني أكثر وأكثر استمرار العراق هكذا!! بلا سلطة حقيقية تملك حق إدارة بلادها ووضع برنامج متفق عليه من الجميع لخروج المحتل منها، وبالتالي خروج العراق من النفق المظلم..
وبخاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها بريطانيا ترفضان الموافقة على أي جدول زمني يحدد موعداً لانسحابهما من العراق وتسليم هذا البلد المحتل لأهله..
***
ولا يقل خوفي على مستقبل العراق الشقيق عن شعوري بالصدمة مع كل مشهد لعراقي بريء يفقد حياته بفعل الاحتكام إلى السلاح بين بعض العراقيين والقوات البريطانية الأمريكية من جهة وفيما بين العراقيين من جهة أخرى..
حتى وإن بُرِّر لذلك بأنه يُلجأ إليه للقضاء على ما يسمى الإرهاب وأنه يتم من أجل خلق جو آمن للمواطنين هناك..
***
ويزيد ألمي وخوفي وشعوري بالصدمة، أن إقصاء صدام حسين ونظام حكمه الفاسد لم يوقف حمام الدم مثلما كنا نتمنى ولم يحل دون الزج بالعراقيين في غياهب السجون..
بل إنه في ظل الاحتلال أصبح يفوق بكثير ما كان عليه إبّان النظام البائد، والمؤسف أنه لا يلوح في الأفق ما يشير أو يبشر بغير ما نراه الآن من قتل وتدمير ومن بوادر حرب أهلية قادمة ربما تكون آثارها المدمرة أسوأ وأكبر مما هي عليه الآن..
***
إنها مشاعر حزينة على ما آل إليه الوضع في العراق، وقراءة موضوعية لما أراه يجري على الساحة العراقية من اقتتال وأعمال إرهابية يجب أن يُسأل عنها المحتل وكل العراقيين على حد سواء..
***
وهي كلمة أذكر بها بما أرى أنه سلوك مخيف قد يحل ويجثم بكل آثاره المدمرة على صدور العراقيين مستقبلاً بما لا قدرة لأحد على تجنبه أو معالجته أو الخروج منه سليماً..
فيما يظل المرء المحب والمتعاطف مع شعب العراق، بانتظار أن يقبل الله دعاء المخلصين بإنقاذ هذا البلد الحبيب من محنته ويجنب شعبه الأبي شر ما يحاك له من مؤامرات ضد وحدته واستقراره ومستقبله وحياته الحرة الكريمة.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
التنين الصيني يتربع على اقتصاد العالم بعد عشرين عاما بوادر حرب تجارية شرسة بين الصين والولايات المتحدة
|
* إعداد - أشرف البربري:
على مدى أكثر من نصف قرن ظل الغرب ينظر إلى الصين باعتبارها مجرد كتلة بشرية ضخمة لا تشكل أي تهديد اقتصادي وأحيانا سياسي له، ولكن السنوات العشرين الماضية شهدت تحولات اقتصادية جذرية بالنسبة للصين لتعيد رسم خريطة القوة في العالم الاقتصادي، فقد تحول التنين من قوة بشرية إلى قوة اقتصادية عالمية تنطلق بقوة نحو عرش الاقتصاد العالمي.
ولذلك أصبحت العلاقة الاقتصادية بين الولايات المتحدة صاحبة أكبر اقتصاد في العالم حاليا والصين القوة الاقتصادية المنطلقة بسرعة الصاروخ موضوعا لجدل حاد داخل مختلف الدوائر الأمريكية والعالمية.
يقول تقرير لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية إنه خلال عشرين عاما من الآن قد يصبح الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم متجاوزا الاقتصاد الأمريكي الذي مازال يحتفظ بالمركز الأول منذ الحرب العالمية الثانية تقريبا.
في الوقت نفسه يتنامى النفوذ الجيوبولتيكي للصين جنبا إلى جنب مع نمو اقتصادها، والآن بدأت بوادر حرب تجارية شرسة بين الصين والولايات المتحدة، فالولايات المتحدة نجحت في إقناع الصين بتحرير سعر صرف عملتها المحلية (اليوان) أمام العملات الرئيسية الأخرى بحيث ترتفع قيمة العملة الصينية إلى المستوى الذي يعكس قوة الاقتصاد الصيني، كما تضغط واشنطن على بكين من أجل التخلص من الأساليب التجارية (غير النزيهة). ومرة ثانية تتجاهل بكين هذه الضغوط والمطالب الأمريكية.
والمفارقة أن أيا من الجانبين لا يدرك التداعيات الخطيرة لأي تدهور في العلاقات التجارية بينهما، يقول هارالد مالمجرين المستشار الاقتصادي في العاصمة الأمريكية واشنطن أن البيت الأبيض (لا يمتلك وسيلة للتعامل مع هذا الملف) وهو ملف يبدو قد (خرج عن السيطرة) بالنسبة للأمريكيين، والعلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين قضية مهمة لكل الأمريكيين وليس فقط لهؤلاء الذين يشترون المنتجات الصينية من سلاسل متاجر التجزئة الكبرى المنتشرة في المدن الأمريكية، فأي تباطؤ في نمو الاقتصاد الصيني الذي أضحى خلال السنوات الأخيرة قاطرة الاقتصاد العالمي يمكن أن يؤدي إلى فقدان ملايين العمال وظائفهم في مختلف أنحاء العالم وبخاصة في العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة.
كما أن البنك المركزي الصيني أصبح الممول الأول لعجز الموازنة الأمريكية من خلال إقراض أمريكا أكثر من مليار دولار يوميا في صورة مشترياته من أذون الخزانة الأمريكية التي تصدرها وزارة الخزانة في واشنطن لتمويل العجز المتزايد في الموازنة، وبدون هذه القروض اليومية من الصين للخزانة الأمريكية سترتفع أسعار الفائدة الأمريكية إلى مستويات عالية، وإذا ارتفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة سترتفع تكاليف الاقتراض العقاري وسترتفع تكاليف السكن لكل الأمريكيين في الوقت نفسه ستجد الشركات الأمريكية صعوبة في تمويل خططها الاستثمارية في ظل أسعار الفائدة المرتفعة.
يقول كلايد بريستوفيتز رئيس معهد الاستراتيجيات الاقتصادية في واشنطن أن القضية كبيرة جدا ومعقدة (ونحن نعيش الآن اعتمادا على الحبل السري الذي يريط أمريكا بالبنك المركزي الصيني) الذي يضخ يوميا في الاقتصاد الأمريكي أكثر من مليار دولار، ويقول مالمجرين الذي كان ضمن الفريق الأمريكي في مفاوضات تحرير التجارة العالمية منذ عقود إن كلا الجانبين يدرك تماما الخسارة التي تنتظر الجانب الآخر إذا ما سمحا باشتعال حرب تجارية بينهما. وقد اكتشفت الولايات المتحدة حاجة الصين إلى الوصول للمستهكلين الأمريكيين الذين يشترون المنتجات الصناعية الصينية، لذلك فبكين يمكن أن تقدم تنازلات من أجل حماية الوضع القائم الذي يفتح السوق الأمريكية أمام المنتجات الصينية، في الوقت نفسه تدرك الصين حرص أمريكا على استمرار فتح السوق الصينية الضخمة أمام المنتجات الزراعية الأمريكية وحماية الاستثمارات الهائلة للشركات الأمريكية القائمة في الصين بالفعل، ولكن المحلل الاقتصادي الأمريكي مالمجرين يشير إلى أن تقييم كلا الجانبين للموقف ينطوي على كثير من سوء التقدير، ويضيف أن المسؤولين الصينيين لديهم قدر ضئيل من المعرفة بالقضايا الاقتصادية، كما أنهم ليسوا على دراية كافية بالآليات السياسية التي تحكم عملية صنع القرار في واشنطن، علاوة على ذلك فهم يتمسكون بضرورة أن يظل الانتعاش الرأسمالي للصين داخل حدود الصين، في الوقت نفسه فإن الضغوط تتزايد على إدارة الرئيس بوش من جانب الكونجرس لمواجهة الصين بطريقة أشد صرامة.
وتشهد المشاعر المعادية للصين بين كل من الجمهوريين والديموقراطيين في واشنطن تناميا مطردا، ولكن خبراء يؤكدون أن الولايات المتحدة ربما لم تعد لديها القدرة على توجيه أي ضربة اقتصادية للصين، كما كان الحال من قبل. ويقول بريستوفيتز (الولايات المتحدة ستحتاج إلى تغيير أسلوبها حتى تتمكن من التعامل مع قوة عظمى أخرى.. ولكن المشكلة أننا مازلنا نتعامل مع الأمر بشيء من التكذيب والإنكار) لحقيقة أن الصين أصبحت قوة اقتصادية عظمى. وفي كتابه (الرأسماليون الجدد في الألفية الثالثة) حذر الخبير الاقتصادي بريستوفيتز من التطورات التي تهدد بوضع نهاية لسيطرة الغرب على النظام الاقتصادي العالمي، ومن هذه التطورات صعود الاقتصاديات الآسيوية واستمرار العجز التجاري للولايات المتحدة الذي يتحول إلى احتياطيات ضخمة من الدولارات الأمريكية لدى الصين وغيرها من دول آسيا، ولكن الخطر المباشر أو الحالي هو احتمالات دخول الصين والولايات المتحدة في حرب تجارية صريحة، وبالفعل فرضت الولايات المتحدة نظام الحصص على وارداتها من المنسوجات الصينية رغم أن منظمة التجارة العالمية ألغت العمل بنظام الحصص في تجارة المنسوجات العالمية منذ يناير الماضي، في المقابل ردت الصين بالإشارة إلى احتمال اتجاهها لشراء جزء من احتياجاتها الزراعية مثل فول الصويا من منتجين غير أمريكيين مثل البرازيليين، ويحمل الديموقراطيون في واشنطن إدارة الرئيس بوش مسؤولية هجرة ملايين الوظائف من سوق العمل الأمريكية إلى الصين، في الوقت نفسه هناك شعور عام بالقلق في أوساط الجمهوريين بسبب (السرعة المفاجئة التي ينمو بها الاقتصاد الصيني)، ويشعر أعضاء الكونجرس الأمريكي من الجمهوريين بالقلق من حساب الناخبين لهم خلال انتخابات الكونجرس عام 2006 على فقدان ملايين الوظائف لصالح الصين خلال السنوات الأخيرة، لذلك يتبنى الجمهوريون حاليا مواقف صارمة ضد الصين ويضغطون على الإدارة الأمريكية من أجل تبني هذه المواقف.
ويشكو أعضاء الكونجرس الأمريكي من تساهل الإدارة الأمريكية مع الانتهاكات الصينية لقوانين حماية الملكية الفكرية للكثير من الشركات الأمريكية، وكذلك بالنسبة لقضية جزيرة تايوان ورفض الصين ممارسة ضغط قوي على كوريا الشمالية من أجل تسوية الملف النووي لها.
ولكن بريستوفيتز يحذر من أن (الصين لا تمتلك نفوذا لدى كوريا الشمالية بالصورة التي نتخيلها)، وعلى المدى البعيد يبدون أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش مضطرة للتعامل مع الصين يطريقة (ناعمة) لإقناعها بالتعاون لتسوية قضية سعر صرف العملة الصينية وغيرها من القضايا التجارية، ولكن بريستوفيتز يقول: إن الموقف الأمريكي تجاه الصين يعاني حاليا من نوع من (الشيزوفرنيا) أو الانفصام على سبيل المثال في الرابع من يونيو الحالي انتقد وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد الصين بشدة بسبب (تزايد مشترواتها من الأسلحة)، ومؤخراً نجحت الصين والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق ودي للحد من صادرات بعض أنواع المنسوجات الصينية إلى السوق الأوروبية، وأشار المفاوض التجاري الصيني بو زيالي إلى أن الصين تفضل مثل هذه الاتفاقات التي يتم التوصل إليها عبر التفاوض، وليست القرارات أحادية الجانب، كما فعلت الولايات المتحدة عندما قررت فرض نظام حصص على وارداتها من المنسوجات الصينية.
وذكر المفاوض الصيني مثلا شعبيا صينيا يقول (إذا احترمتني بوصة واحدة، احترمك قدما كاملا)، كما أن كلا من إدارة الرئيس بوش وإدارة سلفه بيل كلينتون جعلت القضايا المختلفة مع الصين مثل قضية سعر صرف اليوان وحقوق الملكية الفكرية وتايوان والديموقراطية وحقوق الإنسان في الصين تمضي في مسارات منفصلة، ويرى مالمجرين أن هذه الاستراتيجية الأمريكية أثبتت فشلها وانتهت، ويظهر هذا في مشروع القانون الذي وافق عليه 67 عضوا في مجلس الشيوخ من إجمالي أعضائه المئة الشهر الماضي، ويطالب بفرض رسوم جمركية قدرها 27.5 في المئة على الواردات الصينية إذا لم تحل الصين مشكلة سعر صرف عملتها المحلية، ومن المنتظر أن يظهر هذا التشريع مرة أخرى خلال الصين الحالي في الوقت الذي تحاول فيه الإدارة الأمريكية التي فاجأها تحرك الكونجرس لتهدئة الصراع مع الصين.
وفيما يتعلق بقضية العملة فإن وزارة الخزانة الأمريكية مازالت ترفض اعتبار الصين دولة تقيد سعر صرف عملتها المحلية في مخالفة لقواعد التجارة العالمية الحرة، وإذا اعتبرت وزارة الخزانة الأمريكية الصين كذلك ستكون مجبرة وفقا للقوانين الأمريكية القائمة فرض عقوبات اقتصادية على الصين.
وفي الوقت نفسه يترقب الجميع هذه القضية بكثير من القلق لأن العالم قد لا يتحمل أي صدام اقتصادي بين القوتين الأمريكية والصينية في هذا التوقيت.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|