|
نريد مسؤولاً يعترف بالخطأ!!
|
بعض الناس لا يُرضيه أن يُقال له وعنه إنَّكَ على خطأ حين يتحدث للآخرين بعيداً عن الملامسة أو الاقتراب من الحقيقة فيما يقول..
وقد يحتدُّ ويمتعضُ ويتبرمُ كلما ضُيِّقَ على آرائه بالنقد، أو حاول أحدنا تقديم وجهة نظره برأي مضاد أو وجهة نظر مخالفة.
***
طبيعة بعضنا أنهم لا يلقون بالاً لما يقوله غيرهم عن أدائهم، لأنهم يعتقدون أنهم على صواب وغيرهم على خطأ في أي قضية أو موضوع يهم الناس..
وهؤلاء يمثلون شريحة كبيرة من المسؤولين في مجتمعنا، وعددهم ليس قليلاً بين مَنْ يتولى منهم مراكز قيادية ومسؤوليات كبيرة في القطاع الحكومي ومثله في القطاع الأهلي.
***
والصحافة تمارس دورها - أحياناً - في نقد شيء غير مرضٍ مما تراه العين وتسمعه الأذن، لكنه يُواجه بالضيق وعدم الرضا ممن يكون موجهاً له..
وطبيعة هؤلاء - غالباً - عدم تسليمهم بصحة ما يُوجه من نقد لأدائهم وممارساتهم، وطبيعتهم - أيضاً - المكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ بل والإصرار عليه غير مبالين بنتائجه المدمرة.
***
وهؤلاء، ليسوا استثناءً في مجتمع لدى الكثير من أفراده من الأخطاء والتجاوزات وسوء التقدير في أعمالهم ومتطلبات وظائفهم الشيء الكثير..
ولكننا - مع هذا - نكون كباراً وعلى قدر المسؤولية حين نملك الشجاعة لتصحيح ما يصدر عنَّا ومنَّا من الأخطاء، أو الإعلان عن الفشل ثم ترك الجمل وما حمل.
***
لكن، كم منَّا مَنْ فعل أو سيفعل هذا في ظل ظاهرة التمسك بالوظيفة وامتيازاتها حتى ولو أدى ذلك إلى خراب (مالطة) أعني حتى ولو كان في مثل هذا السلوك إساءة إلى الوظيفة؟..
فقد تَلَفَّتُّ في كل الاتجاهات، واستذكرتُ كل ما تختزنه ذاكرتي، فلم أجدْ موقفاً أو مشهداً يقول بغير ما أَشَرْتُ إليه، مع أني أتمنى صادقاً لو أنَّ هناك من الشواهد التي تؤكد عدم واقعية هذا الانطباع.
***
ولابأس أن يُظهر المنقود عدم رضاه عن أي نقد يُوجه إليه، حتى ولو كان هذا النقد موضوعياً وصادقاً في مقابل أن يحسن أداءه ومنطقه حين يتحدث، أو أن يأخذ بالقرار الصعب إذا كان غير قادر على تحقيق ما هو مطلوب منه، والقرار الصعب الذي أعنيه أن يترك مكانه لمن يملك القدرة والاستعداد والرغبة للوفاء بالتزامات ومتطلبات الوظيفة والمسؤولية نحو الناس ونحو الوطن.
***
المزعج في الأمر، أن مثل هذه الأخطاء من أي مسؤول - كائناً من كان - تكلف المواطن شيئاً كثيراً من ماله ووقته، دون أن يثير ذلك في هذا المسؤول أو ذاك الحرص أو الاهتمام بمعالجة ما هو محل شكوى أو تذمر من المواطنين، مع أن مسؤولية الوظيفة تقتضي منه أن يفعل ذلك دون أن يمنَّ به على مَنْ كُلف بخدمتهم من إخوانه المواطنين.
***
لكن المثير للانتباه أكثر، أن هناك مَنْ يدافع عن هذا النوع من السلوكيات الخاطئة لدى بعض القيادات الإدارية، بتأثير من العلاقة الشخصية مع مَنْ هم مسؤولون عن هذه الأخطاء من المسؤولين..
وبحسب ما نراه، فإن أي خطأ إذا لم تتم المبادرة إلى علاجه، ومن غير تباطؤ أو انتظار، فإن تراكم مثل هذه الأخطاء سوف تعيق أي فرصة مستقبلية لعلاجها، وبالتالي لتحقيق ما نتمناه من نجاحات في وقتها المناسب.
***
ولا يمكن لي أمام مبادرات الملك عبدالله في تصديه المشهود لأي قصور في أداء مسؤوليات الوظيفة، إلا أن أحيي فيه هذا الاهتمام بالمواطنين ضمن حرص ملموس منه - حفظه الله - لتوفير الرخاء والأمان المعيشي لهم..
وهو ما يعني، أن من مسؤوليات مَنْ هم أهل للوظيفة، أن يبادروا بتأدية المطلوب منهم على النحو الذي ينسجم ويتناغم مع ما توليه القيادة من اهتمام وحرص لإشاعة النهج الصحيح بين كل المسؤولين في القطاعين الحكومي والأهلي ويتطلع إليه المواطنون، ومن دون تفريطٍ أوتخاذلٍ أو تخلٍّ عن الأمانة التي أُوكلت لهم.
خالد المالك
|
|
|
في الجزء الثالث من (المهمة: مستحيلة) مهمة توم كروز دقيقة وليست مستحيلة
|
* إعداد - محمد رضا
مهمة توم كروز بدت حتى مطلع الأسبوع الماضي مستحيلة وهي كيف يمكن بعد سقوط معظم أفلامه الأخيرة، أو تحقيقها إيرادات معتدلة الخروج من الخانة التي وجد نفسه فيها وتبوأ المركز الأول مجدداً بين أنجح الممثلين.
وتمثل الجواب بسرعة في إنجازه جزءاً جديداً ثالثاً من سلسلة (المهمة مستحيلة)، على أساس أن هذا المسلسل المستوحى من حلقات تلفزيونية جاسوسية انطلقت أواخر الثمانينيات سبق وأنجز الوعد المناط به.
الجزء الأول، قبل تسعة أعوام، أنجز نحو نصف بليون دولار من الإيرادات العالمية، أما الجزء الثاني (قبل خمسة أعوام) فقد حقق نحو400 مليون دولار من الإيرادات العالمية. هذا أولاً.
ثانياً: ليس في تاريخ توم كروز السينمائي فيلماً يمكن صنع أجزاء لاحقة وتحويله الى مسلسل، ففيلم (أيام الرعد) مثلاً هو فيلم سباق سيّارات بدأ وانتهى، وفيلم (توبجن) كان يمكن أن يكون مسلسلاً لو تم توفير جزء ثان، لكن أحداً لم يفكر بذلك حينها واليوم فإن الوقت متأخر على ذلك.
أما (جيري ماغواير) الذي تم إطلاقه سنة 1996 أي في ذات السنة التي تم إنتاج الجزء الأول من (المهمة مستحيلة) وحقق نجاحاً جيداً، لم يتحمّل أي إضافة.
بين كل أفلامه، فإن هذا المسلسل التلفزيوني السابق كان التذكرة الوحيدة الممكن تحويلها الى أجزاء وتوظيف الفكرة أكثر من مرة.
السيف على الأعداء
الى ذلك، وكما سبق القول، فإن أفلام كروز الأخيرة إما أخفقت جزئياً أو أخفقت كلياً. ولنراجع سريعاً.
كان كروز قد أنهى القرن العشرين بفيلمه الأخير مع زوجته السابقة نيكول كيدمان وهو (عينان مفتوحتان باتساع) والذي كان فيلم (برستيج).
كروز كان يعلم أنه ليس فيلماً تجارياً لكنه، بذكاء الممثل الطبيعي في مثل هذه الحالات، أصرّ عليه لأنه كان من إخراج العبقري ستانلي كوبريك، وكوبريك مات بالفعل بعد شهور قليلة من إطلاق الفيلم.
في العام 1999أيضاً ظهر في (مانغوليا)، وهو فيلم فني آخر للمخرج الشاب بول توماس أندرسون، ولعب كروز فيه دوراً يكاد يكون مسانداً في فيلم بلا بطولة حقيقية.
بذلك يمكن القول إنه اختار الانتقال من قرن لآخر بفيلمين فنيين ليبرهن على أنه ليس نجماً فقط، بل ممثلاً في الأساس.
في عام2000 عاد الى (المهمة مستحيلة) في جزء ثان أخرجه جون وو وهذا منحه التوازن الذي كان لابد منه، لكن كروز مباشرة بعد هذا الفيلم واجه صعوبات في الحفاظ على هذا التوازن لأن المشاريع الفنية التي اختارها لم تنجح حتى بين طلاّب الفن، وتلك التجارية التي اختارها لم تنجح كثيراً أيضاً بين طالبي الترفيه.
هذه الحقبة من الأفلام بدأت بفيلم (فانيلا سكاي) المأخوذ عن فيلم إسباني جيّد تم إعادة صنعه فيلماً أمريكياً أقل جودة، وقد بدا كروز فيه كما لو كان يحاول إثبات شيء بعيد عنه، وهو أن يعكس صورة عميقة لشخصيته، ذلك العمق الذي لم يصل إلى الشاشة، وبقي داخل النفس.
وكان فيلم (تقرير الأقلية) أول لقاء بينه وبين المخرج ستيفن سبيلبرغ وأول فيلم خيالي علمي يمثّله توم كروز، وبالرغم من أن الفيلم كان جيدا والتمثيل كذلك إلا أن الإقبال عليه كان متوسطاً، ثم جاء فيلم (الساموراي الأخير) وكان بمثابة تحية ملقاة على فن الفروسية اليابانية.
وجسد كروز في هذا الفيلم دور رجل رحل الى اليابان في مهمة استشارية لحساب الامبراطور، وحين يرى الظلم الذي يتعرض له فريق من محاربي الساموراي يقرر الانضمام إليهم.
ويرى النقاد الفنيون أن توم كروز لم يكن مقنعاً في تمثيله سواء في المشاهد المصوّرة في أمريكا أو في تلك التي حمل فيها السيف على الأعداء في اليابان. ثم عاد الى قواعده في فيلم (القاتل المحترف) لحساب مايكل مان ليقوم بدور البطولة الذي يختل توازنه فجأة حين يصل ليؤدي بضع مهام قتل لكن سائق تاكسي (جامي فوكس) يتدخل في خططه ويعمل على إفشالها.
من هذا الفيلم الى (حرب العوالم) لسبيلبرغ أيضاً الذي فشل في تأدية مهام تجارية كبيرة، لقد كان نجاح الفيلم لا بأس به لكنه أقل مما هو مأمول. كما كان الدور مرسوم لشخص عادي جداً، لكن كروز لا يمكن أن يبدو عادياً ولا يسمح لنفسه بذلك.
نهاية وخيمة
كل هذا يقودنا الى (المهمة مستحيلة 3) الذي تكلف نحو150مليون دولار لصنعه وأنجز في أسبوعه الأول دخلاً جيّداً (نحو 48 مليون دولار) وهو ما يؤكد ما ذهبنا إليه من أن توم كروز محصور تجارياً إلى الآن في هذا المسلسل.
إنه تذكرته الوحيدة الصالحة للاستخدام في كل مرة. القصة هنا تضعه في مواجهة طرفين متعاونين ضده، إنه العميل السري إيثان هوك الذي يعمل لحساب منظمة استخباراتية (شبيهة بالسي آي إيه).
وكانت المهمة مستحيلة في الحلقات التلفزيونية كل أسبوع. إيثان هوك
(أدّاه حينها بيتر غريفس) ومجموعة من أخلص المتعاونين ينطلقون لتأديتها. مفادها شخص يُراد تحريره او تهريبه الى منطقة آمنة أو عملية اغتيال على المجموعة القيام بها او إفشالها، حسب سياسة الحلقة، او جهاز سرّي او مفاعل نووي أو أي شيء من هذا القبيل مطلوب استحواذه.
وكانت الحلقة الواحدة تمزج بين الاستعداد والتشويق المبني على التسلل او التنكّر ثم تلك المبنية على كيفية إنجاز المهمة في مراحلها الأخيرة.
أما الأفلام الثلاثة فلم يكن لديها مثل هذا الوقت تضيّعه في مشاهد انتظار وترقّب وتحسّب.
حيث كانت تنطلق مباشرة الى العمل والإسراع في التنفيذ وتضخيم النتائج. وهذا ما يقوم به الفيلم الجديد بالفعل، أول ما نرى بطل الفيلم (كروز) نشاهده مقيّداً يحاول إنقاذ زوجته المخطوفة من تهديد المجرم الأول فيليب سايمور هوفمان.
هذا يهدد إيثان هوك بأنه إذا لم يدلّه على مكان وجود زجاجة فيها سائل نووي ما (لا يحدد الفيلم كثيراً هوّيتها). يقول له: (سأعد للعشرة). وخلال دقيقة ونصف نرى إيثان (توم كروز) يصرخ ويستعطف ويحاول تجنيب زوجته نهاية وخيمة ثم طلقة الرصاص.
بعد ذلك يقطع الفيلم الى بداية القصة وكيف وصل بطلها الى هذا الوضع.
أقل من جيّد
من يريد مشاهدة الفيلم ولا يريد من هذا الناقد إفساد عنصر المفاجأة عليه أن يتجنّب قراءة الفقرة التالية والانتقال مباشرة الى الفقرة التي تليها، فمن مشهد التمهيد الى مشهد حفلة خطوبة: حيث يبدو إيثان آيل الى فترة جديدة من حياته. في ذلك اليوم بالتحديد يرن هاتفه. تطلبه الوكالة لمهمّة. يلتقي ويعاين ويستعد لكنه لا ينسى أن يعود الى حبيبته ليتزوّج منها، ثم ينطلق الى الفاتيكان حيث ستدور رحى مواجهته الأولى مع الشرير فيليب سايمور هوفمان.
يُلقي القبض عليه، يعيده الى أمريكا حيث يواجه عند وصوله هجوم من مجموعة تملك الطائرات الحربية والقوّة العسكرية.
المشهد منفّذ جيداً وعال في النواحي الفنية التقنية وبنتيجته يتم تهريب فيليب وها هو توم كروز أمام مسؤوله الأعلى لورنس فيشبورن، لاحقاً ما يعتقد كروز أن رئيسه يعمل مع المجرم الذي خطف زوجته والآن عليه أن يعيدها سالمة. هذا ما يوصلنا الى المشهد الذي شاهدناه أولاً والى ما بعده، كل شيء على صعيد الصورة جيّد التنفيذ تقنياً لكن المخرج أبرامز ليس لديه أسلوب خاص يمنح الفيلم طابعاً تقنياً ماهراً، أما المشاهد التي يبتكرها الفيلم للإثارة العامة فهي ما كان المخرجون في هوليوود الأربعينيات يصفونها بالمشاهد التصويرية. أي أن الصورة فيها جيّدة. وما يحدث داخل الصورة مثير، لكن القيمة الفنية والشخصية مفقودة، وهناك مشاهد نرى فيها توم كروز يقفز بين ناطحات سحاب شنغهاي مستخدماً مسدساً فيه حبل يطلقه فيعلق في رأس بناية يمكنه من ترك موقعه من المبنى الذي يقف عليه والتأرجح في الهواء.
وفي هذا المشهد لا يسع المشاهد أن يخشى أن ينقطع الحبل بقدر ما يخشى أن يصوّر الفيلم له قفزة غير معقولة بدنياً، لكن هذا ما حدث تماما، فعلى أساس أن كروز يمثّل شخصية يفترض بها أن تكون من لحم ودم وإمكانات بشرية محدودة مهما علت، فإن ما يفعله يبدو مستخلصاً من (سبايدر مان) و(باتمان) و(سوبرمان) مجتمعين.
القناع
أما المشكلة الأكبر فهي المشاهد التمثيلية لكروز، ونستطيع القول إن اليوم الذي يستطيع فيه كروز الكف عن النظر شذراً وتلخيص فن التمثيل الى نظرات نصف واعية هو اليوم الذي سيتقدم فيه كممثل، لكن في (المهمة مستحيلة 3) هذا كل ما يفعله في ميدان مهنته، فيضيق من فتحة عينيه ليعكس كل شيء: الذكاء أحياناً والتصميم أحياناً وحتى التفكير والألم.
الأمر الذي يجعل هذا الألم ينتقل إليك إذا ما كنت تنتظر شخصية تعايش ما يحدث بوجدان، لكن الفيلم إذ يخلق توتراً ناتجاً عن مزج الحياة الشخصية لبطله بالحياة المهنية (خطف زوجته) فإنه يوفر لكروز الكثير من الفرص لتجسيد شخصية الرجل الذي عليه حماية زوجته ونفسه والمهمة السرية التي يقوم بها والتي تأتي قبلهما، هذا التجسيد يأتي بالحركة وحدها، وبقليل من التمثيل، والغالب في مظهر كروز هو الظهور بقناع، ذلك القناع الذي يخفي توم كروز الحقيقي، ذلك الذي كان أكثر طبيعية وتلقائية حين كان لا يزال في سنواته العشر الأولى.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|