|
عراق ممزق.. لماذا؟ |
مر عام على احتلال العراق الشقيق..
على سقوط نظام صدام حسين..
وما غاب من آثار حكم فاسد تأذى منه الكثيرون..
في معركة خاطفة وسريعة وبأقل الخسائر في صفوف المحتلين..
***
ومنذ ذلك الحين..
وقبل وبعد أن يُودع صدام حسين وأعوانه السجون التي بناها نظامه..
والعراق الجريح الذي غيّبه نظامه السابق من أي ممارسة أو حق لمواطنيه في التعبير الحر عن همومه ومشاكله..
وحاصره وأغلق عليه بإحكام كل مجال يمكن أن يشم من خلاله نسيم الحرية وهاماته عالية..
هو اليوم مع شديد الأسف على الحال الذي عرفناها من قبل ومن بعد..
***
لقد بشّر الاحتلال شعب العراق بأن الظلم والقهر والاستبداد قد ولّى وإلى غير رجعة..
وانه أصبح بإمكان هذا الشعب العظيم أن يستمتع بالحرية وحق التعبير وممارسة الحياة كما يريد..
دون خوف أو وجل من السلطة والتسلط..
ضمن تأكيد المحتل على أن شمس الحرية قد أشرقت من جديد..
وان العراق قد ولد بإزاحة صدام حسين متعافى ومستجيباً لتطلعات وأماني وآمال مواطنيه..
***
ومع هذه الذكرى..
فإن ما نراه شيء مختلف عما يقوله المحتل..
لا هدوء..
ولا استقرار..
وقتال شرس ومتواصل..
ولا من أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيكون عليه مستقبل العراق..
سواء بقي المحتل أو رحل..
***
في الذكرى الأولى..
هناك ذكريات مؤلمة يتحدث عنها كل بيت وكل حي وكل شارع..
القتلى بالآلاف من الجانبين مع غياب الرصد الحقيقي لأعدادهم..
ومواكب المصابين من آثار جنون الحرب بازدياد..
وكل التطمينات من هذا الجانب أو ذاك لا معنى لها..
في ظل استمرار الجميع بإنهاك العراق..
وغياب المعالجة الصحيحة للوضع الذي يعيشه هذا البلد المهدد بالتمزق والتشرذم ودفعه إلى حروب لا طائل من ورائها..
***
العراق يحتاج إلى إعادة تأهيل..
مما فعله صدام حسين ونظامه..
وما يفعله الآن المحتل..
وكذلك بعض المواطنين..
فأرض الرافدين لا تستحق كل هذا الظلم وكل هذه القسوة بجريرة أخطاء وسلوك نظام سابق..
خالد المالك
|
|
|
النبتة.. حين تتحول إلى دوحة غناء (14) البلديات حول العالم.. النشأة والتطور النظام البلدي هو الأكثر حساسية والأسرع استجابة لحاجات المواطنين تعددت الآراء بخصوص تحديد مفهوم البلديات في إطار الحكم المحلي داخل الدول |
* القاهرة جمال فتحي دربك
عندما بدأ التاريخ كطفل صغير يسطر بقلمه ألف باء الحياة، تعثر القلم في تفاصيل معركة شرسة بين قابيل وهابيل، انتهت بمصرع أحدهما وبقاء الآخر متحسراً على فعلته، ليس هذا فحسب بل إن سيناريو قابيل وهابيل قد شيب الطفل في كتابة تفاصيله المكرورة التي تواصلت لقرون عدة تمثلت في صراع الإنسان بمواجهة الطبيعة ومواجهة أجنة الإنسان في ذات الوقت، ليكتوي بذلك قلب آدم على بنيه إلى الأبد.
وبعد أن فرضت الحياة على المقتتلين ضرورة الاجتماع والتعاون بدلاً من الفردية، بدأ الطفل الناشئ يدون في سجلاته ألف باء سياسة، ومع التطور الطبيعي للحياة وصولاً إلى ما يسمى بالحكومات المركزية في الحضارات القديمة وحتى الآن، تبدلت مطالب الإنسان من الرغبة في البقاء ونفي الآخر إلى الاستمتاع بالحياة والسعادة في الأرض ومن هنا بدأ ظهور نظام البلديات جنباً إلى جنب مع نظام الأمة أو الدولة بمفهومها الحديث للتعبير عن مطالب المواطنين وتحقيق سعادتهم بشتى الطرق. ولقد ظهر نظام البلديات النظام المحلي لتحقيق مطالب أبناء الدولة، سواء كان ذلك في شكل حكم بلدي محلي أو إدارة محلية في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حصرياً، نتيجة للتوسع المتزايد والمتسارع في وظائف الدولة الحديثة وواجباتها، بالإضافة إلى تضخم حقوق المواطنين ورغباتهم من ناحية أخرى.
كما ساعد على ذلك اختلاف الحاجات والمطالب المحلية للمواطنين، وعجز قدرة الحكومة المركزية على التخطيط الدقيق للمجتمعات المحلية، ذلك أن التخطيط للمشروعات البلدية على المستوى القطري تتحكم فيه الاعتبارات السياسية والأولويات الوقتية، يضاف إلى ذلك أن أفراد المجتمعات الديمقراطية الحرة لم يشعروا بالسعادة ولا الانتماء لقومياتهم دون السماح لهم بإدارة شئونهم المحلية، مما استلزم ضرورة وجود النظام البلدي.
وفي ظل تعقد المجتمع البشرى وتطوره، أصبحت عملية صنع القرار في الدول أمراً ليس هيناً، بالنظر إلى حساسية رد الفعل الشعبي إزاء هذه العملية في حال عدم تحقيقها لرغباتهم وحاجياتهم الفردية والاجتماعية وعلى ذلك بدأت الوحدات البلدية (المحليات) تحظى بدور نشط وتاريخي في تشكيل السياسات المتعلقة بالخدمات العامة، خصوصاً في مجالات التعليم والنقل والأمن والثقافة والشئون الاجتماعية بما دعم من حجج الديمقراطية وزاد من مشاركة المواطنين في إدارة أنفسهم بالتوقف مع انتمائهم الحر والفاعل لدولهم.
هذه الأمور ساعدت على احتفاظ العديد من الحضارات والدول القوية بكيانها ممتداً إلى عصرنا الحاضر، بالنظر إلى أن الدولة مهما قويت شوكتها، فإنه لا يمكنها أن تسلب الإنسان حقه في الحرية والسعادة الاجتماعية.
ألف باء البلديات
تعددت الآراء بخصوص تحديد مفهوم البلديات في إطار الحكم المحلي داخل الدول، فقد أشار البعض إلى أن البلديات هي أسلوب من أساليب اللامركزية الإدارية، في حين أن الحكم المحلي أسلوب من أساليب اللامركزية السياسية، وبالتالي فإن الأخير لا يوجد إلا في الدول الاتحادية (الفيدرالية) كالولايات المتحدة الأمريكية، أما البلديات فتوجد في الدول البسيطة، وهذا الرأي كما نرى يخلط بين الحكم المحلي كأسلوب إداري (البلديات) والحكم المحلي على مستوى الولايات المتحدة وهو وضع دستوري يختلف تماماً عن البلديات.
وفي التطبيق، نرى أن إنجلترا مثلاً كدولة بسيطة لا تطبق نظام البلديات في حين أن الولايات المتحدة قد تركت هذه الأمور إلى دساتير ولاياتها كيفما شاءت.
وفيما تمت الإشارة إلى الرأي السابق، فإن هناك رأياً آخر يؤكد أن البلديات تتمتع بدرجة من السلطة والاختصاصات والاستقلالية أقل مما يتمتع به الحكم المحلي.. ويدلل هذا الرأي بنظام الحكم المحلي البريطاني الذي تتمتع به السلطات المحلية بهيكل مادي محدود وواضح، بالإضافة إلى أغراض متعددة وهيئات صغيرة مسؤولة عن بعض الخدمات لا تزيد عليها، كما أن الوحدات المحلية البريطانية ليست وكيلة عن الحكومة المركزية، ولكنها تؤدي عملها استنادا إلى القانون الذي منحها الشخصية الاعتبارية ولكن في إطار سلطة الدولة أو الحكومة المركزية في ضمان التزام هذه المجالس بالقانون.
وامتداداً لما سبق، فإن الهيئات المحلية المعروفة باسم البلديات تعمل كامتداد للدولة مع استقلالية محدودة، كما هو الحال في الدول التي كانت مستعمرات فرنسية. وعلى ذلك يعرف الفقه الإنجليزي أسلوب الحكم المحلي في بريطانيا ومستعمراتها بأنه (عبارة عن كيانات قانونية مستقلة تحكمها عادة مجالس منتخبة محلياً مع درجة من الاستقلال).
ويعرف الإنجليز أيضاً نظام الحكم المحلي البريطاني بأنه حكومة محلية تتولاها هيئات محلية منتخبة، مكلفة بمهام إدارية وتنفيذية تتصل بالمقيمين في نطاق محلي محدد، ولها سلطة إصدار قرارات ولوائح.
ومن هنا نصل إلى نقطة هامة مفادها أن الخلاف بين نظام البلديات في المستعمرات الفرنسية وفرنسا من ناحية ونظام الحكم المحلي في بريطانيا ومستعمراتها ليس في الكيف، ولكن في الكم، كما أنه ليس هناك تدرج في اتباع نظام الحكم المحلي والبلدي، بل هناك صور من النظام وتطبق كل دولة ما يناسبها منها.
ورغم هذه التعريفات المختلفة، فإن مفهوم البلديات عموماً يسير إلى منطقة تتمتع بتاريخ طويل وتقاليد ممتدة، أي المقاطعات والتجمعات السكانية الحضرية والقروية التي تشكل إدراكنا بالمكان، ويقوم بإدارتها مجلس منتخب من عدد معين من الأعضاء، يصلون إلى مقاعدهم بالترشيح الحر والمباشر، ويمتلكون اختصاصات تشريعية ذات نطاق محلي، بموجب تفويض مركزي محدد من قبل الدولة الأم التي تتكون هي ذاتها من عدة مقاطعات وبلديات إدارية.
والحقيقة، أننا ليس إذا كنا مع التفريق بين مفهومي البلدية والحكم المحلي، فإن العبرة بالواقع التطبيقي والممارسة الفعلية من داخل النظام المحلي، ويؤكد ذلك أن كثيراً من الدول التي توجد بها بلديات تمتلك العديد من الصلاحيات والاختصاصات عن الدول التي بها حكومات محلية، دون أن يعني ذلك تفصيل أي من الاثنين، ولذلك فالعبرة بكم وكيف الدور الذي تلعبه إحداهما في خدمة مواطنيها.
البلديات: أهداف وطموحات
لم يولد النظام البلدي (المحلي) عبثاً، وإنما جاء ليحقق مجموعة من الغايات التي تصب جميعها نحو تنمية قيم التعددية والديمقراطية والكفاءة الإدارية.
ويقصد بالتعددية ألا تتركز السلطة في الدولة في جهاز واحد أو سلطة واحدة من أجهزة الدولة بل يجب توزيعها بين الجماعات والمصالح المتنوعة، وتكون وظيفة الدولة في هذه الحالة التنسيق ووضع الحلول التوفيقية بين الجماعات والمصالح المركزية المحلية المتصارعة.
وتعتبر المجالس البلدية من بين أهم الجماعات التي تشارك الحكومة المركزية في اختصاصاتها وسلطاتها.
ولقد وردت حجة التعددية كتبرير لنشأة نظام الحكم المحلي البريطاني في التقارير المقدمة من السير ريدكليف مورو تقرير ويلثي وتقرير ليفيلد، وقد أكدت هذه التقارير دور المحليات في موازنة سلطة الحكومة المركزية، وتعدد مراكز اتخاذ القرارات في النظام السياسي افداري، بحيث لا تتركز هذه السلطة في يد أو أيد قليلة.
وإذا كانت حجة التعددية تتعلق بمكانة نظام البلديات في النظام السياسي بمعناه الواسع، فإن حجة الديمقراطية تتعلق بمدى تحقيقه لمشاركة المواطنين في داخله.
والملاحظ أن نظام الحكم المحلي يقدم نوعين من المشاركة يتمثلان في المشاركة في التعبير عن وجهة نظر مواطني البلدية، والمشاركة في التقدم الفعلي للخدمات وتقوم البلديات بهذين النوعين من المشاركة من خلال عملية انتخاب أعضاء المجالس البلدية وأخذ رأي المواطنين المحليين في السياسات البلدية، والصلات المباشرة بين صانع القرار والمواطن المحلي ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك عندما يؤكدون على أن ديمقراطية البلديات تساهم مساهمة إيجابية في تقوية الديمقراطية على المستوى القومي، لأنها تتيح الفرصة لمشاركة المواطنين في إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم، إضافة إلى أنها تخلق مناخاً ديمقراطياً للتعبير عن الرأي، وعلى هذا تصبح الديمقراطية شرطاً ضرورياً لوجود الديمقراطية على المستوى القومي، ويحدد هؤلاء المنظرون سياسياً أهداف التعليم السياسي وتدريب القادة السياسيين والاستقرار السياسي كأبرز وأسمى أدوار البلديات على الإطلاق.
ويبرهن المدافعون عن النظام البلدي بأنه أكثر الوسائل كفاءة لآراء السلع والخدمات البلدية، لأنه على عكس نظام المؤسسات العامة والفرع الإدارية، يتميز بخاصتي الحساسية والاستجابة لحاجات المواطن المحلي.
ولاشك في أن وسائل التعبير عن مطالب مواطني البلدية يتم توجيهها تجاه كل من الحكومة المركزية والمجالس البلدية على حد سواء، غير أن فعاليتها تزداد في نطاق الخدمات التي تقدمها البلديات بدرجة أكبر مما لو قامت الحكومة المركزية بتقديم هذه الخدمات.
والسبب في ذلك هو زيادة عدد الوحدات الإدارية القائمة على تقديم السلع والخدمات العامة، وزيادة تخصصها، فتعدد الوحدات البلدية يجعل إقبال الناخبين على الانتخابات البلدية أكثر توتراً، كما أن صغر حجم الوحدة البلدية سوف يجعل العائد من المشاركة على المواطن أكبر من التكلفة، وتتضاءل أيضاً تكلفة التقدم للترشيح في الوحدات الصغيرة عنه في الانتخابات التشريعية (البرلمانية)، أضف إلى ذلك، أن الإدارات الحكومية الكبيرة، كالوزارات تحتاج إلى تكلفة أكبر، سياسياً ومالياً.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|