التحديث والتجديد بما في ذلك مراجعة برامجنا الإصلاحية في شؤون الإدارة لتكون مواكبة لروح العصر، تلك عناوين بارزة ولافتة لبعض التوجُّهات الحالية التي يقوم بها الملك عبد الله بن عبد العزيز، لبناء المملكة وإرساء أسس تطوُّرها، بضخّ الكثير من الأفكار البنَّاءة في سوق ورش الإصلاح لتفعيل جميع مسارات وخطوط الإنتاج.
إذ لا يمكن لدولة كبرى ومهمة كالمملكة أن تنكفئ على نفسها، بعيداً عن توظيف مثل هذه المستجدات في تطوير آلية العمل لدى مؤسساتها، وفي إحداث ما يعزِّز مكانها بين الدول من خلال التعاون معها على إقامة المشروعات الصناعية والاقتصادية لبلوغ أهدافها المرسومة، معتمدةً في وصولها إلى ذلك على استخدام التقنية الرقمية الحديثة التي كانت غائبة أو مغيَّبة عنا.
***
وفي الأسبوع الماضي كنَّا على موعد مع خطوة كبيرة على هذا الطريق الطويل بإحداث نقلة نوعية في هذا المشروع الطموح، باستخدام وإدخال هذا الأسلوب المتطوِّر في إدارة أعمالنا، والاعتماد على التقنية الحديثة في تأصيل النجاحات السابقة، والانطلاق بقوة لكسب نقاط جديدة في مضمار النهضة التي تتواصل باستثمار ذلك لتحقيق المزيد من هذه النجاحات.
وكلما كانت المملكة على تواصل مستمر مع أيّ ابتكار جديد يخدم أسلوب العمل، ويمنحه المرونة والسرعة والكفاءة والدقة والتوثيق بأكثر ما كان عليه؛ كلما كنا على علاقة حميمة وعلى موعد مع المزيد من الإنجازات، وبالتالي أصبحنا على ثقة واطمئنان بأننا نسير في الطريق الصحيح غير مهتمين، ومن غير أن نلتفت إلى الأصوات المثبِّطة والمتردِّدة والمذعورة من كل جديد.
***
إن انعقاد فعاليات (مؤتمر التعاملات الإلكترونية) الذي عُقد بالرياض وحظي برعاية من الملك عبد الله بن عبد العزيز الأسبوع الماضي يُظهر لنا مدى وحجم الاهتمام الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين كي تسود التعاملات الإلكترونية جميع أعمال الدولة بوصفها الضمانة القوية لسرعة العمل وشفافيته وكفاءته في جميع القطاعات الحكومية.
وسوف يرى المواطن آثار هذه التجربة الرائدة مستقبلاً حين يقارنها بواقعنا الحالي؛ إذ إن تحوُّلنا إلى مجتمع معلوماتي في أجهزته ومؤسساته، سواء في القطاع الخاص أو القطاع العام، مع الاستخدام الأمثل للتقنيات التي تهيِّئ المناخ المناسب لإطلاق المزيد من التعاون والتواصل بين كل هذه الجهات؛ إنما يبشِّر بطفرة تنظيمية معلوماتية كبيرة سوف تريح الجميع وتحسِّن من مستوى الأداء.
***
وبرنامج التعاملات الإلكترونية إنما يمثِّل بالنسبة إلى المملكة استراتيجية وطنية طموحة للتعاملات الحكومية، ضمن السعي الجاد نحو رفع كفاءة ومستويات العمل في القطاعين العام والخاص؛ وبخاصة أنه لن يُستثنى من خدماته أحد من المؤسسات أو الشركات الحكومية وغير الحكومية، كما لن تقتصر الخدمات التي سيوفِّرها على المواطن والمقيم في المملكة فقط، وإنما ستمتدّ هذه الخدمات إلى كل مَن يرغب أن يتعامل مع المملكة من الخارج لتشمله ويستفيد منها.
وهذا البرنامج منذ أن بدأ التخطيط له مع صدور الأمر الملكي الكريم في منتصف عام 1424هـ بتقديم الخدمات والتعاملات الحكومية إلكترونياً ووضع خطة لذلك؛ فقد ظلّ هذا التوجُّه يسير بحسب ما خُطِّط له، إلى أن جاء الموعد المناسب لعقد هذا المؤتمر لشرح أبعاده وأهميته، ضمن التواصل مع جميع القطاعات والأفراد الذين سيستفيدون منه عندما يتم استكمال جميع المراحل التي تغطِّي هذا الإنجاز الكبير.
***
وإن هذا العمل الطموح إذ يتم تطبيقه على أرض الواقع فقد جاء الاحتفال أمس تدشيناً لما أُنجز من مراحل وخطوات كبيرة منه، مع الثقة في تعاون الجميع على الإفادة منه في جميع تعاملات القطاع العام والقطاع الخاص، ليؤذن ذلك بمولد مرحلة أكثر تطوراً في المقدرة والكفاءة وضبط العمل مما كانت عليه من قبلُ.
وهذا يعني - فيما يعنيه - أن المملكة بدءاً من إطلالة العام الهجري الجديد، ومع مضيّ ما لا يزيد على عام ونصف العام على تولِّي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في البلاد، فقد دخلت المملكة فعلاً بثقة واقتدار بوَّابة إدارة أعمالها إلكترونياً، بما نُؤمَّل معه أن تشهد بلادنا مرونة وكفاءة وتوثيقاً لكل الأعمال، وبما لا حاجة لنا من الآن إلى الاجتهادات الفردية، مع توفير المزيد من الوقت والجهد لإنجاح ذلك في جوٍّ يسوده الكثير من العطاءات المفيدة التي يرعاها الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين سلطان بن عبد العزيز.