المراقب للإعلام العراقي يلاحظ تنوع وتعدد وتنافس القنوات الفضائية والأرضية، ويعتقد للوهلة الأولى أن صناع الإعلام (هناك) يدركون حجم القضية، ويلمسون احتياجات المرحلة، ويتفهمون أهمية الإعلام ودوره الريادي في صناعة رأي عام وطني لتخطي الأزمة، وتجاوز المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.
لكن المتأمل للأمر - بروية - سرعان ما يكتشف أن هذا الاعتقاد موغل في الخطأ، والتفاؤل، فالقنوات الإعلامية العراقية المتنافسة، بعضها لا يضع الهم الوطني والأمني على رأس الأولويات، بل يبدو للمتابع وكأنها تصدر من بلاد يعمها الأمن والرخاء من أقصاها إلى أدناها، أو أن الذي يجري على مقربة من مقرات تلك الفضائيات لا يعنيها من قريب ولا بعيد.
وبدل ذلك الزخم الإعلامي المتنافر والمتناكر، أَما كان الأجدى أن تكون للعراقيين قناة فضائية واحدة تضع الهم الوطني على رأس أولوياتها؟ أَما كان الأجدى والأجدر بالخطاب الإعلامي العراقي أن يركز - في هذه المرحلة بالخصوص - على بث الوعي الوطني والأمني وتلمس القضايا الأساسية للمواطن العراقي، وممارسة دور الإعلام في التبصير والوعي تقديراً للمنعطف الخطير الذي تمر به بلادهم؟! بدلاً من التغريد بعيداً عن السرب، والانصراف نحو المسائل السطحية والخلافات والمهاترات والانشغال بالأمور التي لا ترقى للأهمية الآنية.
الأزمة العراقية اليوم بحاجة إلى الجهد الإعلامي أكثر من أي وقت مضى، وأكثر من أي جهد آخر، وكلنا يدرك أن دور الإعلام لا يقل أهمية عن دور المؤسسات الأخرى إن لم يكن يتقدم على بعضها، ولا شك أن الإعلام العراقي لو أدى دوره كما ينبغي لكانت الصورة في الداخل غير التي نراها اليوم بهذا التشويه والمسخ والتحوير، ولكان المواطن العراقي المحب لبلده صاحب رأي وكلمة ورؤية تلمح مصلحته قبل كل شيء.
تركي البسام
tb787@hotmail.com