تتضافر عدة عوامل لتجعل من السمنة إحدى المشكلات الصحية التي تؤرق الكثيرين، بل تهدد حياة أعداد متزايدة من البشر على سطح الكرة الأرضية، وباتت هذه المشكلة تشغل بال الخبراء والعلماء، وتستحوذ على اهتمام الدول والمجتمعات، وتعرف طبياً بأنها الزيادة في وزن الجسم بما مقداره 20%، لكن هناك حلول يقدمها الطب البديل للتخلص من السمنة أو على الأقل الحد من خطورتها.
بعض الدراسات ترجع جانباً من أسباب السمنة إلى العامل الوراثي وأمراض الغدد الصم، لكن الإفراط في تناول الطعام واتباع سلوك غذائي خاطئ، وقلة النشاط وعدم الحركة تظل من العوامل التي يسهل على المرء التحكم بها، والتي لا يمكن أن تخرج عن سيطرته بشكل كبير.
فداحة المشكلة
مع تقدم العلم، وتعدد الدراسات، وظهور نتائج مخيفة للعديد من البحوث، زاد التركيز على خطورة هذه المشكلة، بل وتكشف المزيد من خفاياها من حيث الأسباب والمخاطر، وأدركت المنظمات الصحية، والمؤسسات العالمية فداحة المشكلة، وتبينت مخاطرها، خصوصاً بعد أن تأكد ارتباطها بالعديد من الأمراض، ومن أهمها أمراض الأوعية الدموية والقلب، كارتفاع ضغط الدم، والذبحة الصدرية، وأمراض الجهاز التنفسي، كضيق التنفس وأمراض الغدد الصم، وكذلك مرض السكري، فضلاً عن الأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي، كعسر الهضم والتهابات المرارة وغيرها.
وزاد من مخاوف ومخاطر السمنة آثارها النفسية المترتبة على الوضع الجسماني للمصابين بها خصوصاً ضمن شريحة الأطفال والفتيات الذين يعانون نفسياً من انعكاسات السمنة.
مفهوم الغذاء
السمنة أحد الأمراض المرتبطة بالسلوك الغذائي، بل بمفهوم الغذاء، لأن البعض لا يعي لماذا يأكل وماذا يأكل وكيف يأكل، فجودة الغذاء عند البعض تعني الطعام المعد بطرق حديثة والمحتوي على اللحوم ومشتقاتها والتفنن في أساليب الطبخ والشوي وغير ذلك، والطعام غالي الثمن، بينما كل هذه المواصفات قد لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وربما كان بعضها يصب في الخانة المعاكسة تماماً للطعام الجيد. فالطعام الطبيعي الشامل المحتوي على العناصر الغذائية الأساسية التي يحتاجها الجسم بكميات متوازنة هو الأصل وهو المطلوب لصحة جيدة وبنية سليمة متوازنة خالية من الأمراض بإذن الله تعالى.
وقد أثبتت بحوث ودراسات عديدة أن البدانة التي تصيب الكثيرين تنجم في الغالب عن انعدام الوعي الغذائي، وزيادة كمية الطعام، وعدم الاختيار الجيد لأصناف الغذاء، فضلاً عن قلة المجهود البدني وبذل أي نوع من الحركة.
كيف تحدث السمنة
الزيادة في وزن الإنسان بنسبة غير طبيعية تسمى سمنة (بدانة) وهي تنتج عن الخلل القائم في نوعيات وكميات الطعام التي يستقبلها الجسم وكذلك الخلل في الطاقة الصادرة عنه (أي السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في اليوم)، وبسبب هذا الاختلال يحتجز الجسم الطاقة الزائدة عن حاجته والناتجة عن الطعام الزائد على شكل دهون تتوزع وتتراكم في بعض أجزاء الجسم، وهذا ما نراه من وزن زائد في أجسام الكثير من الناس، وبمرور الأيام تتفاقم السمنة لتصبح مرضاً يجر وراءه الكثير من الأمراض.
سبل العلاج
هل من علاج فاعل للسمنة؟ وما المبدأ الأساسي لعملية التخلص من البدانة؟! يبدأ الأمر بالتقليل من كمية الطعام التي يتناولها الفرد يومياً، بحيث تحتوي الكمية المتناولة على جميع العناصر الغذائية الأساسية، ولتحقيق ذلك يجب التعرف على بعض الأمور منها:
* نظام الحمية: ولا يقصد به اتباع نظام غذائي صارم وقاس قد يؤدي إلى نتائج عكسية، بل الغرض منه إحداث تغيير جذري في العادات الغذائية السابقة (الخاطئة) التي أدت إلى السمنة، ويكون النظام واضح المعالم، وأن يكون فاعلاً خصوصاً في مراحله الأولى لكي تكون النتائج مطمئنة وحتى لا يصاب الشخص بالصدمة لأن النتائج الإيجابية تشجع على المضي قدماً في تنفيذ التعليمات الضرورية لفقدان الوزن، بل يجب أن يكون نظام الحمية مبسطاً ومحدداً، ولا يتيح مجالاً للتوجه إلى أي خيارات أخرى قد يكون فيها المزيد من المخاطر.
وعلى المصاب بالبدانة أو ذويه وضع برنامج غذائي طويل الأمد مصحوب بخطة مفصله ومحددة، وتطبيقها بحزم شديد.. مثال: تحديد موعد لممارسة التمارين الرياضية، كما يجب الصمود والقوة في مواجهة التحديات التي تحاول اختراق هذه الحمية.. خصوصاً عندما توضع أمام الشخص أطباق مفضلة أو عندما يكون مدعوا إلى وليمة.. فإذا انهارت عزيمته منذ اللحظات الأولى، أو خار عزمه، وضعفت إرادته فعلى الحمية السلام، وإذا صمد وقاوم المغريات فسوف يجني نتائج طيبة لا محالة.
* السعرات الحرارية: أما فيما يتعلق بتحديد السعرات الحرارية فإن المسألة تختلف من شخص لآخر حسب العمر والطول والوزن، وطبيعة العمل والجهد المبذول من قبل كل واحد خلال اليوم، وقد أثبتت الدراسات أن الرجال بوجه عام أكثر احتياجاً للسعرات الحرارية من النساء اللاتي يشتركن معهم في الوزن والطول والفئة العمرية.
وأفادت البحوث بأن الأشخاص الذين يمارسون أعمالاً مكتبية يحتاجون إلى سعرات حرارية أقل من أولئك الذين يؤدون أعمالاً شاقة مثل عمال البناء أو المناجم مثلاً؛ لذلك يجب أن يؤخذ في الاعتبار هذا الأمر لدى تحديد السعرات الحرارية المطلوبة لمن يريد أن يطبق حمية غذائية لتقليل السمنة.
أنا بدين ماذا أفعل؟!
هنالك أجسام قابلة للسمنة حتى لو كان أصحابها يحاولون انتهاج سلوك غذائي متوازن أو شبه متوازن، وهناك أفراد يستطيعون حماية أنفسهم من الانزلاق في السمنة باتباع سلوك غذائي جيد، وفي كل الحالات للحماية من السمنة أو التقليل من الوزن فإن هناك إرشادات عامة سيكون مفيداً للمرء إذا استطاع تطبيقها بشكل مستمر منها:
على المرء أن يتجنب أو يحد من تناول الأطعمة المحتوية على كميات كبيرة من الدهون، مثل اللحوم المشبعة بالكولسترول ومشتقات الألبان كاملة الدسم والمكسرات والزبدة والحلويات والأطعمة الدسمة.. ومحاولة التركيز على تناول الأغذية الغنية بالألياف مثل الخضراوات والفاكهة بالإضافة إلى اللحوم قليلة الدهون والدجاج منزوع الجلد، والألبان الخالية من الدسم.. ولتفادي زيادة الدهون والشحوم بالجسم علينا حينما نشعر بالجوع أن نتناول أطعمة ذات سعرات حرارية قليلة مثل السلطة وشربة الخضراوات والفاكهة، وكذلك الإكثار من شرب الماء دون الشعور بالعطش وذلك بمعدل يصل من لتر ونصف اللتر إلى لترين في اليوم، وكذلك الحرص على تناول كميات قليلة جداً من ملح الطعام؛ لأن زيادته تساعد على اختزان كميات كبيرة من الماء في الجسم ومن ثم يضاعف احتمالات البدانة.
مع ضرورة ممارسة الرياضة باستمرار خلال فترة تطبيق الحمية الغذائية.. وتعتبر هذه أفضل طريقة لتخفيف الوزن الآن.
الجانب النفسي لمن يتابع الرياضة يجعله مهيأ للالتزام بالبرنامج الغذائي، ويجب ألا تكون الرياضة عنيفة، وأفضل أنواعها المشي السريع أو الجري الخفيف (الهرولة) أو السباحة.
للتقليل من السمنة وتفادي مخاطرها يجب عدم استخدام الأدوية الكابحة للشهية نظراً لتأثيرها السلبي لأنه سلوك ضد طبيعة تكوين الجسم، ويؤدي إلى جفاف الأغشية المخاطية وربما الإصابة بالأرق والتوتر العصبي.