|
بين موقفين!!
|
حركة الإصلاح، تلك التي تستجيب للمصلحة العامة، ينبغي أن تستمر الدعوة لها، وأن تتواصل، وأن نكف عن محاربتها، أو الاعتراض عليها، أو القول بما يعطل مسيرتها، طالما أننا نريد أن نتطور، وأن نتقدم خطوات إلى الأمام.
ومن الخطأ أن نضيع الوقت والجهد فيما لا مصلحة لنا فيه، أو فائدة منه، بينما غيرنا يعمل وينجز ويتطور، ويخطو نحو كل فكر يعزز من تقدمه، ويستجيب لطموحاته الإصلاحية فيما نحن نحارب كل فكر إصلاحي من باب الحذر أو الخوف، أو تفسير أي خطوة إصلاحية بغير ما تعنيه، أو بغير ما يقصده من يدعو إليها.
***
فالمملكة تشهد تطوراً سريعاً في كل المجالات، وإصلاحاً واسعاً في كل ميدان، منذ بعض الوقت، في ظل نمو الوعي بين المواطنين، ودون أن يمس ذلك أياً من الثوابت، أو يخترق شيئاً من المسلمات، أو يسيء إلى ما هو نقطة اتفاق بين الأكثرية من أطياف المجتمع.
وطالما كانت هناك قواسم مشتركة فيما بيننا، وأن جميع ما يتم تداوله من آراء، أو إقراره من أفكار هو في حدود هذه المسلمات، فمن الخطأ أن يجذف بعضنا ضد التيار، من غير أن يتأمل أهمية أن يحترم قناعات غيره.
***
والملاحظ أن من يعترض على وجهات نظر غيره الإصلاحية، أو يضع رأياً غير مدروس حول العملية الإصلاحية في مقابل الآراء التي تصدر من دعاة الإصلاح، يكون عادة لا يملك البديل، ولا يقدم المبرر المقنع والمقبول، ولا يقبل بمبدأ الحوار الصحي للوصول إلى التناغم مع ما يفكر به غيره.
وهؤلاء، يرتهنون إلى أفكار ربما عالجها الحوار وما يسفر عنه، وعدلها الأخذ والعطاء بما سيتم التوصل إليه، وقد يتغير الموقف من هذا أو ذاك، ويستجيب أحد الطرفين لرأي الآخر وبالتالي ينتهي النقاش كجزء من ثقافة منظومة الإصلاح.
***
على أن أخطر ما تواجهه الدول والمجتمعات حين يتفرق شملها، وحين يتحول النقاش فيما بين أفرادها إلى صراع مضر بالجميع، بما يترك مع الزمن ومع تفاقم الخلافات وتأزمها آثاراً قد لا يكون ممكناً أن يتم التغلب عليها أو معالجتها.
وحين ذاك، لن ينفع الندم، ولن تكون المعالجة سهلة أو ممكنة، فلماذا لا يتدبر الجميع ذلك مبكراً، عوضاً عن المناكفة أو الحوار غير الصحي، أو الجدل الذي لا يفضي إلى الخير، ولا يقود إلى المنفعة العامة.
***
إن الصحف، ومثلها مواقع الإنترنت، مليئة بنماذج من ذلك الخلاف، ومن تلك المناقشات البيزنطية، وما ينشر - أحياناً - يخرج عن سياق النقد النزيه، أو الرغبة للوصول إلى حل مقبول، أو من أجل الاستزادة بمنفعة عامة.
بل إنه لا يبلغ درجة تقربه مما يمكن أن نطلق عليه أو يسمى بالنصيحة، أو أنه كالدال على الخير أو كفاعله، بل إنه كالزوابع التي تحمل كل شيء غير مقبول، ومثله كل رأي غير موزون أو نقد غير سليم.
***
مع أن الإصلاح الذي ينشده الجميع، لن يوقفه انفعال من هذه الفئة أو تلك، ولن يحول دون تطبيقه اعتراض من هذا أو ذاك طالما انطلق معتمداً على قيمنا ومبادئنا، وبقبول من أكثريتنا، وبانسجام مع ثوابتنا، وبالتالي فإن المطلوب أن يتجه الجميع نحو الإبقاء ودعم ما هو محل إجماع الأكثرية، حتى لا تجرفنا القناعات الخاطئة لدى البعض إلى ما يسيء إلى التوجه الصحيح أو يبقينا في المؤخرة بين عالم يتطور ويتقدم بسرعة مذهلة ومثيرة للانتباه.
خالد المالك
|
|
|
التفوق التقني الإسرائيلي وحدة ليس كافياً لكسب الحروب
|
* إعداد - محمد الزواوي
عندما بدأت إسرائيل هجماتها على لبنان، كانت لديها قناعة بأن آلتها العسكرية المتفوقة تقنياً تستطيع أن تسحق عناصر حزب الله بأسلحتهم غير المتقدمة تقنياً في غضون أيام، ولكنها فشلت في ذلك.
حول أسباب هذا الفشل نشرت (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية تقريراً يقول إن ما بدا أنه نزهة إسرائيلية لاقتلاع ميليشيات حزب الله بضربات جوية دقيقة قد تحول ليصبح سقوطًا في مستنقع الجنوب اللبناني، حيث عانت القوات البرية الإسرائيلية من خسائر مفاجئة من القتلى والجرحى، كما أحرجتها آلتها العسكرية المدعومة تقنياً بعدما أوقعت خسائر بين المدنيين اللبنانيين بأعداد كبيرة في عملياتها الجوية، من بينها 60 مدنياً في قصف لأحد البنايات، وكل تلك السلبيات تقرع جرس الإنذار للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية بخسائرها الكبيرة في المشاة وعدد الضحايا المدنيين بأنها يجب أن تؤمن بأن التقنية وحدها لا تستطيع الانتصار في الحروب.
يقول جيرالد شتاينبيرج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بار إيلان الإسرائيلية بتل أبيب أنه لو كانت التقنيات العسكرية الإسرائيلية قد استطاعت تحقيق نتائج أكثر حسماً فكان ذلك يمكن أن يعتبر نجاحاً مدوياً وتكتفي إسرائيل بذلك دون الغرق في المستنقع البري، ويضيف: عندما تدخل في حرب لا تماثلية (جيش نظامي ضد ميليشيات تتبع أسلوب حرب العصابات) فلا توجد تقنية تستطيع إعلام الجيش بأن هناك عشرات الأطفال في دور أرضي لأحد المباني الذي يستخدم أيضاً لتخزين السلاح أو يقع بالقرب من منصة إطلاق صواريخ.
طائرات من دون طيار
وهي تلك الطائرات المسيرة التي تجهز بمعدات تتراوح ما بين القنابل الذكية إلى الأجهزة التي تعمل بأنظمة التوجيه الكوني التي تعتمد على شبكة من الأقمار الصناعية، ويعتمد الجيش الإسرائيلي بصورة أساسية على الطائرات التي من دون طيار التابعة للسرب 200 بالقوات الجوية الإسرائيلية.
وتلك الطائرات يتم إطلاقها من قاعدة جوية على البحر المتوسط على بعد بضعة أميال جنوب تل أبيب، وتقوم تلك الطائرات بتمشيط الأودية والقرى في الجنوب اللبناني لاقتلاع منصات الصواريخ.
ومع غروب الشمس يجلس 3 من أطقم تسيير تلك الطائرات من دون طيار في مخابئ فولاذية بلا نوافذ مجهزة بلوحات كمبيوتر مثبت بها شاشات عملاقة، وفي أيديهم عصا تحكم للسيطرة على كاميرات تلك الطائرات.
والطائرات المسيرة إسرائيلية الصنع من طراز Searcher II البالغ طولها 19 قدماً (5.8 أمتار) تستطيع أن تظل في الجو لأكثر من 15 ساعة، وتستطيع الوصول إلى مدى 120 ميلاً (193 كيلومتراً)، ويتم الاتصال بكاميراتها عن طريق موجات راديو، تلك الكاميرات التي تعطي للجنود الإسرائيليين صوراً مقربة من أهدافهم والتي تنقل بدورها إلى الأطقم الجوية في القاعدة، ثم يتم إعادة بث تلك البيانات إلى مراكز القيادة في ميدان القتال.
وتستطيع الطائرات الإسرائيلية التي من دون طيار الطيران على ارتفاع 20 ألف قدم (6 آلاف متر) وتعطي صوراً دقيقة وفورية وشاملة لمناطق القتال وتنقلها إلى القادة الميدانيين، ويقول أخصائيو المهام أنه لا توجد أية مواجهات أرضية من دون أن تكون تلك الطائرات المسيرة محلقة فوق رؤوس الجنود.
يقول النقيب الطيار الذي يرمز له بحرف (ي) المسئول عن تحريك تلك الطائرات والذي حجب اسمه بسبب التعليمات العسكرية الإسرائيلية، وهو يشير إلى شاشة أمامه: (هؤلاء هم مقاتلو حزب الله) وهو يشير إلى 3 نقاط على الشاشة في أرض المعركة ببنت جبيل التي جرت منذ شهر تقريباً، وهي تلك المعارك التي قتل فيها 8 جنود إسرائيليين على الأقل، مضيفاً: إنهم أمامنا هناك على تلك الشاشات، وقواتنا على مقربة منهم تحاصرهم، وقد حاولنا أن نستهدفهم من الجو، إلا أنهم هربوا واختبؤوا داخل أحد المساجد على حد زعمه.
يقول مسئولو العمليات إن تلك هي واحدة من سلبيات أنظمة التجسس بالطائرات المسيرة، فبمجرد أن يختبئ الهدف وراء حائط يصبح غير مرئي، وهناك عدة مبانٍ في منطقة جنوب لبنان يعتقد أن حزب الله يخزن صواريخه فيها، مما يفسر خطورة وبطء لعبة (القط والفأر) تلك التي تدور بين الطائرات الإسرائيلية ومقاتلي حزب الله.
ويقول النقيب (ي): لا يوجد أي سلاح سري يمكن أن نستخدمه نضغط فيه على زر فيظهر لك كل شيء، فإننا نريد أن نرصد كل الخنادق بطول الحدود، ونحن نستطيع ذلك، ولكننا ليس لدينا وقتاً كافياً لذلك.
أضرار جانبية
قامت طائرة إسرائيلية من دون طيار بإطلاق صاروخ على جيب عسكري لبناني مما أسفر عن مصرع جندي، وقالت إسرائيل أنها ظنته أحد مقاتلي حزب الله، وجاء هذا الهجوم بعد ساعات من إعلان قيادة القوات الجوية الإسرائيلية وقف كافة عمليات القصف الجوي لمدة 48 ساعة، وجاء ذلك الإعلان لتحسين صورة إسرائيل بعد مذبحة قانا الثانية، وأنها تريد أن تسمح للقرويين اللبنانيين في الجنوب الهروب من مناطق القتال.
ويقول التقرير أن تلك الأهداف التي أخطأها الجيش الإسرائيلي تشير إلى مدى صعوبة الوضع بالنسبة للقوات الجوية الإسرائيلية التي تشن هجومها على قواعد حزب الله، بينما تحاول في الوقت نفسه تجنب الأضرار الجانبية الناجمة عن تعقبها لأهداف حزب الله.
وبالرغم من أن الطائرات التي تعمل دون طيار تم نشرها لعدة سنوات فوق سماء قطاع غزة، إلا أنها لم تستطع تجنب وفيات العشرات من المارة أثناء محاولاتها اغتيال قادة الميليشيات الفلسطينية.
وبالإضافة إلى الصور التي تبثها تلك الطائرات، فإن تحديد الأهداف عادة ما يعتمد على مصداقية أنواع أخرى من الاستخبارات مثل صور الأقمار الصناعية والمعلومات المستقاة من الوشاة على الأرض.
يقول يفتاش شابير المحلل بمركز جافي للدراسات الاستراتيجية بجامعة تل أبيب: إن الربط في اللحظة الصحيحة بين الهدف والذخيرة صعب جداً جداً، فأنت لا تنجح دائماً في ذلك، فالأغلب أنك تخطئ هدفك، لذلك فإننا بحاجة إلى أنظمة قيادة وتحكم جيدة جداً لإتقان ذلك، كما أنك بحاجة إلى أفراد مدربين تدريباً عالياً، وهذا ما يفسر الصعوبة الكبيرة في إنجاز تلك العمليات.
تقليل الخسائر بين المدنيين
وفي القاعدة الجوية للسرب الجوي 200 بالقوات الجوية الإسرائيلية يقول مشغلو الطائرات التي تعمل من دون طيار أن الصور التي تأتيهم توفر لهم معلومات كافية تؤدي في بعض الأحيان إلى إلغاء عدد كبير من العمليات، يصل إلى ثلثي الهجمات تقريباً من تلك التي تأمر بها القيادة الجوية.
وقد عرض الجيش الإسرائيلي مقاطع فيديو تظهر مبانٍ سكنية لم تمس بجوار الأهداف التي دكتها في ضاحية بيروت الجنوبية، وهم يقولون أنهم بذلك مقتنعون بأن التقنيات الحديثة تقلل الأضرار الجانبية الناجمة عن الحرب على كلا الجبهتين.
يقول ضابط الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي الأسبق ياكوف أرمديرور أن تقنيات الطائرات التي من دون طيار قد ساعدت في تقليل عدد الصواريخ المطلقة على إسرائيل في الأيام القليلة الماضية، ولكنه اعترف أنه من أجل إخلاء الجنوب اللبناني من الصواريخ فإن ذلك يتطلب قتالاً برياً بعيداً عن النواحي التقنية.
ويضيف: إن هؤلاء الذين يعتقدون أن كل شيء يمكن حله بالتكنولوجيا سوف يخيب ظنهم، فإن الحل الناجع هو توليفة من التحركات الجيدة من القوات البرية التقليدية للمشاة على الأرض مع دعم وثيق للقدرات التقنية بعيدة المدى.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|