أفرحني هذا الاحتفاء الجميل والمتكرر بالدكتور ناصر السلوم وزير المواصلات السابق..
مثلما أسعد الكثيرين لأنه يحمل دلالات كثيرة من بينها تأصيل المبادئ المثالية لشاغل الوظيفة القيادية في الدولة..
وهي سنة حميدة اعتدناها وتعوّدنا عليها ونكبر في داعميها ومشجعيها حرصهم على استمرارها..
***
ولا أذكر أن أحداً قد سبق ناصر السلوم فيما حصل عليه من تكريم بهذا المستوى..
وهو وإن لم يلغِ من ذواكرنا أن آخرين قد حصلوا من قبل على حقهم في هذا التكريم..
إلا أن تكريم السلوم كان الأبرز والأسرع والأكثر تميُّزاً.
***
فماذا ينتظر مسؤول كبير كناصر السلوم وقد انتهت فترة خدمته على رأس وزارة بحجم وزارة المواصلات أكثر من أن يكرمه سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز في حفل مَهيب حضره في أبها جمع كبير من المواطنين؟
***
وأي تكريم يأخذ بُعدَه الإنساني والأخلاقي إذا لم يُقَلْ في المسؤول المكرم ما قاله سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز في حق ناصر السلوم من أن سموه يشهد بنزاهته وإخلاصه رغم البلايين من الريالات التي مرت بين يديه؟
***
كثير من المقالات الصحفية ضمن تكريم الرجل كُتبت عنه وعن إنجازاته ونزاهته وإخلاصه وقد خُصَّ بها دون غيره..
كما أن أحاديث المجالس تحدثت كثيراً عن الوزير الذي ترك الكرسي وهو في قمة العطاء والجهد والحرص على خدمة الوطن الغالي..
***
وما قيل وما سوف يُقال الآن ومستقبلاً عن الطرق والمواصلات في المملكة سوف يكون اسم ناصر السلوم ضمن الكوكبة الأبرز وأحد الرموز الذين حققوا هذا الإنجاز الكبير.
***
وضمن الاعتراف بجهد الآخرين في تكريم السلوم، فقد كان الوزير الجديد الدكتور جبارة الصريصري شهماً ونبيلاً ومنصفاً وهو يتحدث بإسهاب عن زميله بتلك الكلمة الوثيقة وقد أكد فيها على مكانة السلوم ودوره في إنجاز شبكة الطرق على نحو ما نراه اليوم..
***
وبمثل هذا التفكير الواعي من الدكتور الصريصري، فإن وزارة المواصلات النقل وقد خسرت وزيرها ناصر السلوم، فإنها قد كسبت جبارة الصريصري باختياره من بين كم هائل من المؤهلين والقادرين من أبناء الوطن ليكون على رأس الهرم وزيراً جديداً في واحدة من أهم وزارات الدولة.
***
شكراً للدكتور ناصر السلوم على ما أعطى.. وتهنئة للدكتور جبارة الصريصري على هذه الثقة.. ودعاء خالص وصادق من محب لهما بالتوفيق.
+++++++++++++++++++++++++++
خالد المالك
+++++++++++++++++++++++++++
وهكذا دواليك براغماتية! بالنيابة/خالد حامد
أثناء انتظاري عند إحدى الإشارات المرورية في عز الظهر، وبينما كنت أنتظر تحول النور الأحمر إلى الأخضر لأنطلق لعلني أستنشق بعض الهواء بعد أن كدت أن أختنق، بدأت أسمع صراخاً قادماً من أحد السائقين بجانبي، فالتفت ناحيته لأعرف السبب، فوجدت صاحبنا وقد علا صراخه موجهاً سبابه لسائق السيارة الفارهة التي أمامه بسبب عدم انتباهه إلى أن سيارته قد تراجعت قليلا إلى الوراء وتسببت في احتكاك "الصدامين"، خرج سائق السيارة الفارهة وكان شاباً لا يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، رياضي، مفتول العضلات، طويل القامة، "شلولخ"، على حد قول عادل إمام، مرتدياً نظارة سوداء اللون تخفي ما تحمله عيناه من تعابير، غاضباً كان أم لا ونظر أولاً إلى السيارة التي كانت تقف خلفه ليتأكد من عدم وجود أضرار بسيارته ثم توجه إلى صاحب السيارة المتذمر، عندها بدأ صوت صاحبنا الذي كان صاخباً في البداية يخفت قليلاً قليلاً وتحول إلى همس قائلا للشاب المفتول العضلات : حصل خير يا أخينا، سلامات،أعجبتني واقعية هذا الرجل الذي رأى أنه ليس من الحكمة مواجهة العملاق لأن النتيجة ستكون محسومة سلفاً، ما قام به صاحبنا يطلقون عليه في السياسة "براغماتية" أو واقعية، ومع الأسف فإن الكثير في عالمنا العربي يعتبرون هذه "البراغماتية" شيئا معيباً لا يجب مجرد التفوه بمثل هذه الكلمة وإن الرجل يجب أن يقبل التحدي مهما كانت نتائجه، وهو ما كان يجيد تطبيقه القائد المهيب الذي لم يجد غضاضة في أن يتحدى أمريكا وبريطانيا ومعهما إن لزم الامر روسيا والصين وكان يتوعد بالويل والثبور وعظائم الأمور كل من يحاول المساس بشعرة من رأسه ومتوعداً أعداءه بالانتحار على أسوار عاصمة بلاده ولكننا وجدناه في النهاية يتحول بقدرة قادر عند الملمات إلى مجرد ظاهرة صوتية وشبح خفي لا يجرؤ على الظهور!
نحن في حاجة إلى المزيد من البراغماتية في حياتنا الخاصة، بين الرجل وزوجته وبين الآباء وأبنائهم وفي حياتنا العامة، بين الشخص وأصدقائه وبين الموظف وصاحب العمل وأخيراً بين الدول وبعضها البعض، ولعل أوضح مثال على حسن تطبيق البراغماتية في المجال السياسي ما رأيناه مؤخراً من تحسن ملحوظ في العلاقات بين الهند وباكستان، فكلا الدولتين أدركتا في النهاية أن الصلح أحسن وأن فكرة اندلاع مواجهة نووية بينهما ستكون مكلفة للبلدين للغاية.