|
وماذا ننتظر؟!
|
لا يكاد يمرُّ يوم دون أن يكون هناك ما ينغص عليك سعادتك، أو يشغلك عن عملك..
فقد أصبحت أيامنا دولاً وشعوباً، وعلى امتداد هذا العالم جحيماً لا يُطاق..
بفعل فاعل، وبتخطيط فاعلين..
ممن يسوؤه أن تَنْعَمَ البشرية بالهدوء والاستقرار..
وكأنه يشعر بأن متعته لا تتحقق إلا على أشلاء الضحايا ومن خلال أنهار من الدماء..
***
فنشرات الأخبار..
في كل وسائل الإعلام..
وعلى مدى ساعات الليل والنهار..
ليس لها من عمل إلا نقل هذه المآسي موثّقة بالصور إلى العالم..
باعتبارها أحداثاً حقيقية تَنُمُّ عن جبروت الإنسان ضد الآخرين..
بشكلٍ مفجعٍ ومخيفٍ وغير قابلٍ للتصديق، لولا هذه المشاهد المبكية التي تتوالى منذ زمنٍ طويلٍ ولم تتوقّف..
***
والعالم بدوله وشعوبه..
يبدو عاجزاً عن وضع حدٍ لهذا الذي يُبكينا..
وغير قادر على استحضار الحكمة والقدرة في تعامله مع هذه الأحداث المؤلمة التي تنوء بها المجتمعات..
أو أنَّ هناك بين المؤثرين وصنّاع القرار مَنْ يتعامل مع ما يجري بلا مبالاة ومن غير شعور بالمسؤولية..
***
وأمام هذه الظاهرة الإرهابية..
التي غدت الشغل الشاغل للناس جميعاً..
نتابعها بخوف..
ونخشى من آثارها..
ويقلقنا تداعيات ما ينتج عنها..
دون أن يكون لنا حيل أو قدرة في التصدي لها..
نسأل أنفسنا: وهل من جديد مفرح يُغَيِّر وضعنا من حال إلى حال؟..
***
إنَّ العالم اليوم..
بدوله وشعوبه وأديانه وطوائفه وانتماءاته يمرّ بمفترق طريق ملغم بما لا نتمناه مع ما بلغه من غموض..
وسيكون مستقبلاً في وضع أسوأ بكثير مما هو عليه الآن أمنياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً..
والأمر لا يحتاج إلى مَنْ يذكر بهذا..
أو ينبه إلى خطورة ما نحن مقدمون عليه..
فعلامات ما هو متوقع..
وإشارات ما قد يكون منتظراً..
تؤكدها أحداث الأمس واليوم وما يحضر للمستقبل..
فما أحرى بالعالم أن يعيد نظره في أسلوب التعامل بين القوى الجبارة من جهة وتلك التي يُنظر إليها بأنها لا حول لها ولا طول من جهة أخرى..
وكم من موقفٍ دامٍ قال صغيرنا لكبيرنا أمام مشهده دعني من ظلمك، حتى لا يتكرر مثل هذا المشهد، وحتى لا تكون وأنت الكبير ضحيته.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
الكاتب الأمريكي فيدال منتقداً سياسة بلاده الخارجية: العراقيون وحدهم من يستطيعون جلب الحرية والسلام لأنفسهم * إعداد خالد حامد
|
أكَّد الكاتب الأمريكي غور فيدال، الذي يعدُّ من الأصوات المنتقدة بشدة لتوجهات الحكومة الأمريكية التي تحاول الهيمنة على العالم من خلال القوة العسكرية، أن الولايات المتحدة لن تستطيع الانتصار في حربها ضد العراق.
وقال فيدال إن دول أوربا الشرقية التي تؤيِّد حالياً الولايات المتحدة ستستيقظ في الوقت المناسب على حقيقة الخطر الذي تمثِّله السياسة الأمريكية.
وأشار فيدال خلال حوار أجرته معه محطة SBS الأسترالية إلى التعتيم الذي تمارسه وسائل الإعلام الأمريكية عليه هو وبعض الناشطين الآخرين من أمثال نعوم تشومسكي، موضحاً أن الإنترنت أصبح الوسيلة الوحيدة المتوفِّرة لديه للوصول إلى القارئ.. وفيما يلي نص الحوار:
**
* في السنوات الماضية، تحولت من كتابة الرواية إلى الكتابة السياسية أو حسب كلماتك إلى (مؤلِّف نشرات)، هذا التحول يعتبر في الاتجاه المعاكس لمعظم الذين يمتهنون الكتابة، ما سبب هذا التحول بالنسبة لك؟
قل، ما سبب التحول بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، التي علَّمتني الالتزام.
لقد أمضيت معظم حياتي غارقاً في تاريخ بلدي وأنا شديد القلق مما يحدث بسبب إمبراطوريتنا العالمية، وحروبنا على بقية العالم، لقد حان الوقت بالنسبة لي لاتخاذ عمل سياسي وأعتقد أن أي شخص له موقع، وساحة للعمل، يتعيَّن عليه أن يفعل ما أفعله. كما أن هذا الأمر تقليد عائلي بالنسبة لي، فقد خسر جدي مقعده في مجلس الشيوخ بسبب معارضته للدخول في الحرب العالمية الأولى، ولكنه عاد وكسب المقعد بعد 10 سنوات بذات المجموعة من الخطابات التي أفقدته المقعد قبلاً، لذا، فالمواقف تتغيَّر، والمواقف يمكن تغييرها لكن، الآن، أنا لست شديد التفاؤل بأن يستطيع أي شخص أن يفعل الكثير.
لقد دخلت بلادي حرباً ضد بلد لم يفعل شيئاً ضدنا غير ما تزعمه وسائل إعلامنا من حين لآخر، وهذا في حد ذاته جنون، لدي إحساس وقد تجولت في مختلف أنحاء البلاد ووجدت أن أغلب الناس بدؤوا يدركون هذا.
الإدارة الأسوأ
* خلال الأربعين سنة الماضية، كتبت عن تقويض الدستور، والحرية، وحقوق الإنسان، وحق التعبير، هل تعتقد أن إدارة جورج بوش حقاً هي الأسوأ خلال الأربعة عقود الماضية؟
إنها الأسوأ بالتأكيد، لقد بدأت المشكلة عندما أصبحنا أصحاب إمبراطورية، جرى إبداعها بأكثر الطرق ميكيافيلية بكل ما تعنيه الكلمة بواسطة فرانكلين روزفلت، وبعد الانتصار في الحرب العالمية الثانية، انتشرنا في كل مكان على الأرض، كانت قواتنا واقتصادنا هي الأفضل، كان الخراب قد حل بأوروبا، ثم في عام 1950، بدأت المشكلة الكبرى عندما قرر هاري ترومان عسكرة الاقتصاد، والمحافظة على مؤسسة عسكرية واسعة في كل ركن من أركان الأرض، في الوقت الذي جرى فيه حرمان المدارس والبنى التحتية للأمة من الأموال، بالتالي كنا في حالة حرب بثبات منذ عام 1950، كتبت في أحد كتبي عن (حرب دائمة من أجل سلام دائم)، وكيف كان ذلك، أقصد، أننا ذهبنا إلى كل الأماكن، وكان لدينا عدو في كل شهر! في أحد الشهور، العدو هو نيكاراغوا، في شهر آخر، العدو هو القذافي، انتقلنا من عدو لآخر، وكانت الصحافة، وأجهزة الإعلام تبرر دائماً ما نقوم به، لا أدري لماذا؟! ولكن الأصوات المناهضة التي ترتفع علانية قليلة جداً، إن الرقابة هنا محكمة جداً على الصحف كافة وشبكات التلفاز بشكل خاص، لذا، لا أحد يحصل على الحقائق.
إنني أقضي جزءاً من السنة في إيطاليا وفي الحقيقة، وبشكل أساسي، فإن ما اكتشفه يكون من الصحفيين الأوربيين الذين يذهبون إلى العراق، وذلك ما لا يستطيع شعبنا أن يفعله، وهذا أمر ليس موضع احترام بالتأكيد، إننا نعيش داخل فقاعة من الجهل حول ما يحدث حقيقة.
سلاح الكتاب
* حسناً، هل (الكتاب) هو الخيار الناجح الوحيد للتعبير عن أصوات المعارضة في الوقت الحاضر؟
حسناً، إنه سلاح، أحسب أنه مجد، كانت لدى الخميني فكرة رائعة، جعلته سيداً على كل إيران، عندما كان الشاه في آخر عهده، قام الخميني بإغراق إيران بتسجيلات بصوته، جرى إعدادها بسعر زهيد في باريس، واستمع إليها كل شخص في إيران، يعتبر الوقت متأخراً لمثل هذا النوع من العمل بالنسبة لنا، هناك طرق لمواجهة وسائل الإعلام الرسمية وهناك طرق لمواجهة حكومة تكذب بشأن كل شيء، ويلتقط الناس في النهاية الأكاذيب.
نفاق وليس صدقاً!
* أنت تتهم ما تدعوه ب(تحالف تشيني بوش) لبناء إمبراطورية، لكن ألم تكن أمريكا دائماً إمبراطورية وألا يعتبر هذا التحالف أكثر صدقاً، حيث إنهم لا يخجلون من إعلان إيمانهم بأن أمريكا لديها ما يستحق التصدير؟
أفضل كلمة (نفاق) على كلمة (صدق) إذا كان النفاق سيحافظ على السلام، كان لدينا منذ البداية خط إمبراطوري، لكنه لم ينطلق حتى عام 1898م، حين دخلنا في حرب مع إسبانيا بسبب أن عيوننا كانت على الممتلكات الاستعمارية الإسبانية، وخاصة الفلبين، التي جاءت بنا إلى الجانب الآخر من العالم الذي تعيش فيه أنت، إلى أستراليا، واعتباراً من تلك اللحظة، كنا حقاً إمبراطورية عالمية، وبعد ذلك، ومع حلول الحرب العالمية الثانية، كنا قد أنجزنا الإمبراطورية، كان كل شيء في أيدينا. إن ما يجري الآن هو أمر مثير للاهتمام، لم يسبق لنا إطلاقاً رؤية أي شيء مثله، هناك مجموعة يطلقون عليها اسم المحافظين الجدد، كان أغلبهم من قدامى الستالينيين ثم كانوا من التروتسكيين ثم هم، أخيراً، محافظين جدد، إنهم يروِّجون لدعوتهم علناً وهم منتشرون في كافة أرجاء وزارة الحرب، والتي ندعوها، وزارة الدفاع، إن السيد وولفوفيتز هو أحد عقولهم المفكرة وهم يكتبون تقارير مخيفة جداً جداً في الواقع عن الولايات المتحدة وبقية العالم بأننا، في النهاية، نمتلك كل القوة العسكرية الموجودة ويجب أن نستخدم هذه القوة، دعونا نسيطر على الكرة الأرضية، إنها أي الكرة الأرضية موجودة من أجلنا، إنهم يتحدثون عفوياً الآن حول ما ينبغي القيام به بعد أن تم التخلص من صدام.
إيران هي الخطوة الثانية، قبل وقت ليس بالبعيد، قال أحدهم بشكل علني (إنه وقت إحداث تغيير في أنظمة الحكم في كل الدول العربية) حسناً، هناك مليار مسلم وأنا لا أراهم يتقبلون هذا الأمر، إن مليار مسلم يستطيعون النيل من الولايات المتحدة بأكملها أو أوروبا الغربية، إنني آخذ دائماً جانب السلام، فالحرب دائماً ما تعني الفوضى، غير أنني كنت في حرب فيتنام التي حاول السيد بوش والسيد تشيني، كل شيء ممكن لتجنب الاشتراك فيها. وحينما سُئل تشيني، عقب توليه منصب نائب الرئيس (حسناً، لماذا لم تقم بخدمة بلدك إبان حرب فيتنام؟ قال (حسناً، كانت لدي أولويات أخرى) أجزم أنه كانت لديه أولويات أخرى، نحن المجموعة الوحيدة، من محاربي الحرب العالمية الثانية، التي تتقلص بوضوح، غير أننا أكثر من يقف بصلابة ضد الحرب، أولئك الذين نأووا بأنفسهم عن حرب فيتنام، والآخرون الذين لم يعرفوا الحرب على الإطلاق، هم الذين قادوا غيرهم إلى الحرب، إنهم لا يذهبون للقتال، لكن يوجد هنا اختلاف بين أولئك الذين يمتلكون بعض التجربة من العالم ومن الحرب والآخرين في واشنطن، إنهم جميعاً في مجال العمل بالنفط والغاز، يسألني الناس: (هل تقول بوجود مؤامرة؟) لأن تلك هي الكلمة التي يبدأ عندها كل شخص في الضحك، إنه يعني أنك تصدق بوجود أطباق طائرة، أقول (لا. إنني سأقوم بتغيير العالم).
* كل المواقع الكبيرة في الدولة يحتلها العاملون في مجال الغاز والنفط، نائب الرئيس، مستشارة الأمن القومي سابقاً ووزيرة الخارجية حالياً، أليست مصادفة؟
نعم بالطبع إنها مصادفة (إنهم يقومون بإدارة الحكومة ويجعلوننا ندخل حروباً في الأماكن الغنية بالنفط).
* حسناً، ادّعى بوش بأن الاعتقاد الأمريكي في الحرية سيأتي بعراق حر ومسالم، حتى مع وجود رائحة النفط في الجو، فمن المحتمل أن يأتي بوش بعراق حر ومسالم، أليست هناك قضية شرعية يمكن الدفاع عنها بوجود مصلحة كبيرة من جراء هذا العمل؟
لا توجد مصلحة كبيرة في هذا العمل، إن العراقيين وحدهم هم من يستطيعون جلب الحرية والسلام لأنفسهم، لا يمكنك أن تدخل إلى بلد وتحطمه، وتنال حبهم حتى يرغبون من ثم في تقليد نظامنا السياسي (المتخلف) فيما يتعلق بموضوع الديمقراطية. فقد تم تبني الدستور الأمريكي لتجنب حكم الأغلبية. كان أكثر شيئين كرههما الآباء المؤسسون هما حكم الأغلبية والحكم الفردي المطلق، لذا قاموا بابتكار جمهورية يمكن أن يصوّت فيها القليل جداً من الرجال البيض الأثرياء، ثم للتأكد من أن لا تكون لدينا ديمقراطية تؤدي عملها في المستويات الأعلى من الحكم، قاموا باختلاق شيء أسموه المجمع الانتخابي Electo
ral College التي يمكنها وقف أي تغيير قد يزعجهم،
لقد رأينا ما حدث في نوفمبر من عام 2000، حين كسب ال غور التصويت الشعبي بـ600000 صوت، كان غور قد كسب بالفعل الصوت الانتخابي في فلوريدا، لكن حدثت بعض الأشياء التي تسببت في حرمانه من الفوز، ذلك هو ما حدث، بالتالي فإن حديثنا عن الديمقراطية التي سنقوم بتطبيقها في البلدان الأخرى هو قمة النفاق والحماقة، لا يجب علينا أن نقوم بابتكار حكومات للآخرين.
الرسالة الأمريكية
* إن المزايا الأمريكية للحريات الفردية، ولو نظر إليها الكثيرون ببعض التهكم، ما تزال ذات مغزى للناس حول العالم، ومن المثير رؤية التأييد الذي تحصل عليه أمريكا من دول الكتلة الأوروبية الشرقية السابقة، (أوروبا الجديدة) كما أطلق عليها رامسفيلد، لا يزال للرسالة الأمريكية رنين لدى تلك الدول، أليس كذلك؟
إنهم لم يعرفوا أي نوع من البلاد هي الولايات المتحدة، إنهم اكتشفوا أي نوع من البلاد كان الاتحاد السوفيتي وهم لم يحبوا ذلك، ويربطون بيننا وبين تحريرهم النسبي، ذلك كل ما في الأمر، إنهم لا يعرفون حقيقتنا حقاً، إنهم يصدقون الدعاية، إنهم يصدقون أجهزة الإعلام، التي تستمر في الحديث عن الديمقراطية باستمرار والحرية والتحرر والدولة الأعظم على سطح الأرض وما إلى ذلك والشيء الوحيد الخاطئ في العالم هو وجود أناس شريرين يكرهوننا لأننا جيدون جداً.
حسنا، لا أعرف كيف يستطيع أي شخص شراء مثل هذه البضاعة، لكنهم يفعلون، إن الناس، بشكل عام، ليسوا ذوي اطلاع جيد، ولكن البلدان جيدة الاطلاع مثل أوروبا الغربية تعرف بشكل جيد ما هي لعبتنا.
لقد قام الجنرال ديغول بإخراج فرنسا من منظمة حلف شمال الأطلسي لأنه شك في أننا كنا منخرطين في بناء إمبراطورية، وهو لم يكن يريد مسايرة هذا الأمر، في ذات الوقت.
بقيت فرنسا حليفاً طالما استمرت الحرب الباردة مع السوفييت، أنا لا أعتقد بأن علينا أن نأخذ بجدية كبيرة دول أوروبا الشرقية، في الوقت المناسب سيستيقظون، كما فعلت تركيا، على حقيقة أننا مصدر خطر.
ظلام دامس
* ألا تزال هناك قيمة أخلاقية في صوت أمريكا، أخذاً في الاعتبار تاريخها كقوة ديمقراطية على مدى القرن الماضي؟
لا تعتقد بأننا بلد حر نقول فيه كل ما نريد، يمكننا أن نتكلم، غير أن كلامنا لن يتم نشره، ولن تراه في التلفاز، إن أحد أصواتنا العظيمة منذ بعض الوقت من أجل السلام في العالم هو نعوم تشومسكي، لم أر اسمه على الإطلاق في صحيفة (نيويورك تايمز) في أي سياق آخر غير أنه عالم لغوي وأستاذ في MIT (معهد ماساشوستس للتكنولوجيا).
إننا ننشط دون أن نحظى بأية إشارة، أستطيع أن أكتب، والإنترنت هو الوسيلة التي يحصل بها الناس على كتاباتي، أستطيع تسويق مائتي ألف نسخة من الكتب، لن ترد أي إشارة للأمر في (نيويورك تايمز)، لدهشتي في هذا الوقت، قامت الصحيفة بالفعل بوضع أحد كتبي في قائمتها لأوسع الكتب رواجاً، في العادة، هم لا يفعلون ذلك، ليس بإمكاني أن أقول لك كيف تتم السيطرة بإحكام على هذا البلد وهذا أمر بدأ في التكشف الآن، إن الأسئلة التي ترد إليك، تكشف أن الناس مشوشون جداً، إنهم لا يعرفون أين هو العراق، إنهم يعتقدون أن صدام حسين، لأنه شخص شرير، هو الذي فجّر عن عمد برجي مركز التجارة في مانهاتن، إنه لم يفعل ذلك، نحن ما زلنا لا نعرف من فعل ذلك لأنه لم يكن هناك تحقيق في الأمر كما يقضي بذلك الكونغرس والدستور، بالتالي نحن نعيش بالكامل في حالة ظلام دامس، وغير مطلع تماماً على العالم، بعد أن ورطانا سياسيونا في حرب عقيمة.
حب المشاهدة
* حسناً، ظل الدفاع عن الحريات المدنية الأمريكية أحد موضوعاتك الثابتة، بصوت أعلى في الشهور الأخيرة، كرد على القانون الوطني، والوكالة الجديدة للدفاع الوطني، لكن يبدو أن الأمريكيين لا يشاركونك وجهات نظرك بأعداد كبيرة، ما سبب ذلك؟
إنهم يشاركونني الرأي، ما أقوم به يحظى بتأييد شعبي كبير، الآن، أسمح لي، نحن لسنا بلداً قارئاً بشكل كبير، غير أننا بالتأكيد نشاهد الكثير من التلفاز.
انتخابات
* ومع ذلك كان هناك رد فعل سياسي محدود جداً لإنشاء تلك الوكالات أو للتغييرات الدستورية المثيرة جداً في القانون الوطني، نحن لا نسمع عن حركة قوية حقاً، ليس من الديمقراطيين، ليس من أجهزة الإعلام، هناك رضوخ أكيد.
حسنا، نحن لا نسمع ذلك لأنهم جزء من النظام الحاكم، أنت تعرف أن لدينا انتخابات مكلفة جداً ، لكن ليست لدينا سياسة، لقد أجرينا مقايضة في مكان ما، كان هذا حين أنشأ هاري ترومان دولة الأمن القومي، وفجأة حل التلفاز وأصبحت الانتخابات تكلّف البلايين. لديك بلد غير سياسي، بدون أحزاب سياسية، هناك حركات للناس، وهي تمر دون رصد أو تسجيل بشكل كبير، توجد أصوات بليغة هناك، لكنك لا تراها في الصحف، ولا تستمع إليها على الهواء.
جمهورية موز
* حسناً، أحد تلك الأصوات هو صوت معاصريك، نورمان ميلر، إنه كتب مؤخراً، بعد حياة طويلة، مستخلصاً أن الفاشية، وليست الديمقراطية، هي الدولة الطبيعية وأن أمريكا كأمة هي جمهورية موز يسيطر عليها بنحو متزايد الجيش، هل تشاطره هذا الرأي؟
نعم، غير أنني متجذر أكثر في الدستور القديم بكل عيوبه وفي وثيقة حقوق الإنسان بكل مزاياها، كان ذلك شيئاً متميزاً على الأرض وكان جيفرسون شيئاً متميزاً على الأرض حينما قال إن الحياة هي الحرية، لا أحد أبداً استخدم تلك العبارة في الدستور قبل ذلك أو حدده كهدف سياسي لكل شخص، لذا انبعثت من ذلك طاقات الولايات المتحدة لتجعل منها البلد الأول في العالم والأكثر قدرة على الاختراع والأكثر إبداعاً، وبعد ذلك انتهينا بإمبراطورية آسيوية، وإمبراطورية أوروبية، وتبعية أمريكية جنوبية وما عدنا كما كنا قبلاً، لم يعد الناس يحصلون على التعليم بشكل كاف، لقد كتبت حتى الآن اثني عشر كتاباً فيما أعتقد، عن التاريخ الأمريكي، من الثورة وانتهاء بالألفية، إنها كتب ذات شعبية لأن الناس لا يحصلون عليها في المدارس ولا يحصلون عليها أيضاً من خلال أجهزة الإعلام، لذا يقرأ الناس كتبي، لكن يجب أن يكون هناك الكثير من قبل الآخرين أيضاً، إنه شيء فظيع أن تفقد ماضيك، ولاسيما عندما يكون لديك ماض جميل، كما كان لدينا، في القرن الثامن عشر. كان لدينا عباقرة عظماء في القرن الثامن عشر، جميعهم عاشوا في هذا العالم الاستعماري الصغير ذي الثلاثة ملايين شخص، كان لدينا بنجامين فرانكلين وتوماس جيفرسون، كانا رجلين حكيمين جداً فهما أساليب العالم، وهما أعطيانا شكلاً جيداً جداً من الحكم.
ذلك كان في القرن الثامن عشر وكان عام 1787 هو عام كتابة الدستور.
* حسناً، أنت أحد أقسى نقاد أمريكا الثقافيين والسياسيين ومع هذا فإنك تكتب وتتحدث بشكل عاطفي جداً حول أمريكا و قمت بتوثيق ذلك المد والجزر، بمنظور واسع ، كيف تنظر إلى أمريكا اليوم؟
أرى أمريكا سابحة على غير هدى بعد أن تورطت في حرب لن نستطيع أن تكسبها، علينا أن نوقن من انتقام مليار مسلم ومن يدري من أيضاً؟ العراق دولة خطرة، والأمر ليس مجرد عدوان استعماري عادي، قوة أوروبية تريد السيطرة على دولة مثل بنما، شيء من هذا القبيل، الأمر ليس بهذا النحو على الإطلاق، أولا، إنهم يتحدثون بفخر عن صدام ثقافي وديني، حسناً، ذلك أمر شديد الخطورة وشديد الغباء، وأنا لا أعرف كيف يمكنك الانتصار في هذا.
جيل السكون
* حسناً، هناك أصداء مؤكدة من الخمسينيات في أمريكا اليوم، وبعض النقاد الأعلى صوتاً هم أيضاً من نتاج ذلك العصر، أنت نفسك، نورمان ميلر، وآرثر ميلر، أين تقف الأجيال الجديدة من هؤلاء؟
إن كتَّاب الحرب الثانية، جميعاً باستثناء قلة يحبون لو أن الثلاثة الذين ذكرتهم للتو توجهوا للجامعات للتدريس، عند تخليه عن الحكم قام آيزنهاور، في خطاب عظيم بالتحذير من المنشأة الصناعية العسكرية، التي قال إنها تستولي على الكثير من أموال وحياة هذه الأمة، لم يتم أبداً اقتباس أي شيء من هذا الخطاب، لقد قال ايزنهاور: سوف تتأذى الجامعات والتعليم كثيراً حين تكون أماكن التعليم والمعرفة والبحث معتمدة على سخاء الحكومة وإعاناتها المالية تماماً وذلك ما نفعله حالياً، فإننا نعطي كل شيء لقسم العلوم لتطوير الأسلحة، لدينا جيل كامل من معلمي المدارس وهم ليسوا معلمين جيدين جداً، بعضهم كتَّاب موهوبون جداً، لكنهم ساكنون، إنهم لا يريدون أن يهزوا المركب، هم يريدون الحفاظ على وظائفهم، إنهم ساكنون.
تسويق الحرب
* هل عادت الخمسينيات من جديد؟
حسناً، لا شيء يكرر نفسه ما عدا الحماقة الإنسانية، لذا فالإجابة لا، إنني أحس بالحركة في كافة أنحاء البلاد ربما كان هذا بسبب أنني أذهب إلى المجموعات النشطة التي تقوم بمواجهة سياسات الدولة المتطرفة، لكنهم سيخسرون لأن الحكومة الآن تمت عسكرتها بالكامل بعد دخولها حرب لا يستطيعون حقاً تسويقها لبقية العالم، هذا شيء جديد، نحن لم يكن لدينا أبداً وقت كهذا، وها هو جاء، وبالنسبة لشخص مثلي، متمسك تماماً بأمريكا الدستورية، فإن هذا شيء لا يمكن تصوره، نحن لا نستطيع الوثوق في المحكمة العليا بعد قرارها الغامض حول انتخابات عام 2000، ليست لدينا أحزاب سياسية، لم يكن لدينا الكثير منها سواء الديمقراطيين، أو الجمهوريين، لدينا حزب واحد في الواقع هو حزب الشركات الأمريكية الكبرى، إنه حزب ذو جناحين يمينيين، أحدهما يسمى الديمقراطي، والآخر يسمى الجمهوري، لذا في غياب السياسة، وبوجود أجهزة إعلام يسهل تطويعها وتتحكم بها قلة من الناس لها مصالح في الحروب والنفط وما شابه، فإنني لا أرى كيف يمكنك التعبير عما يدور داخلك، لكن المرء يحاول لأنه لا يوجد شيء آخر يفعله غير ذلك.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|