|
وماذا ننتظر؟!
|
لا يكاد يمرُّ يوم دون أن يكون هناك ما ينغص عليك سعادتك، أو يشغلك عن عملك..
فقد أصبحت أيامنا دولاً وشعوباً، وعلى امتداد هذا العالم جحيماً لا يُطاق..
بفعل فاعل، وبتخطيط فاعلين..
ممن يسوؤه أن تَنْعَمَ البشرية بالهدوء والاستقرار..
وكأنه يشعر بأن متعته لا تتحقق إلا على أشلاء الضحايا ومن خلال أنهار من الدماء..
***
فنشرات الأخبار..
في كل وسائل الإعلام..
وعلى مدى ساعات الليل والنهار..
ليس لها من عمل إلا نقل هذه المآسي موثّقة بالصور إلى العالم..
باعتبارها أحداثاً حقيقية تَنُمُّ عن جبروت الإنسان ضد الآخرين..
بشكلٍ مفجعٍ ومخيفٍ وغير قابلٍ للتصديق، لولا هذه المشاهد المبكية التي تتوالى منذ زمنٍ طويلٍ ولم تتوقّف..
***
والعالم بدوله وشعوبه..
يبدو عاجزاً عن وضع حدٍ لهذا الذي يُبكينا..
وغير قادر على استحضار الحكمة والقدرة في تعامله مع هذه الأحداث المؤلمة التي تنوء بها المجتمعات..
أو أنَّ هناك بين المؤثرين وصنّاع القرار مَنْ يتعامل مع ما يجري بلا مبالاة ومن غير شعور بالمسؤولية..
***
وأمام هذه الظاهرة الإرهابية..
التي غدت الشغل الشاغل للناس جميعاً..
نتابعها بخوف..
ونخشى من آثارها..
ويقلقنا تداعيات ما ينتج عنها..
دون أن يكون لنا حيل أو قدرة في التصدي لها..
نسأل أنفسنا: وهل من جديد مفرح يُغَيِّر وضعنا من حال إلى حال؟..
***
إنَّ العالم اليوم..
بدوله وشعوبه وأديانه وطوائفه وانتماءاته يمرّ بمفترق طريق ملغم بما لا نتمناه مع ما بلغه من غموض..
وسيكون مستقبلاً في وضع أسوأ بكثير مما هو عليه الآن أمنياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً..
والأمر لا يحتاج إلى مَنْ يذكر بهذا..
أو ينبه إلى خطورة ما نحن مقدمون عليه..
فعلامات ما هو متوقع..
وإشارات ما قد يكون منتظراً..
تؤكدها أحداث الأمس واليوم وما يحضر للمستقبل..
فما أحرى بالعالم أن يعيد نظره في أسلوب التعامل بين القوى الجبارة من جهة وتلك التي يُنظر إليها بأنها لا حول لها ولا طول من جهة أخرى..
وكم من موقفٍ دامٍ قال صغيرنا لكبيرنا أمام مشهده دعني من ظلمك، حتى لا يتكرر مثل هذا المشهد، وحتى لا تكون وأنت الكبير ضحيته.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
وهكذا دواليك مهادنة! عبدالباسط شاطرابي
|
الذبابة التي دخلت غرفتي كانت من النوع اللئيم، إذ وضح تفضيلها التجول بين الأنف والفم رغم اتساع مساحة المناورة أمامها، كما وضح أنها تمارس حركة طيران نشطة تفادياً لأي كمين ماكر يمكن أن ينصبه صويحبكم بعد أن بلغ الضيق منها منتهاه!
كانت (الخبيثة) تدرك نفوري كما الكثيرون من استعمال المبيدات الحشرية، فرائحة المبيد خير منها إزعاج الحشرات، كما أن المبيدات أصبحت بلا فائدة تذكر، بل يقال إن بعض الحشرات أصبحت تستبشر باستعمال المبيد لأنها وجدت فيه مادة غذائية شهية تزيد أوراكها لحماً وبطونها شحماً!!
تذكرت لحظتها اختراعاً إنسانياً بسيطاً يتمثل في عصا بلاستيكية رقيقة تنتهي بشبكة من البلاستيك على شكل مربع أو مستطيل، وهذا الاختراع الذي يستعمل يدوياً قادر على مباغتة الذبابة والفتك بها إذا كان مستعمله ممن اكتسب المران واتسم بالموهبة والمهارة!
المشكلة أن هذا الاختراع البسيط لم تستطع دولة عربية تصنيعه، رغم اكتظاظ أقطار العرب بالعلماء والأسلحة والقمامة . . والذباب ! ! ونحمد الله أن قيّض لنا بعض الدول الآسيوية التي تلبي حاجاتنا عبر محلات (أبو ريالين) صاحبة الفضل الذي لا يمكن نكرانه، حيث تستطيع بريال واحد الحصول على اثنتين من صائدات الذباب دون الاضطرار للمبيدات الكيماوية أعاذنا الله منها ومن شرورها ! !
وبمناسبة المبيدات الكيماوية فإن غسل الخضار جيداً قبل الأكل لم يعد اهتماماً تتطلبه سلوكيات النظافة فحسب، بل أصبح ضرورة تتعلق بالحياة ذاتها، فكثيراً ما تعْلق بقايا المبيدات، التي يتم رشها لقتل الطفيليات، على النبات خضاراً كان أو فاكهة، ولذلك وجب التأكد من غسل هذه الخضراوات والفواكه جيداً قبل الأكل حتى لا نروح في ستين داهية! المهم أن صائدة الذباب لم تكن إحدى الأدوات الموجودة في الغرفة، لكنني لم أكتفِ بالوقوف نادباً حظي، خصوصاً وأن »اللئيمة« واصلت اختراق أجوائي بتحليق متواصل ومناورات حاذقة.
لذلك قررت بسرعة الاستعانة بإحدى الجرائد القديمة، حيث طويت صفحاتها الكثيفة على شكل هراوة غليظة، وقبعت كاتماً أنفاسي متحرقاً للحظة الفتك بغريمتي التي تجرأت على تعكير صفو أجوائي واقتحام خصوصياتي! مرت ثوانٍ دون أن أرى للذبابة أثراً ثم فجأة وجدتها تقوم بتحليق سريع أمام وجهي مباشرة وتتجه بعده لتهبط قرب مصباح طاولة استعين به في القراءة.
زحفت نحو الطريدة رافعاً الهراوة الورقية دون إحداث صوت، وبضربة مدوية وجدتني أؤدي مهمة كبرى، فقد سحقت وبكل مهارة وقدرة . . لمبة المصباح . . لتطير اللئيمة منتشية وكأنها تمد لسانها سخريةً من قلة حيلتي وضعفي وهواني! تهشم المصباح يا للحسرة! فماذا أفعل بهذه اللئيمة التي اقتحمت حياتي، نظرت إلى أرجاء الغرفة فوجدتها مكتظة بالأدوات والمقتنيات التي يمكن سحقها إذا واصلت مطاردتي المجنونة لهذا الغريم الضعيف القوي! أحمد الله على نعمة العقل، فقد جنحتُ إلى المهادنة وعدم التصعيد مع اللئيمة، لتتاح بذلك فرصة (سلام شجعان) يحفظ ماء الوجه لكلينا! اتجهت نحو النافذة وفتحتها، ثم صرت أهش بالهراوة الورقية بكل لطف وحنان حتى اتجهت المغرورة إلى النافذة، وبلمح البصر طواها الفضاء الخارجي بكل ترحاب، لأتنفس بعدها الصعداء، وأغلق النافذة راضياً بخسارة مصباح الطاولة، بدلاً من مغامرة غير محسوبة كان يمكن أن تحيل كل محتويات الغرفة إلى ركام!!
shatarabi@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|