|
الوطن الذي نحبه |
عندما تكون هناك حاجة إلى استفتاء للمواطن على حجم حبه لوطنه..
مع كل نازلة..
أو محاولة للعبث بأمن الوطن..
تكون الكلمة العليا لهذا المواطن المحب والمتفاني والهائم بحب هذا الوطن الغالي..
حيث ردود الفعل التلقائية والجسورة من المواطن لمواجهة قوى الشر بما يستحقون..
***
أحياناً تتواصل الجرائم بحق الوطن دون شعور بالمسؤولية أو وعي بما للوطن من حقوق..
يتخلى (البعض) عن معايير الانتماء لوطنه..
يترصد هذا البعض لكل شيء جبل فيه فيسعى ليحوله إلى صور مشوهة تسيء لكل مواطن شريف فيه..
لا فرق في هذا بين عدو من الخارج وأولئك الذين لا يلتزمون بالقانون والنظام ممن يحملون هوية الوطن..
***
الوطن زهرة ووردة وجمال أخَّاذ ومثير لا يُبارَى..
هو كذلك لمن أعطاه الله عقلاً راجحاً ليكون هذا هو رأيه ومشاهدته لكل ذرة من تراب الوطن..
والوطن هو الحب الذي لا ينتهي ولا يعلو عليه أو يتساوى معه حب آخر..
إنه أجمل القصائد وأغلى الكلمات وأكثر القصص إثارةً واستمتاعاً..
***
كلمة الوطن، قيثارة حب وموسيقى حالمة نترنم بها ونصغي لها بكل انبهار وإعجاب..
مع كل المواقف التي تمر به أو يمر بها بما فيها تلك المواقف التي تكدر خواطرنا وتسيء إلى وطننا..
وما من أحد مرت كلمة الوطن التي ينطقها في لسانه أو عبرت في طريقها إلى مسامعه، إلا وشعر بالزهو والاعتزاز، ما لم يكن إنساناً ناكراً وجحوداً وغير محب لوطنه..
***
حماية الوطن بكل الوسائل المشروعة من أعدائه ومن المترصدين شراً بمجالات التفوق فيه تقع مسؤوليتها على كل المواطنين ومن غير أن يُستثنَى في ذلك أحد كائناً من يكون..
والدفاع عن الوطن مشروع دائم ومستمر وحق لكل مواطن ينتمي إلى ترابه ويستظل تحت سمائه وينعم بخيراته حين يكون هناك تهديد لأمنه أو محاولة للعبث بمقدراته..
***
إن أي محاولة إرهابية مهما ألبسها صاحبها أو أصحابها من المبررات لا يمكن إلا أن يكون التصدي لها هو الموقف المناسب منها..
وهذا هو الأسلوب الصحيح للتعامل معها بحسب ما يرى صاحب القرار أين تكون مصلحة الوطن..
وإن التسامح أو التساهل أو البحث عن مهدئات وقتية أو البحث عن قنوات لا توصل إلى توفير الحماية المناسبة لحق الوطن والمواطن من تصرفات هؤلاء الأشرار هو في النهاية أسلوب وإجراء لا يخدم المصلحة العامة..
وبالتالي يُقوِّض الأمن ويضع المواطن في دوامة من القلق بوجود مستنقع نتن من الفوضى والضياع..
***
شكراً لحماة الوطن من رجال الأمن إلى كل مواطن دافع عن وطنه فقد أثبت الجميع أنهم على قدر عالٍ من المسؤولية والشعور بالواجب..
فالوطن أمانة في أعناقنا جميعاً، ولا يجب أن نتراخى في الدفاع عنه وحمايته وإلا سرقه الأشرار وأحالوه إلى مساحة للقتل والسحل والفوضى، استجابةً لأحلامهم وتطلعاتهم ونواياهم..
وهذا ما سيكون عصياً عليهم بحول الله.
خالد المالك
|
|
|
رحلة على متن السفينة (مايفلاور) |
* إعداد محمد الزواوي
في أحد متاحف ولاية ماساتشوستس الأمريكية بإمكان الزوار مشاهدة نسخة طبق الأصل للسفينة (مايفلاور) مما يعطي الزائرين شعوراً بمعاناة المغامرين الذين قاموا برحلات عام 1620م على متن تلك السفينة للوصول إلى الولايات المتحدة.
وألقى تقرير لصحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) نظرة تاريخية متفردة على إحدى رحلات القرن السادس عشر المثيرة، وتنقل كاتب التقرير بين جنبات السفينة وكأنه أحد ركابها، وسلط الضوء على المعاناة التي كان يشعر بها المسافرون، بنظرة مفصلة دقيقة لكل شيء، ما الذي كانوا يأكلونه، طبيعة الجو، المناطق التي رست فيها السفينة، في رحلته إلى العالم الجديد من أوروبا إلى أمريكا الشمالية؟!
يصف الكاتب مشاق الرحلة في تلك العصور وكأن المسافرين ذاهبون إلى القمر وليس إلى قارة أخرى على بعد آلاف الكيلومترات من الساحل، وكيف كانت شاقة وخطيرة وطويلة، إضافة إلى أنهم لم يكونوا يعرفون طبيعة الحياة عند وصولهم، وإذا ما كانت أفضل أو أسوأ، وذلك في عام 1620 عندما قرر أولئك الذين انفصلوا عن الكنيسة الإنجليزية الهجرة إلى العالم الجديد على متن السفينة (مايفلاور) .
وقد كان أولئك المهاجرون يعيشون في ليدن بالقرب من أمستردام في هولندا، وقد انتقلوا إلى هولندا من إنجلترا لأنهم لم يكونوا على وفاق مع كنسية إنجلترا.
ولكن بعدما عاشوا في هولندا لما يقرب من عشر سنوات قرروا الرحيل ثانية، هذه المرة فكروا في الذهاب إلى أمريكا اللاتينية، ولكن من بين عدة أسباب أخرى كان الطقس الحار غير مألوف لديهم، وأيضاً أرادوا لأطفالهم أن ينشأوا بالتقاليد الإنجليزية، لذا قرروا أن يتوجهوا إلى المستعمرات الإنجليزية الجديدة في قارة أمريكا الشمالية.
وقد أراد (الانفصاليون) أن ينشئوا مستعمرتهم الخاصة حيث يكونون فيها أحراراً، ولكن لم يستطع الكثير منهم دفع نفقات الرحلة، لذا وافقت مجموعة تتكون من 70 من المستثمرين بقيادة رجل الأعمال الإنجليزي توماس واطسون على المساعدة في تمويل إنشاء المستعمرة الجديدة، كما قام المستثمرون بتأجير رجال مستعمرات آخرين، بما فيهم أعضاء من الكنيسة الإنجليزية لإنشاء تلك المستعمرة.
وفي أوائل صيف عام 1620، ساعد المستثمرون الانفصاليين على تأجير سفينة صغيرة، وكان اسمها (سبيدويل)، وذلك للإبحار إلى أمريكا، في حين قرر مسافرون آخرون الإبحار على متن سفينة أكبر، وهي (مايفلاور). وفي الخامس من أغسطس أبحرت السفينتان معاً من ميناء ساوثهامبتون بإنجلترا في رحلة تستغرق شهرين، ولكن بدأت بعض المياه تتسرب إلى السفينة سبيدويل، لذا قرر ركابها العودة ثانية مرتين، ولكنهم في النهاية قرروا ترك سفينة سبيدويل في إنجلترا، لذا لم يستطع بعض المسافرين إكمال تلك الرحلة.
وفي 6 سبتمبر، أبحرت السفينة مايفلاور حاملة على متنها 102 مسافر، بما يزيد عن حمولتها بمقدار 20 إلى 30 مسافراً، كما حملت السفينة الطعام والشراب للرحلة، إضافة إلى خزين فترة الشتاء، وماشية وبعض المعدات التي سيحتاجونها لبدء المستعمرة الجديدة هناك. وكان الطقس جيداً في الأسبوع الأول من الرحلة، ولكن سرعان ما واجهت السفينة أعاصير الخريف، واضطر المسافرون تجنب سطح السفينة ومكثوا في بطنها.
وكانت سفينة (مايفلاور) سفينة تجارية، وذلك لعدم وجود سفن مسافرين فقط حينذاك، وقد أراد المسافرون جعل بطن السفينة أكثر راحة لهم في ذلك المكان الفسيح الكبير، والذي كان مصمماً لحمل شحنات تجارية، فجاء معظمهم بملاءات محشوة بالقش وناموا على الأرض. ودفعت بعض العائلات نظير تخصيص أقسام معينة تم بناؤها لفصل العائلات عن بعضها البعض، ولكن معظم المسافرين ناموا جنباً إلى جنب.
وكان لبعض البحارة أسرّة خاصة كانت شبيهة بدواليب طويلة ضيقة مبنية داخل الحائط، وهذه الأسرّة كان لها أبواب يمكن أن يتم غلقها من الداخل، لكي يتمكنوا من النوم براحة.
وقد قطع المسافرون الوقت الطويل بقص الحكايات والألغاز، كما كانت هناك لعبة الكراسي الموسيقية المكونة من 9 أشخاص، ولكن بعد 9 أسابيع في البحر، بدأ المسافرون في الشعور بالملل. وفي أحيان أخرى شعر المسافرون بالخوف الشديد وتلاشى معه الملل، ليحل محله الرهبة والفزع؛ فقد جعل البحر بأعاصيره الرحلة غير مريحة للكثيرين، وأحد المسافرين واسمه جون هولاند، كان يقف فوق السطح العلوي للسفينة وعندما مالت السفينة بشدة سقط من على السطح العلوي، ولحسن حظه استطاع أن يقبض على حبل الصاري وتمكن البحارة من سحبه وإرجاعه إلى سطح السفينة ثانية.
وفي حادثة أخرى كسرت إحدى ألواح سطح السفينة، وقد أراد بعض طاقم السفينة العودة ثانية إلى الميناء بعدما رأوا ذلك، ولكن تمكن نجار السفينة من إصلاحها.
معاناة السفر
ويصف التقرير المسافرين في تلك الرحلة بأنهم كانوا يعملون بروح الفريق الواحد ولأنه لم يكن لديهم ثلاجات في ذلك الوقت، فقد كان طباخ السفينة يقوم بطبخ ما يحتاجونه يوماً بيوم، وكانت الوجبة الرئيسية اللحم المملح، والسمك المملح. وذلك لأن الملح يحفظ الطعام من الفساد، وفي الأيام التي كانوا يأكلون فيها السمك المملح، كان يتم تقديم بعض الجبن الجاف، ولم يكن معه حليب أو قشدة، كما كان الأرز غالياً، لذا كان يتم تقديم دقيق الشوفان بدلاً منه، وأحياناً ما يتم تقديم البازلاء المجففة.
وقد اعتاد المسافرون على أكل (بسكويت السفينة)، وهو نوع خاص غير ذلك النوع الخفيف الساخن الذي يتم خبزه في الأفران، ولكن بسكويت السفينة كان مسطحاً وصلباً للغاية, وكان يصنع من الدقيق والماء ويخبز ثلاث مرات لكي تخرج رطوبته لكي يبقى طويلاً بدون أن يفسد، وكان يمكن أن يبقى حتى خمس سنوات، ولكن كان يتحتم على المسافرين غمسه في أي سوائل لكي يتمكن المسافرون من مضغه.
كما لم تكن هناك حمامات، فكل عائلة كان لها غرفة بها قِدْر كبير، وكان يتم إفراغه في دلو ضخم، ثم يتم إفراغ ذلك الدلو في البحر بصفة دورية بعد الاستحمام (يذكر أن الرحلة استغرقت 66 يوماً) .
وكم كان الجميع سعداء عندما رأوا اليابسة في أوائل شهر نوفمبر! ولكنها للأسف كانت الأرض الخطأ؛ فقد كان من المفترض أن يكونوا في مكان ما على بعد مائتي ميل جنوباً، على منبع نهر هدسون، ولكن لأن وسائل إبحار القرن السابع عشر لم تكن دقيقة، رست سفيتنهم على حافة منطقة (كيب كود) الموجودة بولاية ماساتشوستس اليوم. وعندما حاولوا الإبحار جنوباً ساروا في مياه ضحلة خطرة على السفينة، لذا عادوا أدراجهم.
وفي 11 نوفمبر 1620 ألقوا مرساتهم في ميناء بروفنستاون. وقد بقي معظم الركاب على متن السفينة، في حين استقل آخرون مركباً صغيراً لاستكشاف المنطقة. واستقروا في النهاية في منطقة على خريطتهم تسمى (نيو بليموث) وكان فيها تل بمنحدر طويل مما جعل المنطقة يمكن الدفاع عنها بسهولة ضد الهجمات، وكانت تلك هي المنطقة ذاتها التي كانت تقع فيها قرية وامبانوج القديمة بمنطقة باتوكسيه، والتي مات سكانها من مرض أبادهم قبل ثلاثة أعوام.
وفي 16 ديسمبر عام 1620 ألقت مايفلاور مرساتها على سواحل نيو بليموث. وكان أول شتاء مر عليهم قاسياً بشدة، لذا لم ينج سوى نصف المستعمرين ونصف طاقم السفينة فقط، وعندما غادرت السفينة مايفلاور متوجهة في رحلة العودة إلى إنجلترا في أبريل عام 1621 لم يكن هناك أي من المستعمرين على متنها، فقد بقوا جميعاً للعمل بجد لإنشاء مستعمرتهم الجديدة.
وفي خريف عام 1621 احتفلوا بموسم الحصاد مع سكان وامبانوج.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|