|
المجلة في عام جديد |
فوجئت بأن عاماً قد مضى وانقضى من عمر هذه المجلة..
وأنها بهذا العدد تكون قد بدأت عاماً جديداً من عمرها المديد إن شاء الله..
بانتظار أن تكون تجربتها قد أعطتها المزيد من القدرة على تقديم الكثير من النجاحات..
وأن فيما مضى من عمرها هناك الكثير من المؤشرات الجيدة بما يومض لهذا الذي نتوقعه في مسيرتها القادمة بدءاً من عامها الجديد.
***
أقول ذلك بعد أن أعلمني نائب رئيس التحرير المهندس عبد اللطيف العتيق بإطلالة المجلة على عام جديد..
فالسنون تمضي بسرعة..
ونحن نلهث وراء العمل فيما أعمارنا تتناقص..
والوقت يسرقنا دون أن يلبي لنا كلّ ما نتمناه أو نخطط له..
فهذه سنن الكون..
وهذه نواميس الحياة.
***
لم يخطر ببالي أن شمعة قد آن أوان إيقادها احتفاءً بمثل هذه الذكرى الجميلة..
وقد شاركني في ذلك نائب رئيس التحرير المهندس العتيق باختفاء هذا الحدث من ذاكرته..
وبالغياب عن تذكر هذه المناسبة...
وباستحضار هذه المناسبة عندما كانت المطابع توشك أن تبدأ في طباعة العدد الجديد من هذه المجلة.
***
ليس هذا هو الأهم ولا المهم..
وقد أشرت إليه توطئة، ومن باب إشراك القارئ معنا في جو العمل، وفي جانب من مناخه..
لكن الأهم: ماذا سنقدم للقارئ بدءاً من العدد القادم؟
ما هو جديدنا؟
والتغيير المتوقع نحو الأفضل الذي ينبغي أن نهديه لقرائنا؟
ما هي مقترحات القراء؟
وهل تم رصدها ضمن استفتاء علمي يفترض أن يقودنا لتقديم ما هو أفضل؟
وهل راجعنا عملنا السابق خطوة خطوة، وعدداً بعد عدد، ومن سنة لأخرى؟
وما النتائج التي توصلنا إليها؟
تلك بعض أسئلة مما ينبغي أن تطرحه أسرة تحرير هذه المجلة؛ للوصول إلى بناء شخصية المجلة المستقبلية، وبما يكسبها المزيد من التفوق الذي تحقق الكثير منه في الفترة التي مضت من عمرها، وما زال هناك ما هو منتظر.
***
تكاليف إصدار مجلة بحجم هذه المجلة وبنوعية موادها عالية وكبيرة، وأهل الصنعة يعرفون هذا جيداً...
عالية من حيث الجهدين التحريري والفني..
وعالية في تكاليفها المادية الباهظة...
ولابدّ أن يتناغم ذلك مع دراسة صحيحة للمستوى الذي تصدر به هذه المجلة..
وأن ينسجم هذا مع نظرة القراء إلى مجلتهم..
وأن يكون توظيف كلّ هذا صحيحاً وسليماً..
ويؤدي بنا نحو العمل الصحفي الأمثل والأفضل.
***
فها هي مجلتكم (مجلة الجزيرة) وبعد عامين مضيا من عمرها وقد أصبحت في موقع يسمح لنا ولكم بأن نبحث عن مزيد من فرص النجاح لها..
اعتماداً على المستوى في المادة التحريرية التي تقدم بها المجلة لكم..
وحيث الإخراج المستوحى من مزيج من المدارس التقليدية والحديثة في الإخراج الصحفي...
أترك أيّ إضافة جديدة أو اقتراحاً مفيداً لفطنة القارئ..
لرأيه وقناعته...
ولأسرة تحرير هذه المجلة أيضاً..
ليقول الجميع كلمتهم في هذا...
مع التأكيد على أن القارئ هو من سيظلّ صاحب القرار في توجيه (بوصلة) نجاح المجلة في مسيرتها القادمة..
مثلما كان كذلك في الفترة التي مضت من عمرها.
خالد المالك
|
|
|
قلب الاقتصاد المكسيكي ينبض في أمريكا * إعداد أشرف البربري |
* تحويلات المكسيكيين العاملين في أمريكا العام الماضي بلغت حوالي 13.3 مليار دولار
* الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس: العاملون في الخارج هم (أبطال قوميون)
****
في الرابعة إلا ربع فجراً وبينما يقبع حتى أهل نيويورك في فرشهم يبدأ الزوجان المكسيكيان اللذان يعيشان في نيويورك إيولي جيل وماريا ديل كارمن باسكويز يوم عملهما الذي يستمر 18 ساعة، وفي خلال ساعة واحدة منذ استيقاظ الزوجين يتخذان طريقهما إلى قطار الأنفاق ليتجه الزوج إلى فندق شيراتون حيث يعمل نادلاً منذ 11 عاماً لم يتأخر خلالها يوماً عن موعده، يحصل أيولي جيل على 28 ألف دولار راتباً سنوياً من الفندق بالإضافة إلى نصيبه من (البقشيش)، ورغم أنه يعمل فترة عمل كاملة فإنه يشارك في الحفلات التي تقام في الفندق كراقص من أجل الحصول على أجر إضافي.
أما الزوجة ماريا باسكويز فتأخذ طريقها إلى حي بروكلين ثم إلى بياكسترا حيث يوجد المطعم الذي تمتلكه هي وزوجها جيل، في المطعم تساعد فليكس شقيق زوجها في تجهيز وجبة الإفطار لزبائن المطعم الذين يتوافدون على المطعم لتناول الوجبات المكسيكية التي يقدمها المطعم. وفي نهاية دورة العمل التي تستمر عشر ساعات يتجه جيل إلى حي بروكلين حيث يوجد مطعمه للمساعدة في إغلاقه ليعود الزوجان معاً في قطار الأنفاق في رحلة تستغرق حوالي تسعين دقيقة، وعندما تأتي العاشرة مساء يأوي الزوجان إلى فراشهما التماساً للنوم الذي يتطلعان إليه طوال يوم العمل الشاق.
كل هذا الكد والعمل من أجل مساعدة عائلتهما في بلدة بياستيلا بالمكسيك حيث تعتمد العائلة مثلها مثل ملايين العائلات المكسيكية الأخرى على ما يرسله لها أبناؤها العاملون في أمريكا من أموال، يرسل جيل شهرياً ما يتراوح بين مائة ومائتي دولار إلى أسرته في المكسيك.
من خلال تحويلات المكسيكيين العاملين في أمريكا حصل الاقتصاد المكسيكي العام الماضي على حوالي 13.3 مليار دولار من العملة الصعبة مقابل 9.8 مليارات دولار العام قبل الماضي لتصبح تحويلات المكسيكيين في أمريكا من أهم مصدر للعملة الصعبة للمكسيك.
وقال البنك المركزي المكسيكي: إن تحويلات المكسيكيين في أمريكا زادت خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 22 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ووفقاً لأرقام السلطات المكسيكية فإن تحويلات المكسيكيين تمثل أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية في المكسيك وثاني أكبر مصدر للدخل بعد صادرات النفط، ولعل أهمية تحويلات العاملين في الخارج بالنسبة لنمو الاقتصاد القومي هي السبب الذي دفع الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس إلى إطلاق وصف (أبطال قوميين) على المكسيكيين العاملين في الخارج ودفعه إلى بذل جهود جبارة مع الإدارة الأمريكية لتسهيل دخول العمال المكسيكيين إلى الولايات المتحدة وإرسال أموالهم إلى وطنهم.
تقول ألبينا موراليس شقيقة زوجة جيل التي تعيش في بلدة بياستلا جنوب المكسيك: لا يوجد عمل هنا وإذا لم يرسل لنا أشقاؤنا المال من أمريكا فلن نجد ما نعيش به، وتكاد تخلو هذه البلدة المكسيكية من الرجال الذين سافر أغلبهم إلى الولايات المتحدة سواء بصورة مشروعة أو غير مشروعة بحثاً عن عمل.
ومن بين الرجال القلائل الموجودين في هذه البلدة ريكاردو جيل والد إيولي جيل والذي يبلغ من العمر 93 عاماً والذي يسير كل شهر إلى فرع شركة تحويل الأموال للحصول على المال الذي يرسله ابنه إليه بصورة منتظمة من نيويورك، وتنفق العائلة أغلب المال في الأسواق الأسبوعية التي يعقدها الفلاحون في البلدة، وتغطي أموال التحويلات في مختلف أنحاء المكسيك وبخاصة في المناطق الريفية الأشد فقراً كل شيء من شراء السلع الغذائية إلى إنشاء ملاعب كرة قدم جديدة في القرى المكسيكية.
فالجمعيات التي أسسها المكسيكيون المهاجرون إلى أمريكا في بلادهم تقوم بجمع التبرعات من هؤلاء المكسيكيين في الخارج لتمويل أغلب مشروعات البنية الأساسية في القرى الفقيرة من مياه إلى كهرباء إلى صرف صحي إلى خطوط الهاتف.
ففي عام 2002 رصدت الحكومة المكسيكية حوالي 900 جمعية مكسيكية مسجلة في 30 مدينة أمريكية أنشأها المكسيكيون المهاجرون، وهذا الرقم يزيد باضطراد كما يقول سوكيتل بادا الباحث في جامعة نوتردام في ولاية أنديانا الأمريكية والمتخصصة في شؤون المهاجرين المكسيكيين، وفي محاولة من جانبها لتشجيع تدفق أموال العاملين في الخارج لتمويل مشروعات البنية الأساسية في المكسيك أطلقت حكومة الرئيس فنسنت فوكس برنامجاً تحت اسم (ثلاثة لكل واحد) ويعني أن الحكومة سوف تقدم مقابل كل دولار يقدمه العاملون في الخارج لتنفيذ مشروعات تنموية في الوطن الأم ثلاثة دولارات من أموال الحكومة لهذه المشروعات.
وفي زيارته للولايات المتحدة الأمريكية الشهر الماضي وفي مدينة شيكاغو دعا فوكس السلطات الأمريكية إلى الاعتراف ببطاقات الهوية التي تصدرها القنصليات المكسيكية في الولايات المتحدة للمهاجرين، وبالفعل فإن العديد من البنوك الأمريكية أصبحت تفتح حسابات مصرفية للمهاجرين المكسيكيين الذين لا يحملون أوراق إقامة شرعية في الولايات المتحدة وتكتفي ببطاقات الهوية التي تصدرها لهم القنصليات المكسيكية في الولايات المتحدة مما يسهل على هؤلاء المهاجرين تحويل الأموال إلى عائلاتهم في الوطن الأم.
والحقيقة أن الجانب الأكبر من مليارات الدولارات التي يحولها المهاجرون المكسيكيون إلى بلادهم يتمثل في المبالغ الصغيرة التي يرسلها العمال ذوو الدخل المنخفض أمثال جيل شهرياً إلى عائلاتهم.
ونعود إلى حي بروكلين لنجد أن باسكويز تعيش حياة بلا طعم في نيويورك لأنها تفتقد بلدتها وأقاربها وأيام العطلات التي كانت تستمتع بها عندما كانت تعيش في أحضان أسرتها الدافئة، ونظراً لأن السيدة ماريا باسكويزا لم تحصل حتى الآن على حق الإقامة في الولايات المتحدة فإنها لا تستطيع العودة إلى بلدتها في المكسيك في الوقت الحالي لكي تحضر الاحتفال المكسيكي الشعبي الذي تحتفل به البلدة في منتصف أغسطس، والحقيقة أن أغلب أقارب جيل في نيويورك يحسبون الأيام بالساعة حتى يحصلوا على الإقامة التي تسمح لهم بالعودة إلى وطنهم ثم العودة إلى أعمالهم في أمريكا مرة أخرى.
تقول باسكويز: إن زوجها يذكرها باستمرار أن ما تمكنا من إنجازه خلال فترة وجودهما في أمريكا لم يكن سيتحقق لو أنهم ظلوا في بياستلا بالمكسيك وأنهما سوف يكسبان المزيد من المال الذي سيستفيد منه كل أفراد أسرتهما في الوطن، يعتزم إيلوي التقاعد من العمل العام المقبل والحصول على مكافأة التقاعد والتركيز على العمل في المطعم الذي يمتلكه.
وهو يدرك تماماً أنها مغامرة كبرى لأنه حصل على قرض مصرفي قيمته 44 ألف دولار وعليه أن يضمن نجاح مطعمه في ظل المنافسة الشرسة حتى يتمكن من سداد القرض، ويحلم إيلوي باليوم الذي يمكنه فيه تقسيم وقته هو وزوجته بين نيويورك ومسقط رأسه في المكسيك.
وقال: إن إحدى الأفكار لديه تتمثل في استثمار مدخراته في إقامة مشروع صغير في بلدة بياستلا مع الاحتفاظ بعمله في نيويورك حتى يتأكد من نجاح المشروع في الوطن الأم.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|