|
هكذا تخسر أمريكا..!!
|
صدمتني تلك المشاهد من جديد، مثلي في ذلك مثلكم..
بل أقول: إنها أحزنتني وأبكتني..
ولم تترك لي تلك المشاهد المؤلمة أي فرصة للتبرير أو تلمُّس الأعذار لمن اعتدى وتجبَّر.
***
كانت الصور ناطقة ومعبِّرة بما يكفي للتأكيد على غياب إنسانية المعتدي أمريكياً كان أو بريطانياً..
وكأنِّي بهذه الصور تصرخ: أين حقوق الإنسان التي تدَّعونها وتبشِّرون بها..
بينما يصل الحقد والكراهية في سلوككم هذا الحد من التعدِّي على حقوق الإنسان؟!.
هكذا رأينا بعض ما يفعله السجَّان في السجناء العراقيين..
تعذيب وحشي لا يمكن أن يصدق به المرء لولا ما عرضته محطات التلفزة بالعالم..
وممارسات لا أخلاقية لا يقدم عليها إلا مَن فقد التربية والسلوك الطيِّب والأخلاق الحميدة.
***
إنها حقوق المرء، هكذا تُمتهن بلا خوف أو خجل أو وازعٍ من ضمير..
ويبقى العالم أمام مشاهدها متفرِّجاً وخائفاً من أن يقول كلمة الحق في ممارسات تلك الوحوش الآدمية؛ لأن هؤلاء أمريكيون وبريطانيون، ولا بدَّ من السمع والطاعة والقبول بكلامهم وتصرُّفاتهم حتى وإن بلغ حد الاعتداء الوحشي على السجناء.
***
والأسوأ أن يقول المعتدي: إننا على علم بذلك، وإنه ما كان ينبغي أن تُعرض هذه الصور حتى لا تثير حفيظة مَن يشاهدها..
والأسوأ أيضاً أن يقول المعتدي: إن ذلك تصرُّف فردي، ثم لا يعاقب هذا الفرد أو ذاك، ولا تعتذر الدولة عن هذا العمل المشين..
والأسوأ أكثر وأكثر أن تتعامل الحكومة العراقية مع هذه الممارسات بحق رعاياها بهذه الليونة والمرونة، وبما يوحي بعدم احتجاجها على ما جرى.
***
إن ما يجري في العراق، في سجون العراق تحديداً، وعلى امتداد ترابه مأساة بحق..
وإن تاريخاً يمر به الآن هذا الوطن العربي المسلم الجريح ربما كان أسوأ تاريخ عاشه ومرَّ به في جميع حقبه وأنظمته، بفعل العقلية التي تدير بها الولايات المتحدة الأمريكية العراق المحتل..
والغريب أن يصر المحتل على البقاء في العراق، وفرض همينته بالحديد والنار.
***
لقد آن الأوان لتكف هذه القوى عن وصايتها على العراق..
وأن تسارع بالانسحاب من أرض الرافدين..
مع مزيد وكثير من الاعتذارات وإبداء الأسف على ما فعلته بالعراق والعراقيين..
وفي هذا حقن للدماء التي تشهدها شوارع العراق صباح مساء.
***
فالعراق بأبنائه قادر على أن يحكم نفسه بنفسه دون تدخل من الخارج..
وعلى تنظيم مؤسساته، وحفظ أمنه، والتوصل بالحوار إلى ما يعزِّز وحدته الوطنية..
وهو غنيٌّ بنفسه وبرجالاته عن أن يعتمد على المحتل في توجيه سياساته وبناء مستقبله الجديد.
***
وأمريكا أحوج ما تكون إلى حفظ حياة جنودها الذين يتساقطون يومياً كأهداف سهلة أمام العراقيين..
بلا مبرِّر أو مصلحة أو هدف مقنع، فضلاً عن أن نتائج التغيير الذي حدث لم تتبلور بعد، حتى يمكن الحكم له أو عليه، والسبب أفكار بليمر ومخططاته لما كان يقول إنها الطريق لبناء دولة ديموقراطية وحرة وتحترم حقوق الإنسان في العراق.
***
هل أقول لكم: إن الصور التي شاهدناها عن معاملة السجناء العراقيين لا تنم عن حب أمريكي أو بريطاني للعراق..
وأنها تبدو شاهداً على أن العراق يمر بمرحلة صعبة، وأن التخلُّص من تداعياتها سيكون صعباً، وستطول معاناة العراقيين مع آثارها النفسية فيما بينهم كعراقيين بعد رحيل المحتل؟!.
خالد المالك
|
|
|
عالم العجائب والغرائب 2-2 ليث عفرين من العظاة التي تتغذى على النمل والأرضة والجراد
|
«ليث عِفِرّين» وهو اسم عربي يطلق على أفراد نوعين تابعين لجنس من الفصيلة الحرذونية (الأجما).
و«ليث عفرين»، بكسر العين والفاء وتشديد الراء، اسم عربي فصيح يطلق على أي فرد تابع لأي نوع من نوعي هذا الجنس، وهو مشتق من العفر، وهو التراب وغبرة اللون، وقد جاءت صفاته في قواميس اللغة ، وفي (تهذيب اللغة): « روى أبو حاتم عن الأصمعي يقال: إنه دابة مثل الحرباء يتحدى الراكب ويضرب بذنبه» ولا يفهم من هذا أنه مؤذ كما قد يتبادر من اسمه، أو من كلمة التحدي أو الضرب بالذنب، ولكن من صفاته الغريبة أنه إذا رأى الإبل أو الناس فإنه يقترب منها وينظر إليها مشدوها، ويحرك ذيله، ويتابعها بعض الوقت ثم يتركها، وهذه حقيقة يعرفها من يمشي في الأماكن التي تعيش فيها هذه المخلوقات، ويخاف بعض الناس من هذا السلوك الغريب إذ يسيئون فهمه، ومن خبرة كاتب هذه السطور أنك إذا تجاهلته أو لم تقم بحركات تثيره فإنه قد يقترب منك إلى مسافة متر أو أقل.
وقد خلط بعض المتأخرين من أصحاب المعاجم في التسمية والوصف بين ليث عفرين وأسد النمل، وهي حشرة معروفة ، وسبب الخلط أن كلا منها يدفن نفسه في التراب.
ويعيش أحد النوعين من «ليث عفرين» في معظم الأجزاء التي تغطيها الرمال في شبه الجزيرة العربية ولا يعيش في المناطق الجبلية أو الصلبة، ويفضل الكثبان الرملية التي ينبت فيها الرمث والغضى والأرطي، بينما يعيش النوع الآخر في المناطق الرملية حول السباخ على سواحل الخليج العربي الغربية، ويبلغ طول أفراد النوع الأول حوالي عشرة سنتيمترات ويتميز بخطوط عرضية غير منتظمة على الظهر تكون حمر اللون أو بنية وحلقات سود أو رمادية في ظاهر الذيل، وتختفي هذه الخطوط والحلقات، أو تبهت، عندما تشتد حرارة الشمس، حيث يماثل لونه لون التراب الذي يعيش فيه وذلك لتقليل امتصاص جسمه للمزيد من حرارة أشعة الشمس، وأسفل الجسم كله أبيض اللون بما في ذلك أسفل الذيل.
ويتميز الذكر عن الأنثى بضخامة في الحجم وسواد في طرف الذيل، أما الأنثى فيكون أسفل الذيل فيها رماديا، وتزداد ألوان الذيل وضوحا في وقت التزاوج، وأفراد النوع الثاني أصغر حجما إذ يصل طولها إلى نحو ثمان سنتيمترات فقط وتختلف ألوانها من مكان لآخر، كما تختلف ألوان الذيل أيضا، وفي أكثر المناطق يكون اللون مشابها للون التراب مع بقع حمر أو بنية باهتة على الظهر، والذيل أحمر في الأنثى، ومقلم بالأسود في الذكور، خاصة في وقت التزاوج.
ويُعرَف «ليث عفرين» في وقتنا الراهن عند العامة باسم «الطحيحي» (بضم الطاء وتسكين الياء على صيغة التصغير) والكلمة مشتقة من الطح وهو الانبطاع في الأرض والانبساط لأنه يدفن نفسه في الرمل عندما يشعر بالخطر، وطريقته في إخفاء نفسه تختلف عن طريقة السقنقور، الذي يغوص في الرمل، فهو يتوقف فجأة أثناء الركض ثم يضع جسمه على الأرض وينتفض بسرعة، وخلال جزء واحد من عشرة أجزاء من الثانية أو نحو ذلك يكون قد غطى كامل جسمه بطبقة سمكها نحو ملليمترين من التراب، وبعد ثلاث دقائق تقريبا يرفع رأسه بحركة بطيئة ثم ينظر حوله يمنة ويسرة، ثم يخرج رقبته ويرتفع على يديه ليرى أكثر، فإذا لم ير شيئا يريبه انطلق مسرعا مبتعدا عن مدفنه، ويبدو أنه يحس بالأشياء القريبة منه وهو تحت التراب ربما بالسمع أو بالبصر أو بهما معا، إذ لا يرفع رأسه من التراب عندما تكون على مسافة قريبة منه حتى لو بقي فترة طويلة جدا، وإذا أمسكت به وهو في التراب ثم وضعته على الأرض فإنه، غالبا، لا يهرب وإنما يجابهك وذلك بنفخ جسمه والارتفاع على قوائمه الأربع وفتح فمه، وإذا وضعت إصبعك قريبا منه فإنه يعضها، ولكن عضته ليست مؤلمة ولا مؤذية إطلاقا.
وتتغذى أفراد «ليث عفرين» على الدُبَا (صغار الجراد) والنمل والأرضة وصغار الحشرات الطائرة، ويتربص للفريسة باختيار مكان مرتفع يمكنه من مراقبة ما حوله، ثم ينطلق مسرعا لالتقاط فريسته متى رآها، وأحيانا يسعى لطلب الغذاء بالقرب من النباتات والمنحدرات الشديدة للكثبان الرملية، وهو حاد البصر جدا إذ يستطيع رؤية نملة صغيرة على بعد عشرات الأمتار، فينطلق مسرعا نحوها ليلتقطها، وطريقته في طرح الفضلات من جسمه تكون بشغر إحدى الرجلين وإمالة الجسم إلى الجهة الأخرى، ثم طرح الفضلات والتحرك عنها بالانحراف إلى جهة الميلان، وعدم المرور فوقه.
ويخرج «ليث عفرين» من سباته الشتوي، كمعظم الزواحف، في شهر ابريل ويستمر نشطا إلى اكتوبر، وفي الأيام الباردة يقضي فترة طويلة في الشمس قبل أن يزاول نشاطه، وفي أيام الحر يظهر مع طلوع الشمس ويختفي عندما يشتد الحر قبل منتصف النهار، ثم يعود للخروج في العصر بعد أن يبرد الجو قليلا، ويبقى إلى وقت الغروب.
وأهم أعدائه الطيور الجارحة والورل والأفاعي، وهو لا يستطيع طرح ذيله عند شعوره بالخطر أو عند الإمساك به كما تفعل بعض أنواع العظايا الأخرى للدفاع عن النفس، وإنما يدفن جسمه كما أسلفنا، وقد فسر العلماء هذا السلوك، وأعني به الانطحاح في الرمل، بأن الهدف منه إخفاء الظل، حيث تستطيع الطيور الجارحة أن تراه وترصد مكانه من حركة ظله، أما هو فلا تستطيع رؤيته بسهولة لمشابهة لونه لون التراب.
محاكاة لسلوك الأفعى الرملية المقرنة
وهناك طريقة أخرى يمارسها «ليث عفرين» للحماية حيث يدفن جسمه في التراب مع إبقاء الرأس غير مدفون، ويختار المكان الملائم واتجاه وضع الرأس وكمية التراب التي تغطي الجسم ويترك طرف الذيل فقط، ويهز جسمه هزا بطيئا مع الرجوع إلى الوراء قليلا حتى يكون في الوضع الذي يريده، ويفعل ذلك دون أن يكون هناك خطر واضح يتهدده، وفي هذا الوضع يكون لا ظل له أيضا، وربما يكون الغرض من ذلك تجنب حرارة الشمس أو غير ذلك، ويبقى على هذا الوضع فترة طويلة، ويعتقد كاتب هذه السطور أنه يقوم بذلك السلوك محاكاة للأفعي الرملية التي تدفن جسمها وتترك رأسها فوق الرمل، ومما يقوي هذا الاعتقاد الشبه الكبير جدا بين رأس ليث عفرين ورأس بعض أنواع الأفاعي وفي وضع الدفن لا يشك من يراه أنه الأفعي الرملية، وبذلك يحمي نفسه ويتجنب الافتراس بإخافة أعدائه، ومعروف أن هذا النوع من الأفاعي شديد السمية، ويعيش في نفس البيئة التي يعيش فيها «ليث عفرين».
وتقوم هذه العظايا بتحريك أذيالها قبل بداية موسم التزاوج وأثناءه وبعده، وقد حاول العلماء إيجاد تفسير لهذا السلوك المتميز حيث اعتقد سيمون وبرين سنة 1958م أنه سلوك محاكاة للعقرب تفعله هذه العظايا لحماية نفسها بإخافة أعدائها وإيهامها أنها عقارب، بينما اقترح سنة 1984م أن ذلك لغة للتخاطب بين أفراد هذا النوع، وفي سنة 1987م قام الأستاذ روس بدراسة ذلك السلوك ميدانيا على عدد كبير من أفراد النوع الأول في دوحة عين السيح بالخبر في المنطقة الشرقية، وقد استمرت الدراسة ستة أشهر من «ليث عفرين» سجل الباحث خلالها ملحوظات هامة حول السلوك العام لهذا النوع، وأربعة أنواع من حركات الذيل وما يسبقها أو يتلوها من سلوك نستعرضها فيما يلي بإيجاز:
* حركة السيادة على الموقع: ويقوم بها الذكور، وتكون بطي الذيل طيا كاملا ثم إعادته إلى وضعه الأول، وتكرار هذه الحركة ثلاث مرات أو أربعا بسرعة، وتكون عادة بعد الوقوف فوق مكان مرتفع، وتتكرر هذه الحركة في كل مرة يغير فيها الحيوان موقعه.
* حركة التهديد: وهي تماثل الحركة السابقة، وتحدث عندما يتقابل اثنان من الذكور حيث يقوم كل منهما بتكرار الحركة مع التقابل بالرؤوس والارتفاع عن الأرض على القوائم الأربع ونفخ الجسم قليلا وأحيانا تكون المواجهة بالوقوف جنبا إلى جنب، وتنتهي المواجهة بفرار أحدهما أو بأدائه حركة الخضوع التي سيأتي ذكرها.
* حركة الخضوع: ويقوم بها الذكور والإناث، وتتم بأن تقف الأنثى أو الذكر المنهزم في المواجهة أمام المسيطر، ويوجه طرف الذيل نحوه ثم يرفعه ويحركه حركة تموجية يعلن بها خضوعه.
* حركة الدعوة إلى التزاوج: وتقوم بها الإناث لإغراء الذكور ودعوتها للتزاوج، وتكون بمرور الأنثى أمام الذكر، مع طي الذيل وإرخائه وهزه يمينا ويسارا، وتَلوُّن أسفل الذيل بالأحمر هو إحدى علامات التهيؤ للتزاوج.
وقد اعترف روس بأن هذه الدراسة ليست حاسمة حيث لاحظ أن بعض هذه الحركات قد يقوم بها أحيانا فرد واحد أثناء وجوده في مكان لا يوجد فيه غيره، كما أن فكرة محاكاة العقرب أيضا مستبعدة لمخالفتها لقواعد المحاكاة المعروفة في علم الأحياء .
ولكاتب هذه السطور حميد مبارك الدوسري خبرة طويلة بهذا الجنس من العظايا منذ زمن الطفولة، وفي رأيه الشخصي أن معظم حركات الأذيال مرتبطة بالتزاوج، ويمكن تفسيرها كلها على هذا الأساس حيث تبدأ بالاستعداد لهذه الغاية بالبحث عن الجنس الآخر في بداية الموسم وربما عن المكان الملائم، ثم تقوم بالحركات المصاحبة للتزاوج مع تبديل ألوان الذيل للجنسين، ثم يقل معدل حدوث هذه الحركات، كما أن الجيل الجديد الذي لم يبلغ بعد لا يقوم بها، وتختفي قبل بداية البرد والاستعداد للسبات الشتوي، ولذا فأفراد هذا النوع تكون متفرقة قبل موسم التكاثر، ثم تجتمع بكثرة في مكان واحد، ثم تتفرق بعد ذلك من جديد.
وقد ذكر الأستاذ روس أنه لم يلحظ أن أفراد هذا النوع تدفن نفسها ولكن كاتب هذه السطور قد لحظ ذلك فهي تدفن نفسها بالطريقتين السابق ذكرهما مع تفضيل طريقة إبقاء الرأس خارجا، ولكن ممارسة هذا النوع لهذا السلوك قليلة جدا، ولذلك ربما لم يلحظها روس. إنه عالم العجائب والغرائب الذي يحتاج للمزيد من الأبحاث والاكتشافات !!!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|