|
هكذا تخسر أمريكا..!!
|
صدمتني تلك المشاهد من جديد، مثلي في ذلك مثلكم..
بل أقول: إنها أحزنتني وأبكتني..
ولم تترك لي تلك المشاهد المؤلمة أي فرصة للتبرير أو تلمُّس الأعذار لمن اعتدى وتجبَّر.
***
كانت الصور ناطقة ومعبِّرة بما يكفي للتأكيد على غياب إنسانية المعتدي أمريكياً كان أو بريطانياً..
وكأنِّي بهذه الصور تصرخ: أين حقوق الإنسان التي تدَّعونها وتبشِّرون بها..
بينما يصل الحقد والكراهية في سلوككم هذا الحد من التعدِّي على حقوق الإنسان؟!.
هكذا رأينا بعض ما يفعله السجَّان في السجناء العراقيين..
تعذيب وحشي لا يمكن أن يصدق به المرء لولا ما عرضته محطات التلفزة بالعالم..
وممارسات لا أخلاقية لا يقدم عليها إلا مَن فقد التربية والسلوك الطيِّب والأخلاق الحميدة.
***
إنها حقوق المرء، هكذا تُمتهن بلا خوف أو خجل أو وازعٍ من ضمير..
ويبقى العالم أمام مشاهدها متفرِّجاً وخائفاً من أن يقول كلمة الحق في ممارسات تلك الوحوش الآدمية؛ لأن هؤلاء أمريكيون وبريطانيون، ولا بدَّ من السمع والطاعة والقبول بكلامهم وتصرُّفاتهم حتى وإن بلغ حد الاعتداء الوحشي على السجناء.
***
والأسوأ أن يقول المعتدي: إننا على علم بذلك، وإنه ما كان ينبغي أن تُعرض هذه الصور حتى لا تثير حفيظة مَن يشاهدها..
والأسوأ أيضاً أن يقول المعتدي: إن ذلك تصرُّف فردي، ثم لا يعاقب هذا الفرد أو ذاك، ولا تعتذر الدولة عن هذا العمل المشين..
والأسوأ أكثر وأكثر أن تتعامل الحكومة العراقية مع هذه الممارسات بحق رعاياها بهذه الليونة والمرونة، وبما يوحي بعدم احتجاجها على ما جرى.
***
إن ما يجري في العراق، في سجون العراق تحديداً، وعلى امتداد ترابه مأساة بحق..
وإن تاريخاً يمر به الآن هذا الوطن العربي المسلم الجريح ربما كان أسوأ تاريخ عاشه ومرَّ به في جميع حقبه وأنظمته، بفعل العقلية التي تدير بها الولايات المتحدة الأمريكية العراق المحتل..
والغريب أن يصر المحتل على البقاء في العراق، وفرض همينته بالحديد والنار.
***
لقد آن الأوان لتكف هذه القوى عن وصايتها على العراق..
وأن تسارع بالانسحاب من أرض الرافدين..
مع مزيد وكثير من الاعتذارات وإبداء الأسف على ما فعلته بالعراق والعراقيين..
وفي هذا حقن للدماء التي تشهدها شوارع العراق صباح مساء.
***
فالعراق بأبنائه قادر على أن يحكم نفسه بنفسه دون تدخل من الخارج..
وعلى تنظيم مؤسساته، وحفظ أمنه، والتوصل بالحوار إلى ما يعزِّز وحدته الوطنية..
وهو غنيٌّ بنفسه وبرجالاته عن أن يعتمد على المحتل في توجيه سياساته وبناء مستقبله الجديد.
***
وأمريكا أحوج ما تكون إلى حفظ حياة جنودها الذين يتساقطون يومياً كأهداف سهلة أمام العراقيين..
بلا مبرِّر أو مصلحة أو هدف مقنع، فضلاً عن أن نتائج التغيير الذي حدث لم تتبلور بعد، حتى يمكن الحكم له أو عليه، والسبب أفكار بليمر ومخططاته لما كان يقول إنها الطريق لبناء دولة ديموقراطية وحرة وتحترم حقوق الإنسان في العراق.
***
هل أقول لكم: إن الصور التي شاهدناها عن معاملة السجناء العراقيين لا تنم عن حب أمريكي أو بريطاني للعراق..
وأنها تبدو شاهداً على أن العراق يمر بمرحلة صعبة، وأن التخلُّص من تداعياتها سيكون صعباً، وستطول معاناة العراقيين مع آثارها النفسية فيما بينهم كعراقيين بعد رحيل المحتل؟!.
خالد المالك
|
|
|
المسابقة الإيرانية لرسم المحرقة اليهودية تكشف الستار عن نفاق الغرب الأوروبيون يرفعون شعار حرية التعبير دفاعاً عن مواقف عنصرية
|
* إعداد - د.سيد محمد الداعور
نجحت صحيفة (همشهري) الإيرانية واسعة الانتشار في وضع السياسيين ووسائل الإعلام الغربية أمام مأزق أخلاقي وسياسي كبير عندما أعلنت عن تنظيم مسابقة للرسوم الكاريكاتورية الساخرة من موضوع (المحرقة) أو (الهولوكوست) التي تعرض لها اليهود على يد ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية.
وقد أثارت مبادرة الصحيفة الإيرانية اهتماماً إعلامياً وسياسياً كبيراً في العديد من الدول الغربية حتى بلغ الأمر بالرئيس الأمريكي جورج بوش أن يندد بها متجاهلاً حديثه السابق عن احترامه لحرية التعبير والرأي عندما تعلق الأمر بالغضب الإسلامي العارم من إقدام صحيفة دنماركية على نشر رسوم كاريكاتورية تسخر من الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وجاءت فكرة إجراء مسابقة للسخرية من الهولوكوست رداً على ما نشرته صحيفة (يولاندس بوستن) الدنماركية في الثلاثين من سبتمبر الماضي من رسوم كاريكاتورية تسخر من الرسول الكريم وسرعان ما انضمت إليها صحف ووسائل إعلام غربية عديدة لتعيد نشر هذه الرسوم التي رسمها رسامون مجهولون غالباً بدعوى مساندة حرية الرأي والتعبير.
الغرور والتعالي الغربي
ليس هذا فحسب بل إن هذه الدوائر الغربية المغرضة ظلت تتعالى على الغضب الشعبي الإسلامي من هذه الإساءة إلى الرسول الكريم بالقول إن أوروبا والغرب هي معقل حرية التعبير والرأي التي لا يعرفها العرب والمسلمون، في الوقت الذي تجاهلت فيه هذه الدوائر حقيقة أن الحرية عندهم ليست مطلقة وأنه لا يمكن لصحفي ولا سياسي ولا مفكر في أوروبا الاقتراب من قضية الهولوكست بالمناقشة الموضوعية وليس بالسخرية أو التشكيك، إلا انتفض الإعلام الغربي والصهيوني وانهال بتوجيه الاتهامات لهم بمعاداة السامية.
وقد أثارت مبادرة صحيفة همشهري الإيرانية اهتماماً إعلامياً كبيراً في الدول الغربية فنشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية تقريراً لمراسلتها نزلي فتحي تحت عنوان (مسابقة كاريكاتورية للسخرية من المحرقة في طهران).
وقالت إن أكبر صحيفة إيرانية أعلنت عن مسابقة دولية بين رسامي الكاريكاتير لتصوير قضية المحرقة اليهودية رداً على نشر كاريكاتير يسيء للرسول محمد في صحيفة دنماركية قبل ثلاثة أشهر.
والحقيقة أن الهدف الرئيسي من هذه المسابقة ليس فقط بالنسبة للصحيفة الإيرانية وإنما بالنسبة للمسلمين في مختلف أنحاء العالم هو أن يعرفوا وبوضوح إلى أي مدى يمكن أن تصل حرية التعبير التي يردد الغرب شعاراتها باستمرار، وهل يمكن أن تصل هذه الحرية إلى حد نشر رسوم كاريكاتورية تسخر من المحرقة التي يعتبرها الغرب قدس الأقداس؟
الرد بالأسلوب نفسه
ولم تكن هذه المسابقة هي الرد الوحيد على الإساءة الأوروبية للرسول الكريم بدعوى حرية الرأي والتعبير وإنما دعت وزارة التجارة الإيرانية إلى تغيير اسم أحد أنواع المخبوزات المعروف باسم (دانيش) ويعني بالإنجليزية الدنماركي إلى أحد الأسماء المشتقة من اسم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كما فعل الأمريكيون قبل أكثر من ثلاثة أعوام عندما وقع خلاف سياسي حاد بين فرنسا والولايات المتحدة بشأن الحرب التي كان الرئيس الأمريكي جورج بوش يعد لها في ذلك الوقت ضد العراق عندما دعا الأمريكيون تغيير الاسم الشائع للبطاطس المقلية من (فرنش فرايتز) وتعني المقليات الفرنسية إلى (فريدم فرايتز) وتعني مقليات الحرية.
وذكرت وزارة التجارة الإيرانية أن هذه الفكرة وصلت إليها من أحد الإيرانيين في رسالة بريدية وقد وجدت أنها فكرة جيدة في إطار المقاطعة الشعبية الواسعة للمنتجات الدنماركية فقررت تبنيها.
عقد ندوة دولية عن الهولوكوست
وقد رحب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي بالمسابقة التي ستنظمها جريدة همشهري وقال: في ظل الحرية الغربية لا يمكن التشكيك أو حتى التقليل من شأن المحرقة المزعومة ولكن يمكن السخرية من المقدسات الدينية لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم يعيشون في مختلف أنحاء العالم.
كما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية اعتزامها عقد ندوة دولية لبحث حقيقة الهولوكوست وما يحيط بها من شكوك وما يحاول أن يضفيه عليها الغرب واليهود من قداسة. ولكن الوزارة لم تحدد موعداً لعقد هذه الندوة.
ازدواجية المعايير لدى الغرب
وكانت التصريحات الأمريكية بعد الإعلان عن مسابقة الصحيفة الإيرانية دليلاً واضحاً على ازدواج المعايير الغربية تجاه كل ما يتعلق بالمسلمين والإسلام.
فقد أكد الرئيس الامريكي جورج بوش لرئيس الوزراء الدنماركي اندرس فوج راسموسن عن دعمه وتضامنه مع الدنمارك التي لم تتعرض لأكثر من مقاطعة شعبية من جانب المسلمين الذين غضبوا لانتهاك مقدساتهم.
في الوقت نفسه قال المتحدث باسم بوش: إن المسابقة التي تريد إيران تنظيمها للرسوم الكاريكاتورية عن محرقة اليهود رداً على نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم مشينة وإنها تشكل امتداداً لخطاب الرئيس محمود أحمدي نجاد المعادي لإسرائيل وللسامية حيث قال: (إن أي محاولة للتهكم أو لنفي فظاعة محرقة اليهود مشينة).
وواصل المتحدث الأمريكي حديثه الذي يكشف عن النفاق الغربي فقال: إن الولايات المتحدة تدعم حرية التعبير في العالم بما في ذلك في إيران، لكنه رأى أنه لا مجال للمقارنة بين صحيفة همشهري التي تنظم المسابقة والصحيفة الدنماركية التي نشرت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال: لا أعتقد أن أي شخص في العالم يمكن أن يقارن بين حرية الصحافة في إيران وحرية الصحافة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة.
نفاق وانتقائية علنية
كما بثت وكالة الأنباء الفرنسية حواراً مع فيليب فال رئيس تحرير مجلة (شارلي هيبد) الأسبوعية الفرنسية الساخرة عن المسابقة الإيرانية بشأن الهولوكوست.
وكانت المجلة الفرنسية قد أعادت نشر الرسوم البذيئة التي أساءت للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بدعوى الدفاع عن حرية الرأي والتعبير ورفض احتجاجات المسلمين على هذه البذاءات.
وقال فال: إنه مستعد تماماً لإعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الفائزة في مسابقة الصحيفة الإيرانية ولكن ليس من باب الدفاع عن حرية الرأي والتعبير كما كان الحال بالنسبة لها عندما أعادت نشر كاريكاتير الصحيفة الدنماركية وإنما لكي تثبت للإيرانيين ولغيرهم من شعوب العالم أن المحرقة التي تعرض لها اليهود كانت حقيقية.
وأضاف: (قررنا إعادة نشر الكاريكاتير الخاصة بالمحرقة باسم الدفاع عن المحرقة في مواجهة التيار الذي ينادي بإعادة النظر والتشكيك فيها وهو التيار الذي بات يكتسب أرضية جديدة كل يوم).
ونشرت صحيفة براغ ديلي مونيتور التشيكية تقريراً تحت عنون (يهود التشيك قلقون من مسابقة الكاريكاتير عن المحرقة).
وقالت الصحيفة: إن اليهود في جمهورية التشيك يشعرون بقلق شديد بعد إعلان الصحيفة الإيرانية واسعة الانتشار اعتزامها تنظيم مسابقة لرسم كاريكاتير يسخر من المحرقة.
وقال توماس كرواس الأمين العام لاتحاد الجاليات اليهودية في جمهورية التشيك: إننا نشعر بالأسف تجاه هذا الأمر، وأن رد فعل الصحيفة الإيرانية على الرسوم التي نشرتها صحف أوروبية غير ملائم تماماً. واليهود يتفهمون حقيقة أن بعض الناس لا يحبون السخرية من الرموز الدينية.
وأشارت الصحيفة التشيكية إلى موقف اتحاد رسامي الكاريكاتير في جمهورية التشيك الذي يؤكد مرة أخرى نفاق الغرب.
ففي حين يرفض الرسوم التي تسخر من الهولوكوست أكد دعمه للصحيفة الدنماركية ورساميها في مواجهة الغضب الإسلامي وقال إنه يدين العنف الذي يستهدف حرية التعبير عن الرأي في وسائل الإعلام بشكل عام وفي عالم الكريكاتير بشكل خاص.
بل إن الاتحاد التشيكي دعا اتحادات رسامي الكاريكاتير في العالم إلى الانضمام إليه في إدانة ما سماه العنف والإرهاب المدفوع بالتعصب الديني الذي يستهدف رسامي الكاريكاتير الدنماركيين.
حرية الرأي في الغرب (كذبة كبرى)
وتابعت صحيفة الجارديان البريطانية قضية المسابقة الإيرانية من زاوية مختلفة تتعلق بموقف صحيفة يولاندس يوستن الدنماركية التي نشرت الرسوم البذئية للرسول الكريم وأشعلت هذه الأزمة. وكانت الصحيفة الدنماركية قد سارعت في البداية بإعلان استعدادها لنشر الرسوم الكاريكاتورية التي ستشارك في المسابقة الإيرانية عن المحرقة لتأكيد التزامها بحرية التعبير وحقها في التعليق والسخرية من أي شيء لكنها سرعان ما تراجعت هذه البطولة الكاذبة عندما قالت إنها لا تعتزم تحت أي ظرف إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية التي ينتظر مشاركتها في المسابقة الإيرانية لتصوير الهولوكوست.
جاء تراجع يولاندس بوستن بعد تصريحات لمحررها الثقافي فيلمنج روس المسؤول عن نشر الرسوم المسيئة للرسول لشبكة الأخبار الأمريكية سي إن إن عن استعداد صحيفته لنشر رسوم الهولوكوست.
وقالت الصحيفة: إن التقارير التي تحدثت عن استعدادها لنشر رسوم تسخر من الهولوكوست استندت إلى خطأ في ترجمة تصريحات فيملنج روس المحرر الثقافي وأن يولاندس بوسطن لا تعتزم تحت أي ظرف السخرية من الهولوكوست.
كراهية وعنصرية.. لا حرية رأي
كانت الرسوم الكاريكاتورية التي اعتبرها المسلمون مسيئة لنبيهم موضوع تعليق صحيفة (جارديان) البريطانية في عددها الصادر الأسبوع الماضي في لندن.
وحول ذلك كتبت الصحيفة: (هل من الصعب حقاً إلى هذه الدرجة قبول شعور المسلمين بانتهاك حرمة مقدساتهم عندما يهان نبي الإسلام وبنفس درجة شعور أوروبا عندما ترد مُحقة على إنكار الهولوكوست؟ إذا كانت حرية الكلمة في الغرب غير قابلة حقاً وبشكل مطلق للمساومة كما يدعي البعض الآن فربما توقعنا حدوث ثورات ضد تحريم إنكار الهولوكوست وأخرى ضد القوانين التي تمنع إثارة الكراهية بين الأعراق.
إن من يستندون إلى حرية الصحافة في نشرهم للصور المهينة للرسول يقولون بذلك إن كل ما يعتبرونه قيماً ومقدساً هو أكبر قيمة مما يعتقده المسلمون قيماً ومقدساً. إن هذه الرسوم كانت أقرب إلى من الكراهية والعنصرية والتخويف من الإسلام منه إلى حرية الرأي).
(يولانس بوستن) رفضت نشر رسوم مسيئة للمسيح
وجاء مقال جاري يونج في مجلة ذا نيشن (الأمة) الأمريكية تحت عنوان (الحق في أن تكون معتدى عليه) استهل الكاتب الأمريكي مقاله بواقعة نشرت أخيراً عندما أرسل رسام الكاريكاتير الدنماركي كريستوفر زيلر مجموعة من الرسوم الساخرة التي تصور السيد المسيح عيسى عليه السلام إلى صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية في إبريل عام 2003م.
وبعد أيام تلقى هذا الرسام رسالة بالبريد الإلكتروني من المشرف على عدد يوم الأحد في الصحيفة والذي كان منتظراً نشر الرسوم فيه تقول: (لا أعتقد أن قراء يولاندس بوستن سوف يسعدون بهذه الرسوم, وكحقيقة واقعة فأنا أعتقد أن هذه الرسوم سوف تثير الغضب لذلك فإننا لن نستخدمها).
وبعد نحو عامين من هذه الواقعة نشرت نفس الصحيفة مجموعة من الرسوم التي تسخر من الرسول محمد نبي المسلمين (عليه الصلاة والسلام) منها رسم يصوره وهو يحمل على رأسه عمامة عبارة عن قنبلة في محاولة واضحة للربط بينه وبين الإرهاب.
ولم يكن من الصعب أن يتوقع القائمون على الصحيفة منذ البداية أن مثل هذه الرسوم سوف تثير غضباً واسعاً في أوساط المسلمين في كل أنحاء العالم.
في الوقت نفسه نجد من يتحدث في الغرب عن التهديد الإسلامي لحرية التعبير الراسخة في أوروبا.
الغرب يدين الغضب الإسلامي
وبعد أربعة أشهر تقريباً من نشر الرسوم التي تسخر من الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قدم رئيس تحرير الجريدة الدنماركية اعتذاراً للمسلمين عن تلك الإساءة بعد أن كانت موجة الغضب قد اجتاحت العالم الإسلامي الذي شهد أقوى الاحتجاجات السلمية في تاريخه تقريباً ولجأت الحكومات الإسلامية والعربية إلى سحب سفرائها من الدنمارك وقاطع العرب والمسلمون المنتجات الدنماركية بطريقة ألحقت بالأخيرة خسائر كبيرة. ورغم ذلك فإن كل هذه الاحتجاجات لم تثر اهتمام الغرب في البداية.
وبعد ذلك ظهرت أصوات في الغرب تفسر ما يحدث بأنه شكل من أشكال (صراع الحضارات) الذي تحدث عن المفكر الأمريكي صامويل هينتنجتون قبل نحو عشر سنوات.
وتحدث آخرون عن أن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن الإسلام والديموقراطية الغربية لا يجتمعان. وهذا المنطق الغربي خطير جداً حتى لو كان صحيحاً. ويتجاهل حقيقة إنسانية ثابتة وهي أنه إذا كان من حقق أن تهاجم أي شخص فمن حق هذا الشخص أن يرد الهجوم.
ويجب الاعتراف بحق الناس المعتدى عليهم أي أن الشخص الذي يفكر في مهاجمة أي شخص أو الإساءة إليه عليه أن يكون مستعدا لتحمل العواقب ورد الفعل مادامت ردود الأفعال في إطار القانون والقواعد وهو ما حدث من الأغلبية العظمى للمسلمين الذين ردوا على الاعتداء على مقدساتهم.
والحقيقة أن الهجوم الغربي على المسلمين الذين غضبوا للاعتداء على مقدساتهم يعيد إلى الذاكرة ما قاله الزعيم الزنجي في جنوب إفريقيا ستيف بيكو: (إن البيض لا يضربوننا فقط وإنما يقولون لنا أيضا كيف يكون رد فعلنا على الضرب).
مزيد من الاستفزازات للمسلمين
وبعيداً عما يقال عن (صدام الحضارات) في ضوء الأحداث الأخيرة فإن إقدام صحف غربية أخرى على إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية بدعوى التضامن مع يولاندز بوستن في موجهة غضبة المسلمين هو مزيد من الاستفزاز للمسلمين وصب الزيت على النار.
أما من يتحدثون عن حرية التعبير والرأي التي لا يجب أن تمس فعليهم أن يدركوا حقيقة أن حرية التعبير لا تعني أبداً الترويج لقيم عنصرية وكراهية طائفة معينة من خلال الإساءة إلى مقدساتها.
ليس هذا فحسب بل إن حرية التعبير لا يمكن أن تأتي على حساب السلام بين الشعوب والأمم والثقافات خاصة في ظل المرحلة الحالية التي تزايدت فيها نزعات التطرف والفاشية وعدم التسامح على الجانبين الأمر الذي يهدد بعواقب وخيمة.
صراع حضارات..
أم تصادم ثقافات؟!!
وقد كان قرار صحيفة همشهري الإيرانية بإجراء مسابقة بين رسامي الكاريكاتير لتصوير المحرقة اليهودية رداً على ما قامت به الصحيفة الدنماركية في حق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مجرد نموذج لما يمكن أن تسير إليه الأمور ليجد العالم نفسه بالفعل في أتون صراع خطير.
ليس هذا فحسب بل إن دعاوى الأوروبيين بشأن حرية التعبير والرأي تنطوي على قدر كبير من الأكاذيب لأن حرية الصحافة في أوروبا مقيدة بصورة كبيرة مقارنة بالصحافة في الولايات المتحدة.
وليس أدل على ذلك من الحماية الهائلة التي تتمتع بها قضية الهولوكوست بموجب القوانين الأوروبية بحيث لا يمكن لأي إنسان التعرض لها دون أن يقع تحت طائلة القانون كما حدث مع المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفنج الذي أعد كتاباً يشكك فيه في هذه الواقعة فكان مصيره السجن في أستراليا. وكذلك المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي الذي حوكم بسبب كتاب مماثل وصدر ضده حكم بالغرامة. ليس هذا فحسب بل إن أغلب الدول الأوروبية حظرت توزيع كتاب (الجنس) لمادونا.
وأدانت المحكمة الفرنسية صحيفة لوموند أحد أهم الصحف الفرنسية والأوروبية بتهمة معاداة السامية والعنصرية بسبب انتقادات وجهتها إلى إسرائيل وسياساتها. بل الأكثر فجاجة ونفاقاً هو صدور قرار من الأمم المتحدة بعدم جواز التشكيك بالمحرقة وتجريم من يفعل ذلك، وتضمن القرار اعتيار يوم السادس والعشرين من يناير كل عام يوماً عالمياً يتم فيه عقد جلسة للجمعية العامة للأمم المتحدة لإحياء ذكرى المحرقة وتذكر ضحاياها من اليهود ومعاناتهم على يد النازيين في أوروبا.
ويختم جاري يونج مقاله بالقول: إن أزمة الرسوم الدنماركية أظهرت الوجه القبيح للعديد من الدوائر في الغرب خاصة تلك التي حاولت القول إن موجة الغضب بين المسلمين بسبب هذه الرسوم نتيجة لطبيعة الدين الإسلامي الذي تتهمه هذه الدوائر بالتشدد وعدم التسامح وتقول إنه لو كانت الرسوم تمس غير المسلمين لما كان رد فعل هؤلاء الذين مستهم الرسوم بهذه الحدة. وهذا كلام نظري بحت لأننا لا يمكن أن نفترض افتراضاً لم يحدث لنصل من خلاله إلى نتيجة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|